مساهمة يوسف القرضاوي في الفقه الإسلامي المعاصر

نجم تألق ثم هوى
ديسمبر 23, 2024
شهر شعبان : محطة الإعداد لرمضان ورفع الأعمال إلى الله
فبراير 23, 2025
نجم تألق ثم هوى
ديسمبر 23, 2024
شهر شعبان : محطة الإعداد لرمضان ورفع الأعمال إلى الله
فبراير 23, 2025

بأقلام الشباب :

مساهمة يوسف القرضاوي في الفقه الإسلامي المعاصر

بقلم : الأخ ميزان الرحمن قاضي الندوي *

من البداهة أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن القرضاوي كان قد بلَغت شهرتُه الآفاق ، وملأت سمعته بقاعَ الأرض عامةً وفي العالم العربي خاصةً ، حيث إنه كان عالماً ربانياً وفقيهاً أصولياً مبدعاً ومجدداً .

فقد أثرى المكتبات الإسلامية بمؤلفاته القيمة المتنوعة التي تدل على مواهبه العلمية المتميزة الفذة وذكائه البارع ، وقد اصطفاه الله لهذه الأمة الإسلامية ، وأرسله إلى هذه الأمة ليجدد لها شريعة الله وحده حسب مقتضيات هذا العصر ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يبعَثُ لهذه الأمةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ مَن يُجدِّدُ لها دينَها ” .

وإن مؤلفات القرضاوي تُعد ثروةً قيمةً خالدةً عظيمةً تنوب عنه كتبه في الفقه الإسلامي وعلومه ، والفتاوى المعاصرة .

لو درس أحد كتبه لوجدها كأنها تخاطب النفوس الحية وتناقشها ، ووجدها تغير القلوب من قاسية متمردة إلى رقيقة لينة .

قد ألف الدكتور القرضاوي في مختلف جوانب الثقافة الإسلامية كتباً نيفاً على مائة وخمسين ، فطبعت بالعربية مرات كثيرةً ، ونقلت أكثرها إلى عدة لغات .

فالشيخ الدكتور يوسف القرضاوي كان بطبيعته فقيهاً معاصراً ومجتهداً ، قد أسهم فيها واستنبط المسائل المستجدة ، وقام فيه بتأليف كتب قيمة ، وأبدى رأيه فيه ، وهنا نقدم تعريفاً ببعض كتبه :

الحلال والحرام في الإسلام :

الشيخ القرضاوي قد تناول في كتابه هذا معظم القضايا والأمور التي يعْتني بها المسلم في حياته الشخصية والاجتماعية ، قد وزع هذا الكتاب في أربعة أبواب : ففي الباب الأول أَوْرَدَ القرضاوي مبادئ الإسلام وأسسه في شأن الحلال والحرام ، من أن ” الأصل في الأشياء الإباحة ” ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام ” ، و ” الضرورات تبيح المحظورات ” ، والباب الثاني تَحَدَّثَ فيه عن ” الحلال والحرام في الحياة الشخصية للمسلم ” ، وفي هذا الباب قد بحث في الأطعمة والأشربة من ” ضرورة الدواء ” ، و ” الفرد ليس بمضطر إذا كان في المجتمع ما يدفع ضرورته ” ، والذكاة الشرعية ، فتكلم عن ” ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى ” و ” ما حكم الذكاة بطريق الصعق والكهرباء ونحوه ” كما تكلم عن الصيد بالكلاب ونحوها ، والخمر من أن ” الخمر داء ليس بدواء ” ، والمخدرات من كل ما يضر الإنسان فأكله وشربه حرام ” ، والملبس والزينة من ” الملبس مطلوب للنشر والزينة ” ، وما يحتاج الإنسان إليه في البيت من آنية الذهب والفضة ، وما يقوم به في الكسب والاحتراف من صناعة التماثيل والوظائف المحرمة ، والباب الثالث عنوانه :   ” الحلال والحرام في الزواج وحياة الأسرة ” ، وتحدث فيه عن الغريزة الجنسية لمن لم يتقرب الزنا ، والخلوة بالأجنبية حرام ، والزواج من النظر إلى المخطوبة وحدوده ، والعلاقة بين الزوجين من حفظ أسرار الزوجية ، وتحديد النسل وإسقاط الحمل ، وحقوق المعاشرة بين الزوجين عند النشوز والشقاق ، وبين الوالدين والأولاد من أن التبني حرام في الإسلام ، والباب الرابع وهو آخر أبواب هذا الكتاب ، وعنوانه : ” الحلال والحرام في الحياة العامة للمسلم ” وتحدث فيه عن المعتقدات والتقاليد ، والمعاملات ، فتحدث فيه عن شركات التأمين وتحريم الربا ، واللهو والترفيه من ألوان من اللهو الحلال ، والعلاقات الاجتماعية من لا يسخر قوم من قوم ، وسوء الظن وعلاقة المسلم بغير المسلم من أهل الذمة ، والإسلام رحمة عامة حتى على الحيوان .

فتاوى معاصرة :

إن الدكتور القرضاوي كتب هذا الكتاب باعتناء عدة موضوعات مهمة تشغل القارئ المسلم ، وميزة هذا الكتاب أنه وضح منهجه الفقهي ، وأسلوبه في الكتابة ، ففي بداية هذا الكتاب ألقى الشيخ الضوء على نهجه في الإفتاء ، فإنه التزم بعدم التعصب والتقليد ، والتحرر من العصبية المذهبية والتقليد الأعمى مع التوقير الكامل لأئمتنا وفقهائنا .

يعتبر هذا الكتاب من أهم مؤلفات الشيخ القرضاوي ، ويشتمل على جزئين كبيرين ، وهذا الكتاب مثل كتابه الآخر ” الحلال والحرام في الإسلام ” أي ذكر في كلا الكتابين المسائل الشرعية وفق الشريعة الإسلامية .

والشيخ القرضاوي كان يرغب في الإفتاء منذ سن مبكرة ، فكان الناس يقدمونه للإمامة في الصلاة لأجل أنه كان حافظاً للقرآن الكريم ، واغتنم الشيخ هذه الفرصة ، فكان يقوم بالخطبة ويدرسهم وهو طالب في المرحلة الابتدائية ، ومن مسئولية الإمام والخطيب أن يقوم بحل مسائل الناس ويفهم مشكلاتهم ، كما يقوم بتوضيح الشريعة الإسلامية أمامهم حسب ما يقتضي العصر الراهن ، والشيخ القرضاوي كان يهتم بذلك ، وكانت له عناية خاصة في الفقه الإسلامي ، لأنه كان قد تعلم الفقه الحنفي إلا أنه كان متحرراً من الارتباط بمذهب خاص في الفقه ، ومن ميزاته أنه كان يزن الأقوال والمسائل كلها بميزان الكتاب والسنة ، ويجعلها حكماً حتى كان يرفض أقوال كبار العلماء أمام نصوص القرآن والسنة النبوية ، وهذا الأمر أحدث ضجةً في البلد حتى خالفه الناس في قريته وبلده قائلين : ” كيف يخالف هذا الشاب كبار الشيوخ فيرفض أقوالهم ؟ وكيف يفقه الناس من غير المتون المعتمدة ؟ وكيف يأتي بأقوال لم نسمع بها من قبل ؟ ولكن الشيخ القرضاوي قد ثبت أمام هذه الأسئلة ، حاج القائلين بالقرآن والسنة ، وطمأنهم بإجاباته بالدلائل المقنعة .

يقول عصام تليمة : ” الشيخ القرضاوي قد خرج فيه على نظام الفتاوى المألوف لدى الناس ، والمعروف بالكتابة المقتضبة التي لا تعدو قول المفتي : حلال ، أو حرام ، دون بسط للموضوع وشرح وتعليل ، وبيان لحكمة التشريع وفلسفته ، وهذا الأسلوب إن كان نافعاً في عصر من العصور ، إلا أنه لا يصلح في هذا العصر الحديث ، الذي أصبح القارئ يناقش في كل صغيرة وكبيرة ، سائلاً عن حكمة الشرع فيما يعلن المفتي من رأي ” .

وصلى الله على نبيه الكريم وعلى آله وصحبه أجمين .

* بنغال ، ( الهند ) .