كتاب جزيرة العرب : دراسة موضوعية

كتاب جزيرة العرب : دراسة موضوعية

الأستاذ محمد قيصر حسين الندوي *

مما لا شك فيه أن جزيرة العرب تمتاز في الأهمية الدينية لوقوعها في وسط العالم ، وهي محاطة بالمناطق ذات الأهمية الدينية الكبيرة ، كما تمتاز لوقوع أول بيت وُضع للناس فيها ، ولها أهمية كبيرة لأنها مكان الهجرة لسيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام ، ولأن رسولنا المصطفى الأمي العظيم الكريم محمد بن عبد الله الأمين بُعث إلى الناس كافةً في مكة المكرمة ، وهاجر إلى المدينة المنورة ، ومما لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان ، بأن جزيرة العرب أرض ذات احترام وعظمة وإكرام ، وهي مهد اللغة العربية ومفتتحها ومبدأها ومنشئها ومكان ولادتها ، ولها علاقة وطيدة بالقرآن العظيم والسنة النبوية المطهرة ، فإن هذين المصدرين الأساسيين لا يمكن فهمهما ولا البراعة والمهارة فيهما إلا بدراسة قبائل العرب ومناطقه وحضارته وجزيرته .

إن موطن الإنسان ومسكنه أينما كان ، لكن موطنه الإسلامي الأساسي ومقر حضارته باعتباره مسلماً جزيرة العرب مما تقتضيه عقلية الإنسان الطبيعية أن يقف على تاريخها وثقافتها وجغرافيتها ، ولا يناسبها أن ينعزل عن أحوالها قديماً وحديثاً ، لأن فهم المصدرين الأساسيين من الكتاب والسنة ينحصر في دراية تاريخ هذه المناطق ، فأين خيبر وأين ثنية الوداع وما معنى ” شرِّقوا وغرِّبوا ” في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهلم جراً ، وهناك حاجة أدبية يفتقر إليها طلاب اللغة العربية ولا يتمكنون من إدراك معاني الشعر العربي إلا بدراسة تاريخ هذه المنطقة .

نظراً إلى العجم كان هذا الموضوع مهماً للغاية ، لأن العجم ما كانوا يعرفون عنه إلا قليلاً ، فكانت الحاجة أمس وأشد إلى تأليف كتاب يحتوي على تاريخ جزيرة العرب في اللغة الأردية قبل أكثر من خمسين سنةً من اليوم ، وذلك بإيماء من الطبيب البارع الشيخ السيد    عبد العلي الحسني رحمه الله ، الشقيق الأكبر للعلامة الإمام الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله ، فكان ما قدمه العلامة من اقتراح اقتراحاً موفقاً ، فكتب وتم تأليفه ثم طُبع ونُشر ونال قبولاً واسعاً في الأوساط الدينية والعلمية ، واعتبره النقاد المؤرخون والصحافيون والأدباء حاجة الساعة ، وسعياً مشكوراً يسد فراغاً كبيراً في المناهج التعليمية للمدارس الإسلامية في شبه القارة الهندية .

مادام الكتاب في المناهج الدراسية لدار العلوم التابعة لندوة العلماء ، يُدرس كمادة أساسية ، لكنه كان في حاجة إلى نقله إلى اللغة العربية لأهمية موضوعه وابتكار تصنيفه بصفة خاصةً ، فقد نقله الأستاذ محمد فرمان الندوي أستاذ دار العلوم ندوة العلماء بكامله لحلقات مجلة البعث الإسلامي الصادرة من ندوة العلماء لكناؤ ، لذلك ذاع صيت الكتاب وطلب الناس جمعه ، فالكتاب بين يدي العلماء والمشايخ وعامة الناس .

الكتاب يحتوي على خمسة عشر باباً ، الباب الأول مشتمل على مساحة جزيرة العرب وعمرانها وطبيعتها ، وقد زيدت إلى هذا الباب معلومات جديدة وخرائطها الملوّنة من التاريخ المعاصر ، يقول المترجم الفاضل : ” تضم شبه جزيرة العرب حديثاً سبع دول ” ، والباب الثاني يتكلم عن جبال جزيرة العرب الساحلية وميادينها ومدن جبلية لجزيرة العرب ، أما الباب الثالث فهو يتحدث عن وسط جزيرة العرب من الربع الخالي والنفوذ الكبرى ، والدهناء وبادية الشام ونجد وما إلى ذلك من سواحل المنطقة الشرقية .

والباب الرابع يتناول فصول جزيرة العرب وأمطارها ، يقول : تنقسم السنة في شمال جزيرة العرب في أربعة فصول    (1) الشتاء ،      (2) الربيع ، (3) والصيف ، (4) والخريف ، كما تنقسم السنة عند أهل الحجاز في ستة فصول ، وقسم العرب السنة من نزول المطر إلى ثمانية ، راجعوا لمزيد من التفصيل كتاب جزيرة العرب ، والباب الرابع يحتوي على أودية جزيرة العرب ونباتاتها ، ومن ثمارها التمور والسمر والأثل والطرفاء وإلى ذلك من الأودية الأخرى .

والباب الخامس يذكر حيوانات جزيرة العرب ورياحها ، ومن الحيوانات الإبل ، والخيل والظبي والبقر الوحشي ، والبغل والنسر ، أما رياح جزيرة العرب فهي الرخاء والعاصف والعوجاء والنكباء وما إلى ذلك من الرياح الأخرى .

والباب السابع يتحدث عن أمم جزيرة العرب وقبائلها .

والباب الثامن يشتمل على حضارة جزيرة العرب ومدنيتها وديانات العرب ، وتناول ذكر عرب البادية وعرب الحضارة ثم خصائص العرب ومروءتهم وأسواقهم ، كما تناول ذكر النصرانية واليهودية والمجوسية والصابئة والوثنية .

ويحتوي الباب التاسع على ثقافة جزيرة العرب وأدبها من الشعر وأقسام الشعراء والشعراء الصعاليك وأهم موضوعات الشعر وشعراء المعلقات ، ثم يتحدث عن أهم موضوعات الشعر ، ثم تحدث عن النثر الأدبي من الخطابة والوصايا والحكم والأمثال والقصص ، ومن علوم العرب من علم الطب وما إلى ذلك من علم الهيئة ومن أطباء العرب ، ويشتمل الباب العاشر على أطعمة جزيرة العرب وأغذيتها ، ويحتوي على نسبة النخيل منها .

ويتناول الكتاب ذكر العملات النقدية ، ويؤكل الشعير في المواد الغذائية .

والباب الثالث عشر يتحدث عن المدينة المنورة وجبالها والمسجد النبوي ، وروضة الجنة والحجرة النبوية الشريفة والصفة النبوية ومقبرة البقيع وآبار المدينة المنورة ، كما يتناول ذكر آثار المدينة المنورة وضواحيها ، ويتحلى الكتاب بذكر المصادر والمراجع من المؤلفات والمجلدات والمصادر الأجنبية والأطراف القرآنية والحديثية والأبيات الشعرية والفهارس العامة . ونُشر الكتاب من المجمع الإسلامي العلمي لكناؤ ، الهند في شهر ديسمبر عام 2017م ، يتزين بكلمات قيمة للمؤلف وسعادة أستاذنا الدكتور سعيد الأعظمي الندوي ، وسعادة الأستاذ فضيلة الشيخ الأستاذ السيد واضح رشيد الندوي رحمه الله .

* أستاذ كلية اللغة العربية ، دار العلوم ندوة العلماء ، لكناؤ .