كتابة مقدمة البحوث الأكاديمية وخاتمتها في ضوء آراء الباحثين

دراسة فنية للشعر الجاهلي : امرؤ القيس نموذجاً
ديسمبر 15, 2020
القصة القصيرة عند الشيخ الطنطاوي : دراسة فنية تحليلية
يناير 6, 2021
دراسة فنية للشعر الجاهلي : امرؤ القيس نموذجاً
ديسمبر 15, 2020
القصة القصيرة عند الشيخ الطنطاوي : دراسة فنية تحليلية
يناير 6, 2021

إشارات حول :

كتابة مقدمة البحوث الأكاديمية وخاتمتها

في ضوء آراء الباحثين

الأستاذ حارث الأشعري *

المقدمة :

الحمد لله رب العالمين ، الذي أحصى كل شيئ عدداً ، وجعل لكلّ شيئ أمداً ، ولا يشرك في حكمه أحداً ، وخلق الجن وجعلهم طرائق قدداً ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده الذي أرسل للعالمين مدداً ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم القيامة أبداً . أما بعد .

فالبحث لغةً طلبك الشيئ في التراب . اصطلاحاً ” هو محاولة لاكتشاف جزء من المعرفة ، لإذاعته بين الناس والاستفادة منه ” [1] ، وللبحوث الأكاديمية مكانة مرموقة منذ قديم الزمان ، لأنها تساعد على اكتساب المعلومات الجديدة ، ولها دور هام لحل المشكلات الاجتماعية ، لأن البحث حل لمشكلة موجودة لم يسبق إليها أحد ، ولا بدّ للبحث من اتباع الطريقة العلمية الصحيحة لكتابة البحث العلمي وكذلك عن طريق الرجوع لأكثر المصادر والمراجع العلمية ثقةً وصحةً من أجل الاستعانة بها على كتابة البحث العلمي . وهيئة البحوث الأكاديمية تشتمل على مقدمة وموضوع وخاتمة ومصادر ومراجع ، ولكتابتها قواعد وقوانين مختصة ينبغي الاعتماد عليها ، وفي هذه المقالة بيان طريق كتابة المقدمة والخاتمة للبحوث الأكاديمية .

كتابة مقدمة البحوث الأكاديمية :

مقدمة البحث هي عبارة عن أول أجزاء البحث التي تلي صفحة العنوان والمحتويات . ولكل جزء من أجزاء الرسالة هدف معين ، والهدف من كتابة المقدمة هو توضيح الخطوط العريضة للبحوث ، ومنح القراء لمحات عمومية عن مكنون الموضوع أو المشكلة البحثية التي يتم سوقها . فلا بد أن تحتوي مقدمة البحوث الأكادمية على أهمية الموضوع ، ومشكلة البحث ، وأسئلة البحث ، وفرضية البحث ، ومنهج البحث ، وأهداف البحث ، والجهود السابقة ، وتبويب البحث ، وكلمة الشكر .

أهمية الموضوع :

يبين الباحث في هذه المقدمة عن أهمية الموضوع الذي اختاره للبحث ، إذ يقوم الباحث بكتابة الأهمية التي من شأنها أن دفعته إلى كتابة البحث لا سيما إلى اختيار هذا الموضوع دون غيره . فينبغي على الباحث أن يختار موضوعاً هاماً في العصر الذي يعيش فيه وأن يفكّر قبل اختياره في أهمية ذلك الموضوع وأن يفتّش عن الحصول على المصادر والمراجع .

مشكلة البحث :

مشكلة البحث شيئ غامض يشعر به الباحث ، ويسعى لإيجاد الحلول له ، البحث في الحقيقة حلول لحل المشكلة الموجودة اعتماداً على الطرق المخصوصة بالمناهج المختلفة ، فلا بد للباحث أن ينتبه على ذلك في بداية اختيار الموضوع ، مشكلة البحث جزء من أهم أجزاء البحث  العلمي ، ويجب على الباحث أن يولي لها أهميةً كبيرةً ، وبدون وجود مشكلة البحث لن يكتمل بحث . لأن الباحث إذا أراد حل مشكلة ما ، فإن عليه أن يعرف بالضبط وبالتحديد ماهية هذه المشكلة ، وحين يتحقق تحديد المشكلة وفهمها ، فإن جزءاً كبيراً من الحل يتحقق .

أسئلة البحث :

هي عبارة عن أسئلة استفهامية يطرحها الباحث ، إذا فهم الباحث مشكلة البحث فيرد في ذهنه كثير من الأسئلة فلابد أن يكتشف أجوبتها لحل هذه المشكلة ، وتسمى هذه الأسئلة أسئلة البحث ، وهذه من الأمر المهم للبحوث الأكادمية ، لأن الباحث يفتش عن أجوبة تلك الأسئلة اعتماداً على البيانات التي جمعها .

فرضية البحث :

وإذا علم الباحث مشكلة البحث وأعد أسئلة البحث فلديه جزء من الأجوبة الظنية لهذه الأسئلة ، ولا يعرف أن هذه الأجوبة صحيحة أم لا إلا بتحليل البيانات . فهذه الأجوبة الظنية التي توجد في فؤاد الباحث تعرف بفرضية البحث . ويُحاول الباحث أن يقتنع بصحّة هذه الفرضية باستخدام المادّة الموجودة لديه ، بحيث يضع قراراته وخبراته كحلّ للمُشكلة البحثيّة .

منهج البحث :

الباحث تتحقق أمنيته باكتشاف أجوبة تلك الأسئلة لحل المشكلة المحدودة مستعيناً بالبيانات المجموعة لديه من خلال طريقة مختصة ، وهذه الطريقة المستعملة في بحثه تسمى منهج البحث . وهذا المنهج تساعد الباحث في تنظيم وترتيب فكره وتأملاته ، ومن ثمّ يبلغ الباحث لما يتمناه من أهداف في النهاية .

أهداف البحث :

هي عبارة أو مجموعة من العبارات تصف ما يسعى الباحث لتحقيقه من خلال بحثه بشكل كامل مروراً بعرضه للنظريات التي تدعم البحث والإجراءات التي يقوم بها والنتائج التي يتوصل إليها . فإن أهداف البحث هي إجابة على السؤال التالي :

ماذا سوف يدرس الباحث من خلال بحثه ؟

ولماذا سيقوم الباحث بهذه الدراسة ؟

وما الغرض من هذه الدراسة ؟

وما الذي سوف يضيفه إلى العلم والمعرفة من جديد ؟

الجهود السابقة ( الدراسات السابقة ) :

تُمثِّل الجهود السابقة أحد الأجزاء المُهمَّة من البحث ، تُعرف بالجهود السابقة أو الدراسات السابقة للكتب أو المؤلفات التي تطرَّقت لموضوع البحث أو أحد الجوانب الهامَّة به ، والهدف من الاطلاع عليها الحصول على معلومات وبيانات ، لتعزيز محتوى البحث ، وفي الوقت نفسه التَّوصُّل لنتائج جديدة لم يصل إليها السابقون . ومن أجل الجهود السابقة يحصل الباحث على البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع البحث ، ومن ثم القيام بدراستها بشكل جيد .

خطة البحث ( تبويب البحث ) :

فلا بد من شرح دقيق لمخطط البحث ( الأبواب والفصول ) في   المقدمة ، وهي تمثل الخطوط الرئيسية لكتابة وتنفيذ البحث ، ولا شك أن الترتيب والتنظيم هما عماد الأبحاث والدراسات العلمية ، من أجل الوصول لنتائج بحثية دقيقة . وأن الباحث يحدد بحثه تحديداً واضحاً بخطة البحث التي تساعد على أن يبدأ العمل في بحثه .

كلمة الشكر :

ينبغي أن تحتوي المقدمة على كلمة الشكر لمن ساعدوا الباحث بشيئ ما على إتمام بحثه ، ” ويأتي في مقدمتهم الأستاذ المشرف الذي يرافق الباحث وبحثه ، ويكون مسؤولاً عنهما حتى إتمام البحث ومناقشته . ثم يوجه الشكر إلى مؤسسات ، أو أفراد أمدوا الباحث بالعون والنصح أو بالوثائق والمعلومات ” [2] .

خاتمة البحوث الأكاديمية :

تُعدّ خاتمة البحث من الأمور الهامة في كتابة البحوث    الأكادمية ، وهي تُعطي الصورة العامة عن موضوع البحث ، وتذكّر القارئ بمضامينه ، من خلال مراجعة وسرد الأفكار ، والحجج الرئيسية بصورةٍ بسيطة وموجزة ؛ ذاك أن عادةً ما تكون خاتمة الورقة البحثية عبارة عن فقرةٍ واحدة تجمع كلَّ المواضيع المهمَّة التي تُساهم في فهم البحث وتلخيصه . وينبغي أن تتضمن الخاتمة على حدود البحث ونتائجه والاقتراحات مع كون النتائج من أهم الأمور فيها .

حدود البحث :

هي الحواجز والحدود التي ألزمت الباحث بشكل إجباري بالوقوف عندها ، لابد أن يعرف حدوده ويقوم بتكوين حدود هذه الدراسة التي لا يستطيع الباحث تجاوزها ، وفي بعض الحالات يقوم الباحث بتجاوز هذه الحدود ولكنه لا يجوز له تجاوزها ، وإن تجاوزها فهو يخرج عن موضوع بحثه والدراسة التي يقوم الباحث بكتابتها ، حتى لو كان الباحث ينوي بتوسيع دراسته وتكبير حجمها ، ويريد تناول الموضوع من جميع جوانبه فإنه لن يستطيع ولن يتمكن من تجاوز هذه الحدود .

نتائج البحث :

هي الحلول لمشكلة البحث التي لاكتشافها حلّلنا البيانات التي جمعناها من المصادر والمراجع المختلفة . وهي مجموعة من البنود التي تشكل إجابةً وافيةً للأسئلة أو الفرضيات التي صاغها الباحث ، وهي إما مُؤكدة للفروض أو نافية لها . فهذه أهم شيئ من البحوث الأكادمية ، لأن كل محاولة منه واجتهاد إنما تتركز على الحصول عليها . فلا بد للباحث أن يبين جميع ذلك في خاتمة البحث . وتعد نتائج البحث العلمي مهمة بالنسبة لقراء البحث ، ففي كثير من الأحيان يتجاوز القراء جميع أجزاء البحث ، ويطلعون بشكل مباشر على النتائج لما فيها من خلاصة لصفحات البحث التي قد تمتد على كثير من الأبواب والفصول .

الاقتراحات والتوصيات :

هي مجموعة من الأمور التي يقوم الباحث بتدوينها ليستفيد منها ما يتبعه من باحثين آخرين لكي يتمكنوا من إعداد الدراسات البحثية من خلالها ، تعتبر اقتراحات وتوصيات الدراسة الخطوة القادمة للدراسة الحالية والأهداف المستقبلية التي من الممكن أن تتوسع من خلالها الدراسة وتتطرق إلى مواضيع أخرى جديرة بالأهتمام والدراسة .

الخاتمة :

كتابة البحوث الأكادمية تختلف عن الكتب بقواعد وقوانين     ” المنهجية ” . فلا بد للباحث أن يتبع جميع ذلك ليكون البحث كاملاً وليحصل على النتائج المرجوة ببحثه . ولكتابة مقدمة البحوث الأكادمية وخاتمتها أيضاً منهج وطريق مختص ، ينبغي للباحث أن ينتبه إليه وأن يتبعه . ففي هذه المقالة حاولت لبيان كتابة المقدمة والخاتمة للبحوث الأكاديمية ليتم الباحث دراسته على أحسن وجه . والله المستعان ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

المصادر والمراجع :

  1. شبلي ، دكتور أحمد : كيف تكتب بحثاً أو رسالةً . مكتبة النهضة المصرية ، الطبعة السادسة ، 1968م .
  2. فضل الله ، الدكتور مهدي : أصول كتابة البحث وقواعد التحقيق . دار الطليعة للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ، الطبعة الثانية ، 1998م .
  3. منفى ، علي : كيف تعد رسالة دكتوراة وتقنيات وطرائق البحث والدراسة والكتابة . المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، 2002م .
  4. الهواري ، الدكتور صلاح الدين : كيف تكتب بحثاً أو رسالةً . دار ومكتبة الهلال .

* محاضر ، قسم اللغة العربية ، جامعة كالكوت ، كيرالا .

[1] د . صلاح الدين : كيف تكتب بحثاً أو رسالةً . ص 13 .

[2]المرجع السابق : ص 144 .