عبد العزيز الميمني

مبادئ أساسية لتعلم اللغة العربية
مايو 28, 2023
التصوّر الذهني في الصناعة النحوية
مايو 28, 2023
مبادئ أساسية لتعلم اللغة العربية
مايو 28, 2023
التصوّر الذهني في الصناعة النحوية
مايو 28, 2023

في كتابات أبي الحسن علي الندوي وناصر الدين الأسد

دراسات وأبحاث :

عبد العزيز الميمني

في كتابات أبي الحسن علي الندوي وناصر الدين الأسد

بقلم : الدكتور فيصل نذير *

اعترف العالم بعبقرية علماء الهند ، وقد استفاد من كتبهم القيمة ، وإبداعاتهم النيرة ، ومؤلفاتهم الخالدة في الأدب والحديث والتفسير . ولذلك نجد ذكريات علماء الهند في خطابات الأدباء العرب وكتاباتهم . وحينما نتكلم ونتعارف مع العرب نجدهم يذكرون ويشيدون بكتاباتهم وتحقيقاتهم . وهذا يملأ قلوبنا بالفرحة والفخر والابتهاج . وهكذا حدث معي حينما كنت أطالع الأديب الأردني ناصر الدين الأسد الذي نال شهرةً بكتابه القيم ” مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ” فوجدته هو دائماً يذكر ويقتبس من كتابات الأديب الهندي عبد العزيز الميمني        ( 1888 – 1978م ) والإمام أبي الحسن الندوي ( 1913 – 1999م ) . يروم هذا البحث استجلاء الضوء على كتابات أبي الحسن علي الندوي والمحقق الأردني ناصر الدين الأسد ، كلاهما فازا بجائزة الملك فيصل العالمية ، والشيخ أبو الحسن علي الندوي فاز بها عام 1980م ، وناصر الدين حصل على هذه الجائزة عام 1988م .

عبد العزيز الميمني :

ولد عبد العزيز بن عبد الكريم بن يعقوب الميمني الراجكوتي الأثري ( 1360 – 1398هـ ) ( 1888 – 1978م ) ببلدة راجكوت ، ومنها جاءت نسبته الراجكوتي ، وهي تقع في ولاية غوجارات ، ونشأ في بيت عريق في التجارة . التحق عبد العزيز الميمني بالمدرسة الابتدائية ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة ، وحفظ القرآن الحكيم . ثم أتم دراسته العالية في ” لكهنو ” و ” رامبور ” و ” دهلي ” ، والتقى بعديد من العلماء ، أمثال الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخرزجي السعدي ( 1245 – 1327هـ ) وقد أجازه برواية الحديث النبوي ، ونذير أحمد الدهلوي ( 1247 – 1320هـ/ 1831 – 1902م ) ، ومحمد طيب المكي ( 1334هـ ) . وشغف الميمني بالعربية ، فتعمق فيها وانكب على الشعر العربي قراءةً وصيانةً ، حتى إنه حفظ ما يزيد على سبعين ألف بيت من الشعر القديم ، وكان يحفظ ديوان المتنبي كاملاً . ولد عبد العزيز الميمني في نفس عام ولد فيه العالم الكبير ومفسر القرآن والمناضل الهندي مولانا أبو الكلام آزاد      ( 1988 – 1958م ) ، وبدأ الميمني حياته بالكلية الإسلامية ببشاور ، باكستان . حيث قام بتعليم العربية والفارسية ، ثم رحل منها إلى الكلية الشرقية بمدينة لاهور ، ثم استقر في جامعة عليكره الإسلامية ، وظل يتدرج بها في المناصب العلمية حتى عين رئيساً للأدب العربي بالجامعة ، ولبث بها حتى التقاعد . فلم يقعد حتى تلقى رسالة الدعوة للالتحاق بجامعة كراتشي كمدرس ، فلبَّى دعوة جامعة كراتشي ، بباكستان ليتولى رئاسة القسم العربي ، وأسندت إليه مناصب علمية أخرى ، فتولى إدارة معهد الدراسات الإسلامية لمعارف باكستان ، ولم يزل يعمل في هذه الجامعة حتى وافته المنية في باكستان .

والحقيقة أن أعماله الأدبية قد زادت عن ثلاثين تأليفاً وتحقيقاً ، منها :

سمط اللآلي في شرح أمالي القالي ، هو كتاب شرح أمالي القالي لأبي عبيد البكري ؛ نسخه وصححه وحقق ما فيه وخرجه وأضاف إليه عبد العزيز الميمني . أبو العلاء وما إليه لابن رشيق القيرواني ، الوحشيات لأبي تمام ، الطرائف الأدبية ، ديوان حميد بن ثور ، ديوان سحيم        عبد الحسحاس ، ديوان الشنفرى ، ديوان إبراهيم بن العباس الصولي ، الفاضل للمبرد ، فائت شعر المتنبي ، رسالة المشكلة للمعري ، خلاصة السير للطبري ، ديوان الأفوه الأودي ، المداخل لأبي عمر الزاهد ، مقالة لابن فارس ، إقليد خزانة الأدب ، الزهر الجني من رياض الميمني ، التنبيهات على أغاليط الرواة للبصري وغيرها .

ولم ترو خزائن الكتب في القارة الهندية غليله العلمي ، فاتجه إلى البلدان العربية مثل دمشق والقاهرة ، وكذلك تركيا سنة 1354هـ – 1936م بحثاً عن المخطوطات ، فطاف بخزائن إستانبول وزار مكتباتها التي تضم أكبر مجموعة خطية من التراث العربي . وزار القاهرة وتوثقت صلته بعلماء مصر والأزهر الشريف ، صادق مع أحمد أمين ، ومحمود محمد شاكر وغيرهما من الأدباء الكبار والعملاق ، واتصل بلجنة التأليف والترجمة والنشر التي كان يرأسها الأديب الكبير أحمد أمين . ثم زار سوريا ، واستعانت به وزارة الثقافة بدمشق للاستفادة من خبرته في مجال المخطوطات . وكان المجمع العلمي العربي بدمشق قد اختاره عضواً مراسلاً به في سنة ( 1347هـ – 1928م ) وهو في الأربعين من سنه تقديراً لنبوغه التحقيقي ، ومعرفته العميقة بالعربية وآدابها ، وظل في المجمع خمسين عاماً أو أكثر .

وخلاصة القول أن العلامة عبد العزيز الميمني أوقف حياته في البحث عن التراث العربي وغربلته وتمحيصه ونشر نوادره . وقد جمعت مقالاته وبحوثه في اللغة والأدب بعد وفاته في مجلدين تحت عنوان ” بحوث وتحقيقات ” قام عليها الدكتور محمد عزير شمس ومحمد اليعلاوي ، وقدم له شاكر الفحام في عام 1995م ، ونشرته دار الغرب الإسلامي ببيروت . وقد أكرمته حكومة باكستان مرتين بوسامين : أولاً منحته     ” وسام الرئاسة ” تقديراً لخدماته وجهوده الموقرة في العلم والأدب وإحياء التراث العربي القديم عام 1966م . وكذلك في أواخر حياته لقبته حكومة باكستان ” شرف ” ( Pride of Performance ) . كما أجرت له حكومة ولاية السند مبلغاً خاصاً كمنحة شهرية لسنتين ” منحة جامعة الأزهر ” لتكميل شهادة الدكتوراه شرفاً واعترافاً بعلمه وبخدمته اللغة العربية ، ولكن من العجيب إنه لم يكتب الدكتور مع تسميته أبداً .

أبو الحسن علي الندوي وناصر الدين الأسد :

الشيخ أبو الحسن علي الندوي يعرفه الحل والحرم ، ويعلمه كل قاص ودان ، وهو لا يحتاج إلى التعريف به ، وأما ناصر الدين فأعرّفه بالإيجاز ، ناصر الدين الأسد هو أديب أردني ومحقق وشاعر وسفير ، ولد عام 1920م بالعقبة في الأردن . وتلقى تعليمه من القاهرة والقدس . وبدأت عليه الميول الأدبية منذ نعومة أظفاره ، وقام بكتابة رسالته البحثية تحت إشراف الدكتور شوقي ضيف ( 1870 – 1932م ) ، من جامعة القاهرة وهي تعرف بجامعة فؤاد الأول من قبل . ونال شهرةً واسعةً على كتابه الشهير ” مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ” ، وبعد ذلك أصبح ناصر الدين الأسد وزيراً للتعليم في الأردن ، وسفيراً لدى المملكة العربية السعودية ودولة ليبيا . كان العلامة من أبرز أعلام عصره في العلوم العربية ، والدينية ، ولاسيما في اللغة ، والشعر ، والتاريخ ، والتفسير ، والحديث . وهو يعد من منارات العلم في الأردن ، وقد اعترف معاصروه بعبقريته وعلو كعبه في الآداب العربية ، وأثنوا عليه في حياته . لقبه أصدقائه وأقرانه بـ ” الأسد الشجاع ” و ” الشاب الثمانين ” .

ترك ناصر الدين الأسد آثاراً قيمةً ، ومؤلفات عديدةً ودراسات نادرةً تأليفاً وتصنيفاً تحقيقاً وتهذيباً ، منهم : مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ، نُشر من دار المعارف بمصر لأول مرة عام 1955م . والقيان والغناء في العصر الجاهلي ، النحل والوضع في الشعر الجاهلي : آراء المستشرقين ، الاتجاهات الأدبية الحديثة في فلسطين والأردن ، الشعر العربي الحديث في فلسطين والأردن حتى عام 1950م . نحن والآخر صراع وحوار . نحن والعصر مفاهيم ومصطلحات إسلامية . نشأة الشعر الجاهلي وتطوره : دراسة في المنهج . تحقيقات لغوية ، محمد أحمد الأسد : سيرة وثائقية . الجراد في التراث العربي . ألفاظ من القرآن الكريم ، محمد روحي الخالدي : رائد البحث التاريخي الحديث في فلسطين ، خليل بيدس رائد القصة العربية الحديثة في فلسطين . الموسوعة الفلسطينية الميسرة . وقعة أجنادين أول وقعة عظيمة بين المسلمين والروم . تصورات إسلامية في التعليم الجامعي والبحث العلمي . تاريخ نجد .

قد كتب العلامة الميمني دراسات قيمةً على أشعار أبي العلاء المعري وشخصيته ، وبلغ بسبب كتاباته وتحقيقاته وقوة غربلته إلى هذه القمة من الشهرة والصيت والتقدير العظيم من النائي والداني . والأستاذ الميمني يُعد من أعلام الأدب العربي ومآثره ومفاخره في شبه القارة الهندية لخدماته العلمية العظيمة المشكورة . وكتب عبد العزيز الميمني هذه الكتب الآتية حول شخصية أبي العلاء المعري :

  • كتاب أبو العلاء وما إليه .
  • فائت شعر أبي العلاء .
  • رسالة المشكلة للمعري .

وكتب الشيخ أبو الحسن علي الندوي مقالةً تعريفاً بجهود الميمني في نفس المجلة ” المجمع العلمي العربي ” عام 1985م – 1405هـ ، وهو يرجح ويؤثر أعمال العلامة عبد العزيز الميمني على أعمال العميد طه حسين . هذه المقالة التي نشرت في مجلة المجمع العلمي العربي مملوءة بالمشاعر الصادقة والجياشة ، وهو يبين أن تحقيق عبد العزيز الميمني أهم وأدق من تحقيق طه حسين . كما نعلم أن عميد اللغة العربية قد ألف       ” تجديد ذكرى أبي العلاء ” ، وكذلك كتب ” مع أبي العلاء في سجنه ” . وأن أطروحته الثانية كانت على موضوع ” ذكرى أبي العلاء ” وكمل الدكتوراه عام 1914م من فرنسا .

رأي الشيخ أبي الحسن علي الندوي عن عبد العزيز الميمني :

وجدت مقالة الشيخ أبي الحسن علي الندوي حول شخصية      عبد العزيز الميمني في كتابه الشهير ” پرانے چراغ ” ( المصابيح القديمة ) . ونفس المقالة ترجمت ونشرت في مجلة المجمع العلمي الهندي عام 1985م التي تصدر من جامعة عيلكراه ، ولكن اسم المترجم لم يذكر ؛ فربما ترجمها الشيخ الندوي رحمة الله عليه من نفسه . يقول أبو الحسن علي الندوي : إنه كان دائماً يشاهد ويقرأ مقالات العلامة الميمني التي كانت بشكل دائم تنشر في مجلة المجمع العلمي بدمشق ، ولكن كانت هذه المقالات حول البحث العلمي الدقيق والعميق ، ولذا كان أبو الحسن الندوي لا يرغب في قراءة هذه المقالات الجافة [1] . ولكن الشيخ الندوي يعترف بغزير علمه وإنتاجه وبرحابة صدره ، ويفضل العلامة الميمني على طه حسين ، بأن تحقيق عبد العزيز الميمني هو أدق وأهم وأجيد وأحكم من تحقيق وكتابات العميد ، ويقول الشيخ أبو الحسن علي الحسني رحمه الله :

” كان الدكتور طه حسين يعتبر سنداً يعتمد عليه في البحث عن المعرى ، وكان الدكتور يشبه المعرى جسمياً وفكرياً ونفسياً ، وكان لكتابه ” ذكرى أبي العلاء ” دوي في الشرق يتغنى به طلاب الأدب ، ولكن كتاب العلامة الميمني فاقه درجات ، وقد عرف طه حسين بسحر أسلوبه ونغمه الموسيقي الحلو ، ولكنه لم يكن باحثاً يهتم بتهذيب اللغة والشعر وتصحيح ومقابلة النسخ الخطية القديمة وغربلة الروايات للتمييز بين الصحة والخطأ لأن هذه العملية تحتاج إلى بصيرة نافذة وبصارة حادة وبذل جهود مضنية وصبر وأناة ، ولم يكن طه حسين – رغم مكانته العالية – متصفاً بهذه المزايا ” [2] .

يلاحظ العلامة الندوي أن التحقيقات والأعمال التي قام بها     عبد العزيز الميمني لم يكن من اتساع طه حسين ، رغم غزير إنتاجه وسيطرته على موضوع فلسفة أبي العلاء ، لأن أطروحته للدكتوراه كانت على هذه الشخصية . مع ذلك الأعمال التحقيقية والمهمة تحتاج إلى صبر وأناة وبصارة وبصيرة ، والعميد طه حسين كان ضريراً ، لم يكن من متسعه على أن يقوم ما قام به العلامة عبد العزيز الميمني من التحقيق والتنقيح .

تقدير ناصر الدين الأسد بعبقرية الميمني :

والأساس المهم في هذه المقالة البحثية هو مقالة ناصر الدين الأسد نشرت في مجلة المجمع العلمي الهندي التي تصدر من جامعة عليكره الإسلامية ، وتاريخ إصدارها موجود وهو عام 1985م . وهذا العدد الخاص حول شخصية العلامة عبد العزيز الميمني والراجكوتي مصدر مهم على شخصيته النبيلة الشريفة . في هذا العدد لمجلة المجمع العلمي الهندي نجد مقالات كبار علماء الهنود وانطباعات أساتذته وتلاميذه ورفقائه وزملائه . فيه مقدمة الشيخ أبي الحسن علي الندوي ، ومقالة الدكتور راشد الندوي ، ومقالة سعيد الأفغاني ، ومقالة حمد الجاسر ، وانطباعات السيد محمد يوسف ، ومقالة مسعود عالم الندوي ، ومقالة جميل أحمد ، ومقالة إبراهيم السامري وغيرهم من العلماء والأدباء . ناصر الدين الأسد يعترف ويتأسف بأنه ما لقي حظاً للقاء هذا الأديب اللبيب والمحقق المفلق ، ويقول في مقالته :

” لم يسعدني الحظ بمعرفة العالم المتبحر الشيخ الجليل          عبد العزيز الميمني معرفة لقاء وعيان ، وإن كنت قد عرفت عنه الكثير من خلال ما قرأت له من مقالات وبحوث ، ولا سيما ما حققه من كتب الأدب نثره وشعره ، ومن خلال ما كنت أسمع عنه من أساتذتي وبعض زملائي الذين عرفوه من كتب ، فكانوا يثنون عليه أطيب الثناء حين يجرى ذكره على لسان متحدث منهم في أحد مجالسنا فيبادر عارفو فضله من الحاضرين إلى الإشادة بمناقبه ومزاياه في الخلق والعلم ولطالما شوقني ما قرأت له وسمعت عنه إلى لقائه ليصبح ملء عيني كما كان ملء سمعي وملء نفسى ” [3] .

يقول الأسد هو كان دائماً يريد أن يكتب عن مجهودات العلامة والدراكة الميمني ، ويشيد بعلمه وغربلته ويثني على جهده وجهاده واجتهاده ، ولكنه انتقل إلى جوار ربه قبل أن يلقاه ناصر الدين . فضلاً عن كتاباته ومؤلفاته ومقالاته المنشورة المستمرة في عديد من المجلات بدمشق والقاهرة ، عرف ناصر الدين الأسد العلامة الميمني بواسطة الأديب المصري محمود محمد شاكر ( 1909 – 1997م ) . ويعتبره الأسد كالشقيق الحميم ، في عام 1961م حينما رجع ناصر الدين الأسد إلى القاهرة من ليبيا ، وهو كان عميد كلية الآداب والتربية بالجامعة الليبية بعاصمة بن غازي لعامين . عادت صلته القديمة مع محمود محمد شاكر ، وكان الأسد يزوره في مصر الجديدة في بيته ، فاستفاد من علمه وفضله ومجالسه . يتأسف ناصر الدين الأسد على عدم لقائه بهذا الأديب العبقري ، ومع أن الأسد كان في نفس البلد أو البلد المجاور ، ولكن صرفه الصوارف وحالت الحوائل والأشغال عن لقائه مع الميمني . وحينما توفي هذا الأديب فتأسف ناصر الدين تأسفاً شديداً وتحسر . وفي الحقيقة استفاد ناصر الدين من تحقيق الميمني واستخراجه ، فكان الأسد معتاداً به بواسطة مؤلفاته وتحقيقاته القيمة . ووجد في كتاباته النبوغ الفكري والإبداع اللغوي . يقول الأسد : كان محمود محمد شاكر يذكر العلامة عبد العزيز الميمني ليلاً ونهاراً ، وفي كل كلامه العلمي يأتي ذكر العلامة عبد العزيز الميمني ، لاحظوا هذه القطعة :

” وجدت أكثر أماسي الأستاذ محمود شاكر ولياليه مملوءةً بذكر العلامة الميمني وباستكمال ما كان عمله هذا العلامة الجليل من ” كتاب الوحشيات لأبي تمام ” . وكان أخي الأستاذ أحمد راتب النفاخ ملازماً لأستاذي محمود شاكر لا يكاد يفارقه  ، يعينه على أجزاء من العمل في الوحشيات ، فأشار إليه في مقدمته للكتاب . أو من يقرأ هذه المقدمة يدرك عمق ما في نفس الأستاذ من محبة وإكبارللميمني حتى إنه لا يذكره إلا بعد قوله ” أستاذي ” [4] .

وناصر الدين الأسد أثنى على عديد من علماء وأدباء وفقهاء وفلاسفة الهند ، منهم غاندي ونهرو وآزاد وطاغور وغيرهم . هو دائماً قد اعترف بأرض الهند كأرض محترمة ومثمرة ومنجبة . ناصر الدين تعرّف على الميمني بواسطة ما استكمل العلامة الميمني من ” كتاب الوحشيات ” لأبي تمام . وكان الأستاذ محمود محمد شاكر يذكر عبد العزيز الميمني في كتاباته بـ ” أستاذي ” على هذا المدى ، هو كان يحترم العلامة ولسان الهند عبد العزيز الميمني وعبقريته .

ويعترف ناصر الدين الأسد في مقالته العلمية بإنجازاته ، ويقول : إن عبد العزيز الميمني من طبقة متميزة من السلف الصالح في تمثله لمناقبهم واقتدائهم في العلم والفضل . وإنه كان ذا ثروة ومال وكثير الترحال ، دائماً يجوب البلاد باحثاً عن النوادر والمخطوطات وكتب التراث العربي . كان الميمني الراجكوتي مملوءاً بالصبر والأناة في القراءة ، وهذه الميزة والسمة لازمة لمن يريد أن يسلك طريق البحث والتمحيص والغربلة . وكان حينما يطلع على أي مخطوطة علمية فكان يختارها للتعليق والتمحيص وشرح النسخ الخطية [5] . وفي نفس الصدد يعترف ناصر الدين الأسد بأن من يقرأ تعليقات ومقدمات كتب عبد العزيز الميمني فهو أيضاً يعترف بعملاقته وتبحره العلمي والتحقيقي ، ويقول متأكداً بأن الميمني من أوسع الناس اطلاعاً ومعرفةً على مصادر تراثنا وأمهات كتبنا . وحسب انطباعي كان ناصر الدين الأسد مبهوتاً بعد قراءة مقدمة الكتاب ” سمط اللآلي في شرح أمالي القالي ” وعد هذا الكتاب من الغرائب والخزائن .

يحرز الأسد ويعترف عن ما فعله وحققه العلامة الميمني ويسطر في مقالته : ” وأين هذا التمكن من المعرفة ، والتمرس بالعلم ، ومعالجة التحقيق والتعليق ، والاتصال الوثيق بالمصادر . والألفة الحميمة للمخطوطات ” [6] . وخلاصة ما قاله البروفيسور ناصر الدين الأسد أن العلامة عبد العزيز الميمني كان أسوةً لأجيالنا الشباب ولعلمائنا الكرام ، في الحقيقة هو منارة علم لكل من يرغب في العلم بالمخطوطات والتراث .

المصادر والمراجع :

  1. أبو الحسن علي الندوي ، پرانےچراغ . حصه دوم ، 2010 ، مكتبه فردوس ، لكهنؤ .
  2. الأسد ، ناصر الدين ، مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية ، ط 1 ، بيروت ، دار الجيل ، 1996م .
  3. العلامة عبد العزيز الميمني حياته وآثاره وأسلوب بحثه وتحقيقه كتاب 1285 .
  4. حياة الميمني كما رواها بنفسه ، مختار الدين أحمد ، المصدر مجلة المجمع العلمي الهندي ، العدد 1 – 2 ، شوال 1406هـ ، يونيو 1986م .
  5. شاكر الفحام : عبد العزيز الميمني الراجكوتي ، مجلة مجمع اللغة العربية ، المجلد 54 ، الجزء الأول ، دمشق ، يناير 1979م .

* الجامعة الملية الإسلامية ، نيو دلهي . ( الهند ) faisalnzr40@gmail.com

[1] أبو الحسن علي الندوي ، پرانے چراغ ، حصه دوم ، 2010م ، مكتبه فردوس ، لكهنؤ ،  ص 209 – 218 .

[2] أبو الحسن علي الندوي ، مجلة المجمع العلمي الهندي ، 1 يونيو 1985م ، الهند ، ص 3 .

[3] المجمع العلمي ، ص 36 .

[4] المصدر السابق ، ص 38 .

[5] المجمع العلمي ، ص 42 .

[6] المصدر السابق ، ص 43 .