دراسة حول الأدب الإسلامي
سبتمبر 4, 2021الشيخ المحدث عبد الرشيد النعماني الندوي
سبتمبر 4, 2021باب التراجم :
سيرة ابن إسحاق بتحقيق الدكتور محمد حميد الله :
استعراض ودراسة
الأستاذ طلحة نعمت الندوي *
كان ابن إسحاق ( محمد بن إسحاق بن يسار ) من الطليعة الأولى للمؤلفين الذين خلفوا آثارهم في الروايات والمغازي والسير ، فإن كتابه الشهير حول المغازي المسمى بكتاب ” المبتدأ والمبعث والمغازي ” يعتبر من الكتب الأولى للسيرة بجنب مغازي عروة بن الزبير والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم ، واشتهر في القرون الأولى وتداولته الأيدي بالقبول لغزارة مادته وصحة نقله وجودة صياغته وحسن ترتيبه ، حتى جاء ابن هشام فتناوله بالتنقيح والزيادة ، فعكف عليه العلماء حتى انقطعوا إليه عن كتاب ابن إسحاق لغزارة فوائده ، وقلّ الاهتمام بنقل كتاب ابن إسحاق إلى أن أصبح الكتاب شبه مفقود ، وصار كتاب ابن هشام هو المقبول المعتمد بين الأوساط العلمية ، يقول في ذلك مؤلف الموسوعة الكبرى حول السيرة النبوية في الأردية وهو الكتاب الطائر الصيت ” سيرة النبي ” لمؤلفه الجليل العلامة شبلي النعماني ، وهو يعرّف بابن إسحاق : ” إنّ محمد ابن إسحاق نال شهرةً واسعةً في فنّ المغازي حتى اعتبر إمام هذا الفنّ ، وهو تابعي ، رأى أنس بن مالك ، وكان عالي الكعب في علم الحديث ، واختلف المحدثون في صدقه فخالفه الإمام مالك وشدّد عليه النكير ، ولكنّ عامة المحدثين يعتبرونه ثقةً ولا سيما في المغازي والسير ، وإنّ الإمام البخاري وإن لم يرو عنه في صحيحه ، ولكن خرّج له في جزء القراءة كما أكثر من الرواية عنه في تاريخه الكبير [1] .
ونال الكتاب تقديراً وقبولاً حتى نال صاحبه لقب أمير المؤمنين في الحديث قبل البخاري كما ذكره الذهبي في كتابه ” التهذيب ” ، وعلى قول أحد الباحثين فإنّ الكتاب : ” وإن انتقد البعض طريقته في رواية الحديث فإنّ الإجماع يكاد يكون شاملاً فيما يرجع للثقة بأخباره حول المغازي وما يتعلق بتاريخ الحقبة الأولى من ظهورالإسلام إلى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم [2] .
ولا يهمنا الآن الحديث عن كتاب ابن إسحاق ، فلقد استفاض عنه الحديث واشتهر ، وإنما نهتمّ ههنا بالتركيز على جهود الدكتور العلامة محمد حميد الله الحيدرآبادي ،أحد نوابغ القرن العشرين الميلادي الذي اعترف بفضله الشرق والغرب واستفاد منه العرب والعجم وتطفل على مائدته المسلمون وغيرهم على السواء ، ومنهجه في تحقيق الكتاب والاستعراض لمباحثه في التقديم ودراسته له ، وإنًّ هذا الكتاب القيم العظيم الذي يكاد يكون فاتحة الكتابات بعد كتاب موسى بن عقبة المفقود كان شبه مفقود في الأوساط العلمية لتركيز جلّ العناية بكتاب ابن هشام ، حتّى قدَّر الله تعالى شرف خدمة هذا الكنز الثمين وإبرازه إلى النور وإخراجه إلى الناس لهذا الحبر النبيل الذي كان عالماً بين علماء الشرق وبكلمة أصحّ أمين التراث الإسلامي في الغرب ، والذي يدين لفضله وجهوده عدد كبير من التراث الإسلامي في ظهوره إلى النور ، ولنستمع إلى شيئ من تلك الجهود التي بذلها الأستاذ الدكتور في تحقيق هذا الكتاب على لسان المعتني بطبع الكتاب وهو الأستاذ محمد الفاسي ، فيقول : ” وأريد أن أنوه بالجهود التي بذله العلامة المحقق الأستاذ محمد حميد اللّه في إخراج هذه الطبعة ، وقد صبر صبر الكرام في التصحيح والمراجعة مع صعوبة هذا العمل لوجوده خارج المغرب ، فاحتاج إلى مكاتبات متعددة ، ويطلب هذا العمل زمناً طويلاً ، وقد تمّ الآن بفضل الله إخراج هذا الأثر الجليل في هذه الطبعة المحققة القيمة فجزاه الله وأعانه على ما يقوم به من نشر تراثنا الإسلامي والتعريف بحقيقة الإسلام وفضله على الأوساط الغربية والدفاع عنه وعن رسالته الخالدة ، وقد قدّم له ببحث عميق عن التاريخ عند المسلمين وبفذلكة عن حياة ابن إسحاق مع الرجوع إلى كلّ المصادر التي اعتنت به ، وجعل لها قائماً في آخرالمقدّمة [3] .
وفي هذا الكلام الوجيز قد قدم الأستاذ الفاسي عصارة جهود الدكتور ، وذلك ما نتناوله بمزيد من الشرح والتفصيل في ضوء كتابات الأستاذ مع استعراض لها فيما يأتي :
تحدث الدكتور في المقدمة عن مكانة التاريخ وأهميته عند المسلمين ، وبين بالدلائل أنّ تاريخهم هو أصحّ ما يوجد في العالم من الموادّ في التراث التاريخي وأكثرها ثقةً واعتماداً ، وشرح أنّ الحديث إنما هو التاريخ المعاصر للنبي عليه السلام ، ولعلّ الدكتور استقى هذه الفكرة من أستاذه الجليل العلامة النابغ الشيخ مناظر أحسن الكيلاني الذي حقق في كتابه الشهير ” تدوين الحديث ” أنّ الحديث النبوي الشريف وتراثه إنما هو في الحقيقة أصحّ تراث من التاريخ يوجد في العالم منذ بدئه ، بدأ الدكتور تقديمه بالحديث عن كتاب ابن هشام فذكر أنّه لما هذّب هذا الكتاب اعتنى الناس به دون كتاب ابن إسحاق وأهملوا كتاب ابن إسحاق فلم يهتمّ الناقلون بنقله حتى كاد لا يوجد منه نسخة في العالم إلى أن عثر الأستاذ على ثلاث قطع من الكتاب ، كانت قطعتان منها في مكتبة القرويين بفاس بالمغرب وقطعة في المكتبة الظاهرية القديمة بدمشق ، وهي من روايات ابن هشام ، فالقطعتان من القرويين بواسطة يونس بن بكير ، وأما قطعة دمشق فيرويها ابن هشام عن محمد بن سلمة الحراني الدمشقي عن مؤلف الكتاب ، وابن سلمة أخذ هذه الرواية عن ابن إسحاق بالري ، ثمّ ذكر الدكتور أنه مع وجود كتاب ابن هشام تهذيب هذا الكتاب لا يمكن الاستغناء عن أصل الكتاب ، وذلك لأمرين مهمين : أحدهما أنّ ابن هشام حذف أسانيد لم تكن في قيمتها أقلّ مما أثبتها ، وثانيهما أنه حذف الأبيات الكثيرة ظنّاً منه أنها ليست من العصر النبوي ، ولكنها لم تكن كذلك متأخرة عن عصر ابن إسحاق وهو العهد الأموي ، وبذلك كان من الممكن أن تتم دراسة هذه الأبيات من الناحية النقدية والأدبية في ضوء الشعرالمعاصر .
ثم تحدث المحقق الدكتور عن مكانة التاريخ في الإسلام فلا تسأل عن علمه ، لقد جرت ريشة قلمه فجاء بالعجب العجاب في هذا الموضوع الذي عكف الدكتور على دراسته وقضى فيها مدةً لا بأس بها من الزمن ، فكان الموضوع من ضمن الموضوعات ، أكثر الدكتور من الكتابة فيها والدراسة لها ، وجاء بعصارة دراسته العميقة ونظراته الواسعة ، وهذا دأبه في مثل هذه الموضوعات بل كل موضوع يختاره للبحث ، ولذلك فقدّم لنا في هذا التقديم ما حصل له عبر سيره الطويل في مسالك التحقيق ، وكان من المزايا البارزة التي امتاز بها الأستاذ الدكتور والنعم التي حباه بها ربه عز وجل من ذكائه النادر الخارق المدهش وذاكرته القديمة وذهنه الوقّاد وقوة استنتاجه النادر ، زد إلى ذلك عكوفه على العلم عكوفاً يكاد يعبر بالفناء إنّ صحّ هذا التعبير ، فلقد عاش للعلم وتنفس للعلم ومات في العلم ، وبذلك يمكننا أن نقول : إنّه كان آيةً من آيات الله في القرن العشرين ولا سيما لرجال الغرب .
فمن شأن الأستاذ أنه إذا كتب أو خاطب أحداً في أي لغة كانت من الإنجليزية أو الفرنسية أو العربية أو الأردية يأتي بوجازة فوائد علمية غزيرة مما لا يستطيع القارئ أو المستمع أن يظفر بها في دراساته الطويلة وسيره الطويل في عالم المكتبات ، ويتجلى شأنه هذا أكثر وضوحاً في هذه الدراسة العلمية لمكانة التاريخ عند المسلمين فيأتي بمعلومات عسى أن تكون اكتشافاً جديداً لسامعها ، والدكتور بنفسه يؤكد ذلك فيقول : ” سيندهش من لا يعرف تراثه إذا ذكرت له ، في مكة قبل الإسلام كانت وزارة خاصة للمسائل التاريخية ” ، ومن عادة الأستاذ الدكتور أنّه لا ينقل عبارات ومقتبسات من الكتب والمصادر ، وإنما يتحدث بإيجاز بكلمات مع الإشارة إلى المصادر ، وربما يتحير الدارس من الإكثار من الإحالة إلى المصادر وما يشاهده فيها من الموادّ الغزيرة ويؤكد له سبق الدكتور لدراسة هذه المصادر واستحضارها ، وذلك ما نلمسه في هذه الدراسة ، فقد قام الأستاذ في ذكر التاريخ عند العرب باستعراض لما كتبه الكاتب المستشرق وستنفلد في كتابه ” مؤرخي العرب ” باللغة الألمانية ثم يستدرك عليه ما فاته معتمداً على مصادر أصيلة ويستعرض الأستاذ الدكتور وهو يتحدث عن التاريخ عند المسلمين تاريخ تدوين الحديث النبوي الشريف وهو الموضوع المحبب الأثير لديه ومن تخصصاته ، فقد تسنّى له أن يخدم عدة مؤلفات علمية لهذا الفن الشريف يرجع عهده إلى القرن الأول الهجري ولا سيما عهد الصحابة رضي الله عنهم ، ويختص بالذكر من بينها صحيفة همام بن منبه التي رواها همام عن الصحابي الجليل أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رواية النبي عليه الصلاة والسلام ، وقدم لهذه الصحيفة بالإنجليزية ، كما أنّ الفضل في العثور على صحيفة معمر بن راشد أستاذ الإمام عبد الرزاق صاحب المصنف الشهير يرجع إلى الدكتور حميد الله ، وأخرج إلى النور بجهود العلامة المحدث حبيب الرحمن الأعظمي وتحقيقه .
والمأثرة الثانية للدكتور حميد الله في هذا المضمار هو تحقيقه لكتاب ” السرد والفرد في صحائف الأخبار ” للقزويني ، وتقديم كلتا الصحيفتين السابق ذكرهما إنما هي بالإنجليزية ويشمل فوائد قيمةً في تاريخ تدوين الحديث في عصر الصحابة بل في عصر النبي عليه السلام ، والأثر الثالث من التراث الإسلامي النبوي الجدير بالذكر الذي يدين لجهود الدكتور حميد الله في ظهوره إلى النور هو الذي نحن بصدد الحديث عنه ، وقدم له الأستاذ الدكتور بالعربية ، والآثار الثلاثة من تراثنا العلمي القيم إنما هي رد مفحم للذين أثاروا الشبهات حول كتابة الأحاديث في العصور الأولى ولا سيما في العصر النبوي ، زادها جلاءً ووضوحاً تقديم الدكتور العلمي في بيان تدوين الحديث في العصور الأولى ، ولعلّ هذه الخلفية التي دفعت الدكتور حميد الله إلى التصدي لهذا المبحث في كثير من كتاباته ولا سيما تقديماته لتراث الحديث والسيرة والتعرض له وبيانه في ضوء المصادر الأصيلة المعتمدة بياناً يشفي الغليل ويقضي على كلّ الشبه التي تثار حوله ، وهكذا فإنّ الأستاذ أكمل ما بدأه أستاذه العلامة الشيخ السيد مناظر أحسن الكيلاني رحمه الله ، وقد اعترف المحقق الدكتور بفضله والاستفادة من كتاباته والارتشاف من زلال علمه في غير موضع من كتاباته ، ومنها صحيفة همام بن منبه ، فقد ذكر أنّ مبحثه في ذلك التقديم حول تدوين الحديث إنما هو مما أفاض به أستاذه في كتاباته ، وعسى أن يكون قد سمع في دروس الشيخ التي واظب عليها الأستاذ الدكتور في الجامعة العثمانية شيئاً غير ما كتبه الشيخ وأثبته ، وبذلك فقد دافع الأستاذ عن الإسلام كجندي ، و قام بدور بارز ملموس في الذب عن حوزة الإسلام من حملات الأعداء والحفاظ على تعاليمه من شبهات الحاقدين الحانقين على الإسلام .
ويذكر الأستاذ الدكتور مواد التاريخ في العالم ، ثم ميزة علم التاريخ الإسلامي فيقول : ” بدأ الإسلام من أهل جزيرة العرب ، وفي إبّان الأمر لم يكن لديهم وسائل كثيرة لمعرفة أحوال البشر قاطبة ، ومع ذلك فمساهمة أولئك الأولين من أهل الإسلام في تطور علم التاريخ ( تمتاز ) من ناحيتين لا مثيل لها في العالم قبلهم .
أولاً هم جمعوا موادّ التاريخ المعاصر لهم في جميع نواحي الحياة ، وثانياً كان تطبيق أصول الشهادة منحصراً قبل الإسلام في مسائل قضائية بطلب الحاكم شاهد عين لما يطالب به المدعي ، فجاء المسلمون الأولون فكانوا أول من وسع نطاق الشهادة وطبقها على مسائل التاريخ [4] .
ويتحد ث الأستاذ الدكتور بعد ذلك عن شهادة المسلمين ، فيصرح بأنّ المسلمين لا يقبلون قولاً أو خبراً إلاّ إذا رواه من حضر الواقعة ثم من سمع من شهد الواقعة جيلاً بعد جيل ، ثم يذكر أنّ بداية التاريخ بمصطلحه الشائع كانت منذ العصر النبوي ، ثمّ يشير إلى الجهود في ذلك ، ثم يقول : إنه لا يهمه الآن الحديث عن تاريخ غير العصر النبوي فيقتصر على ذلك .
وبعد استعراض التاريخ وتدوين الحديث يذكر الأستاذ الدكتور ترجمة صاحب هذا الكتاب ابن إسحاق ، وكعادته يأتي بمباحث عن حياته لم تكن معروفةً عند العلماء ، أو لم يكن قد تنبه لها كثير من رجال العلم من يمر بقراءته ، ولكن الدكتور بذهنه الوقاد يستحضر كل ذلك ، فذكر أن ابن إسحاق كان يعرف السريانية ، ودرس الإنجيل كما تشير إليه عبارات في كتابه وفي كتاب ابن هشام ، ثم يورد دلائل على ما قاله من الكتاب المقدس ، وهذه العجالة ما وضعت لترجمته أصالة ، ولكنه في مثلها أيضاً لا يقتصر على مجرد العرض فحسب ، بل يناقش الموضوع ويقوم بتنقيح المصادر وإثبات كلّ ما يورد محققاً ، وبعد ذكر شيئ من ترجمته يتعرض لمنهج ابن إسحاق في هذا الكتاب ، ثمّ يأتي بآراء العلماء في مدحه ونقده ، ولا يدعهم وآراءهم بل يناقشها ويفنّد بعضها ، ثمّ يذكر نقلاً عن الخطيب البغدادي أن أصح روايات هذا الكتاب رواية سلمة بن الفضل الحراني ثم يذكر نقلاً عن أحد المستشرقين خمسة عشر رواياً رووا هذا الكتاب وأخذوه عن صاحبه في مختلف البلاد من المدينة والكوفة وبغداد والبصرة والريّ ، ولكنّ القطعة التي بين يديه من الكتاب هي من رواية يونس بن بكير .
ثمّ يذكر أنه كما توجد للموطأ أشهر الكتب المؤلفة في القرن الأول روايات كذلك توجد لكتاب ابن إسحاق روايات يختلف بعضها عن بعض ، ويقول الدكتور في موضع من الكتاب في الهامش : ” إنّ ابن هشام لم يكتف براوية الكتاب كما هو ، بل هذّبه أيضاً والأسباب التي دعته إليه نرى بعضها في القطع التي ننشرها هنا ، فمثلاً هناك أسماء من هاجر إلى الحبشة ، ذكرها ابن إسحاق مرتين في بابين مختلفين ، وحتّى في داخل الباب الواحد يذكر الأسماء أحياناً مرتين ، وكذلك أبواب أخرى سيراها القارئ في فهرسة هذاالكتاب ، فلو زاد ابن هشام أشياء لم تكن في أصل كتاب ابن إسحاق لرأينا أنّ يونس بن بكير في نشرتنا هذه فعل كذلك مراراً ، وهؤلاء المؤلفون أرادوا تكميل الكتاب لا حفظه وصيانته فحسب ، وصرحوا أيضاً أنّ الزيادات من أنفسهم لا في أصل كتاب ابن إسحاق ، وفوق كلّ ذي علم عليم [5] .
ثم يتحدث عن نسخ الكتاب الأخرى ، والتي بين يديه منها ، وذكر ضمن ذلك أنه كان في حيدر آباد في المكتبة الآصفية والمكتبة السعيدية أيضاً عدة قطع خطية لهذا الكتاب ، ثمّ يذكر أنّ لهذا الكتاب ترجمة فارسية تمّت في عصر سعيد الزنكي في القرن السابع وتوجد له نسخ خطية في مكتبات باريس ولندن ، وذكر العلامة شبلي عند ذكر ابن إسحاق في كتابه سيرة النبي أنه زار نسخةً من الترجمة الفارسية في بلدة إله آباد في الهند عند أحد العلماء أو في مكتبة من المكتبات .
وقد قام الدكتور حميد الله بمقارنة بين الكتاب وتهذيبه سيرة ابن هشام ، وبما أنّه كان قد استحضر موادّ كتب أخرى أيضاً ومارس الموضوع منذ زمن فربما يزيد في الهوامش معلومات من بعض الكتب أو يكمل إذا كان إخلالاً بالموضوع ، ومن الكتب التي استفاد منها في توثيق محتويات الكتاب أو التعليق عليها ” المحبر ” لابن حبيب البغدادي و ” أنساب الأشراف ” للبلاذري و ” تاريخ الطبري ” وكتاب ” التيجان ” لابن هشام ، كما أنّ إلقاء نظرة على مصادر المقدمة التي أثبتها الدكتور حميد الله في نهاية المقدمة تفيدنا بمدى نظراته الواسعة على المصادر الإسلامية والغربية مع الاطلاع الواسع على المخطوطات وسهره على تحقيق هذا التراث القيم ، فلقد أثبت المحقق أسماء ثلاثة وأربعين مصدراً ، عشرون منها بالعربية ما بين خطي ومطبوع ، والبقية باللغات الأجنبية من الإنجليزية والفرنسية والألمانية .
وقد طبع هذا الكتاب أوّلاً بالمغرب لأنه من تراث هذه البلاد ، وقام الدكتور بهذا العمل على طلب من وزارة الشؤون الدينية بالمغرب كما يصرح بذلك قائلاً : ” إن وزارة الشؤون الدينية بالمغرب كانت قد شرفتني أولاً بالطلب أن أهيأ هذا الكتاب للطبع ، ثمّ رأت جامعة الرباط أن تنشره في سلسلة مطبوعات كلية الآداب ، وأخيراً نقدمه إلى القراء كما سيرونه ، والفضل في النشر عائد إلى كثير من فضلاء المغرب ” .
أما طبعته الثانية فهي مصورة من الطبعة الأولى ، اهتمت بها دار النفائس بكراتشي لصاحبها فضيلة الشيخ السيد نفيس الحسيني رحمه الله ، ولفضيلة الشيخ مقدمة وجيزة بالأردية في بداية الكتاب ، وهذه الطبعة التي هي بين أيدينا .
* استهاوان ، بهارشريف .
[1] سيرة النبي : 1/31 .
[2] راجع كلمة التقديم سيرةم ابن إسحاق لمحمد الفاسي .
[3] كلمة التقديم .
[4] من كلمة التقديم للكتاب .
[5] كلمة التقديم ص له .