عظمة النبي صلى اللّه عليه وسلم ( الحلقة الرابعة )
أغسطس 3, 2024اللهم قد بلغت اللهم فاشهد ( الحلقة الثانية الأخيرة )
أغسطس 3, 2024الدعوة الإسلامية :
رقم سبعة في القرآن والحديث
الدكتور مظفر أحمد شيخ *
في هذا المقال سنتعرف على بعض أسرار رقم سبعة في الكون والقرآن وأحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ولماذا اختار الله تعالى هذا الرقم بالذات للمعجزة الجديدة وفضله على سائر الأرقام . سوف نعيش مع بعض عجائب رقم سبعة في كتاب الله تعالى ، وكيف تنسجم حروف وآيات وكلمات القرآن بتناسق عجيب مع هذا الرقم ، وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أن القرآن منزل من خالق السماوات السبع . كذلك سوف نتدبر بعض كلمات وآيات القرآن من الناحية الرقمية ، ونكتشف علاقات وتناسقيات مذهلة مع رقم سبعة ، هذه التناسقيات ثابتة بشكل قاطع في كتاب الله عز وجل .
إن الله سبحانه وتعالى قد فضل بعض الرسل على بعض ، مثل سيدنا محمد عليه صلوات الله وسلامه فقال في حقه : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالميْن ” وفضل بعض الليالي على بعض ، مثل ليلة القدر التي جعلها المولى تبارك وتعالى تعدل ألف شهر بل تزيد ، يقول تبارك وتعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلَّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر ) ، وكذلك فضل الله تعالى بعض الأيام على بعض ، فجعل يوم الجمعة أفضلها ، وفضل بعض الشهور من السنة ، فجعل شهر رمضان أفضلها ، كذلك فضل بعض المساجد على بعض ، مثل المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، وفضل بعض البقاع على بعض مثل مكة المكرمة والقدس الشريف . وفضل بعض السور على بعض فجعل أعظم سورة في القرآن هي فاتحة الكتاب ، وهي السبع المثاني ، وهي أم القرآن ، وجعل سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن ، وجعل آية الكرسي أعظم آية من القرآن .
هذا الرقم يملك دلالات كثيرةً في الكون والقرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى تكرار هذا الرقم في كتاب الله جاء بنظام محكم ، وهذا البحث يقدم البراهين على ذلك ، فلا يوجد كتاب واحد في العالم يتكرر فيه رقم سبعة بنظام مشابه لنظام القرآن . وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على أهمية هذا الرقم وأنه رقم يشهد على وحدانية الله تعالى ، فعندما ندرك أن النظام الكوني قائم على رقم سبعة ، ونكتشف الرقم ذاته يتكرر بنظام في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرنا ، فإن هذا التشابه يدل على أن خالق الكون هو منزّل القرآن سبحانه وتعالى . عندما بدأ الله خلق هذا الكون اختار رقم سبعة ليجعل عدد السماوات سبعة ، وعدد الأراضين سبعة ، يقول عز وجل : ( الله الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ . لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) [ سورة الطلاق : 12 ] حتى الذرة التي تعد الوحدة الأساسية للبناء الكوني تتألف من سبع طبقات إلكترونية ، ولا يمكن أن تكون أكثر من ذلك . كما أن عدد أيام الأسبوع سبعة ، وعدد العلامات الموسيقية سبعة ، وعدد ألوان الطيف الضوئي المرئي هو سبعة ، ويجب ألا يغيب عنا أن علماء الأرض اكتشفوا حديثاً أن الكرة الأرضية تتكون من سبع طبقات .
رقم سبعة في القرآن الكريم :
تكرر ذكر رقم سبعة كثيراً في القصص القرآني ، فهذا نبي الله نوح عليه السلام يدعو قومه للتفكر في خالق السَّموات السبع تبارك وتعالى ، ويستشهد برقم سبعة كدليل على قدرة الله ووحدانيته وأنه رب العالمين .
يقول عز وجل على لسان سيدنا نوح عليه السلام مخاطباً قومه : ( أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمُوتٍ طِبَاقًا وجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ) [ سورة نوح : 15 – 16 ] ، أما سيدنا يوسف عليه السلام فقد فسر رؤيا الملك القائمة على هذا الرقم ، وقد تكرر ذكر هذا الرقم في سياق سورة يوسف مرات عديدة . يقول تعالى في سورة يوسف : ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعُ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَتْ يَأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَيَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ) [ سورة يوسف : 43 ] ، وقد ورد ذكر رقم سبعة في عذاب قوم سيدنا هود الذي أرسله الله تعالى إلى قبيلة عاد ، فكذبوه فأرسل عليهم الله الريح العاتية ، يقول تعالى : ( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بريح صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ حَاوِيَةٍ ) [ سورة الحاقة : 5 – 7 ] .
وقد ورد هذا الرقم في قصة أصحاب الكهف أثناء الحديث عن عددهم ، يقول عزَّ وجلّ : ( سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ) [ سورة الكهف : 22 ] ، في كتاب الله عز وجل هنالك سبع سور بدأت بالتسبيح الله تعالى ، وهي : ” الإسراء ، الحديد ، الحشر ، الصف ، الجمعة ، التغابن ، الأعلى ” .
في القرآن الكريم سور افتتحت بحروف مقطعة ميّزها الله تعالى عن غيرها ، وجعلها في أوائل تسع وعشرين سورة من سور القرآن منها ما تكرر ومنها ما لم يتكرر ، وهذه الافتتاحيات هي عدا المكرر على الترتيب :
الم ، المص ، الر ، المر ، كهيعص ، طه ، طسم ، طس ، يس ، ص ، حم ، حم عسق ، ق ، ن ، إن عدد هذه الافتتاحيات كما نرى هو ١٤ افتتاحية ، أي من مضاعفات رقم سبعة . وإذا أحصينا الحروف التي تتألف منها هذه الافتتاحيات عدا المكرر ” أي عددنا الحروف الألفبائية التي تتألف منها الافتتاحيات الأربع عشرة ” وجدناها أربعة عشر حرفاً ، وهذه الحروف هي : ا ل م ص ر ك هـ ي ع ط س ح ق ن ، ولعل في هذا التكرار للعدد ١٤ وهو يساوي سبعة في اثنين ” ، إشارة إلى وجود علاقة بين هذه الحروف وبين رقم سبعة ومضاعفاته .
رقم سبعة في السنة النبوية :
الأحاديث النبوية الشريفة التي نطق بها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم كثيرة . وقد كان لرقم سبعة حظ وافر في هذه الأحاديث ، وهذا يدل على أهمية هذا الرقم وكثرة دلالاته وأسراره . فعندما تحدث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الموبقات حدد سبعة أنواع ، فقال : ” اجتنبوا السبع الموبقات . . . . ” ( البخاري ومسلم ) .
وعندما أخبرنا عليه الصلاة والسلام عن أعظم سورة في كتاب الله قال : ” الحمد لله رب العالمين هي السَّبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ” ( رواه البخاري ) .
وقد تحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن جهنم يوم القيامة فقال : ” يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام ” ( رواه مسلم ) كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستجير بالله عذاب جهنم سبع مرات فيقول : ” اللهم أجرْنِي مِنَ النَّارِ ” ( رواه النَّسَائِي ) .
وعندما قدم أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يخبره عن المدة التي يختم فيها القرآن فقال عليه الصلاة والسلام : ” فاقرأه في سبع ، ولا تزد على ذلك ” ( البخاري ومسلم ) .
وهكذا نرى بأن رقم سبعة هو الرقم الأكثر تميزاً في أحاديث المصطفى عليه صلوات الله وسلامه ، هذه الأحاديث الشريفة وغيرها كثير تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خص هذا الرقم بالذكر دون سائر الأرقام ، فهو الرقم الأكثر تكراراً في أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وهو الرقم الأكثر تكراراً في القرآن ( بعد رقم ” واحد ” ) وهو الرقم الأكثر تكراراً في الكون .
رأينا في هذا المبحث بعضاً من دلالات رقم سبعة وأسراره ، ولعل الله تبارك وتعالى اختار هذا العدد لمعجزة كتابه الرقمية لتكون هذه المعجزة وسيلةً لأولئك المشككين ليستيقنوا من خلالها بأن القرآن منزل من خالق السموات السبع سبحانه وتعالى . وربما يكون من أروع النتائج التي توصلنا إليها في هذا المبحث ، ذلك النسيج الرقمي الذي يربط عدد آيات القرآن مع عدد سوره وعدد سنوات نزوله ، وكانت النتيجة دائماً أننا أمام أعداد مضاعفات رقم سبعة كيفما قرأناهــا من وفي أي اتجاه كان ، فهل نجد مثل هذا النظام المحكم في كتب البشر ورأينا كيف أعداد مضاعفات رقم سبعة ، فهل هذه مصادفات أم جاءت كمعجزات معجزات ؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المراجع :
- القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم والرسم العثماني ، ويسمى المصحف الإمام أو مصحف المدينة المنورة .
- كتب الأحاديث النبوية البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
- تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير .
- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، محمد فؤاد عبد الباقي .
- الإعجاز العددي ، عبد الرزاق نوفل .
- إعجاز الرقم 19 ، ومجموعة من الأبحاث ، بسام جرار .
* aasifnabi710@gmail.com