رعاية الله للمرأة على تداول الأزمان

محبة النبي صلى اللّه عليه وسلم
سبتمبر 2, 2024
هل ذهبت عزتنا ؟
سبتمبر 2, 2024
محبة النبي صلى اللّه عليه وسلم
سبتمبر 2, 2024
هل ذهبت عزتنا ؟
سبتمبر 2, 2024

الدعوة الإسلامية :

رعاية الله للمرأة على تداول الأزمان

بقلم : الدكتور غريب جمعة *

من اطلع على الكتب المقدسة التي أوحاها الله إلى رسله الكرام يجد رعايته عز وجل للمرأة ساميةً جداً ، وهذا حق ، ذلك أن المرأة ضعيفة بالنسبة للرجل فالله سبحانه وتعالى يكلأ ضعفها دائماً بالرعاية والعناية .

ومن يرجع إلى قصة السيدة مريم والسيدة آسيا يجد كيف تكون العناية والرعاية من الله عز وجل .

ألا ترى أن السيدة حنة والدة السيدة مريم ، وقد نذرت أن تجعل ولدها سادناً لبيت المقدس ، فلما وضعتها أنثى حزنت وظنت أن الأنثى لا تصلح أن تكون قائمةً بخدمة في بيت الله . وإذا تابعت ولادة السيدة مريم وما منَّ الله به من إكرام لها وحنان عليها وجدت ذلك هائلاً جداً . ألم يقل سبحانه وتعالى في شأنها : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ . فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُومِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ . هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ) [ آل عمران : 35 – 38 ] .

وأي كرامة أكبر من أن نبياً عظيماً كسيدنا زكريا عليه السلام يتولى رعايتها وكفالتها وقد أذهله ما رأى من كفالة الله ورعايته لها كلما دخل عليها المحراب وهو المكان الذي كانت تتعبد فيه في بيت المقدس وجد عندها رزقاً يدعو للدهشة والعجب مما حدابه لسؤالها : أنى لك هذا ؟

فأجابته إجابة الموصولة بربها المعترفة بنعمة عليها قائلة هو من عند الله !

هنا زكريا عليه السلام أخذه الخشوع والرغبة إلى الله واللهفة ورفع يديه يطلب من الله عز وجل لنفسه الولد إذ كان كبيراً في السن ، وكانت امرأته عاقراً فلا تلد . ولكن بشَّره الله سبحانه ببركة صدقه وإخلاصه وصفاء نفسه وضراعته . بشره بمولد يحيى عليه السلام إذ يقول سبحانه : ( فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُو قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ ) [ آل عمران : 39 ] .

وهكذا ترى أن المرأة لها نصيب كبير من رحمة الله وعنايته ومدده وكرامته . أما السيدة آسيا زوجة فرعون فإنها على الرغم من وجودها في مقر الكفر – بل الفجور في الكفر – وسكنه وكبريائه وغطرسته . على الرغم من ذلك كانت صالحةً مخلصةً لربها مما يدل أن الرجل إذا فجر وحده لا يؤثر في صلاح المرأة وصدقها وإخلاصها طالما كانت ذات دين . حقاً لا يؤثر ، وهذا ظاهر بين . ألا ترى أن الله قد أجاب دعاءها وهيأ لها بيتاً في الجنة حين قالت : ( رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) [ التحريم : 11 ] .

وهكذا المسألة ليست مسألة رجل وامرأة في القرب إلى الله تعالى ونيل رضاه ، بل المسألة مسألة الإنابة والصدق والإيمان والإخلاص والحب الخالص لرب العالمين . هذا الذي يرفع الرجل أو المرأة ، وهذا الذي يميز أحدهما عن الآخر ، ومن ظن سوى ذلك فقد جهل .

فليس الرجل من حيث هو رجل محل الرعاية والعناية من الله ، ولا المرأة من حيث هي امرأة محل الرعاية والعناية من الله .

وإنما ينال ذلك بالصدق والإخلاص والإنابة إليه سبحانه وتعالى وملازمة ذكره والضراعة إليه آناء الليل وأطراف النهار .

وفي زمن صاحب الرسالة الخاتمة صلى الله عليه وسلم خرجت المرأة من الظلم والظلمات الجاهلية التي كانت عليها ، وانطلقت تستقبل الهدى والرحمة والعناية والرعاية من الله عز وجل استقبالاً حسناً .

انظر هذه السيدة خديجة . . وما أدراك ما السيدة خديجة ؟

وزيرة الصدق ومأنس الروح وسكن الفؤاد ونعم المعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غدا فضلها على المسلمين جميعاً إلى يوم القيامة رضي الله عنها وأرضاها وجزاها عن رسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي به زوجةً صالحةً وثريةً عابدةً زاهدةً باعت نفسها ومالها وحسنها وعافيتها لله ورسوله صلى الله عليه وسلم . فلم يرض الله لها دون بيت من قصب في الجنة ثواباً .

عن أبي زرعة قال سمعت أبا هريرة قال : ” أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ”        ( رواه مسلم ، باب فضائل خديجة رضي الله عنها ) .

وهذه السيدة عائشة والسيدة فاطمة رضي الله عنهما والسيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق . . وغيرهن كثير ، شرف التاريخ بذكرهن والإشادة بفضائلهن .

عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :       ” حسبك من نساء العالمين : مريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون ” ( أخرجه الترمذي ) .

وهكذا تجد أن المرأة في الإسلام لها كرامتها وحرمتها ، ومن رحمة الله بها أن هذه الرحمة تبدأ منذ ولادتها وتظل مشمولة بها في جميع أطوار حياتها حتى تلقاه جل جلاله .

ألا ترى أن الله في وحيه الكريم أرانا سخافة سخفاء الجاهلية الذين كانوا يضيقون بميلاد البنت ، ويرونه مصيبةً وعاراً يسود الوجوه وهذا الجهل الفاضح تجده ظاهراً في قوله تعالى : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُو كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) [ النحل : 58 – 59 ] .

سبحان الله – ما أكرم الله خلقاً كرامته لتربية البنات .

إن الذي ينظر في مكانة تربية البنات عند الله تعالى تأخده الدهشة والعجب ، ويعلم أن البنت نعمة لمن يرزقه الله بها ، ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله وسلم قال : ” مَنْ عَالَ جَارِيَتَين حتَّى تَبلُغَا جاء يَومَ القِيَامَة أَنَا وَهُو كَهَاتَين ” وضم إصبعيه ( السبابة والوسطى ) ( رواه مسلم ) ( جاريتين : أي بنتين ) .

فهذا الحديث ينهض بمكانة البنت إلى السموات العلى ويجعل تربيتها ليس لها كفاء إلا الجنة ، وماذا يرجو المؤمن بعد هذه الحياة وزخرفها وألمها وأوجاعها سوى سعادة الآخرة في الجنة .

إذاً فشأن تربية البنات عظيم ، والنهوض بها إلى مكانته العليا نهوض بالخير والهدى والحق والرشد . فلا ينبغي أن نهمل تربية بناتنا أو نضيق بهن ، وهل يضيق إلا سفيه الحلم قليل الفكر عسير النفس بعيد عن الله .

ومهما يكن فليس في عجالة كهذه يمكن أن تستوفي تربية البنت التي يرزق الله بها ، وإنما الإشارة تكفي عن العبارة الطويلة ، وهي إن شاء الله ستكون ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

وكم من سخافة تراها في قول بعض عرب الجاهلية حين بشر بميلاد ابنة له قال : والله ما هي بنعم الولد ، نصرها بكاء ، وبرها سرقة .

وهذا إفك على المرأة ، فالمرأة لها أساليبها في نصرة الحق والدين ، ولها مكانتها كما هو ظاهر في سيرة أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها . وبرها ليس بسرقة لأن المرأة لها طرقها المشروعة في نيل الأموال وإنفاقها في سبيل الله .

وكم من امرأة حفل التاريخ بآثارها ومكارمها ورعايتها للإسلام والأيتام والمساكين ، ولا تزال أسماؤهن يتغنى بها التاريخ كالسيدة ” زبيدة ” رحمها الله . اقرأ عنها هذه الفقرات التي كتبت بحروف من نور : للشيخين هاشم دفتر دار ومحمد الزعبي : ” وهذه زبيدة التي كانت أشبه بالملكات العمرانيات من النساء الخالدات ، فلها أيضاً شق الطرق وتشييد المعابد وإقامة الجسور والقناطر ، ولها آية الآيات التي تزيد قيمة وخلوداً ونفعاً عاماً مستمراً ، عن الحدائق المعلقة لها عين ” زبيدة ” في مكة المكرمة . فقد آلمها أن ترى الظمأ يحرق أكباد الحجيج ، في أسمى مؤتمر عالمي ، وأظهر اجتماع إنساني ، مؤتمر يقصده الحجاج من كل فج عميق ، مؤتمر يبدو فيه السلام والوحدة الإنسانية في أصدق المعاني الحقيقية الصحيحة .

أجل ، آلمها ذلك فأنشأت المشروع العظيم الخالد ، مشروع جلب المياه إلى كل مواطن احتشاد الحجيج ، إنه مشروع فريد من نوعه في العلم ، لم توفق امرأة قبلها ولا بعدها إلى إنشاء مثله ، مشروع كبير قد التهم جل ثروتها ، وكيف لا يلتهم جل الثروة ، وهو جر الماء من جبال      ” كدي ” القريبة من الطائف إلى عرفات فمنى فمزدلفه فمكة في بلاد كثيرة الوهاد والجبال ، وفي زمن لم تكن فيه الوسائل الآلية المعروفة اليوم ومهما يكن من تنويه بعظمة هذا المشروع ، فحسبه أنه أنتج لها المجد والخلود والذكر الحسن ، وأنه لا يزال بحذافيره كأنه من نتاج هذا العصر . ولله ما أصدق أبا العتاهية حين يقول : إن مال المرء ليس له منه إلا ذكره الحسن .

وها هي تحج ، ونرى أثر النعمة التي أفاءها الله على يديها لعباده ، فتشكره وتأبى أن تراجع مجلدات الحساب الضخمة وتأمر بحرقها قائلةً : ” هذا منه وإليه ” .

وحين رأت الحجاج الذين يقصدون مكة من طريق العراق يجهدون لقلة الماء ، أوفدت المهندسين والعمال لحفر الآبار وتوفير المياه في كل المحطات ، ولا تزال آثارها إلى اليوم .

ألا سقى الله ابنة جعفر صبيب رحمته وأغدق عليها غفرانه ، فما كانت خزائنها لتبقى باسمها خالدةً لولم تفتحها على مصراعيها ، لإنشاء ما أنشأت من المشروعات العامة [1] ” أ هــ .

وأي شيئ يصيب المرأة من سوء فهم الرجل حين يقسو قلبه الأصم فيدفنها حيةً كما حصل لكثير في الجاهلية .

والحمد لله فالإسلام يرفع شأن المرأة ويعلى من قدرها ويعتبرها أم الأجيال الصاعدة ، فهي علم من أعلام الإسلام يرفرف في كل مكان ولا يحط من قدرها إلا جاهل فَدْمَنْ ( لا يفهم ) لا يفهم الحقيقة ولا يدريها .

وتاريخ التشريع الإسلامي منذ عهد السلف الصالح إلى يومنا هذا ، والمرأة مكرمة فيه عالية القدر رفيعة المنزلة سواء كانت أماً أو زوجةً أو ابنةً أو حتى قريبة من الأقارب ، والشاهد على ذلك أن التوريث الإسلامي مقدر للمرأة في كل الظروف . وإليك بيان ذلك :

(1) كابنة واحدة (2) أو كابنتين فأكثر (3) أو كابنة الابن الواحدة (4) أو كابنتى الابن فما فوق (5) أو كأم (6) أو كجدة لأم   (7) أو كجدة لأب (8) أو كأخت شقيقة (9) أو كأخت لأب (10) أو كأخت لأم (11) أو كزوجة .

وإليك تفصيل حق المرأة في جميع هذه الأحوال ، ومن هنا تدرك عظمة التشريع الإسلامي في توفير المال للمرأة لتعيش سعيدةً كل السعادة .

البنت الواحدة :

إذا كانت الأنثى بنتاً واحدةً وليس لها إخوة وأخوات أو ابن عمها بالنسبة لأولاد الابن فإنها تختص بأخذ شطر التركة . وأما إذا كان لها إخوة أو أخ فإن التركة تقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين باعتبار أنه المكلف بتقديم الصداق والاضطلاع بالنفقة .

البنتان فما فوق :

إذا كان للمورث بنتان أو أكثر وليس لهن معصب وهو الأخ الذكر الذي هو ابن للمورث ، فيكون لهن الثلثان من التركة .

ابنة الابن الواحدة :

إذا كانت الأنثى بنت ابن المتوفى فإنها تأخذ من التركة النصف كالبنت ، ولكن بشرطين : عدم وجود المساوى لها في الدرجة وهي بنت الابن أي أختها أو بنت عمها ، وأن لا يكون معها ابن الابن ، ولا فرق في أن يكون ابن الابن هذا شقيقها أو ابن عمها . فإنه يعصبها أن تأخذ معه للذكر مثل حظ الأنثيين .

عدم وجود الحاجب لها من الميراث وهو المانع كوجود ابن للمورث فإنه يحجبها عن الميراث مطلقاً لأنه أعلى منها درجةً في القربى للمورث .

ابنتا الابن فما فوق :

إذا كان للمورث حفيدتان فأكثر فلهن ثلثا التركة بشرط أن لا يكون لهن معصب ، وهو ابن الابن أي أخوهما أو ابن عمهما وأن لا يكون هناك أولاد ذكور للمورث أو إناث لأن بنات الابن يأخذن مع البنت الواحدة السدس تكملةً للثلثين ويسقطن البنات . وإذا كان هنا بنت للمورث ( أي عمة ) لابنة الابن فإنها تأخذ السدس .

الأم :

إذا كانت المرأة أماً فإن الله قد فرض لها أخذ السدس من التركة أي تأخذ الأم من ميراث ابنتها سدس المال المتروك من مال ابنها أو ابنتها أياً كان نوع هذا المال . وهذا السدس خالص للأم ، ولو كان الأب موجوداً فإن له أيضاً هو أن يأخذ السدس دون مساس بسدس الأم بقوله تعالى : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ) بشرط أن يكون لابنها المتوفى أو لابنتها المتوفاة فرع وارث ذكراً كان أو أنثى أو يكون لأحدهما عدد من الإخوة مهما كان نوع هؤلاء الإخوة أي إخوة أشقاء أو إخوة لأب أو إخوة لأم ، والمقصود من العدد هناك يبتدئ من الاثنين فصاعداً .

والله قد فرض للأم أخذ الثلث إذا لم يكن لابنها المتوفى أو ابنتها المتوفاة فرع وارث من ذكر أو أنثى ، وإذا لم يكن لأحدهما أي أشقاء أو إخوة لأب أو إخوة لأم .

وللأم أخذ الثلث الباقي من التركة بعد أخذ أحد الزوجين فرضه منها ، وذلك في مسألتين اثنتين فقط . وهو زوج وأم وأب أو زوجته وأم أو أب فللأم في هاتين المسألتين ثلث الباقي .

جدة لأم وهي أم الأم :

تأخذ جدة المتوفى لأمه سدس التركة هذا إذا كان له ورثة سواها . أما إذا لم يكن له ورثة سواها فإنها تأخذ السدس فرضاً وتأخذ الباقي وهو خمسة أسداس رداً ، وبعبارة أخرى تأخذ التركة كلها .

جدة لأب وهي أم الأب :

تأخذ الجدة لأب سدس التركة كالجدة لأم ، وكذلك تأخذ كل التركة إذا لم يكن لمورثها سواها بالتفصيل السابق .

اجتماع الجدتين المذكورتين أو الجدات إذا كان للمورث جدتان صحيحتان ، وهما أم الأم وأم الأب فإنهما تأخذان سدس التركة مناصفةً بينهما ” أي ” تشتركان في السدس .

وهناك جدة ترث مع الجدتين الصحيحتين إن وجدت وهي أم أب الأب فيكون السدس لهن جميعاً مثالثة . وما عدا ذلك من الجدات فإنهن لا يرثن كأم أب الأم .

ومع ذلك فإن الجدات إذا اجتمعن وليس للمتوفى المورث سواهن من وارث مطلقاً فإنهن يأخذن كل التركة مثالثة بينهن .

أخت شقيقة :

إذا كانت الأنثى أختاً شقيقةً أي من ذات الأبوين فإنها تتناول شطر الميراث إذا توافرت فيها ستة شروط :

  1. عدم وجود معصب لها ، وهو الأخ الشقيق والإخوة الأشقاء .
  2. عدم وجود أصل كالأب والجد فما فوق .
  3. عدم وجود الفرع الوارث كالابن والبنت وبنت الابن أو البنات أو بنات الابن أو ابن الابن .
  4. عدم وجود المساوي لها كالأخت الشقيقة .
  5. تأخذ باقي التركة ” عصبة مع الغير ” إذا كانت مع البنت أو بنت الابن .
  6. إذا كانت الأخت الشقيقة مع البنت الواحدة أو مع بنت الابن الواحدة فإنها تصير بقوة الأخ الشقيق فتحجب حينئذ الأخ لأب هو العاصب بنفسه .

أخت الأب :

إذا كانت المرأة أختاً لأب منفردة فتأخذ النصف .

إذا كان معها أخ لأب فتأخذ معه للذكر مثل حظ الأنثيين أي يعصبها .

وتأخذ الأخت لأب باقي التركة ” عصبة مع الغير ” إذا كانت مع البنت الواحدة أو بنت الابن الواحدة ، هذا إذا لم يكن للمورث إخوة أشقاء أي من أب وأم أو لم يكن له جد لأب أو ابن أو ابن ابن وأن نزل ، فهؤلاء لا يمنعونها من الميراث لأنهم أقرب إلى المورث منها درجةً .

أخت لأم :

إذا كانت الأنثى أختاً لأم بالنسبة للمورث :

فإنها تستحق سدس الميراث هذا إذا انفردت ووجود وارث للميت لا يحجها ولا يمنعها من أخذ السدس .

عدم وجود من يحجبها عن الميراث هم ستة : (1) الابن (2) الأب (3) الجد لأب (4) البنت (5) بنت الابن (6) ابن الابن .

فهؤلاء الذين يحجبونها أي يمنعوها من الميراث .

عدم وجود المساوي وهو أخت لأم أيضاً وحينئذ تأخذان معاً الثلث مناصفةً بينهما ، ويجب أن تشير هنا إلى اهتمام الإسلام بإيصال المال إلى المرأة .

ألا ترى القرآن المجيد نص على أن الإخوة لأم مطلقاً أي ذكوراً وإناثاً يشتركون في الثلث فتأخذ الأنثى كالذكر تماماً لقوله تعالى :     ( وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِى ٱلثُّلُثِ ) [ النساء : 12 ] .

ولفظ التشريك يفيد المساواة بين الرجل والنساء ” أي الإخوة لأم ” مثال ذلك : توفي رجل عن أخ لأم وأخت لأم وأخت لأم ثانية أيضاً . فالمسألة من ثلاثة للأخ ولأم منها واحد وللأخت لأم كذلك وللأخت الثانية لأم كذلك .

أصل المسألة :

أخ لأم 1

أخت لأم 1

أخت لأم 1

وكذلك إذا مات عن أخت لأم وأخ لأم فالتركة مناصفة بينهما بهذه الصورة :

2

أخت لأم 1

أخ لأم 1

الزوجة :

إذا كانت المرأة زوجةً فلها من تركة زوجها المتوفي ثمن المال .

هذا إذا كان له ورثة سواها من بنين وبنات ، ولا زيادة عن الثمن في هذه الحالة حتى لو كان له زوجات أخر فالثمن يقسم بينهن بالتساوي .

وإذا لم يكن للزوج ذرية منها أو من سواها تأخذ من التركة الربع بالطريقة ذاتها .

وكل ذلك دليل على أن حقوق المراة محفوظة ، وأن التلاعب بهذه الحقوق جناية وغدر ومهانة وانحطاط . ولا يفعله إلا السفهاء والأنذال الذين لا يرعون إلاً ولا ذمةً لحق فرضه الله للمرأة .

وإنك لتعجب حين تسمع بعض المغفلين المهاويس يقولون : إن المرأة تأخذ مال الأسرة وتنقله إلى أسرة أخرى . ويجهل المسكين أن أسرته جاءت إليها امرأة بأموال أسرتها وهذا معجزة الإسلام في تنقل المنافع وتعميمها بين الناس فالمجد والإحسان يقلبه هؤلاء الخبثاء إلى عار وسبة . ولا يعبث بحقوق المرأة إلا الخائنون الوضعاء .

( للحديث بقية إن شاء الله ) .

* جمهورية مصر العربية .

[1] المرأة في السياسة والاجتماع تأليف الشيخين : هاشم دفتر دار ، محمد الزعبي منشورات دار الإنصاف ، بيروت ، الطبعة الأولى 1950م ، ص 85 وما بعدها .