أجعفر ذلك الردي ؟
فبراير 23, 2025كتاب ” أخي العزيز ” : دراسة علمية وأدبية
فبراير 23, 2025علم فقدناه :
خواطر للأستاذ السيد جعفر مسعود الندوي
( مجموعة افتتاحيات لصحيفة الرائد )
الأستاذ الدكتورحسن الأمراني *
بسم الله ذي الجلال والإكرام ، ( غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُو إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الذي أرسله الله ( شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ) ( وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً ) .
أما بعد ، فهذا كتاب جليل النفع ، جميل الوقع ، ألفه الأستاذ الدكتور جعفر مسعود الندوي ، واختار له اسم ( خواطر ) ، وعالج فيه عدداً من القضايا التي عرضت لخاطره في مناسبات متعددة ، بأسلوب ميسر ، وعميق ، والطابع العام لهذه الخواطر هو الإصلاح ، في وجوهه الخلقية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والحضارية .
إن قارئ هذا الكتاب يحسّ بأن الهدف من تأليفه هو نهضة الأمة ، واستعادة رسالتها في خدمة الإنسانية ، وذلك بإشاعة قيمها القائمة على المؤاساة ، والمساواة ، والعدالة ، والحرية ، والاعتدال ، والوسطية ، وذلك هو ما مكّن قديماً ، وما يمكّن حديثاً ، من بناء حضارة راشدة من جديد ، إذ ( الحضارة في الواقع ليست تقدماً مادياً مقطوع الصلة بالأخلاق والضوابط والحدود التي تحفظ الكيان الإنساني والكيان الاجتماعي ) . ولا يمكن النهوض من جيد إلا بالتحرر من مفاهيم الغرب . ( الغرب غرب ، يغرب فيه كل ما نعده من الفضيلة والحياء والحشمة والكرامة والأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة ) .
وإن شئنا اقتراح محاور تندرج تحتها هذه الخواطر استطعنا تلخيصها في ما يلي :
(1) الأخلاق
(2) التوحيد
(3) حسن التأسي بمحمد صلى الله عليه وسلم
(4) العلاقة بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي
وضمن هذه المحاور يعالج الكاتب القضايا الآتية ، مثل ” طوفان الأقصى ” ، وما سمي ” الربيع العربي ” الذي أجهضته الثورات المضادة التي مولها الغرب ، والأوبئة المادية والمعنوية التي رعاها الغرب ، مثل ” كورونا ” ، و ” الإنفلوانزا ” في أشكالها المعتدة ، والقيم الفاسدة التي تسلخ البشرية عن فطرتها الآدمية .
ولعل القارئ يسبق إلى ذهنه سؤال : لم اختار الكاتب اسم ( خواطر ) لكتابه ، والخاطرة يغلب عليها أن تكون من اللمح العابر ، الذي قد يغلب عليه العاطفة ، ولا يترك لسلطان العقل إلا هامشاً صغيراً ؟
يحملنا هذا على أن نعرّف الخاطرة ، كما حددها النقد الأدبي .
فما الخاطرة ؟ وما الفرق بينها وبين المقالة ؟
وهل الكتاب خواطر أم هو مقالات ؟
لتبين ذلك ينبغي تحديد مصطلح المقالة ومصطلح الخاطرة .
ونختصر فنقول :
(1) المقالة : أول استعمال لكلمة مقالة ظهر حين نشر الناقد الفرنسي مونتين كتابه ( مقالات Essays ) عام 1580 [1] .
و ” المقال ليس حشداً للمعلومات ، وليس كل هدفه أن ينقل المعرفة ، بل لا بد إلى جانب ذلك أن يكون مشوقاً ” .
” ولما لم يكن للمقال ميدان محدد فقد رأيناه يتنوع أنواعاً عدةً ، فمقال أدبي ، وآخر سياسي ، وثالث اجتماعي ، ورابع نقدي . . . إلى غير ذلك من الأنواع ” .
(2) الخاطرة : في ميزان النقد الحديث أن ” الخاطرة من الأنواع النثرية الحديثة التي نشأت في حجر الصحافة ، ولكنها تختلف عن المقالة من عدة وجوه :
فالخاطرة ليست فكرةً ناضجةً وليدةً زمن بعيد ، ولكنها فكرة عارضة طارئة .
وليست فكرةً تعرض من كل الوجوه ، بل هي مجرد لمحة .
وليست كالمقالة مجالاً للأخذ والرد ، ولا هي تحتاج إلى الأسانيد والحجج القوية لإثبات صدقها ، بل أقرب إلى الطباع الغنائي ” .
” الخاطرة أقصر من المقال ، وهي لا تجاوز كثيراً نصف عمود من الصفحة ، وعموداً من المجلة ” .
” الخاطرة تكون عادةً – وهي تختلف في ذلك عن المقال – بلا عنوان ” [2] .
ولكن المتأمل يجد أنّ فن الخواطر ليس طارئاً على أدبنا ، ولا مستحدثاً كما يذهب المعاصرون ، وإن كان شاع مع أدباء عصر النهضة . إن لهذا الفن ، باعتباره مصطلحاً ، جذوراً في ثقافتنا . فقد كتب ابن الجوزي : ” صيد الخاطر ” [3] ، وعلل هذه التسمية ، مما يدلّ على أنه كان على وعي بأنه يخط شيئاً غير معهود عند كثير من الناس .
قال علي الطنطاوي في مقدمة الكتاب : ” إن الخواطر لا تفتأ تمر على الذهن ، كأنها الطيور التي تجوز سماء الحقل ، فكأنك ما رأيتها ، فإذا أنت اصطدتها وقيدتها ملكتها أبداً . لذلك جعل المؤلف الكتاب ” قيداً لصيد الخاطر ” ، فكان الاسم نفسه نفحةً من نفحات العبقرية . وقد قلده فيه أحمد أمين ، فسمى مقالاته : ” فيض الخاطر ” وشتان ما هما ” [4] .
قال ابن الجوزي في مقدمة كتابه : ” لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تَعرض لها ، ثم تُعرض عنها ، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر لكيلا يُنسى . وقد قال عليه الصلاة والسلام : ” قيدوا العلم بالكتابة ” . وكم قد خطر لي شيئ ، فأتشاغل عن إثباته فيذهب فأتأسف عليه . ورأيت من نفسي أنني كلما فتحت بصر التفكّر ، سنح له من عجائب الغيب ، ما لم يكن في حساب . فانثال عليه من كثيب التفهم ما لا يجوز التفريط فيه ، فجعلت هذا الكتاب قيداً ، لصيد الخاطر . والله ولي النفع إنه قريب مجيب ” [5] .
وخواطر ابن الجوزي في معظمها قصيرة ، لا تتجاوز الصفحة أو الصفحتين ، وقد تكون جملةً واحدةً أو نحو ذلك ، كالخاطرة السابعة التي سماها ” في علو الهمة ” ، وهي هذه :
” من علامة كمال العقل ، علو الهمّة ، والراضي بالدون دنيّ :
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام ”
غير أنها قد تطول ، أحياناً ، فتتجاوز عشر صفحات ، مثل الخاطرة رقم 19 ، التي عنوانها : ” انحراف الصوفية ” .
هذا ، وقد سمى الشيخ علي الطنطاوي أحد كتبه : ” صور وخواطر ” . فهل كان ينظر في هذا إلى صنيع ابن الجوزي ؟
وما لنا نذهب بعيداً ، وأمامَنَا إمامُنَا الشيخ أبو الحسن على الحسني الندوي وكتابه : ” خواطر وفصول” ؟
لقد سمى الدكتور جعفر مسعود الندوي كتابه : ” خواطر ” . فهل كان يريد الاقتداء في هذا الاختيار بشيخه أبي الحسن ؟
لا ريب أن هناك شيئاً من هذا ، سواء أقصده المؤلف أم لم يقصده ، لأن روح أبي الحسن الندوي الحسني تتجلى في الكتاب .
والآن من حقنا أن نسأل أنفسنا : هل تنطبق على الكتاب الذي نحن بصدده الشروط المذكورة في فن الخاطرة آنفاً ؟
الحق أن ما تضمنه هذا الكتاب يتراوح ما بين الخاطرة والمقالة ، فغلبة حضور الروح والوجدان تجعله يندرج ضمن الخواطر ، إلا أنه في الوقت ذاته يجمع إلى ذلك الحجج والبراهين ، مما يسمح بإدراجه في فن المقالة . فهو بهذا يخاطب العقل والقلب معاً . وسبب هذا هو أن الكاتب جعل شعاره الإصلاح ، إصلاح النفس وإصلاح المجتمع . وموضوعاته تمس الأخلاق ، والتربية ، وبناء الروح ، كما أن خواطره تعالج قضايا المجتمع السياسية والاجتماعية والحضارية . فكان من الطبيعي إذاً الجمع بين جذوة الروح وشعلة العقل .
وقد نشر المؤلف هذه الخواطر في مجلة ” الرائد ” ، ما بين 2019 – 2023 .
ومما يشغل الكاتب قضية الإسلام والغرب ، فهي تبرز منذ مطلع الكتاب ، ثم ما تلبث أن تظهر في مقالات أخرى ، إلى آخر الكتاب .
قلت : إن الكاتب لا يكتفي بالكتابة العاطفية التي تحرك الوجدان ، بل يجمع من الحجج والبراهين ما ينصر به أطروحته . وهذه الحجج والبراهين متنوعة ، فهي مستمدة من التاريخ حيناً ، البعيد منه والقريب ، والشرقي منه والغربي ، وهي تستند إلى تجارب واقعنا المعاصر ، وإلى شواهد من النصوص ، وفي مقدمتها نصوص القرآن والسنة ، وأقوال للسلف من الأمة ، من الصحابة والتابعين ، ومن تلاهم إلى عصرنا هذا . كما يقدم شهادات من الغرب المسيحي ، لرهبان منصفين . وهو بعد ذلك يصوغ كل ذلك وفقاً لرؤيته المتميزة .
يجد المتبصر في هذه الخواطر أن الكاتب مخلص لأرومته ، ومقتبس من جذوتها روحاً تهيمن على الكتاب . وهذه الروح التي أوقد جذوتها الشيخ عبد الحي الحسني ، وتلقفها الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي ، فسرت في شرايين كاتبنا ماءً عذباً فراتاً . فلذلك ما يفتأ يستحضر تلك الروح ، وهو يراها جامعةً لما يريد أن يبلغه من أفكار وعواطف .
ليس الدكتور جعفر مسعود الندوي خريج ندوة العلماء فحسب ، بل هو خريج مدرسة شيخها أبي الحسن الندوي ، الذي تسري روحه الإيمانية ، ووثباته الفكرية ، في ثنايا سطور هذه الخواطر .
وهذه بعض الشواهد على ذلك :
ففي الخاطرة التي عنوانها : ” التخلص من مركب النقص هو العامل الأساسي للتقدم والنهضة ” ، يقول : ” إن النظر إلى تلك الفترة الذهبية التي كان يحكم فيها الإسلام ويسود فيها النظام الإسلامي في كل مجال من مجالات الحياة يعيد إلينا الثقة بالإسلام ، ويخلصنا من الشعور بمركب النقص ، وهذا ما نحتاج إليه الآن ، يقول المفكر الإسلامي الهندي الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي : ” لا ينهض العالم الإسلامي إلا برسالته التي وكلها إليه مؤسسه صلى الله عليه وسلم والإيمان بها ، والاستماتة في سبيلها ، وهي رسالة قوية واضحة مشرقة ، لم يعرف العالم رسالةً أعدل منها ولا أفضل ولا أيمن للبشرية منها ، وهي نفس الرسالة التي حملها المسلمون في فتوحهم الأولى ، والتي لخصها أحد رسلهم في مجلس يزدجرد ملك إيران بقوله : ” الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ” ، رسالة لا تحتاج إلى تغيير كلمة وزيادة حرف ” .
وفي الخاطرة التي عنوانها : ” إلى حقيقته الإيمان وحلاوته ” يقرر أن الأوضاع الراهنة لا ينبغي أن تبعث فينا اليأس والقنوط ، ويستحضر قول أبي الحسن الندوي في ذلك : ” لست قانطاً من ظهور حقيقة الإسلام في هذا العصر ، ولا نصدق ما يقال بأن الزمان قد تغير ، والمسلمين قد ابتعدوا جداً عن روح الإسلام ، فلا أمل في حقيقة الإسلام وغلبتها من جديد ، انظروا إلى ورائكم ترون جزر حقيقة الإسلام قائمةً منتشرةً في فجر التاريخ ، وأن الحقيقة لم تزل تطفو كلما رسبت ، وتظهر كلما اختفت ، وكلما ظهرت حقيقة الإسلام وتجلت في ناحية من نواحي العالم الإسلامي ، أو عصر من عصور التاريخ ، غلبت وانتشرت ” .
وفي ” مهمة العالم الإسلامي اليوم ” يعود إلى الاستشهاد بالشيخ أبي الحسن الندوي .
ثم يعود إليه مرةً أخرى في ” أرض البشرية في حاجة إلى سمادها ” .
ثم هو في خاطرة ” بالإسلام سعدنا وعززنا ” يورد بعض ما قاله الشيخ أبو الحسن في حفل تكريمه في دبي ، عام 1999م .
ولا بأس من أن نقتطف من هذه الكلمة الأخيرة شذرةً لأهميتها . ” إن العالم العربي بحر بلا ماء ، كبحر العروض ، حتى يتخذَ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم إماماً وقائداً لحياته وجهاده ، وينهضَ برسالة الإسلام ، كما نهض في العهد الأول ، ويخلّصَ العالم المظلوم من براثن مجانين أوربا الذين يأبون إلا أن يقبروا المدنية ، ويقضوا على الإنسانية القضاء الأخير ، بأنانيتهم واستكبارهم وجهلهم ، ويوجّهَ العالم من الانهيار إلى الازدهار ، ومن الخراب والدمار والفوضى والاضطراب ، إلى التقدم والانتظام ، والأمن والسلام ، ومن الكفر والطغيان ، إلى الطاعة والإيمان ، وإنه لحقٌّ على العالم العربي ، سوف يسأل عنه عند ربه ، فلينظر بماذا يجيب ” .
وهناك مواطن أخرى ، استشهد فيها بقول الشيخ أبي الحسن الندوي ، مثل ما ورد في الخاطرة التي عنوانها : ” جبهة جديدة للهجوم على الإسلام ” ، حيث يقتبس كلاماً قوياً من كتابه ” إلى الإسلام من جديد ” .
فلا غرو إن نحن حكمنا بأن الكاتب تخرج في مدرسة الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله تعالى .
وهناك أسماء مفكرين آخرين كانت حاضرةً في الاستشهاد ، مثل سيد قطب ، ومحمد قطب ، ويوسف القرضاوي ، ومحمد الغزالي ، ومالك بن نبي ، مما يدل على أن هذه الخواطر لم تكن مجرد لمعات كالبرق ، بل كانت نتيجة تفكير وروية .
ولم يكن علماء الإسلام وحدهم مرتكزاً لهذه الخواطر ، بل كان لعلماء الغرب ، ولا سيما المنصفين منهم ، نصيب .
ونكتفي بضرب مثل واحد ، وهو رد بعض الرهبان الزعم السائد بأن الإسلام انتشر بالسيف .
ففي خاطرة عنوانها : ” أسخف خرافة رددها الناس في التاريخ ” يفتتح بشهادة راهب ، كان شماخا ( شماسا ) في إحدى الكنائس ، مضمونها : أن الذين يزعمون بأن الإسلام انتشر بالسيف لم ينتبهوا إلى أنه لمتذكر في القرآن كلمة ” سيف ” إطلاقاً . وفي مقابل ذلك ، فإن المسيحية التي يزعمون أنها دين التسامح والمحبة ، هي دين الاضطهاد ، وأن كلمة السيف وردت في الإنجيل مائتي مرة ، وأن دول أوربا دخلت المسيحية بحد السيف ، لا بتعاليم المسيح . وأنهم يرددون كلمةً لا يؤمن بها أحد منهم ، وهي : ” من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر ” .
ويستشهد على صدق هذا الرجل بما كتبه راهب آخر ، نشر كتاباً سماه : ” المسيحية والسيف ، وثائق إبادة هنود القارة الأمريكية على أيدي الغزاة المسحيين ” [6] ، ووصف فيه الملوك المسيحيين بالدمويين الذين ارتكبوا مجازر تقشعر منها الجلود وترتعد منها الفرائص في الأراضي التي دخلوها واحتلوها وأدخلوا شعوبها في المسيحية بأدوات الحرب لا بتوجيهات المسيح ” [7] .
أما انتشار الإسلام سلما ، فقد استشهد عليه بإسلام التتار والمغول ، وإسلام ماليزيا وأندونيسيا ، كما قوى استشهاده برأي الكاتب الأمريكي الشهير أليكس هيلي الذي قال في كتابه ” الإسلام في مفترق الطرق ” : ” إن اتهام الجيوش المسلمة بأنها خرجت تخضع الشعوب كلها بالقهر وحد السيف للإسلام هو أسخف خرافة رددها الناس في التاريخ ” .
بقي أمر جدير بأن نشير إليه ، وهو أن الكاتب يعرض لبعض الأوهام التي صارت عند طائفة كبيرة من الناس ، وكأنها من الحقائق المطلقة ، بسبب التضليل الإعلامي ، فيأتي عليها الكاتب من القواعد لبطلانها ، سواء أ تعلق الأمر بأحداث من التاريخ القديم ، أم بوقائع من التاريخ المعاصر .
وحسبنا هذا المثل من التاريخ المعاصر ، فقد رد خرافة شاعت ، وهي الإسلام هدم الحضارات التي سبقته ، ويستشهدون بفعل لطالبان ، وهي أنهم هدموا تماثيل بوذا ، في حين : ” أن أفغانستان فتحت في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ، وظلت تماثيل بوذا أربعة عشر قرناً ، وعاش طالبان مع تماثيل بوذا خمسة أعوام ، ولما جاءت الأقلية الشيعية وحاولوا الاتفاق مع البوذيين واليابان لإسقاط نظام طالبان فهدموها ، فالعمل السياسي دفع الطالبان إلى هدمها ” .
وتلك حقيقة كانت تغيب عن كثير من الناس .
ولو أردنا استقصاء ما يشد القارئ من هذا الكتاب لطال بنا الحديث . ولكني أطمئن القارئ صادقاً على أن عَيْبتَهُ [8] الإيمانية والعلمية ستجد في ما هو بين يديه من الكتاب ما يزكيها .
وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب .
* رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية .
[1] Michel de Montagne: Essais 1580/ وقد قع وهم في كتاب الدكتور عز الدين إسماعيل : ” الفنون الأدبية ” حيث ذكر تاريخ 1850 بدلاً من 1580 . وما أحسبه إلا خطأً من الناشر .
[2] ينظر في ذلك الكتاب المذكور آنفاً : الفنون الأدبية لعز الدين إسماعيل .
[3] راجعه علي الطنطاوي ، وحققه ناجي الطنطاوي ، دار الفكر ، دمشق ، الطبعة الأولى 1980 – 1960 .
[4] صيد الخاطر ، ص 5 – 6 .
[5] نفس المرجع : 33 .
[6] يقول الدكتور جلال محمد صالح ، على موقع ” رابطة علماء إرتيريا ” : ” يعد كتاب ” المسيحية والسيف ” من أهم وثائق إبادة هنود القارة الأمريكية ، على أيدى النصارى الإسبان ، كتبه المطران برتلومي ديلاس كازاس ، وهو شاهد عيان ، قص فيه ما رآه ووثقه بأم عينيه ، وترجمه سميرة عزمي الزين ، ولم يذكر الناشر اللغة التي ترجم منها ، وربما كانت الاسبانية ، وهو من منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية . وكتب مقدمته الناشر نفسه ، وصدرت أول طبعة له بالعربية ، عام ١٩٩١م ، وهو متوسط الحجم ، في حدود خمس وتسعين صفحة . وحسب مقدمة الناشر، ولد كاتبه – المطران برتلومي – عام ١٤٧٤م ، في قشتالة الاسبانية ، ومات معزولاً في إسبانيا ” ، لأربعاء 1 يناير 2025 ميلادي – الموافق 1 رجب 1446 هجري .
[7] خواطر ، ص 23 .
[8] سمى ابن رشيد السبتي رحلته : ملءُ العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين إلى مكة وطَيبَة .