دور الغزو الفارسي في إنهاء دولة ” النباهنة ” وإنشاء دولة ” اليعاربة “
مارس 24, 2025نظرة على ترجمة ( محمد مارمادوك ) بكتال لمعاني القرآن الكريم ومميّزاتها
مارس 24, 2025دراسات وأبحاث :
تجليات الأمثال في القرآن الكريم
الدكتور إيم بشير *
نزل القرآن الكريم من الله تبارك وتعالى كتاب تشريع وتربية وكتاب هداية وإصلاح لإلقاء النور الساطع على مسارات البشرية ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وذلك بلسان عربي مبين . فالذي يقرأ هذا الكتاب العجيب يجد فيه ألفاظاً سهلةً وأسلوباً جذاباً . ومن أكبر ميزاته كثرة الأمثال والمجاز ، كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) [ الزمر : 27 ] ، وقال من جل شأنه : ( وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [ الحشر : 21 ] ، وبين ربنا تبارك وعلا : ( وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ ) [ العنكبوت : 43 ] .
ودل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل القرآن آمراً وزاجراً ، وسنةً خاليةً ، ومثلاً مضروباً ( رواه الترمذي ) [1] .
القارئ المنصف يرى في الأمثال القرآنية فوائد كثيرةً مثل تبسيط المفاهيم والأخلاق الدينية بطريقة سهلة ومفهومة ، والتوجيه الأخلاقي لتقديم قيم ومبادئ أخلاقية توجه السلوك الإنساني نحو الخير والعدالة ، وتشويق للتأمل والتفكير العميق في معانيها ، مما يعزز فهم الناس للعظمة الدينية ، والحث على التقرب من الله كما تحث هذه الأمثال على الفعل الصالح وتحذر من السلوك الضار ، مما يشجع على التقوى والتقرب من الخالق . وكذلك تحتوي الأمثال القرآنية على تحذيرات من بعض السلوكيات الضارة وتقديم إرشادات لحياة مثلى .
فهذه الأمثال تشكل جزءاً أساسياً من الطريقة التي يستخدمها القرآن لتوجيه وتعليم الناس جميعاً .
معنى المثل لغةً :
الأمثال جمع من المِثل والمثَل ، وهو كلمة تَسْوِيَةٍ ، يقال : هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه وشَبَهُه [2] .
اصطلاحاً :
تطلق كلمة المثل في معان ثلاثة [3] : (أ) الشبيه والمثل (ب) القول السائر (ج) الشأن الغريب .
أنواع الأمثال في القرآن :
وقد قسم علماء التفسير والبيان الأمثال المذكورة في القرآن إلى أنواع ثلاثة : (ا) الأمثال المصرحة الواضحة (ب) الأمثال الكامنة الخفية (ج) الأمثال المرسلة دون استخدام لفظة المثل أو أداة التشبيه [4] .
(أ) الأمثال الصريحة :
فمن الأمثال الصريحة التي صرح فيها بلفظ المثل أو ما يدل على التشبيه قوله تعالى في شأن المنافقين : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ . صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ . أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ . يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [ البقرة : 17 – 20 ] .
في هذه الآيات ضرب الله للمنافقين مثلين مثلاً نارياً في قوله تعالى : ( كَمَثَلِ الذِي استوقد ناراً . . . ) لما في النار من مادة النور ، ومثلاً مائياً في قوله : ( كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ . . . ) لما في الماء من مادة الحياة ، وقد نزل الوحي من السماء لاستنارة القلوب وحياتها ، وذكر الله حظ المنافقين في الحالين ، فهم بمنزلة من استوقد ناراً للإضاءة والنفع حيث انتفعوا ماديـّاً بالدخول في الإسلام ؛ ولكن لم يكن لهم أثر نوري في قلوبهم ، فذهب الله بما في النار من الإضاءة ( ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ) وأبقى ما فيها من الإحراق ، وهذا مثلهم الناري [5] .
وفي المثل المائي حولهم ، شبَّههم بحال من أصابه مطر فيه ظلمة ورعد وبرق ، فخارت قواه ووضع إصبعيه في أذنيه وغمض عينيه خوفاً من صاعقة تصيبه ؛ لأن القرآن بزواجره وأوامره ونواهيه وخطابه نزل عليهم نزول الصواعق .
ونرى في هذين المثلين نقطةً أخرى ، وهي أن المنافقين أنواع أو نوعان على الأقل ؛ نوع قد ذهب الله بنورهم نهائيّاً ، وهم أهل الكتاب أو المنافقون من بين المسلمين الذين رجعوا إلى كفرهم بعد أن أسلموا ، فطبع الله على قلوبهم فلا يرجى عودتهم إلى الإيمان مستقبلاً فهم صم بكم عمي لا يرجعون ، ومنهم مذبذبون ( كُلَّمَا أَضَاءَلَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وإِذَا أظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ) يعني لم يذهب الله بنورهم تماماً ولم يطبع على قلوبهم فيمكن لهم أن يتوبوا ويتم لهم التوفيق للحق من الله تعالى ، ولكن إذا استمروا على ذلك الوضع لفترة يمكن أن يطبع الله على قلوبهم ، ولذلك حذرهم وقال عنهم : ( وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وذلك النوع الثاني أقل درجةً في النفاق ولم يتحول إلى الكفر نهائيّاً حتى الآن .
وذكر الله المثلين – الناري والمائي – في سورة الرعد للحق والباطل فقال تعالى : ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ ) [ الرعد : 17 ] .
شبه الله الوحي الذي أنزله من السماء لحياة القلوب بالماء الذي أنزله لحياة الأرض بالنبات ، وشبه القلوب بالأودية ، والسيل إذا جرى في الأودية احتمل زبداً وغثاءً ، فكذلك الهدى والعلم إذا سرى في القلوب أثار ما فيها من الشهوات ليذهب بها ، وهذا هو المثل المائي في قوله : ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً . . . ) وهكذا يضرب الحق والباطل ، وذكر المثل الناري في قوله : ( وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ . . . ) فالمعادن من ذهب أو فضة أو نحاس أو حديد عند سكبها تخرج النار ما فيها من الخبث ، وتفصله عن الجوهر الذي ينتفع به فيذهب جفاءً . فكذلك الشهوات يطرحها قلب المؤمن ويجفوها كما يطرح السيل والنار ذلك الزبد وهذا الخبث .
(ب) أمثال كامنة خفية :
ومن الأمثال الكامنة التي لم يصرح فيها بلفظ التمثيل ، ولكنها تدل على معان رائعة في الإيجاز ، وهي تتضمن كثيراً من معاني الأمثال الرائجة المترددة بين عامة الناس والجماهير ، مثلاً هناك قول ومثل مشهور ” خَيرُ الأمورِ أَوْسَطُهَا ” فيتضمن مثل هذا المعنى قوله تعالى في سورة البقرة : ( لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ ) [ البقرة : 68 ] ، وقوله تعالى في النفقة : ( وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَفْتُرُوا ، وَكَانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوَاماً ) [ الفرقان : 67 ] ، وقوله تعالى في الصلاة : ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصلوٰتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً ) [ الإسراء : 110 ] ، وقوله تعالى في الإنفاق أيضاً : ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) [ الإسراء : 29 ] .
وكذلك ذاع بين الناس استعمال مثل سائر : ” ليس الخبرُ كالمُعَايَنَةِ ” ، فيتضمن هذا المعنى قوله تعالى حول سيدنا إبراهيم عليه السلام : ( قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَىٰ وَلٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) [ البقرة : 260 ] . وهناك مثل سائر بين الجماهير وهو من حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” كما تدين تدان ” ، وفي ذلك المعنى قوله تعالى : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوْءاً يُجْزَ بِهِ ) [ النساء : 123 ] ، وهكذا أمثال كثيرة وأقوال عديدة في القرآن الكريم تتضمن معاني الأمثال والحِكم الشهيرة بين العامة والخاصة من الناس [6] .
(ج) أمثال مرسلة :
أن هناك أجزاء آيات كثيرة للقرآن أصبحت أمثالاً سائرةً بين الناس من المسلمين وغيرهم ، وهذا هو النوع الثالث من الأمثال القرآنية ، ويقال لها الأمثال المرسلة ، ومن أمثلتها ما يأتي :
- ( الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ ) [ يوسف : 51 ]
- ( قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ) [ يوسف : 41 ]
- ( أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ ) [ هود : 81 ]
- ( وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ ) [ فاطر : 43 ]
- ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ ) [ الإسراء : 74 ]
- ( وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) [ البقرة : 216 ]
- ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِيْنَةٌ ) [ المدثر : 38 ]
- ( هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَان ) [ الرحمن : 60 ]
- ( كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فِرِحُونَ ) [ المؤمنون : 53 ]
- ( ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) [ الحج : 73 ]
- ( لاَ يَسْتَوي الخَبِيْثُ وَالطَّيِّبُ ) [ المائدة : 100 ]
- ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيْرَةً بِإِذْنِ اللهِ ) [ البقرة : 249 ]
- ( تَحْسبَهُمْ جَمِيْعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) [ الحشر : 14 ] إلى غير ذلك من الأمثال .
أغراض الأمثال القرآنية :
وردت في القرآن الكريم أمثال ذات مقاصد معينة ، منها ما يلي :
(أ) تقرير حال الممثل في النفس : كما في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لَا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) [ البقرة : 264 ] .
يُضرب المثل لتقرير حال الممثل في النفس ، حيث يكون الممثل به أوضح من الممثل ، أو يكون للنَّفْسِ سابقة ألفة وائتناس به ، كما ضرب الله مثلاً لحالِ المنفق رِياءً ، حيثُ لا يَحْصُل من إنفاقه على شيئ من الثواب ، فقال تعالى : ( فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ) ، فقد مثَّل حال المرائي في إنفاقه بحال الحجر الأملس يكون عليه تراب ، فيصيبُه مطرٌ غزير ، فيذهبُ بِما عليه من تراب ، فأعمال المُرائي مثل التراب الذي كان على الحجر ، فإنَّها تذهب هباءً ، ولا يجد لها ثواباً ، وفي هذا المثل تقرير لخيبة المرائي على وجه أبلغ ما يكون .
(ب) الترغيب في الممثل : ويُضرب المثل للترغيب في الممثل ، حيثُ يكون الممثل به مِمَّا تستَحْسِنُه النفوس وترغب فيه ، كما ضرب الله مثلاً لحال المُنْفِق في سبيل الله ، حيث يعود عليه الإنفاق بخير كثير ، فقال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) .
(ج) التنفير : ويُضرب المثل للتنفير ، حيثُ يكون الممثل به مما تكرهه النفوس وتنفر منه ، كما ضرب الله مثلاً لحال المغتاب ، فقال تعالى: ( يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) [ الحجرات : 12 ] ، وليس من شكٍّ في نفور الطِّباع من أكل لحم الأخ وهو ميت ، فينبغي أن يكون نفوره من الغيبة بِمقدار هذا النفور .
(د) المدح : ويضرب المثل لمدح الممثل ، حيث يكون في الممثل به صفات تستحسنها النفوس ، وتمدح من يحرز مثلها ، كما ضرب الله مثلاً لحال الصحابة رضي الله عنهم فقال تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) [ الفتح : 29 ] ، فالزرع يخرج شطأه ، وهو ما تفرع في شاطئيه ؛ أي جوانبه ، ثم يقوى ويستغلظ أي يصير بعد الدِّقَّة غليظاً ، وكذلك حال الصحابة ؛ فإنَّهم كانوا في بدء الأمر قليلاً ، ثم أخذوا في النمو ، حتى استحكم أمرهم ، وامتلأتِ القلوب إعجاباً بعظمتهم .
(ه) الذم : ويضرب المثل للذَّمِّ ، حيث يكون للممثل به صفة يستقبحها الناس ، ويذمون من رضي لنفسه بمثلها ، كما ضرب الله مثلاً لحال من آتاه الله كتابه ، فنكث يده من العمل به ، وانحط في أهوائه ، فقال تعالى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [ الأعراف : 176 ] ، فقد مثلت الآية حال العالم المنحطِّ في أهوائه بحال الكلب ، الذي هو أخبث الحيوان وأخسها نفساً ، ذلك أن المنحط في أهوائه شديد اللهف على الدنيا ، قليل الصبر عنها ، فلهفه نظير لهف الكلب الدائم في حال إزعاجه وتركه .
(و) الاحتجاج : ويضرب المثل في مقام الاحتجاج ، حيث يلزم من تسليم الممثل به ، وإدراك أن الممثل مطابق له – الرجوع إلى الاعتقاد بالحق ، كما ضرب الله مثلاً للدلالة على أنه الإله الحق ، وأن الأوثان لا تستحق أن تعبد ، فقال تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [ الزمر : 29 ] .
فقد دلَّ بالمثل على عجز الأصنام عن أن تنفع عابدها بشيئ ؛ إذ مثَّل حالَها بِحال العبد المملوك الذي لا يقدِرُ على شيئ ، ودلَّ على كمال قُدرتِه ؛ إذ جعل في مقابلة العبد المملوك الممثل للأصنام مَن اتسع رزقه وكان ينفق منه كيف يشاء ، ومن له مُسكة من العقل لا يتولى العاجز بالعبادة ، ويدع عبادة القادر على كل شيئ .
كثرة الأمثال في القرآن الكريم :
ورد في القرآن الكريم 43 مثلاً صريحاً كما بين ابن قيم الجوزية [7] . وأما الأمثال الخفية والمرسلة فعددها أكثر من ذلك ، نذكر بعضاً من أهمها سوى ما ذكرنا في هذه المقالة :
- ( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ) [ الرعد : 17 ] .
- ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) [ يونس : 24 ] .
- ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ) [ هود : 24 ] .
- ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) [ العنكبوت : 41 ] .
- ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [ النور : 35 ] .
- ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) [ النور : 39 ] .
- ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) [ الفرقان : 44 ] .
- ( ضَرَبَ لَكُم مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) [ الروم : 28 ] .
- ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [ النحل : 75 ] .
- ( فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ، كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ، فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) [ المدثر : 49 – 51 ] .
- ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [ الجمعة : 5 ] .
- ( مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ) [ إبراهيم : 18 ] .
- ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) [ إبراهيم : 24 ] .
- ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) [ إبراهيم : 26 ] .
- ( وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ) [ الحج : 31 ] .
- ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) [ الحج : 73 ] .
- ( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) [ البقرة : 171 ] .
- ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) [ البقرة : 261 ] .
- ( مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) [ آل عمران : 117 ] .
- ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) [ التحريم : 10 ] .
- ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) [ التحريم : 11 ] .
- ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ) [ البقرة : 26 ] .
- ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ) [ الكهف : 45 ] .
- ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) [ الحديد : 20 ] .
- ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ . . . . . . يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) [ يس : 13 – 30 ] .
- ( إِنّا بلوْناهُمْ كما بلوْنا أصْحاب الْجنّةِ إِذْ أقْسمُوا ليصْرِمُنّها مُصْبِحِين . . . .. . . كذلِك الْعذابُ ولعذابُ الْآخِرةِ أكْبرُ لوْ كانُوا يعْلمُون ) [ القلم : 33 – 17 ] .
- ( وَاضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً . . . . وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً . هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً ) [ الكهف : 32 – 44 ] .
الخاتمة :
لقد أعجب القرآن العرب والعجم بما يحتوي من الأمثلة الكثيرة ، كما شهد به الباحثون والمفكرون شرقاً وغرباً . هذه الأمثال والحكم تحمل قيماً كثيرةً وعبراً عاليةً ، تتجلّى أهميتها فيما تمتلكه من قدرة مؤثرة في النفوس البشرية ، وانفعالها من خلال البراعة في التصوير ، والقدرة على التشخيص ، وقوة الحركة ونقل الصورة من الفكر المجرد إلى الحسّ المشاهد المتحرك ، وهذا أدعى إلى إيقاظ همم المخاطب ، وبعث كوامن نفسه ، واستنهاض أحاسيسه ومشاعره وانفعالاته ؛ للإقبال نحو تحقيق غرض التمثيل وغاياته .
ويتحقق هذا من خلال فنون التشبيهات والاستعارات ، والنظائر التي ترسم علاقة المشابهة والمماثلة بين ما هو عقلي بما هو حسّي ، زيادة في توضيح الصورة ، وتبييناً لها على أكمل وجه .
* كيرالا – الهند . mbmua1996@gmail.com
[1] الترمذي ، محمد بن عيسى ، سنن الترمذي الجامع الكبير ، وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية .
[2] ابن منظور ، لسان العرب ، دار المعارف ، الجزء 14 ، ص 18 .
[3] الزاوي ، الأستاذ الطاهر أحمد ، ترتيب القاموس المحيط ، دار المعرفة ، ج 4 ، ص 203 .
[4] مناع القطان ، مباحث في علوم القرآن ، مكتبة وهبة ، القاهرة ، 2000م ، ص 278 .
[5] العنزي ، عبد الله بن يوسف الجديع ، المقدمات الأساسية في علوم القرآن ، مركز البحوث الإسلامية ، 2004م ، ص 120 .
[6] جمال الدين محمد بن أحمد عقيلة ، الزيادة والإحسان في علوم القرآن ، مركز البحوث والدراسات ، بجامعة الشارقة ، 2008م ، المجلد الثالث ، ص 230 .
[7] ابن قيم الجوزية ، كتاب الأمثال في القرآن الكريم ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، ص 42 .