تاريخ الصحافة العربية سابقاً ودورها في نشر الأدب العربي

دور الحديث النبوي صلى الله عليه وسلم في توسعة نطاق الأدب العربي
يوليو 25, 2020
بين الطاعون و ” كورونا فيروس ” أسبابه وتعليمه
يوليو 25, 2020
دور الحديث النبوي صلى الله عليه وسلم في توسعة نطاق الأدب العربي
يوليو 25, 2020
بين الطاعون و ” كورونا فيروس ” أسبابه وتعليمه
يوليو 25, 2020

دراسات وأبحاث :

تاريخ الصحافة العربية سابقاً ودورها في نشر الأدب العربي

( الحلقة الثانية الأخيرة )

د . سعيد بن مخاشن *

أدوار الصحافة :

إن عصر الاحتلال كان أرقى العصور بلغت فيه الصحافة العربية إلى قمتها وأوج كمالها ، وسبقت بلاد مصر على أخواتها لأنها صارت محط رجال أرباب الأقلام وعشاق الحرية وطلاب الرزق من سائر    الأقطار ، لأن الصحافة كانت تواجه الضغط الحكومي والفادحات العنيفة في البلاد الأخرى . وقد قسم جرجي زيدان هذا العهد إلى ثلاثة أدوار ، فيقول : ” أما بالنظر إلى الصحافة فيقسم هذا العصر إلى ثلاثة أدوار : الدور الأول من تولي عباس عام 1892م إلى ظهور ” اللواء ” عام 1900م ، والثاني من ظهور ” اللواء ” إلى عام 1910م ، والثالث من عام 1910م إلى 1914م .

الدور الأول من عام 1892م – 1900م :

فالدور الأول نضج فيه ” المقطم ” و ” المؤيد ” ، واشتدت ساعداهما وحمي وطيس الجدال بينهما . وتكاثر ظهور الجرائد الأسبوعية ، ولا بد لكل منها أن تقلد الأخرى ، فصارت أكثر الصحف سواءً مقطميةً أو مؤيديةً – إما مع الاحتلال أو عليه – إلا ” الأهرام ” فإنها ثبتت في خطتها . أما الجرائد القبطية فهي على الإجمال احتلالية .

وبلغ عدد الصحف التي صدرت في هذا الدور ، أي من عام 1892م – 1900م نحو مأة وخمسين صحيفة ، أي صدر منها في ثماني سنوات نحو ما صدر قبلاً في 63 سنة . ومن أسباب كثرتها إطلاق سراح المطبوعات . وكان الصحفيون قبل ذلك لا يقدرون على إصدار الجريدة إلا بعد دفع التأمين أو تقديم الضمان والقبول بكل القيود والشروط . ولكن أكثر الصحف التي صدرت في هذا الدور علمية أو أدبية لأنها أقل نفقةً وتعباً .

الدور الثاني من 1900م – 1910م :

ويمتاز هذا العصر باشتداد الحركة الوطنية ضد الاحتلال وكثرة تحدث الناس في العرش العثماني والخلافة الإسلامية . وكان قد بدا ذلك بعد انتصار الدولة العلية على اليونان عام 1897م ، ويمتاز أيضاً بنمو الشعور الوطني على يد مصطفى كامل صاحب ” اللواء ” ، وكانت الصحف قبله تذكر المحتلين بوعودهم وتستطيل بقاؤهم .

أما مصطفى كامل فإنه صرح بانتقاد الحكومة ، ودعا المصريين إلى المطالبة بجلاء الإنجليز عن بلادهم تنفيذاً لوعدهم . وسافر إلى أوروبا للسعي في هذا السبيل بالخطابة والكتابة والتحريض مما تراه مفصلاً في ترجمة حياته بمجلة ” الهلال – رقم 6 وعام 16 ” ، وأخيراً أنشأ الألوية الثلاثة بالعربية والفرنسية والإنجليزية ، وألف شركة مالية لإنشائها وهي أول شركة صحفية بمصر .  وجعل خطة ” اللواء ” التشديد في طلب الجلاء والاحتجاج على إنجلترا . وأبدى في جهاده من الجرأة والحزم ما لم يسمع بمثله في مصر .

وأصبح للصحافة في ذلك الدور مميزات ، أهمها :

  1. إنشاء الجرائد بشركات مالية تجمع بالأسهم من المتمولين الوطنيين . وأول من فعل ذلك بمصر مصطفى كامل صاحب ” اللواء ” . فاقتدى به سواه فظهرت ” الجريدة ” بشركة مؤلفة من أعيان المصريين . وتحول ” المؤيد ” إلى شركة مالية .
  2. كبر حجم الجرائد الوطنية وصارت ثماني صفحات .
  3. صار للصحافة تأثير في نفوس الوطنيين ، وكثر قراؤها ، واهتمت الناشئة بها ، وظهرت فيها روح الحماسة .
  4. تشكلت الأحزاب لنصرة الصحف وأعلاها صوتاً ” الحزب الوطني ” ورئيسه مصطفى كامل .
  5. تكاثرت الصحف الوطنية ، وكانت الصحافة العربية المصرية قبل ذلك أكثرها في أيدي السوريين ، فأصبح أكثرها في أيدي المصريين .
  6. تنوعت موضوعات الصحف واتسعت دائرة مكاتباتها ، وتفننت في عناوينها .
  7. صار لها نفوذ لدى الحكومة .
  8. كانت محصورةً في مصر والإسكندرية تقريباً ، فظهرت في كثير من مدن الأرياف .
  9. تألفت لها نقابة اشترك فيها أرباب الصحف على اختلاف لغاتها .

الدور الثالث من عام 1910م – 1914م :

على أن الحرية المحدودة التي نالتها الصحافة المصرية في عهد كرومر لم تدم ، ولا سيما بعد إبداله بغورست . وكان غورست متساهلاً فاشتدت الأقلام ، ورافق ذلك مقتل بطرس ( باشا ) غالي رئيس الوزراء عام 1909م ، فنسب بعضهم قتله إلى الروح الوطنية المشار إليها . واتجهت أفكار الاستعمار إلى وضع حد لذلك ، وتوفي غورست وخلفه اللورد كتشنر وهو يعرف مصر ويفهم لسان أهلها . فاقتضت سياسته التضييق على الصحافة ، لاعتقاده أن إطلاقها يضر بمصالح الإنجليز ، ويؤجج الحماسة في الشباب . وفي أيامه أقفل ” اللواء ” و ” العلم ” و ” مصر الفتاة ” وغيرها من الجرائد  الوطنية ، وتناول الإقفال غيرها أيضاً . وأصبحت الحكومة تسحب في الترخيص لإنشاء الصحف الجديدة ، ولم يبق من الجرائد الكبرى بمصر إلا عدد قليل يعد على الأصابع [1] .

نظرة على أهم الصحف والمجلات العربية :

  • صحيفة ” الوقائع المصرية ” أنشأها محمد علي في تشرين الثاني من عام 1828م بعناية الدكتور ” كلوت بك ” مؤسس مدرسة قصر العيني الطبية .
  • جريدة ” السلطة ” الصادرة عام 1857م لصاحبها إسكندر شلهوب .
  • جريدة ” حديقة الأخبار ” التي ظهرت عام 1858م لصاحبها خليل الخوري .
  • جريدة ” الجوائب ” التي أنشأها أحمد فارس الشدياق في الآستانة عام 1860م ، قد طافت معظم المناطق والبلاد العربية والعثمانية .
  • مجلة ” اليعسوب ” الطبية التي صدرت بصورة شهرية عام 1865م في مصر باللغة العربية لصاحبها إبراهيم الدسوقي ومحمد علي البعقلي ، وطبعت في مطبعة بولاق على حساب الحكومة المصرية .
  • جريدة ” مرآة الأحوال ” التي أنشأها رزق الله حسون الحلبي في القسطنطنية عام 1866م .
  • صحيفة ” وادي النيل ” الصادرة عام 1866م للكاتب أبي السعود آفندي ، كانت تصدر بالقاهرة مرتين في الأسبوع في حجم ” الهلال ” تقريباً ، وتعطلت بعد وفاة صاحبها عام 1878م .
  • جريدة ” نزهة الأفكار ” أصدرها إبراهيم بك المويلحي ومحمد بك عثمان جلال عام 1869م ، لم يصدر منها إلا عددان فألغاها إسمعاعيل خوفاً من لهجتها .
  • جريدة ” التقدم ” التي صدرت عام 1870م لصاحبها يوسف الشلغون .
  • مجلة ” روضة المدارس ” أصدرتها وزارة المعارف بإيعاز وزير المعارف لبلاد مصر ، علي مبارك عام 1870م . وهي من أولى الصحف الأدبية صدوراً بإشراف الطهطاوي ، وتولى تحريرها علي فهمي رفاعة ، ونخبة من أعلام الأدب والفكر أمثال عبد الله فكري ، وحسين العرصفي ، وصالح مجدي .
  • جريدة ” الكوكب الشرقي ” التي صدرت في الإسكندرية عام 1873م لصاحبها سليم باشا حموي ، وهي أقدم الصحف السورية المصرية .
  • جريدة ” الأهرام ” أسس هذه الجريدة اللبنانيان سليم وبشارة تقلا في آب 1875م ، وعلي وفق بعض في عام 1876م ، وصدرت في بدء عهدها في الإسكندرية ، ثم نقلت إلى القاهرة عام 1898م إثر وفاة سليم تقلا .
  • مجلة ” المقتطف ” أنشأها يعقوب صروف وفارس نمر أول الأمر في بيروت عام 1876م ، ثم في مصر عام 1884م . أطلق القراء العرب على ” المقتطف ” لقب شيخ المجلات العربية لأنها بلغت عمراً طويلاً استطاعت أن تقتطف كل شهر ثمار معارف الغرب وأبحاثه العلمية وتنقلها إلى العرب .
  • جريدة ” مصر ” أنشأها أديب إسحق وصديقه سليم النقاش عام 1877م .
  • جريدة ” الوطن ” التي ظهرت عام1877م لصاحبها ميخائيل آفندي عبدالسيد . وهي أقدم الجرائد القبطية ، توقفت حيناً بعد الاحتلال ثم عادت إلى الظهور عام 1900م .
  • جريدة ” التبكيت والتنكيت ” أصدرها عبد الله نديم عام 1881م .
  • جريدة ” المقطم ” التي أنشأها يعقوب صروف وفارس نمر في شباط 1889م ، حيث وقفت إلى جانب الإنكليز ودافعت عن سياستهم .
  • جريدة ” المؤيد ” الصادرة في كانون الأول من عام 1889م لصاحبها علي يوسف .
  • جريدة ” اللواء ” التي ظهرت عام 1889م لصاحبها مصطفى كامل زعيم الحزب الوطني .
  • مجلة ” الهلال ” لصاحبها جرجي زيدان ، التي ظهرت عام 1892م في القاهرة ، وكانت من أهم المراجع الأساسية لدراسة البحوث التاريخية والأدبية والعلمية والفلسفية .
  • صحيفة ” الجريدة ” أنشأها أحمد لطفي السيد .
  • جريدة ” المنار ” أسسها رشيد رضا عام 1898م .

* أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابها ، جامعة مولانا آزاد الأردية الوطنية ، البريد الإلكتروني : sayeed_makhashin@yahoo.com

[1] جرجي زيدان : تاريخ آداب اللغة العربية ، مكتبة الحياة 1978م ، ج : 4 ، ص : 59 – 61 .