بين النعماء والضرّاءفي القرآن

شبهة
فبراير 7, 2023
الأصول العملية للتعليم والتربية
مارس 14, 2023
شبهة
فبراير 7, 2023
الأصول العملية للتعليم والتربية
مارس 14, 2023

الدعوة الإسلامية :

بين النعماء والضرّاء في القرآن

الأستاذ عبد الباقي يوسف *

يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ ) ( هود : 9 )  .

الرّحمةُ هُنا ، هِيَ كُلّ نَفعٍ يَنتفِعُ بهِ الإنسانُ من عافيةٍ ، ومالٍ ، وعزٍّ ، ورَخاءٍ ، ونَجاحٍ . لذلك : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا ) . أيْ يتذوَّقهُا الإنسانُ ويَستلِذّ بِها . فاعلَم بأنّ كلّ نِعمةٍ تَرفلُ بها ، هِي رَحمةٌ مِنَ اللهِ سُبحانَهُ وتعَالى لَك . ولولا رَحمةُ اللهِ بك ، ما رَفلتَ بكُلّ هذهِ النِّعَم . لِماذا ؟ لأنّ عطاءَ اللهِ هو أكبرُ مِمّا تَستحِقُّه مهما تقدَّمْتَ في درَجاتِ العِبادَة . ونَظيرُ ذلك ، فقد عفا عنكَ كثِيراً ، وما كُنتَ مُستحِقّاً العَفو ، سَتَرَكَ كَثيراً ، وماكُنتَ مُستحِقاً السّتر ، أنجاكَ منْ مهالِكَ كثيرةٍ ، ما كنتَ مُستحقاً النّجَاة . وكلّ ذلكَ ( رَحْمَةً ) مِنَ اللهِ بك . فتُنَبّهُكَ الآيةُ الكَريمةُ بأنْ تُقدّرَ هذِهِ الرّحمةَ الإلهيَّة ، فإذا نَزَعَ عنكَ شيئاً مِمّا تَرفُل فيه ، تَذَكَّرْ بأنّهُ هو الّذي أذاقَكَ إيّاهُ أوّلَ الأمرِ( رَحْمَةً ) مِنه . أيْ زِيادَةً عن استِحقاقِكَ مَهما كُنتَ عابِداً . فتُوكِلُ أمرَكَ للهِ وتقُول : هو الّذي أعطَى ، وهو الّذي نزَعَ . والخَيرُ فيما يَختارُ اللهُ .

وفي الطَرَفِ الآخَر ، فإنّ الّذي لا يتوكَّلُ على اللهِ : ( إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ ) . يُمسِي فَريسةً للانفِعالاتِ ورُدودِ الأفعالِ . فجاءتْ الكلمةُ الأخِيرةُ مِن الآيةِ الكَريمَةِ بالِغةَ الدِّقة ، وبالِغةَ التّنبِيه : ( كَفُورٌ ) .

إذنْ : ( إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ ) .

الآن ، لِنَنْظُر إلى جماليّةِ الآيةِ الكَريمَة ، مَظهراً وجَوهراً : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ ) .

الكُفرُ هو الإخْفاء . فهُنا لا يُظهِر ما كانَ عليه منْ رَخاء ، ويَنسَى ذلكَ تَماماً ، فيُصابُ باليأسِ نتِيجةً طَبيعيّةٍ لِكُفرِه . في حين أنّهُ لو أسلمَ أمرَهُ للهِ جَلّ جلالُه ، لَمَا قَرَبهُ يأسٌ ، وللَبِثَ في أملٍ برحمةِ اللهِ تَعالى . فاليأسُ هنا هو فُقدانُ الأمَلِ برَحمةِ الله تعالى ، وهذا يُؤدّي بالإنسانِ إلى الكُفرِ مهما كانَ واقِفاً على تاريخٍ منَ العِبادَة . فهذا هو التّنبِيهُ الشّديدُ والدّقيقُ من مَغبّةِ فَسحِ المَجال لليأس ، مَهما تقلَّبَتْ بِك الأحوال ، فدَوماً : ( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ) ( الطلاق : 1 ) .

مراجعة الحسابات :

وهذا ما يجعلُ الإنسانَ يُراجِع حِساباتهِ ، فهَلْ أساءَ استِخدامَ النِّعمَة ، هل أمسكَ يدَهُ عن الإنفاقِ في سَبيلِ اللهِ وكانَ مُقتَدِراً ، هَلْ استهلكَ طاقتَهُ البدنيّةَ في المُنحَرفاتِ ، هل تمادَى من خلالِ مركزِ المَسؤوليّةِ الّذِي أنعمَ بِه اللهُ عليه ، هلْ قلَّتْ عِبادتُه ، هلْ قلَّ شُكرُهُ لله ، هَلْ قلَّتْ قراءتُهُ للقرآنِ نتِيجةَ رَغدِ العيشِ الّذي كانَ يتقلَّبُ فِيه ، هلْ كانَتْ الخُطُواتُ الّتي يَخطُوها في سَبيلِ اللهِ أقلّ من الخُطُواتِ الّتي كانَ يخطُوها في مَعصِيَةِ اللهِ ، هَلْ عيناهُ كانَتا تَنظُرانِ إلى الحَرامِ أكثَر مِمّا كانتَا تَنظُرَان إلى الحَلال . فهُنَا يبلُغُ مَرحلةً إيمانيَّة يُدرِكُ فيها بأنّ النّزُوعَ ذاته كانَ ( رَحْمَةً )  منَ اللهِ تَعالى ، له . فها هُو النّزوعُ قد جعلهُ ينتبِهُ إلى ما لمْ يكُن مُنتَبهاً لهُ ، يَستيقِظُ على ما كانَ غافِياً عنهُ . وهُنا أمرٌ بالِغُ الأهميّةِ ، وهو أنّ اللهَ قَد خلقَ الإنسانَ مُتكامِلاً دُونَ أنْ يتعرَّضَ لأيّ لونٍ مِن ألوانِ المَرَضِ . فلو لبِثَ مأةَ سنَة لا يُمكِنُ لسِنٍّ واحدٍ منْ أسنانِهِ مُجرَّدَ أنْ يَتحرّكَ منْ مَوضِعِه ، لأنّ بدِيعَ السّمواتِ والأرضِ  الّذِي أعطَى عُمراً على سَبيلِ المِثالِ لهذا الشّخصِ مأةَ سَنة ، فكَيفَ يُعطيهِ أسناناً لا تَصلُحُ سِوَى لثلاثِينَ سَنةٍ مَثلاً ، أو كُليتَين لا تصلُحانِ سِوى لأربَعِينَ سنَة ، أو قلباً لا يُؤدّي وظِيفتَهُ بشكلٍ مُمتازٍ سِوَى لخَمسِين سَنة ، أو دَماً لا يَصلُحُ لاعتِدالِ نِسَبِ الدّهونِ أو السُّكّر أو الضّغط فيهِ سِوَى لستّينَ سنَة . وما إلى ذلك . فالإنسانُ الّذي يُعطيهِ اللهُ عُمراً ، يُعطيهِ عافيةً مُتكامِلةً ومُمتازةً جِدّاً لهذا العُمرِ ، وإلاّ لا يَكونُ قد خَلقهُ في أحسَنِ تَقوِيم ، لأنّهُ قدْ أعطاهُ عُمراً ، ولكنْ لَمْ يُعطِهِ بَدَناً يتَناسبُ مع هذا العُمرِ ، فَهُو بعدَ الخَامِسةِ والعِشرينَ مِنْ عُمره بَدأ فَرِيسةً للأمراضِ بسببِ أنّ هذا البدَنَ غيرُ صَالِح ، فَمِن ضَغطِ الدّم ، إلى أمْراضِ السُّكرِ ، والدُّهونِ ، والشُّحُوم ، والنّوباتِ القلبِيّةِ ، وقِلّةِ النّظَرِ ، وسُقوطِ الأسنانِ ، أو الأمراضِ الخَبِيثةِ الّتي أتَتْهُ نَتِيجةَ الوِراثَةِ ، فما ذَنبُهُ حتّى يَرِثَ أمراضاً خَبِيثَة ، وبالتّالِي فلَمْ يُعطهِ اللهُ جِسماً سلِيماً يَصلحُ للعُمر ، حيثُ يُمضِي عُمرَهُ مِن مرَضٍ إلى مرَض ، ويعِيشُ على الأدويَةِ والمُسكّناتِ .

فهذا كلّهُ لا وجُودَ لهُ قَطّ ، بلْ إنّ البدنَ سلِيمٌ تماماً وصالِحٌ تماماً حتّى لو عاشَ الإنسانُ ألفَ سَنةٍ ، فلا يقرَبُه أيّ مرَضٍ مهما كانَ صَغِيراً أو كَبِيراً ، ودَورَتهُ الدّموِيّةُ تَبقى سلِيمةً تَماماً ، وأسنانهُ تكونُ سَليمةً دُونَ أنْ يتحرّكَ سِنٌّ واحدٌ ولو حركةً صغيرةً من موضِعهِ ، وكلّ عضوٍ فيهِ يبقَى مُحافِظاً على سلامَتهِ التامّةِ دُونَ أيّ خلَلٍ إطلاقاً ، بلْ حتّى لا يُمكِن أنْ يَرِثَ أيّ مرضٍ مِنْ أيّ شَخصٍ مَهما كانَ مُقرَّباً منْهُ . لكنّ الّذي يَحصُل هو أنّ الإنسانَ يُقحِمُ الأمراضَ على نفسِه ، فمثلاً يأكُل ويترُكُ بقايا الطّعامِ بينَ أسنانِه ، ومنَ الطّبيعِيّ أنّ قِطعةَ لحمٍ صَغيرةٍ أينَما وضعتَها في مكانٍ ساخنٍ ، مع الوقت تَفسدُ ، وبالتّالِي سَتُكوّنُ مكروبات تنخرُ في هذهِ الأسنانِ فتتحرّكُ وتتَساقَط . وإذا غسلتَ أسنانَكَ بِشكلٍ جيدٍ وما تَركتَ فيها طعاماً ، لنْ تَنخرها مكروبات ، لأنّها لا تكُونُ موجُودةً . ثمّ أنّكَ إذا تناولتَ طعاماً فاسِداً أو مُتّسخاً وغيرَ نظيفٍ بشكلٍ جيّد ، فتُصابُ معدتكَ باضطِرابات ، وقد تُصابُ بتسَمّم ، لأنّكَ أقحمتَ هذا الطّعام غيرَ الفاسِد عليها ، ولولا ذلك لكانَ الأمرُ طبيعيّاً . ثمّ أنك تُفرِطُ في تناولِ الطعامِ دُونَ ضَابطٍ ، ولا تُمارِسُ الرّياضة فتُصابُ بالتّخمَةِ ، وما ينجُم عنْ هذهِ التّخمةِ من عواقِبَ صحّية . مِن هُنا فحتّى الأمراضُ الوراثيّةُ لا يُمكنُ لها أن تقربَكَ إلاّ إذا هيأتَ جَسدكَ لها وجعلتَ الجِهازَ المناعيّ القوِيّ لديك ضَعِيفاً ، مثل أنّكَ تُرهِقُ بدنكَ في العَمل ، أو تَستهلكُ طاقتكَ في بعضِ الانحرافات ، أو تَنفعِل . فعندما تَصرُخ وتتحدّثُ بصوتٍ مرتفعٍ ، تتحشرج نبراتُ صوتِك ، ولكن عندما تتحدَّثُ بهدوءٍ يبقَى صَوتُكَ مُحافِظاً على طبيعتِه . وعلى هذا النّحو تُقحِمُ الأمراضَ على نفسِك : ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ) ( الروم : 36 ) .

فدوماً أنتَ تُقدّمُ السيّئةَ لنفسِك . لكنْ رَغمَ ذلك فإنّ اللهَ عزّ وجلّ يُنقذُكَ منْ هذهِ السيّئة ، ويُنجّيكَ من هذهِ الكارثةِ الّتي ألحقتَها بِنَفسِك ، فيَجعلكَ مرّةً أخرَى واقِفاً على قدَميك . بلْ وُفقَ كُلّ هذا يؤجِرُكَ على مُعاناتِكَ من هذا الأذى الذي سبّبتهُ لنَفسِك . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” ما يُصِيبُ المُسْلِمَ ، مِن نَصَبٍ ولا وصَبٍ ، ولا هَمٍّ ولا حُزْنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ، إلا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ ” [1] . رَغمَ أن هو الّذي تسبَّبَ في هذهِ الشّوكة نتِيجةَ خطأ مِنه ، فلو كانَ على حَذَرٍ ما أصابَتهُ الشّوكَة ، أيْ ليسَ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى هُو الّذي جعلهُ يُشاكُ بهذِه الشّوكة ، بلْ هو الّذي أخطأ حتّى شاكَتهُ الشّوكةُ . وهذا قياسٌ على كلّ أذى يُمكنُ أنْ تُسبّبهُ لنفسِك نَتيجةَ أخطاءٍ تبدُر مِنك .

عِقاب الظلم :

لكنْ هُناكَ أمرٌ آخرٌ في هذهِ المسألَة ، وهُو العِقابُ الّذي يُوقِعهُ اللهُ في الدّنيا على الإنسانِ الظّالمِ . فَمعلومٌ أنّ الإنسانَ الظّالِمَ لا يموتُ قبلَ أنْ يلقَى عِقابَهُ في الدّنيا قبلَ الآخِرة ، وينتَهِي نهايةً مُشينةً بذُلّ . وهذا يحصُل بشكلٍ فرديّ ، وكذلكَ بشكلٍ جماعيّ مثلما حصَلَ مع أقوامٍ ظالِمةٍ كثيرةٍ وردَتْ في القرآنِ الكريم ، كما وردَتْ ألوانُ هذا العِقابِ الّذي تلقّوهُ نتيجة إصرارِهم على الظّلم : ( فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ( العنكبوت : 40 ) .

( فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ . وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ . فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ . وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ . فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ) ( الحاقة : 5 – 10 ) .

لكنْ هذا العِقابُ الّذي يكونُ قاصِماً لا يأتِي بشكلٍ سريعٍ لدى مُمارسةِ الظّلم ، بلْ يكونُ هناكَ تمهِيدٌ حتّى يتراجَع مَن يراجع عنْ ظُلمه ، ولا يبقى سِوَى أهل العِنادِ الشّديد كقولِه سُبحانه وتعَالى عنْ فرعون ومَلَئه : ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ ) ( الأعراف : 133 ) . وهذا يُمكن أن تقِيسه بشكلٍ فرديّ وبشكلٍ جماعيّ في كل زمانٍ ومكان .

ويستجِدّ أمرٌ آخر في هذهِ المسألة وهو الابتِلاء ، فمعلومٌ أنّ الابتلاء هو ليسَ عِقاباً ، من اللهِ ، بلْ امتحاناً : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة : 155 ) .

والابتلاءُ هو بِشارَةُ محبّةٍ منَ اللهِ للإنسانِ المُبتَلى . عن أنس بن مالك عنْ النّبي صلّى الله عليهِ وسلّم : ” إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم ، فمَن رَضي فله الرِّضَى ، ومَن سخِط فله السَّخطُ ” [2] . ويُمكنُ التّمييز بين العِقابِ ، وبينَ الابتِلاء ، وبينَ الأذى الّذي تٌسبّبهُ لنفسِك .

فالظّالِم يعلمُ جيّداً بأنّهُ ظالِم ، كما يعلَم النّاس بأنّهُ ظالِم ، ولذلكَ عندما تشتدّ عليه أمورٌ ، فتكونُ بمثابَةِ الإنذار بوقوعِ الضّربةِ المُهلِكة إذا استمرّ في ظُلمه ، ولمْ يتَّعِظْ . والإنسانُ هُنا يمكنُ أنْ ينتفِعَ كثيراً منْ هذا الإنذار ، فيُراجِعُ نفسَه ، ويرتَدِع ، ويَصلُح . لأنّهُ يدُرِكُ بأنّ الضّربةَ القاصِمةَ في الصّميم أصبحتْ وشيكةً في حالِ عِنادِهِ واستمرارِه في الطّغيان .

ولكن أيضاً يُمكنُ أنْ يتجاهَلَ الإنذار ، ويستمرّ في طُغيانهِ ، وهُنا لابدّ بأيّ حالٍ منَ الأحوالِ منْ تلقّي الضّربةِ القاصِمَةِ في الصّميم والانتِهاء نِهايةً مُشينة ، وقد حصلَ ذلكَ مع كثيرٍ من الحُكّامِ الطّغاة ، وَفقَ مُختلفِ مُستوياتِ الحُكم ، مثل : حُكمِ دولةٍ ، أو حُكم  مَدينة ، أو حكمِ مِنطقَة ، أو حُكم مُؤسّسة ، أو حُكمِ وظيفةٍ في هذه المؤسّسة ، أو حتّى حكمِ الإنسانِ لعائلته .

الابتلاء :

فعليكَ أنْ تكونَ عادلاً حتّى لو كنتَ حانوتياً ، لأنّ الحانوتِيّ العادل يُعزّهُ اللهُ ، والحانوتيّ الجائِرُ يذلّهُ اللهُ ، ولا يستوِي الحانوتيّ الجَشِعُ بالحانوتيّ العادل ، لا عندَ اللهِ ، ولا عندَ النّاس . فدوماً عندما تبيعُ شيئاً تذكَّر : هلْ سينتفِعُ المُشتري بهذا الشيئ ويدعو لكَ بالتّوفيق ، أو يتأذّى بِه ويدعُو عليكَ بعدَمِ التّوفيق . فاعلَم بأنّ شخصاً يدعُو لهُ النّاس بالتّوفِيق ، ليسَ كشخصٍ يدعُو عليهِ النّاسُ بعدَمِ التّوفيقِ عِندَ الله .

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” كان رجلٌ يدايِنُ الناسَ ، فكان يقولُ لفتَاهُ : إذا أتيتَ مُعْسِرًا فتجاوزْ عنه ، لعلَّ اللهَ أنْ يتجاوَزَ عنَّا ، فلَقِيَ اللهَ ، فتجاوَزَ عنْهُ ” [3] .

والابتلاءُ هنا مُختلفٌ تماماً ، فهو محبّةٌ منَ الله ، وهذا الشّخص يكونُ حبيبَ اللهِ عزّ وجلّ ، فيمتَحِنهُ في بعضِ تقلّباتِ الحياة ، فيزدادُ هذا الشّخص المحظوظُ معرفةً للهِ أكثر ، بحيث يعرفُ أشياءً لم يكن يعرِفُها ، وهكذا يقوَى إيمانُهُ أكثر ، فلا يتذمَّر ، ولا يستَاء ، بل يصبِر ويحتَمِل وينتَظِر الفَرجَ .  فلا شيئَ يُظهِرُ معادنَ النّاسِ الحقيقية بقدرِ الشّدائد ، وحقيقةُ الإنسانِ تتجلّى عندما يُصبحُ في شدّة . أحياناً تتأسَّفُ على شخصٍ تحوَّلَ أمامكَ من شخصٍ إيجابيٍ إلى شخصٍ سلبيّ عندَ وقوعِ أزمةٍ عليه ، فتقولُ : ما كانَ هكذا ، ولكنّ الأزمةَ غيَّرَته . والحقِيقَة هو كان هكذا ، ولكنّ الأزمةَ هي الّتي أفصحَتْ عن معدَنهِ الحقيقِي . وأحياناً تتعجَّبُ لشخصٍ تحوَّلَ أمامكَ من شخصٍ سلبيٍّ إلى شخصٍ إيجابِيّ عندَ وقُوعِ أزمةٍ عليهِ . فتَقُول : ما كانَ هكذا ، ولكنّ الأزمةَ غيَّرَته . والحقِيقة هو كانَ هكذا ، ولكنّ الأزمةَ هيَ الّتي أفصحَتْ عن معدنهِ الحَقِيقيّ .

تبقَى مسألةُ أنّكَ تُلحِقُ الأذَى بِنَفسِك ، وهذا يتبيَّنُ لكَ مثل أنّكَ لا تغتَسِلُ بشكلٍ جيّدٍ فتَظهرُ نتوءاتٌ على جسدِكَ ، ويمكن أن تتحوَّلَ إلى أمراضٍ جلديّة ، أو تعرّضُ نفسكَ لبردٍ شدِيد ، أو لحرٍّ شدِيد ، أو تُفرِطُ في الطّعام ، أو تُفرِطُ في السّهَرِ ، أو تُرهِقُ بدَنكَ في العمَل ، أو تحمِلُ أشياءً فوقَ طاقتِكَ فتُصابُ ببعضِ الفتُوق ، أو ببعضِ أمراضِ الفقَرات ،  أو تُجهِدُ أعصابكَ بتفكيرٍ لا طائِلَ منه ، أو تُدمِنُ المُخدّراتِ أو الكحُول ، أو تُهمِلُ نظافةَ فمِكَ ، أو تُهمِلُ صِحّةَ عينَيكَ وتُجهِدهُما بالقِراءة ، أو باستِخدام الأجهزةِ الإلكترونيّة ، بشكلٍ سلبِيّ ، مثل استخدامِها في موضعٍ غيرِ مُضاءٍ ، وهيَ تُسلّطُ الإشعاعاتِ إلى عينَيكَ ، أو تجعلها قَريبةً جِداً من عينَيك ، فكما أنّكَ تُمضِي أوقاتاً طويلةً وأنتَ تنظرُ عن قربٍ إلى هذهِ الأجهزة ، أو عندَ القراءة ، كذلكَ بينَ حينٍ وآخر تُريحُ عينَيك ، فتَخرُجُ إلى طبيعةٍ حتّى تمُدّ نظراتِكَ إلى الطّبيعَة ، فهذا يَجعلُ اعتدالاً مع كُثرِ النّظرِ إلى الأشياءِ القرِيبة ، وأيضاً حتّى إذا خرجْتَ إلى الشّارعِ قد لا تتمكَّنُ من النّظَرِ إلى أشياءٍ بعيدةٍ بسببِ كَثرَةِ الأبنيةِ المُتلاصِقَةِ مع بعْضِها البَعض . فعليكَ أن تذهبَ إلى فُسحةٍ تنظرُ فيها إلى الطّبِيعة ، وكذلكَ إلى أشياء بعيدةٍ ليَمتدّ نظرُكَ  . فقد أعطاكَ اللهُ أعضاءً سلِيمةً ، لكن عليكَ أنْ تصونَها وتَهتمّ بها حتّى لا تَعطُب . وتنظيمُ الوقتِ هامٌّ للغايَةِ هنا ، فتوزّع 24 ساعة بانتِظام . فكذا ساعة للنّوم ، وكذا ساعة للعَمل ، وكذا وقت للتّرفيه ، وكذا وقت لوسائلِ التّواصُلِ الاجتماعِيّ ، وكذا وقت للرّياضة ، وكذا وقت للقِراءة .

عنْ عائِشة رَضيِ اللهُ عنها : ( دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيداً وَهَذَا عِيدُنَا ” ) [4] .

عن حَنظَلة قال : ( كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَعَظَنَا ، فَذَكرَ النَّارَ ، قَالَ : ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلاعَبْتُ الْمَرْأَةَ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ ، فَلَقِينَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ! نَافَقَ حَنْظَلَةُ . فَقَالَ :  ” مَهْ ” . فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ . فَقَالَ : ” يَا حَنْظَلَةُ ! سَاعَةً وَسَاعَةً ، وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ ، حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ ” ) [5] .

فلا تَترُك شيئاً يأخذُ من وقتَ شيئٍ آخر ، ثمّ تأخذُ استراحةً في الأسبُوعِ يوماً كامِلاً تُمضِيهِ مُسترخِياً ومُستمتِعاً بالفرَاغ ، فهذا حقّكَ ويومُ عُطلتِك . ثمّ لو كانتْ إمكاناتكَ لا بأسَ بها يمكنُ أن تَخرُج مع عائلتكَ من المدِينة الّتي تسكُنها إلى مدينةٍ أخرى ، أو إلى دولةٍ أخرى لقضاءِ إجازةٍ نحوَ عشرةِ أيّامٍ على الأقل في السّنةِ مرّةً واحِدَة . فَفِي السّفَرِ فوائدُ جمّة بدنيّةٌ ونفسيّة ، فتعودُ نشيطاً ومُتجدّداً إلى عَملِكَ .

فرحٌ فخورٌ :

ثم يقول سبحانه وتعالى في الآية التالية : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) ( هود : 10 ) .

في الآيةِ السّابِقة : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ ) . وفي هذهِ الآيَة : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) .

فَهُناكَ تشملُ الرّحمَةُ كلّ ما أنعمَ به اللهُ على الإنسانِ ، سَواء أكانَ ظاهِراً ، أم خافياً . فأحياناً ينزَعُ اللهُ نعمةً مِن الإنسانِ ، وهُو لم يكنْ يعلمُ بها ، ولكنْ عندما نُزِعَتْ منه ، عَلِمَ بها : ( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) ( لقمان : 20 ) .

جاءَ في الآيةِ الكريمةِ تخصِيصُ ( نَعْمَاء ) . والكلمةُ فيها ( مَاء ) . والماءُ يكونُ ظاهِراً عِندَما يأتِي منَ السّماء ، أو يكونُ في البِحارِ ، أو الأنهار ، وما إلى ذلك . وفي الكلمةِ أيضاً ( نماء ) . فما ينمُو يكونُ ظاهِراً .

إذَنْ : ( نَعْمَاء ) . أيْ النِّعمةُ الّتي يَظهَرُ أثرُها للعَيان ، مثل : بيتٌ بالغُ الفخامةِ ، سيّارةٌ ثَمينة ، عقارات أو أراضٍ زراعيّةٌ ، شَرِكات ، وما إلى ذلكَ مِمّا لا يَخفى . فالنِّعمةُ تكونُ شاملةً ما ظَهَر وما خفَى . في حِين   ( نَعْمَاء ) . تخُصّ ما ظَهَر .

ثمّ قالَ تَعالى شأنُه : ( بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ ) .  كذلكَ فإنّ  ( ضَرَّاء ) ، ضَررٌ بائِنٌ يتضرَّرُ بهِ الإنسانُ . مثل : أنّهُ كانَ في فَقرٍ مُدقِعٍ ، أو تعرَّضَ لحادثٍ ، أو ألمَّ به داء ، أو أنّهُ لمْ يكنْ يجِدُ فرصةَ عَمَل . والضُرّ يكونُ شاملاً ما ظهَر وما خفَى ، لكن ( ضَرَّاء ) ، تكونُ لِما ظهرَ منَ الضّرَر .

( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ ) .

عند ( نَعْمَاء ) . قال : ( أَذَقْنَاهُ ) . لأنّ الإنسانَ يستَمتِعُ بالنِّعمةِ ويتلذَّذُ بتذوّقِها . وعِندَ ( ضَرَّاء ) . قال : ( مَسَّتْهُ ) . وليسَ ( مَسَسْنَاه ) ، كما الأمرُ بالنّسبةِ لـ : ( أَذَقْنَاهُ ) . وهُنا بيانٌ بأنّ كُلّ ( نَعْمَاء ) . تكونُ مِنَ الله ، وكلّ ( ضَرَّاء ) ، يُسبِّبُها الإنسانُ لِنَفسه .

( مَسَّتْهُ ) . أيْ هِي : ( مَسَّتْهُ ) . وهُو الّذِي جَعلَها تمسّه ، مثل الّذي يَعتَدِي على أموال ، أو أعراضِ النّاس فيلقَى عِقاباً سواءَ من المُعتَدى عَليهم ، أو منَ القانُون ، أو لا يغسِل أسنانَه ، فتُعاقِبه أسنانُه ، أو يتناوَلُ طَعاماً فاسِداً ، فتُعاقِبه مَعِدتُه . ولذلك : ( مَسَّتْهُ ) . فكما هناك يتلذّذُ بالنِّعمةِ وهو يَرفلُ في رَغَدِها ، هُنا : يُعانِي من مَسِّ الضّرَرِ به ، وهو في تَماسٍ مُباشَرٍ مَعه . والمَسّ هُنا بِمعنى الصّعقة ، أي صَعَقَتهُ الضرّاء ، وغدا مصعُوقاً بِها .

هُنا ، يُنجِيه اللهُ تعالى ذكرُه من هذه الصّعقة الّتي صُعِقَ بها ، وليسَ هذا فَحَسب ، بل يقلّبُ حالَهُ تماماً من ( ضَرَّاء ) ، إلى ( نَعْمَاء ) . فإن كان يرزحُ تحتَ وطأةِ ألمِ المَرَض ، رفعَ عنهُ الألم وأنعمَ عليهِ بالعافِية ، وإنْ كانتْ قد كُسِرَتْ بعضُ عِظامهِ ، يرفعُ عنهُ الألم ، ويُعِيدُها لهُ كما كانَتْ ، وإن كانَ فقيراً يرزحُ تحتَ وطأةِ الدّيُون ، يُيَسّرُ لهُ سَدادَ ما عليه ، وكذلِك يجعلُه غنياًّ ، يحتاجهُ النّاس . وإن كانَ في الهامِش ، جعلَ لهُ شأناً ، وإنْ كانَ يائِساً ، بَثَّ فيهِ الأمل ، وإن كانَ مُشَرَّداً ، أواهُ ، وإنْ كانَ مُهَدَّداً ، أمَّنَهُ ، وإن كانَ مُضطَرِباً ، هدَّأه ، وإنْ كانَ فَزِعاً ، طمأنَهُ ، وما إلى ذلكَ من ( نَعْمَاء ) اللهِ على الإنسانِ ( بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ ) . سواء نتيجة أنه ظَلَمَ نفسَه ، أو أنّ أحداً ظَلَمَه . فالمُحَصِّلة : ( أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ ) .

لكن ما الذي قالهُ الإنسانُ الجاحِدُ ، وقد حَصَلَ هذا الانقلابُ الإيجابِيّ الجميلُ فِي حياتِه ؟ : ( لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) . هكذا :        ( ذَهَبَ ) . وليسَ : أذهبَ اللهُ ( السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) . كما لو أنّهُ ( ذَهَبَ ) مُصادفةً مِن تِلقَاءِ نفسِه . والحقِيقةُ أنّ اللهَ سُبحانهُ وتَعالى قد أذهَبَ عنهُ   ( السَّيِّئَاتُ ) . وهي سيئاتُ عواقِبِ الضّراء الّتي ( مَسَّتْهُ ) . وهُنا ذُكِّرَتْ       ( السَّيِّئَاتُ ) . وهي مؤنَّث ، جمعُ سيّئة . وهذا له وجودٌ في القرآن ، مثل :    ( فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) ( النحل : 34 ) .      ( وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) ( الزمر : 48 ) .       ( فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاء سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ) ( الزمر : 51 ) . ( وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) ( الجاثية : 33 ) .

ونَرى هنا حالةً مُشتركةً واحدةً ، وهي تَكُون ( السَّيِّئَاتُ ) فاعِلاً ، فجعلَ القرآنُ الفاعِلَ في الكلِمةِ مُذَكَّراً وهي مؤنَّث . ولمْ يقتصِرْ ذلكَ على هذهِ الكلمة فَحسبْ ، بلْ شمل غيرها أيضاً مثل : ( فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ ) ( البقرة : 275 ) . ( وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) ( آل عمران : 86 ) . ( إِنَّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) ( الأعراف : 56 ) . ( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ )     ( الشورى : 17 ) .

والمُلفِتُ هنا أنّكَ تشعرُ بقوّةِ بلاغةِ القرآن حتّى عندَ تذكيرِ المؤنَّث في سياقٍ ما ، بلْ أنك تشعُر بركاكةٍ فيما لو أُنِّثَ المؤنَّثُ ، ولننظر إلى الرّكاكة : ( لَيَقُولَنَّ ) ذهبتْ ( السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) . هكذا : ذهبت  ( السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) . تَبدو رَكِيكةً . في حين تكمنُ البلاغةُ القرآنيّة في : ( لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) .

لكن هذا لا يكُون قاعدةً في القرآن ، فالمُذكّر مُذكَّر ، والمُؤنَّث مؤنَّث . بل أحياناً ذات الكلمة المؤنّثة ، يُؤنّثها في موضِع ، ويُذكّرها في موضِعِ آخر ، مثل : ( مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) ( البقرة : 213 ) . وفي آل عمران : ( وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) .

وبذلكَ يبقى القرآنُ مُحافِظاً على نُصوعِ بلاغتِه متجنّباً أي رَكاكة .

( إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) . يتفاخَرُ ويتباهى فَرَحاً بأنّ أوضاعَهُ انقلبَتْ رأساً على عَقِب من الضرّاء إلى النّعماء .

ورَدَت في الآيةِ الكَريمةِ ثلاثُ كلماتٍ أساسيَّة : ( نَعْمَاء ) ، ( ضَرَّاء ) ، ( السَّيِّئَاتُ ) . وهي بمثابَةِ العَمودِ الفقريّ لها .

عند ( نَعْمَاء ) ، جاءَ : ( أَذَقْنَاهُ ) .

وعند ( ضَرَّاء ) ، : ( مَسَّتْهُ ) .

وعند ( السَّيِّئَاتُ ) ، : ( ذَهَبَ ) .

فـ : ( نَعْمَاء ) ، لا يُمكِن لها بأيِّ حالٍ منَ الأحوالِ إلاّ أنْ تكونَ بِرَحمَةِ الله ، تكامُلاً مع سِياقِ الآيةِ السّابقة : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ) . والجملة بالِغةُ الدقّة : ( أَذَقْنَا ) . ولِمَزيدٍ من الدقّةِ على الدقّة : ( مِنَّا ) . بنون العَظَمَة . وهذه عِنايةٌ إلهيّةٌ مُباشَرة : ( مِنَّا ) . فمهما كانتْ ظروفُكَ مُتواضِعَة ، وغيرَ مؤاتية ، لا بُدَّ لهذا التحوّلِ الكَبيرِ أن يحصُل ويتحقّقَ الانقلابُ الإيجابيّ في حياتِك . وهذا يشملُ كلّ شيئ حتّى إبعادَ شخصٍ عنك لأنّهُ يُسبّبُ لكَ إزعاجاً ، مثل أن يجعلهُ اللهُ يبتلي بِما يجعله يكفّ إزعاجَه لك . أو تيسير أمركَ للزّواج بامرأةٍ تُشرِقُ معها حياتُك إشراقةً جديدة ، وتُضفِي إليها حَيويّةً جدِيدة ، أو تحوّلٍ في عملك بِما يُحقّق لكَ نفعاً كبيراً ، أو بعض المُستجدّات الّتي تعودُ إليكَ بعوائدَ ماليّةٍ مُمتازة ، أو الشّفاء من مَرضٍ كانَ يُهدّدُ حياتَك ، أو كان يُنغّصُ عليكَ حياتَك ، وما إلى ذلك .

ثُمّ : ( ضَرَّاء ) . وهي حَصِيلةٌ طبيعيَّةٌ لأخطاءٍ يرتكِبُها ، فيُمَسّ بِتَبِعاتِها .

ثُمّ : ( السَّيِّئَاتُ ) : ( لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) . أيْ ( ذَهَبَ ) مسُّ      ( السَّيِّئَاتُ ) عن كاهلي ، بعدَ أنْ كنتُ أرزَحُ تحتَ وبال مَسّ ( السَّيِّئَاتُ ) . فـالآن : ( ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ) . انصَرَفَ عنّي وأراحَنِي .

لذلكَ جاءَ الفَرَحُ بَعدَ ذلِك ، لكنّه ليسَ فَرَحاً مَحمُوداً ، بلْ هو فَرَحٌ مَذمومٌ من صِنْفِ البَاغِي قارون الّذي قالَ لهُ قومُه : ( لَا تَفْرَحْ ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ) ( القصص : 76 ) .

فهو فَرَحٌ مَمزوجٌ بالافتِخارٍ والتّباهي والاستِكبار ، وليسَ فَرَحَ حَمدٍ وشُكرٍ للهِ تَعالى على فَضلِه . وقد كَشَفَت الآيةُ الكَريمةُ النّقابَ عن مَكنُوناتِ هذا الشّخص : ( إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) . فرحَ استِكبارٍ عن شُكرِ اللهِ الّذي تفضَّلَ عليه . وهُنا تنبيهٌ للغافِلِ بأنْ يتجنَّبَ التّفاخُرَ والاستِكبار عندما يتفضَّلُ اللهُ عليهِ برفعِ نقمةٍ واستبدالِها بِنعمةٍ ، بتكريمِه من شخصٍ في الهامش إلى شخصٍ مُعتَبَر ، من عاطلٍ عن العَملِ إلى عملٍ جَيّد . فذلك كلّهُ قد تحقَّقَ له برحمةٍ من الله  ، وليسَ بمَجهوداتِه ، أو مَجهوداتِ أيّ شخصٍ آخر ، وهِي مُجرَّدُ أسبابٍ هيّأها اللهُ سُبحانَه وتعالى . وهذا يعنِي بأنّ على الإنسانِ أن يبذُلَ الجُهدَ ويسعَى نحوَ الأفضل ، ويسأل اللهَ التّوفيق . فما يحصلُ عليه الإنسانُ يكونُ أكثر مِمّا بَذَلَ من جُهد ، فيُحقّقُ لهُ اللهُ أكثرَ مِمّا بذَل رحمةً منه بالإنسانِ . فإذا مرِضَ وهذا منَ الضرّاء ، فعليهِ أن يذهبَ إلى الطّبيب كي يلقَى العِلاج . هُنا فإنّ هذا الدّواء فيه نِسبةٌ من الشِّفاء ، قد تكونُ في أعلى درجاتِها لا تتجاوَز 10% . وهذا لا يكفِي كي يبرأ منَ المَرَضِ الّذي ألمّ به . ولكن اللهَ برحمتهِ يجعلهُ يَشفى من خلالِ هذا العِلاج الّذي سوفَ يتقبَّله الجِسمُ ويتفاعَلُ معهُ بنسبة 100% من خلالِ رحمةِ اللهِ الّتي لولاها لَلبِثَ التّفاعُل بنسبتِه الّتي هي 10% .

ولذلك قال سيّدنا إبراهيم عليهِ السّلام ، وهو خليلُ اللهِ عزّ وجلّ : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) ( الشعراء : 80 ) .  يكون الشّفاءُ منَ اللهِ سُبحانهُ وتَعالى ، لكن لا بدّ من الأخذِ بالأسبابِ واستخدامِ العِلاج ، بِشَرط ألاّ تعقُدَ كُلّ أملِ الشّفاءِ على العِلاج ، أو على مهارةِ الطّبيب ، بل على الله .

فلا يُمكِن لأيّ دواءٍ أن يحمِلَ نسبةً مئويّةً في الشّفاء ، ولا يمكن لأيّ شخصٍ مهما تقدَّمَ في العِلم أن يصنعَ دواءً بنسبةٍ مئويّةٍ في العِلاج . فتأخُذ الدّواءَ وتسألُ اللهَ الشّفاء ، حتّى تُصبح النِّسبة النّاقصةُ في الدّواء مُتكامِلة ، فيكون الله قد شفاك . وإنْ لم يشفِكَ الله ، فلا يمكنُ لكَ أنْ تُشفَى مهما استَخْدَمتَ من أدوِية ، ومَهما عالجكَ أطباءٌ مَهرة ، حتّى لو كانوا أمهرَ أطباءِ الأرض . ولذلكَ لا توجدُ عمليّةٌ جِراحيّةٌ نِسبة نجاحِها مئويّة مَهما كانَتْ صغيرةً أو كبِيرةً . فيمكن لعمليّةٍ بسيطةٍ جداً نسبة نجاحها عاليةٌ جداً ، مثل خلعِ سِنّ ، أن تُودِي بحياةِ إنسان ، ونَظيرُ ذلكَ يمكن إجراء عشر عملياتٍ بالِغةِ الخُطورة ونِسبة نجاحها متدنيّةٌ جداً ، وفي أكثرِ أعضاء الجسدِ خُطورة ، لشخصٍ وتنجح كلّها . ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ) ( الإسراء : 82 ) .

( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ) ( فصلت : 44 ) . والشّافي من أسماء اللهِ الحُسنى . عن عائشة رضِيَ اللهُ عنها : ( أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشتَكَى مِنَّا إِنسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ : ” أَذهِبِ البَاسَ ، رَبَّ النَّاسِ ، وَاشفِ أَنتَ الشَّافِي ، لا شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ    سَقَمًا ” ) [6] .

من هنا فإنّ الدّواءَ الّذي تأخذهُ وأنتَ تقول : بِسمِ الله . وتكونُ مُوقناً بأنّ الله هو الشّافي ، لا يكونُ بأيّ حالٍ منَ الأحوال كدواءٍ لا تذكُر عليه اسمَ الله ، ولا توقِنُ بأنّ اللهَ هو الشّافي . عن أبي هريرة رضِي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ  صلّى اللهُ عليهِ وسلّم : ” ادْعُو الَّلهَ وَأَنتُم مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ، وَاعلَمُوا أَنَّ الَّلهَ لا يَستَجِيبُ دُعَاءً مِن قَلبٍ غَافِلٍ لاهٍ ” [7] .

الاستثناء :

ويبيِّن تعالى شأنُه منزلة الصَبر في ذلك بقوله : ( إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) ( هود : 11 ) .

هكذا يجعلُكَ القُرآنُ تقرؤه بِسَويَّةٍ مُتماسِكَةٍ تفادِياً للتشتّت ، لأنّ القُرآنَ مُتماسِكٌ ، دَقيقُ التّماسُكِ مع بَعضِه بَعضاً .

فهُنا تُستَهلُّ الآيةُ الكَريمةُ باستثناءٍ تَبشيريٍّ من ربِّ العالمِين :         ( إِلاَّ ) . أي يُستَثنَى مِن عواقِب ذلك ( الَّذِينَ صَبَرُواْ )  في السرّاء والضرّاء .

( وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ) . لم ينقطِعُوا عن عَمَل ( الصَّالِحَاتِ ) . سواءً في السرّاء أو الضرّاء . ( أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ ) . وعدٌ منَ اللهِ عزّ وجلّ بمغفرة ما ارتكبُوا من ذنوبٍ جُملةً واحدةً ، حتّى لو كانتْ مِداد الأرض .

( وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) . فإضافَةً إلى كلّ هذه الرّحمةِ الإلهيَّة بهم ، كذلكَ ليسَ فقط : ( وَأَجْرٌ ) . بل : ( وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) . فيغدِقُ عليهم اللهُ تعالى شأنُه بِما في الدّنيا وفي الآخِرة بِما لم يخطْر لهم على بال .

فأنتَ عندما تُؤدّي عملاً كلَّفكَ به مَلَك ، وقال بأنّهُ سيُعطيكَ أجرك وأكثر . رُبّما ستُفكّرُ بالأكثَر أكثر من الأجر ، لأنّهُ أكثرُ الملك ولا بدَّ أنّهُ سيفوقُ الأجر بكثير . فأقصَى ما تتوقَّعهُ من هذا الملك ، لا يبلُغ ذرَّةً واحدةً منَ الأجرِ الكبيرِ الّذي يَعِدُكَ به اللهُ الّذي لهُ المثَلُ الأعلى في السّموات والأرض . فليسَ كمثله شيئ ، وليسَ كعطائهِ عطاء .

فإذَن ، يُبشّركَ الله تعالى ذكرَه بأنّ لك عِنده : ( مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) . إذا اتَّسَمتَ بالصّبرِ وجَعَلتهُ مِنهاجاً في حياتِك ، وواظبْتَ على أعمالٍ صالِحةٍ وفقَ مُستطاعِك .

وعملُ ( الصَّالِحَاتِ ) . مُتَفَرِّعٌ يشملُ كُلّ جوانبِ الحياة ، ولا يحرمُ اللهُ أحداً مِن إمكانيَّةِ عَملِ ( الصَّالِحَاتِ ) . مهما كان وضعُه ، إنْ أرادَ أن يَعمَلَ صالِحاً . فإماطَةُ أذى وجدتهُ على طريقٍ ، هو عملٌ صالحٌ قد يغفِر لله جميعَ ذُنوبك ، ويُدخِلك الجنّةَ بهذا العملِ الّذي عَملتَه دونَ أن يكلّفكَ شيئاً ، وقد رأيتَهُ بسيطاً ، ولكنّهُ عندَ اللهِ عظيم . لماذا ؟ لأنَّكَ ما أردتَ أن يتأذَّى عبدٌ من عبادِ الله ، فرأى اللهُ عزّ وجلّ موقفكَ هذا ، وعرِفَ مقصدكَ ، وهنا قد يُثنِي عليكَ في تلكَ اللّحظاتِ أمامَ الملائكة الكِرام ، ويعفُو عنكَ كلّ ذنبٍ أذنبتهُ في حياتِكَ دُون أن تعلمَ بأنّ كل ذلكَ حصل بمجرَّدِ هذه الحركةِ البسيطة . فأنتَ عكسُ شخصٍ آخر يتقصَّدُ أن يضعَ الأذى على طريقٍ كي يتأذَّى به المُشاة ، أو يضعهُ على طريقٍ كي تتأذَّى به  السيّاراتُ العابِرة . وهكذا فثمّةَ أناسٌ فيهم خامةُ الخَير ، وأناسٌ فيهم خامةُ الشرّ ، ولا تستوي الخامَتان عندَ الله عزّ وجلّ .


* أربيل –  العراق ،abdalbakiuosf@gmail.com

[1] صحيح البخاري .

[2] رواه الترمذي .

[3] صحيح البخاري .

[4] صحيح البخاري .

[5] صحيح مسلم .

[6] صحيح مسلم .

[7] رواه الترمذي .