المناهج النقدية الحديثة في محك النقد

كتب فلسفية كثيرة ….. ولكن …… !
أغسطس 28, 2022
الموضوعات الشعرية المشتركة بين شوقي وإقبال : دراسة مقارنة تحليلية
سبتمبر 12, 2022
كتب فلسفية كثيرة ….. ولكن …… !
أغسطس 28, 2022
الموضوعات الشعرية المشتركة بين شوقي وإقبال : دراسة مقارنة تحليلية
سبتمبر 12, 2022

دراسات وأبحاث :

المناهج النقدية الحديثة في محك النقد

أ . د . مجيب الرحمن الندوي *

الملخص :

أفرزت التراكمات الثقافية والتيارات الفكرية المختلفة في أوربا في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلادي مناهج نقديةً متنوعةً تقاطعت مع الكثير من الآداب والمعارف والعلوم التي كان لها كبير الأثر في العلوم اللسانية والدراسات الإنسانية والأدبية والنقدية حول العالم بما فيها العالم العربي ، ما شكل امتداداً للتأثر من الفكر الغربي منذ انطلاق النهضة العربية ابتداءً من مطلع القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا ، ومع دخول الأصناف الأدبية الحديثة من الغرب من القصة ، والرواية ، والمسرحية ، والشعر الحديث التي وجدت تربةً خصبةً للنماء والتطور في معظم دول العالم العربي ، أعقبتها موجة من الأفكار والاتجاهات الأدبية والنقدية الوافدة من الغرب إلى الأدب العربي ، حيث لا يمكن أن يتطور العمل الأدبي دون أن يرافقه عمل نقدي مواز يبرز محاسنه وعيوبه وبالتالي يقومه ويهذبه ويغذيه وينميه ، فالعمل الأدبي كما يقول سيد قطب : ” هو موضوع النقد الأدبي فالحديث عنه هو المقدمة الطبيعية للحديث عن النقد ، فتحديد العمل الأدبي ، وغايته وقيمته الشعورية والتعبيرية ، والكلام عن أدواته وطريق أدائه وفنونه هي نفسها النقد الأدبي في أخص ميادينه ” [1] .

ولقد اتخذ النقد الحديث مسارين واضحين : النقد السياقي والنقد النسقي ، فالنقد السياقي يسترفد العوامل والمؤثرات الخارجة عن العمل الأدبي ويحلِّلها ويأخذها في الاعتبار في تقويم العمل الأدبي ، ويعطي أولية لسياق النص ، ويمثله كل من المنهج التاريخي ، والمنهج الاجتماعي ، والمنهج النفسي ، وأضاف إليه سيد قطب المنهج المتكامل الذي يستفيد من كل هذه المناهج في تقويم العمل الأدبي ، فيما يتعامل النقد النسقي مع مناهج تركز على البحث في داخل النص بعيداً عن سياقاته الخارجية ، وقد تبلورت المناهج النقدية النسقية في منتصف القرن العشرين الميلادي بفضل ظهور حقول معرفية جديدة ، وأهم هذه المناهج البنيوية ومناهج ما بعد حداثية : ما بعد البنيوية والتفكيكية وسيمائية وتأويلية وجمالية التلقي . أحدثت هذه المناهج النقدية النسقية صدىً واسعاً وكبيراً في الأوساط الأدبية والنقدية والفكرية حول العالم ، ولم يقتصر أثرها الكبير على فنون الأدب واللسانيات ، وإنما تعدى إلى علوم وفنون أخرى .

هذا إلى جانب مجموعة من النظريات الأدبية والنقدية الأخرى التي ظهرت في الغرب وتطرقت إلى معظم آداب العالم منها الأدب العربي ، وقد ذكر الناقد نبيل راغب سبعين نظريةً أدبيةً ونقديةً في كتابه ” موسوعة النظريات الأدبية ” [2] ومن أبرزها الأسلوبية ، والماركسية ، والبرناسية والرومانسية ، والواقعية ، وما بعد الكولونيالية وغيرها ، وإن كان جلها ينقسم إلى قسمين مذكورين أعلاه : السياقي والنسقي .

يسعى هذا البحث بإيجاز إلى نقد بعض هذه المناهج النقدية الأكثر تداولاً وتأثيراً في الدراسات النقدية في العالم العربي ولا سيما المناهج النقدية النسقية كونها لا تتواءم مع الظروف والأوضاع والبيئات التي يُنتجُ فيها الأدب العربي بمعظم أصنافه ، ولأنها تتنافى مع القيم والمبادئ الإسلامية الثابتة التي تقوم عليها المجتمعات الإسلامية في الوطن العربي ، ولأنها في جوهرها علمانية وإلحادية بحتة ، وهي بالأساس مناهج هدم ، وليس مناهج بناء .

الكلمات المفتاحية :

النقد السياقي ، النقد النسقي ، ما بعد الحداثة ، البنيوية ، ما بعد البنيوية ، التفكيكية ، جمالية التلقي .

أثناء تدريسي لمادة النظريات الأدبية والنقدية الحديثة لطلبة الماجستير في جامعتي منذ ثلاث سنوات طالما وقعتُ في حيرة إزاء الغموض والتعقيد الشديدين لهذه النظريات والمناهج الأدبية والنقدية الحديثة التي نالت وتنال اهتماماً كبيراً من نقادنا العرب ، وهم كثارى ، وقد ألفت حولها مئات من الكتب ، ويجري إسقاط هذه المناهج على النصوص الأدبية العربية من أجل دراستها وتفسيرها وتحليلها ، ودهشتُ أيضاً حيال شذوذها وميلها إلى تحطيم وهدم كل المسلمات العقدية والقيم والمبادئ الأخلاقية الثابتة ، والموروثات الدينية ، وإذا تم إسقاط هذه المناهج على النصوص الدينية ، كما فعله بعض كبار نقادنا الحداثيين [3] ، وكما تدعي هذه المناهج بأنها قابلة للتطبيق على أنواع النصوص جميعها ، ففي هذه الحالة ستتزعزع أسس الإيمان والعقيدة ، ويكون بمثابة هدم أركان الإسلام وتشكيك المسلمين في دينهم بحجة مسايرة العصر ، وتساءلتُ في نفسي إلى أي مدى تصلح المناهج النقدية الحديثة الوافدة من الغرب لدراسة النصوص العربية ، وهل يجوز أن نحمل نصوصنا ثقل النظريات الوافدة عليها ، فهذه النظريات كونها انطلقت من فلسفات وتراث فكري ونقدي ونص غربي تختلف عما هو موجود في الثقافة العربية .

مناهج سياقية للنقد : المنهج التاريخي ، والاجتماعي ، والنفسي :

لقد أفرزت القراءات السياقية للنصوص عدداً من المناهج التي نظرت إما في تاريخيتها أو اجتماعيتها أو واقعيتها ، ومنها المنهج التاريخي الذي ” يتخذ من حوادث التاريخ السياسي والاجتماعي وسيلة لتفسير الأدب وتعليل ظواهره أو التاريخ الأدبي لأمة ما ” [4] ، ويهتم هذا المنهج بإبراز الظروف التاريخية التي أنتج فيها النص ، دون الاهتمام بالمستويات الدلالية الأخرى ، وعلى حد تعبير أحمد الشايب ” يقوم هذا المنهج على الصلة الوثيقة بين الأدب والتاريخ ، فأدب أمة ما من الأمم يعد تعبيراً صادقاً عن حياتها السياسية والاجتماعية ، ومصدراً مهذباً من مصادرها التاريخية ذلك لأن الأدب يُلم بروح الحوادث والأطر المتعاقبة فيصوِّرها ثم يتأثر بها ” [5] ومن رواد هذا المنهج في الغرب سانت بيف ( 1804 – 1869م ) ، وهيبوليت تين ( 1828 – 1893م ) ، وغوستاف لانسون ( 1857 – 1934م ) وفي النقد العربي يعد أحمد ضيف ( 1880 – 1945 ) ، ومحمد مندور ( 1907 – 1955 ) وأحمد أمين ( 1886 – 1954 ) من رواد هذا المنهج وسار عليه كثيرون من النقاد من أمثال شوقي ضيف وآخرين ، وأما المنهج الاجتماعي فهو منهج يربط بين الأدب والمجتمع بجميع طبقاته ، فيكون الأدب ممثلاً للحياة على المستوى الجماعي لا الفردي ، ومن رواد المنهج في الغرب جورج لوكاتش ( 1885 – 1971 ) وبلخانون ( 1857 – 1918 ) ، ولينين ( 1870 – 1924 ) ، وحظي المنهج بقبول واسع لدى النقاد العرب ، وقد أسهب الكلام فيه كثيرون بمن فيهم سيد قطب في كتابه ” النقد الأدبي أصوله ومناهجه ” .

ومن جهة أخرى يقوم المنهج النفسي ” بإخضاع النص الأدبي للبحوث النفسية ، ويستند إلى النظريات النفسية في تفسير الظواهر الأدبية والكشف عن عللها ومنابعها الخفية وخيوطها الدقيقة ، وما لها من أعماق وأبعاد وآثار ممتدة [6] ، واستند المنهج إلى نظريات سيجموند فرويد ( 1850 – 1939 ) في التحليل النفسي الذي يعد مؤسس علم التحليل النفسي ، وحاول النقاد العرب أيضاً تطبيق المنهج النفسي لدراسة النصوص الأدبية وهم أمين خولي ( 1896 – 1966 ) ، وعباس محمود العقاد ( 1889 – 1964 ) ، ومصطفى سويف ( 1924 – 2016 ) وآخرون كثيرون .

مناهج نقدية نسقية :

البنيوية :

والمناهج النقدية النسقية تقوم بإقصاء النص عن سياقاته ومؤثراته الخارجية ، وتنظر إلى النص كبنية مستقلة مكتفية بذاتها ، ” ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى أي عنصر من العناصر الغريبة عنها ، وعن طبيعتها ، ومنه فالنص هو بنية تتكون من عناصر ، وهذه العناصر تخضع لقوانين تركيبة تشد أجزاء الكيان الأدبي ” [7] وحيث تستبعد البنيوية العوامل والمؤثرات والسياقات الخارجة عن النص وتحررها من أثر المؤلف ( كما ادعى الناقد رونالد بارت بموت المؤلف ) ، يصبح النص عند البنيويين مستقلاً ومكتفياً ذاتياً تماماً لا دخل فيه لشخصية الكاتب ، وخلفيته والبيئة التي أنتج فيها النص . ويعد فرديناند دي سوسير ( 1857 – 1913 ) العالم اللغوي الشهير مؤسس المنهج البنيوي ، ويعتبر كل من رومان جاكوبسون وكلود ليفي شترواس من رواد المنهج البنيوي الذي سرعان ما انتشر في العالم كله وأصبح من أقوى المناهج النقدية والفكرية في ستينيات القرن الماضي .

” وتستند البنيوية إلى مجموعة من المصطلحات والمفاهيم الإجرائية في عملية الوصف والملاحظة والتحليل ، وهي أساسية في تفكيك النص وتركيبه كالنسق والنظام والبنية والداخل والعناصر والشبكة والعلاقات والثنائيات وفكرة المستويات وبنية التعارض والاختلاف والمحايثة والسانكرونية والدياكرونية والدال والمدلول والمحور التركيبي والمحور الدلالي والمجاورة والاستبدال والفونيم والمورفيم والمونيم والتفاعل ، والتقرير والإيحاء ، والتمفصل المزدوج . إلخ . وهذه المفاهيم ستشتغل عليها فيما بعد كثير من المناهج النقدية ولاسيما السيميوطيقا الأدبية والأنثروبولوجيا والتفكيكية والتداوليات وجمالية القراءة والأسلوبية والموضوعاتية ” [8] .

ما بعد البنيوية :

انبثقت ما بعد البنيوية من البنيوية ذاتها وتمثل مراجعة نقدية للفكر البنيوي ، ” وتدور أسئلة ما بعد البنيوية المركزية حول البنية الاجتماعية واللغة ، وامتلاك فضاءات واسعة للتصورات المستقبلية . فقد رأت أن البنيوية قدمت نسقاً مغلقاً لقراءة العالم ، يتمثل في النص أو لغة النص ، والعالم أكثر رحابة من أن نحصره في نسق واحد ، كما أن لغة النص امتداد لما في العالم من حوله ، فلا يمكن تفسيرها بمعزل عما هو خارج النص ، وعن ذاتية المتلقي والسياق المنتج فيه ” [9] ومن أبرز منظري ما بعد البنيوية ميشيل فوكو ، وجاك دريدا ، ورولان بارتوجوتاري ، وبودريلار ، وليوتارد وغيرهم .

التفكيكية :

نشأ المنهج التفكيكي ، وهو أكثر المناهج النقدية إثارةً للجدل ، وأشدها تأثيراً أيضاً بعد البنيوية ، على أنقاض البنيوية في السبعينيات من القرن العشرين الميلادي ، وترتبط التفكيكية باسم الكاتب والمفكر الفرنسي جاك دريدا [10] الذي عرف بتعدد جوانبه وخصب اهتماماته [11] ، وعملية التفكيك ترتبط أساساً بقراءة النصوص وتأمل كيفية إنتاجها للمعاني وما تحمله من تناقض ، فهي تعتمد على تفكيك حتمية معنى النص ، وتخرب كل شيئ في التقاليد ، وتشكك في الأفكار الموروثة عن العلاقة ، اللغة ، النص ، السياق ، المؤلف ، القارئ ، ودور التاريخ وعملية التفسير وأشكال الكتابة التقليدية [12] .

والتفكيك يعني حركة نقض ترابط البناء [13] وبحسب دريدا         ” التفكيك حركة بنيانية وضد بنيانية في الآن نفسه ، فنحن نفك بناء أو حادثاً مصطنعاً لنبرز بنيانه وأضلاعه وهيكله ، ولكن نفك في آن معاً البنية التي لا تفسر شيئاً فهي ليست مركزاً ولا مبدأً ولا قوةً ، فالتفكيك هو طريقة حصر أو تحليل يذهب أبعد من القرار النقدي [14] .

التفكيكية تعنى في الأساس بهدم المركز المرجعي لمعنى النص ، ويسمونه اللوغوس ، أي المرجعية في علاقة الدال بالمدلول ، وبالتالي فإن كل قراءة للنص هي قراءة ناقصة تتطلب قراءة جديدة إلى ما لا نهاية له من القراءات والتفسيرات ، فالمعنى الكامل لن يمكن الوصول إليه إطلاقاً ، وبتجدد القراءات يتحقق الإبداع الحقيقي ، وتقوم التفكيكية على مبادئ الاختلاف ، وعلم الكتابة والتمركز حول العقل وموت المؤلف .

ولقد كانت تفكيكية دريداً نتاجاً لمناخ فكري وحضاري معين أي نتيجة حتمية للأوضاع التي عاشتها أوربا التي سعت إلى التخلص من سلطة الكنيسة التي صادرت الفكر والحريات ، فتمردت وثارت ، ثم جاء المشروع الحداثي ومعه سردياته الكبرى عن سلطان العلم التجريبي والعقل الذي كان سبباً في شقاء الإنسان الغربي لاسيما في ظل الحربين العالميتين اللتين سببتا دماراً هائلاً لا يوجد له مثيل في التاريخ البشري ، تمخض ذلك عن الثورة على الحداثة بكافة معطياتها ومقولاتها الكبرى فشاع الشك ، وغابت الحقيقة ، وعمت الفوضى ، وفُقدت الثقة ، فأتى جاك دريدا بفكرة التفكيك مستفيداً من نظريات سابقة ، ومستنداً بالخصوص إلى فلسفة ” نيتشه ” في مواجهته لمفهوم الحقيقة في الميتافيزيقيا الغربية ، وفي دراسات هيدغر التي تنزع إلى الشك في كل الخطابات الفلسفية من خلال فلسفته التأويلية التي حاول من خلالها فتح باب تعداد القراءات ولانهائية التفسير [15] ، ونيتشه هو القائل بموت الإله ، ومركزية العقل ، وهو الفكر المتغلغل في صميم الفكر الحداثي وما بعد الحداثي ، وأخذه دريدا خطوة إلى الأمام حين دعا إلى تحطيم الـ ” لوغوس ” أي مرجعية المعنى ، وإحداث حالة مستمرة من الهدم والبناء إلى ما لا نهاية له .

ويعد الناقد السعودي الشهير عبد الله الغذامي من رواد التجربة النقدية التفكيكية في العالم العربي [16] مع هشام صالح ، وعبد العزيز بن عودة وآخرين ، والآن تتوافر عشرات المؤلفات باللغة العربية عن التفكيكية .

جمالية التلقي :

” إن نظرية التلقي هي عملية زحزحة لمركزية المؤلف والاهتمام بالقارئ أو المتلقي ، وهذا ما ظهر في مدرسة كونستانس التي هي أولى محاولات لتجديد دراسة النصوص في ضوء القراءة ، وكان اهتمام الباحثين قبل ذلك منصباً على كشف الروابط القائمة بين النص ومبدعه ، فراح أتباع هذه المدرسة ينادون بانتقال العلاقة من الكاتب على نصه إلى العلاقة بين القارئ والنص ” [17] .

تتخلص مبادئها في محورية القارئ ، فأهمية العمل الأدبي تكون بالقراءة فقط . ” النص الأدبي نص مفتوح ، وبهذا المعنى أعادت لذلك العمل جماليات التلقي للقارئ الذي سلبته إياه الكلاسيكية ، فجعلته منتجاً للنص .

فالنص لا قيمة له ما دام حروفاً على الورق حتى يعطيه القارئ الحياة ، ولهذا جعلت جماليات التلقي القارئ قوةً مسيطرةً تمنح النص الحياة ، وتعيد إبداعه وتصبح القراءة عمليةً إنتاجية ” [18] .

خلاصة البحث :

تبيّن مما سبق أعلاه أن جميع المناهج النقدية الحديثة لا تخلو من عيوب ونقايص ، فالمناهج السياقية من التاريخي والاجتماعي والنفسي تركز على جوانب خارجة عن النص مع الإغفال عن جمالية النص وبنيتها الدلالية ، ومع ذلك فقد أفادت المناهج في تفسير العمل الأدبي ، أما المناهج النسقية فهي أكثر تطرفاً وأشد خطورةً لنزوعها إلى زحزحة الموروثات والثوابت في المعتقدات وخلخلة المجتمعات من المرجعيات الدينية والتاريخية ، فالبنيوية تقدم نسقاً مغلقاً لقراءة النص يتمثل في النص ولغة النص وحدها ، كما تسعى التفكيكية إلى هدم وتقويض مرجعيات المعنى وبالتالي تؤدي إلى الفوضوية المطلقة في التفسير والتأويل ، وباستخدام المنهج التفكيكي سعى بعض المفكرين العرب إلى التشكيك في صحة القرآن ونبوة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ومرجعية الدين الإسلامي ، وجمالية التلقي أيضاً تمنح الحرية التامة والسلطة المطلقة للقارئ ليفسر النص كيفما شاء على هواه ورغبته دون أن يتقيد بأصول وضوابط معينة ، يضاف إليه أن كل هذه المناهج النقدية إلحادية وهدامة في صميمها كونها نشأت في الغرب في ظل معطيات ثقافية وحضارية وفكرية معينة ، وإن قراءة النصوص الدينية في ضوء هذه المناهج تؤدي إلى هدم أركان الإسلام والإيمان والتشكيك في الدين والعقيدة ، فعلينا أولاً دراسة كل هذه المناهج والنظريات بدقة وإمعان والاستفادة منها ومع ذلك يجب أن نطور المناهج الإسلامية الأصيلة لأن كل هذه المناهج نشأت في الغرب نتيجة التمرد على الكنيسة وفي ظل إنكار وجود الله ، وأيضاً فإن هذه المناهج تفرغ النصوصَ من معانيها ومقاصدها التي كتبت لأجلها وتترك القارئ في متاهات ليس من ورائها إلا الضياع والضلال .

* مركز الدراسات العربية والإفريقية ، جامعة جواهر لال نهرو ، نيو دلهي .

[1] سيد قطب : النقد الأدبي أصوله ومناهجه ، دار الشروق للطباعة والنشر ، القاهرة ، 2003 ، ص 11 .

[2] نبيل راغب : موسوعة النظريات الأدبية ، الشركة المصرية العالمية للنشر – لونجمان ، القاهرة ، ط 1 ، 2003 ، ص ح .

[3] سعيد محمد أركون ، المفكر الجزائري الفرنسي ( 1928 – 2010 ) في كتابه ” القرآن الكريم من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني ” وعدد كبير من مؤلفاته الأخرى ، والمفكر المغربي محمد عابد الجابري ( 1935 – 2010 ) ، في كتابه ” فهم القرآن   الكريم ” ، والمفكر التونسي هشام جعيط ( 1935 – 2021 ) ، في سلسلته للسيرة النبوية   ” في السيرة النبوية 1 : الوحي والقرآن والنبوة ، وفي السيرة النبوية 2 : تاريخية الدعوة المحمدية ، وفي السيرة النبوية 3 : مسيرة محمد في المدينة وانتصار الإسلام ، والشاعر السوري علي أحمد سعيد أدونيس( مولود عام 1930م ) في كتابه ” الثابت والمتحول ” ، وكثيرون غيرهم ممن استعانوا بهذه المناهج النقدية الحداثية / ما بعد الحداثية خصوصاً التفكيكية في تحليل وإعادة تفسير الخطاب الديني في الإسلام .

[4] يوسف وغليسي : مناهج النقد الأدبي ، ط 2 ، جسور للنشر والتوزيع ، المحمدية ،  الجزائر ، 2009 ، ص 15 .

[5] أحمد الشايب : أصول النقد الأدبي ، طـ 10 ، مكتبة النهضة المصرية للنشر والتوزيع ، القاهرة ، مصر ، 1994م ، ص 94 .

[6] عبد العزيز عتيق : في النقد الأدبي ، دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ، 1972 ، ص 295 .

[7] إبراهيم محمود خليل : النقد الأدبي الحديث من المحاكاة إلى التفكيك ، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2007 ، ص 69 .

[8] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%A9

[9] مصطفى عطية جمعة : صحيفة القدس العربي ، https://www.alquds.co.uk/%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9/

[10] جاك دريدا ( 1930 – 2004 ) ، مفكر ، ناقد ، فيلسوف شهير ، مؤسس المنهج التفكيكي في الأدب والنقد والفلسفة .

[11] إبراهيم محمود خليل : النقد الأدبي الحديث من المحاكاة إلى التفكيك ، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2007 ، ص 103 .

[12] عبد العزيز حمودة ، المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك ، عالم المعرفة ، العدد    232 ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، ص 254 .

[13] يوسف وغليسي : إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد ، طـ 1 ، منشورات الاختلاف ، 2008 ، ص 350 .

[14] جاك دريدا : الكتابة والاختلاف ، ترجمة كاظم جهاد ، طـ 2 ، دار توبقال للنشر ، الدار البيضاء ، 1983 ، ص 57 .

[15] عبد الغاني بارة : إشكالية تأصيل الحداثة في الخطاب النقدي العري المعاصر ، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ، مصر ، 2005 ، ص 108 .

[16] يوسف وغليسي : إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد ، منشورات الاختلاف ، 2008 ، ص 350 .

[17] فتيحة سريدي : نظرية جمالية التلقي في النقد العربي الحديث ، مجلة التواصل في اللغات والآداب ، العدد 37 ، 2013 ، ص 121 .

[18] محمد عزام : النص المفتوح التفكيك أنموذجاً ، مجلة الموقف الأدبي ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، العدد 398 .