أحكام الطلاق للأقليات المسلمة
فبراير 7, 2022قضايا معاصرة هامة من مفطرات الصوم
أبريل 20, 2022الفقه الإسلامي :
المذهب الحنبلي : مصادره ومراجعه
دكتور/ خورشيد أشرف إقبال الندوي ( لكناؤ )
المذهب الحنبلي هو أحد المذاهب السائدة في الحجاز خاصةً وفي بلدان أخرى عامةً ، ويُعد رابع المذاهب الفقهية السنية المتبعة إلى الآن ، وآخرها من الترتيب الزمني ، ويُنسب إلى الإمام أحمد بن حنبل بن هلال الشيباني ( 164 – 241هـ ) ، أمير المؤمنين في الحديث ، إماماً من أئمة المسلمين ، وعلماً من أعلام الدين مجمعاً على إمامته ، كان رأساً في الجرأة والصمود والتقوى ، تلقى العلم من مشاهير علماء الأمصار ، ومن كبار الأئمة ، ونال قسطاً وافراً من العلم والمعرفة ، وحسبُك أن تعلمَ أنه كان يحفظُ على ظهر قلبه ألفَ ألفِ حديثٍ من المرفوعِ والموقوفِ والمقطوعِ ، يرويها بأسانيدِها .
كانت نشأة المذهب الحنبلي في أواخر القرن الثاني الهجري وأوائل القرن الثالث في عاصمة الخلافة الإسلامية وحاضرة العلم والثقافة بغداد ، وكان انطلاق المذهب من مجلس الإمام أحمد الذي كان يجلس فيه للفتوى والتعليم ؛ حيث كان يؤمه طلبة العلم من مختلف البلدان والامصار .
وقد كان لتلاميذ الإمام أحمد دور كبير في تدوين المذهب ونشره ، فقد كان يجتمع في مجلس الإمام أحياناً ما يزيد على خمسة آلاف طالب علم . وكذلك اهتم أبناء الإمام أحمد وأحفاده بجمع علمه وترتيبه وتدقيقه ونقله ، إلى أن برز من بعدهم في بغداد الفقيه اللامع أحمد بن محمد الخلال ، فألف كتابه ” الجامع لعلوم الإمام أحمد ” فلفت بهذا الكتاب أنظار أهل العلم وطلبته ، ومن هنا بدأ ظهور الانتساب إلى المذهب ، وتبلورت أصوله وخطوطه العريضة ومصطلحاته الدقيقة ، وتتابعت الجهود بعد ذلك بالعناية بالمذهب تحقيقاً وتخريجاً ودراسةً وتدريساً .
فقهاء المذهب الحنبلي :
امتاز المذهب الحنبلي بوفرة علمائه وجدهم في خدمة العلم ونشر الفقه ، ورواية المذهب وتدوينه وتطويره وانتشاره ومن أهمهم : أبو بكر أحمد بن محمد هانيء المعروف بالأثرم ( ت 260هـ قريباً ) ، وأحمد بن محمد بن الحجاج المروزي ( ت 275هـ ) ، وأحمد بن محمد الخلال ( ت 311هـ ) ، وأبو القاسم عمر بن الحسين الخرقي ( ت 334هـ ) ، وعبد العزيز بن جعفر المعروف بغلام الخلال ( ت 363هـ ) ، والحسن بن حامد ( ت 403هـ ) ، ومحمد بن الحسين القاضي أبو يعلى ( ت 458هـ ) ، وأبو الفرج بن الجوزي ( 597هـ ) وموفق الدين ابن قدامة المقدسي ( ت 620هـ ) ، وأحمد بن عبد الحليم ابن تيمية ( ت 728هـ ) ، ومحمد بن أبو بكر ابن قيم الجوزية ( ت 751هـ ) ، وعبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ( ت 795هـ ) ، وإبراهيم بن محمد ابن المفلح ( ت 763هـ ) ، وعلي بن سليمان المرداوي ( ت 885هـ ) ، وموسى بن أحمد الحجاوي ( ت 968هـ ) ، ومنصور بن يونس البهوتي ( ت 1051هـ ) ، وغيرهم [1] .
مصادر المذهب ومراجعه :
مختصر الخرقي من مسائل الإمام أحمد بن حنبل ، لأبي القاسم عمر بن الحسين الخرقي ( ت 334هـ ) : أول المتون في المذهب على الإطلاق وأشهرها بالاتفاق ، ولم يخدم كتاب في المذهب مثل ما خدم هذا المختصر ، حذا المؤلف في ترتيبه حذو المزني في مختصره ، اشتهر الكتاب بطبقة المتقدمين والمتوسطين والمتأخرين على حد سواء ، وقد كتبت حوله شروح قيمة ، وظل مشتهراً معتمداً عليه حتى القرن السابع الهجري .
الإرشاد في الفقه والخصال لأبي علي محمد بن موسى القاضي الهاشمي ( ت 428هـ ) : كتاب معتمد في المذهب ، ومن أهم ميزاته أن المؤلف بناه على ما فيه رواية واحدة فقط ، فإن تعددت ذكر ما وقع له منه .
شرح الخرقي للقاضي أبى يعلى محمد بن الحسين الفراء ( ت 458هـ ) : هو شرح لمختصر الخرقي ، يذكر فيه المؤلف المسألة من الخرقي ويحققها ، ولا يزيد عليها إطلاقاً ، ثم يبين من خالف فيها ، ومذاهب المخالفين لها ، ويهتم بذكر الأدلة من الكتاب والسنة والقياس على منوال الجدل .
رءوس المسائل لعبد الخالق بن عيسى الهاشمي ( ت 470هـ ) : كتاب مختصر بديع ، يذكر فيه المؤلف المسائل التي خالف فيها الإمام أحمد واحداً من الأئمة أو أكثر ، ثم يذكر الأدلة منتصراً للإمام ، ويذكر الموافق له في تلك المسألة ؛ بحيث من تأمل كتابه وجده مصححاً للمذهب ، وذاهباً من أقوالها المذهب المختار .
الهداية لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني ( ت 510هـ ) : يعد من المتون المهمة الجامعة المعتمدة في المذهب في طبقة المؤلف ، حذا فيه الكلوذاني حذو المجتهدين لروايات الإمام ، يعرض المسائل والروايات عن الإمام أحمد ، فتارةً يجعلها مرسلة وتارةً يبين اختياره .
المستوعب لمحمد بن عبد الله المعروف بـ ” ابن سنينة ” ( ت 610هـ ) : جمع فيه المؤلف مختصر الخرقي ، والتنبيه للخلال ، والإرشاد لابن أبي موسى ، والخصال للقاضي أبي يعلى ، والخصال لابن البنا ، والهداية لأبي الخطاب ، والتذكرة لابن عقيل ، وقال : ” فمن حصل كتابي هذا ؛ أغناه عن جميع هذه الكتب المذكورة ؛ إذ لم أخل بمسألة منها إلا وقد ضمنته حكمها ، وما فيها من الروايات وأقاويل أصحابنا التي تضمنتها هذه الكتب . وقد تحريت أصح ما قدرت عليه منها ، ثم زدت على ذلك مسائل وروايات لم تذكر في هذه الكتب ، نقلتها من كتاب الشافي لغلام الخلال ، ومن المجرد ومن كفاية المفتي ، وغيرها ، ومن كتب أصحابنا ” . ومن ثم أصبح كتابه من أحسن متن المذهب الحنبلي وأجمعه ، ومن الكتب المعتمدة التي اعتنت بذكر الروايات وتحريرها ، ومن أهم ميزاته أنه كتاب مختصر الألفاظ كثير المعاني والفوائد ، يشمل جميع مسائل الفقه مع ذكر الآداب الفقهية .
العمدة لأبي محمد عبد الله بن محمد المقدسي الدمشقي ( ت 620هـ ) : كتاب معتمد اعتنى به الشيوخ والمبتدؤون ؛ لسهولة عباراته ، يبدأ فيه المؤلف كل باب بحديث صحيح ويقول : ” أودعته أحاديث صحيحةً تبركاً بها واعتماداً عليها ، وجعلتها من الصحاح لأستغني عن نسبتها إليه ” ، ثم يذكر القول المعتمد عنده في المذهب على سبيل الاستنباط من ذلك الحديث ، ويقتصر فيه على رواية واحدة ، ويراعى فيه سهولة العبارة وانكشافها ، حتى تناسب أحوال المتعلمين المبتدئين ، وهو كتاب صغير الحجم يزيد على المأة صفحة بقليل .
المقنع في فقه الإمام أحمد بن حنبل لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ( ت620هـ ) : يعد من أحد ثلاثة متون لاقت اهتماماً كبيراً وقبولاً عظيماً عند فقهاء الحنابلة على مر العصور ، وهي : مختصر الخرقي ، والمقنع ، ومنتهى الإرادات ، عدّد فيه ابن قدامة الروايات عند الإمام أحمد ، وجعله خالياً من الدليل والتعليل ؛ ليتمرّن الفقيه على الاجتهاد في المذهب وعلى الصحيح ، والبحث عن الدليل ، وقد حلَّ هذا الكتاب محل مختصر الخرقي ، وظل يُعتمد عليه حتى القرن التاسع الهجري . قال عنه المرداوي : إنه من أعظم الكتب نفعاً وأعظمها جمعاً .
الكافي في فقه الإمام أحمد ، لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت620 هـ): يُعتبر من المتون التي تتمتع بسهولة اللفظ ووضوح المعني ، بناه ابن قدامة على رواية واحدة مقرونة بالدليل ، وذكر في مواضع : تعدد الرواية في المذهب للتمرين ، كما ذكر فيه أقوال غيره من الفقهاء مع أدلة كثيرة ؛ لتسمو نفس القارئ إلى درجة الاجتهاد في المذهب حينما يرى الأدلة ، وترتفع نفسه إلى مناقشتها ، ولم يجعلها قضية مسلمة .
المغني في شرح الخرقي لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ( ت 620هـ ) : وهو شرح لمختصر الخرقي ، يعد المغني أغنى شروح مختصر الخرقي على الإطلاق وأشهرها بالاتفاق ، وأجمع كتاب ألف في المذهب لمذاهب علماء الأمصار ، ومسائل الإجماع وأدلة الخلاف والوفاق ، ومآخذ الأقوال والأحكام ، فهو كتاب عظيم لا يستغني عنه فقيه ، صنفه ابن قدامة لأهل العلم الذين فقهت نفوسهم ، وارتقت مراتبهم ، وعرض فيه الفقه الإسلامي وعامة مسائله وأحكامه بأسلوب واضح قوي ، وحجة حاضرة ، ومناقشة قيمة مفيدة . وأورد فيه أقوال فقهاء الصحابة ، وأقوال فقهاء التابعين والمذاهب الإسلامية المندثرة والباقية ، كالحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، واجتهادات سعيد بن المسيب ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وعمر بن عبد العزيز ، وسفيان الثوري ، وآخرين ، وقرن جميع ذلك بالأدلة ، والتعليلات ، والمناقشات ، والترجيحات ، فأصبح الكتاب موسوعةً فقهيةً ليس في المذهب الحنبلي ، بل في الفقه المقارن ، كما اهتم فيه ابن قدامة بذكر مذهب الإمام أحمد واختياره ، والفروع التي لم يذكرها الخرقي ، وبيّن في كثير من المسائل ما اختلف فيه مما أجمع عليه ، ولم يكتف بذلك بل ذكر ما ذهب إليه إمام كل مذهب من المذاهب ، وأشار إلى أدلة بعض أقوالهم على سبيل الاختيار ، مع ذكر مآخذ الخلاف وثمرته ، كما اعتنى بإيراد الأدلة وعلل الأحكام ، وعزا ما أمكنه من الأخبار إلى كتب الأئمة من علماء الآثار ، فصار المغني أجمع لمسائل المذاهب كلها .
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : ” ما رأيت في كتب الإسلام مثل ” المحلى ” لابن حزم وكتاب ” المغني ” لموفق الدين في جودتهما وتحقيق ما فيهما ” . وقال أيضاً : ” ما طابت نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة من المغني ” [2] .
المحرر في الفقه لابن تيمية مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن أبي القاس ( ت 652هـ ) : كتاب مستقل ، حذا فيه حذو ” الهداية ” لأبي الخطاب الكلوذاني ، يذكر الروايات فتارةً يرسلها وتارةً يبين اختياره فيها ، وقد وضعت عليها شروح ، من أهمها : ” تحرير المقرر في شرح المحرر ” لعبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي ( ت 739هـ ) ، ولابن مفلح حاشية على المحرر سماها : ” النكت والفوائد السنية على المحرر ” ومطبوع مع المحرر .
الشافي في شرح المقنع أو الشرح الكبير لابن أبي عمر عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي ( ت 682هـ ) : هو شرح لكتاب المقنع لابن قدامة المقدسي ، اعتمد الشارح في جمعه على كتاب المغني ، وذكر فيه من غيره ما لم يجد فيه من الفروع والروايات ، وعزا ما أمكنه من الأحاديث التي فاتت عمه في المغني ، وهو كتاب ضخم في عشر مجلدات ، ومما يدل على أهمية هذا الشرح أنه ” متى قال الأصحاب : في الشرح ، كان المراد هذا الكتاب ، ومتى قالوا : الشارح أرادوا مؤلفه ” .
مجموعة فتاوى ابن تيمية ، لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية ( ت 728هـ ) : هذه المجموعة شملت الفقه وغيره ، وقد بلغت سبعة وثلاثين مجلداً بالفهارس ، واستغرق الفقه منها خمسة عشر مجلداً من أول الجزء الحادي والعشرين الذي يبدأ بالطهارة إلى الجزء الخامس والثلاثين ، ويعد موسوعةً فقهيةً كبيرةً لا في المذهب الحنبلي فحسب ، بل في المذاهب كلها وفي الفقه المقارن ، لا يستغني عنه فقيه وعالم وباحث في أي عصر من العصور ، فهو بدون شك ديوان فقهي عظيم الشأن جليل القدر غني عن التعريف ، قام فيه المؤلف بتأصيل جملة الأحكام الشرعية ، ووازن بين المذاهب وناقش أدلة الفقهاء ، واختار منها ما كان أقرب إلى الكتاب والسنة ومقاصد الشريعة ، وانفرد في كثير من الآراء ، وهو مطبوع ومتداول بين الناس .
الوجيز لسراج الدين الحسين بن يوسف الدجيلي ( ت 732هـ ) : كتاب مهم اعتمده الحنابلة متناً في المذهب ، يتميز بسهولة العبارة وجزالة اللفظ ، بناه مؤلفه على الراجح في المذهب من الروايات المنصوصة عن الإمام أحمد ، جرده عن الدليل والتعليل والخلاف تسهيلا لحفظه . قال عنه الزريرائي : ” ألفيته كتاباً وجيزاً وجامعاً لمسائل كثيرة وفوائد غزيرة ، قل أن يجتمع مثلها في أمثاله ، أو يتهيأ المصنف أن ينسج على منواله ” .
الفروع لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن مفلح ( ت 763هـ ) : كتاب مستقل يعد من أعظم ما صنف في الفقه الإمام أحمد نفعاً ، وأكثرها وأتمها تحريراً ، وأحسنها تحبيراً ، وأكملها تحقيقاً ، قام فيه المؤلف بتصحيح المذهب وتحريره وجمعه وتنقيحه ، ويمتاز بأنه حوى من الفروع ما بهر العقول كثرة واستدلالاً وتعليلاً وإتقاناً ، واختلافاً في المذهب والأئمة الثلاثة ؛ حيث إنه لا يقتصر على مذهب الإمام أحمد ، بل يتطرق إلى المجمع عليه ، والمتفق مع الإمام أحمد في المسألة ، والمخالف له فيها من الأئمة الثلاثة وغيرهم ، وهكذا أصبح الكتاب مرجعاً مهماً لأهل كل مذهب ، وكتاباً معتمداً لدى الحنابلة في تصحيح المذهب وترجيحه وتحقيق متنه وتنقيحه . قال عنه ابن عبد الهادي : ” هو مكنسة المذهب ” .
تصحيح الفروع لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي ( ت 885هـ ) : كتاب جليل يتميز بأنه حوى غالب مسائل المذهب وأصوله ونصوص الإمام ، جمع فيه استدراكات على كتاب الفروع ، ودوّن تصحيحات على بعض المسائل في المذهب ، نبّه على المسائل التي فيها خلل إما في العبارة أو الحكم أو التقديم أو الإطلاق ، وهو مطبوع مع الفروع .
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي ( ت 885هـ ) : هو شرح لكتاب ” المقنع ” لابن قدامة المقدسي ، يعتبر من الكتب المعتمدة عند متأخري الحنابلة ، بين فيه المؤلف الصحيح من المذهب والمشهور ، والمعول عليه ، والمنصور ، وما اعتمده أكثر الأصحاب ، وذهبوا إليه ، ويحوي الكتاب بين دفتيه ما سبقه من أمهات كتب المذهب متناً وشرحاً وحاشيةً ، كما استوعب جميع الروايات في المذهب ومصادرها واختيارات وتراجيح الشيوخ المعتمدين في المذهب ، وكذلك اهتم فيه المؤلف بتحرير المذهب روايةً وتخريجاً وتصحيحاً لما أطلق وتقييداً لما أخل بشرطه ، فصار دليلاً لتصحيحات وترجيحات شيوخ المذهب المعتمدين قبله ، ومغنياً عن سائر كتب المذهب قبله .
التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع لعلاء الدين علي بن سليمان المرداوي ( ت 885هـ ) : اختصر فيه كتاب الإنصاف السابق ، وصار أول كتاب معتمد عند فقهاء الحنابلة المتأخرين ، صحح فيه المؤلف ما أطلق في المقنع من الروايتين ، أو الروايات ، أو الوجه أو الوجهين ، وفسّر ما أُبهم في المقنع من حكم أو لفظ ، واستثنى من عمومه ما هو مستثنى على المذهب ، وزاد عليه مسائل محررةً مصححةً ، فأصبح تصحيحاً لغالب كتب المذهب ، واشتهر ورجع إليه بعد أن قل الرجوع إلى كتاب المقنع . قال ابن مانع : ” لم يسبق إلى نظيره ” .
الإقناع لطالب الانتفاع لأبي النجا موسى بن أحمد المقدسي ثم الدمشقي الصالحي ( ت 968هـ ) : استمده المؤلف من كتاب ” المستوعب ” للسامري وسار فيه على طريقة السامري وجعله قولاً واحداً ، واهتم فيه بالدليل والتعليل ، يتميز الكتاب بكثرة المسائل وتحرير النقول ، وسهولة العبارات ووضوحها ، واعتنى به المتأخرون بالتحشية والاختصار والفتيا .
زاد المستقنع في اختصار المقنع لأبي النجا موسى بن أحمد المقدسي ثم الدمشقي الصالحي ( ت 968هـ ) : اختصر فيه كتاب ” المقنع ” لابن قدامة ، كان معول المتأخرين في جزيرة العرب ، وأصلاً في دراسة المذهب ، ومفتاحاً للطب ، وكان متناً مشبعاً بالمسائل .
منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات لتقي الدين محمد بن أحمد المصري الشهير بابن النجار ( ت 972هـ ) : كتاب معقد العبارة ، لكن حلها المؤلف بشرحها له ، جمع فيه المؤلف بين المقنع لابن قدامة والتنقيح للمرداوي ، وبناه على الراجح من المذهب ، فصار كتابه جامعاً لأمهات المسائل الفقهية وأحكامها التي ذكرها السابقون ، وغدا من أشهر مراجع الفقه الحنبلي في القرن العاشر الهجري وما بعده .
دليل الطالب لنيل المطالب للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي ثم المصري ( ت 1033هـ ) : اختصر به المؤلف كتاب ” منتهى الإرادات ” لابن النجار الفتوحي ، ويعد من أهم المتون المعتمدة في طبقة المؤلف فمن بعدهم عند علماء الشام ؛ حيث اعتنى به الأصحاب شرحاً وتحشيةً ، ويتميز هذا الكتاب على ” زاد المستقنع ” بأنه أسهل منه عبارةً وأخف تعقيداً .
الروض المربع شرح زاد المستقنع ، للشيخ منصور بن يونس البهوتي ( ت 1051هـ ) : شرح فيه كتاب ” زاد المستقنع ” للحجاوي ، والتزم فيه المؤلف بالقول الراجح في المذهب ، ويعد شرحاً وافياً ، يحوي الروايات والمسائل في المذهب .
كشاف القناع عن متن الإقناع ، لمنصور بن يونس البهوتي ( ت 1051هـ ) : هو شرح لكتاب ” الإقناع ” للحجاوي ، سلك فيه المؤلف على منوال ابن مفلح في شرحه للمقنع ، ولم يتعرض للخلاف العالي إلا نادراً . قال عنه السفاريني : ” هو أحسن شروحه ” .
شرح منتهى الإرادات المسمى ( دقائق أولى النهى شرح المنتهى ) ، لمنصور بن يونس البهوتي أيضاً : وهو شرح لمنتهى الإرادات ، آثر فيه المؤلف ذكر الروايات الراجحة في المذهب ، فصار كتاباً معتمداً ، عليه معول المتأخرين ، ويعد كتابي : شرح منتهى الإرادات ، وكشاف القناع ، من أشهر كتب الحنابلة في الأزمان الأخيرة ، وكان يعتمد عليهما في القضاء في المملكة العربية السعودية .
حاشية الروض المربع لعبد الرحمن بن محمد النجدي ( ت 1392هـ ) : وهي حاشية مفيدة بلغت سبعة مجلدات ، اشتهرت في الآونة الأخيرة بين طلاب العلم والأساتذة ، ونلاحظ فيها توسع المؤلف في عرض أقوال المذهب ، بل والمذاهب الأخرى ، فاهتم بذكر ما أجمع عليه إن كان ، أو ما عليه الجمهور ، أو ما انفرد به أحد الأئمة ، وساعده الدليل حسب الإمكان ؛ بحيث يغني عن مطالعة الأسفار الضخمة [3] .
[1] انظر : تاريخ بغداد 4/419 ، تاريخ دمشق 5/279 ، سير أعلام النبلاء 11/197 ، الجرح والتعديل 1/298 ، تذكرة الحفاظ 2/16 ، مناقب الإمام أحمد ص 78 ، ابن حنبل لأبي زهرة ص 154 – 155 . المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد 1/136 ، 2/712 وما بعدها ، مقدمة الجامع لعلوم الإمام أحمد 1/111 وما بعدها ، طبقات الحنابلة 1/42 وما بعدها ، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ، ص 232 وما بعدها .
[2] انظر مقدمة المغني 1/2 ، 11 .
[3] انظر : مفاتيح الفقه الحنبلي لسالم الثقفي 1/48 وما بعدها ، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران ص200 وما بعدها ، كتابة البحث العلمي ومصادر الدراسات الإسلامية لعبد الوهاب إبراهيم ، ص 370 وما بعدها ، البحث الفقهي ( طبيعته – خصائصه – أصوله – مصادره لأستاذنا إسماعيل سالم ، ص 201 وما بعدها ، ومقدمات الكتب المذكورة وخطبات المصنفين بها .