تعريف موجز ببعض مؤلفات العلماء الهنود في الفقه الإسلامي في اللغة العربية ( الحلقة الأولى )
سبتمبر 12, 2022تعريف موجز ببعض مؤلفات العلماء الهنودفي الفقه الإسلامي في اللغة العربية( الحلقة الثانية الأخيرة )
أكتوبر 17, 2022( الحلقة الثانية
الفقه الإسلامي :
الصكوك الإسلامية البديلة للتوريق التقليدي
( الحلقة الثانية )
دكتور . خورشيد أشرف إقبال الندوي ( لكناؤ )
ويمكن إصدار صكوك المشاركة على عدة صور ، منها ما يأتي :
(1) الأسهم بجميع أنواعها طبقاً للشروط المبينة سابقاً :
وقد اقترح الدكتور سامي حمود على الشركات الإسلامية إصدار نوعين من الأسهم طبقاً للقانون الإنجليزي الذي يسمح للشركات بإصدار الأسهم على نوعين هما :
الأسهم المصوتة (Voting Shares ) : وهي التي تجمع بين حقوق الملكية وحق الإدارة والتصويت والانتخاب [1] .
والأسهم غير المصوتة (Non Voting Shares ) : وهي التي تمثل فقط حقوق المشاركة في أرباح المشروع ، دون أن يكون لمالكيها حق التدخل في الإدارة أو التصويت ، أو الانتخاب ، أو الترشيح لعضوية مجلس الإدارة [2] .
ونظراً لأن الأسهم غير المصوتة تقوم على أساس عدم تدخل حامليها في إدارة تلك الأموال ، فإنه يمكن إصدار هذه الأسهم على أساس أنها حصص في شركة مضاربة شرعية .
وتمتاز الشركات التي تستثمر مشاريعها من خلال هذه الأسهم بخاصيتين هما:
الخاصية الأولى : امتلاكها لنوعين من الأسهم ، أسهم الإدارة وأسهم المشاركة .
الخاصية الثانية : تتمثل في قبول فكرة رأس المال القابل للتغيير ، حيث يتصاعد رأس المال أو يقل بمقدار الإصدارات المطروحة من أسهم المشاركة المباعة أو المطفأة [3] .
ويمكن تداول هذه الأسهم ، بحيث تزيد قيمة السهم باستمرار ، وفقاً لنسبة الربح المتحقق عن عمليات المرابحة أو الإيجار مثلاً ، كما يمكن للمؤسسة أيضاً أن تعلن عن استعدادها لشراء هذه الأسهم بسعر يتم تحديده على أساس ثمن السهم زائداً عن الربح المتحقق .
(2) صكوك المشاركة المميزة :
وهي تشبه كثيراً النظام السابق ( نظام الأسهم ) مع إمكانية دخول المصرف بنسبة معينة في رأس مال المشروع وطرح الباقي على شكل صكوك للاكتتاب ، سواءً أكانت الإدارة للمصرف أم للمجموعة المشاركة أم لطرف ثالث [4] .
ويرى أحد الباحثين أن صكوك المشاركة المميزة هي وثائق استثمارية ترمز للمشاركة في امتلاك عين محددة كالسفينة والمصنع ، مع إبقاء حق الإدارة الاستثمارية في يد الشركة المصدرة [5] .
وعلى كل ، تفيد صكوك المشاركة المميزة في تمويل يوسع الخدمات ، وكل مرفق قابل لتقديم الخدمة مقابل الرسوم ، لاسيما الطرق والجسور والمطارات .
(3) صكوك المشاركة المحددة بفترة زمنية :
وهي تختلف عن النوع السابق في أنها محددة بفترة زمنية متوسطة أو طويلة الأجل ، ويمكن أن تكون نهايتها على شكل :
(أ) صكوك المشاركة المستردة بالتدريج : ومثال ذلك النوع الذي أصدره بنك التقوى والمتمثل في الأسهم العادية ، حيث يسترد صاحب هذا السهم قيمته على خمسة أقساط متساوية ، ويُصرف لحامله سنوياً ما يقرر توزيعه من أرباح ، على أن يكون ذلك فقط بنسبة الرصيد الذي لم يحن موعد استرداده [6] .
(ب) صكوك المشاركة المستردة في نهاية المدة : حيث تحدد مدة زمنية معينة لهذه الصكوك ( عشر سنوات مثلاً ) ويُصرف لحاملها سنوياً نصيبه من الأرباح ، وفي نهاية المدة تتم تصفية المشروع ، ويأخذ كل من المصرف وحاملي الصكوك نصيبه ، وقد يبقى المشروع ، بحيث يتملكه المصرف أو يستمر حاملو الصكوك في شراكتهم للمصرف [7] .
وقد استعملت باكستان هذا النوع من الصكوك ، فبعد أن قامت بأسلمة نظامها المصرفي عام 1981م ، قامت البنوك بإصدار شهادات المشاركة لأجل ، وهي شهادات لحاملها وفق نظام عقد المشاركة لمدة أقصاها عشر سنوات ، وهي تمثل بين المؤسسة المالية ورجال الأعمال [8] .
ومن مميزات شهادات المشاركة كما جاء في اللائحة التنظيمية أن هناك ضمانات لأموال شهادات المشاركة ، تتمثل في حق قانوني عن طريق نظام الرهن على الأصول الثابتة للشركة المستخدمة لهذه الأموال ، إضافةً إلى الغطاء المتمثل في قيمة الأصول الجارية ، فضلاً عن تميز صاحبها بحق الحصول على الأرباح المحققة لدى جهة الإصدار قبل حملة الأسهم [9] .
وهذا يعني أنه في حالة تحقق أرباح في أي سنة مالية ، فإن حقوق حملة شهادات المشاركة تقتطع أولاً قبل أي مطالبات من قبل حملة الأسهم ، أما في حالة الخسارة فيتم تغطيتها أولاً من الاحتياطات التي تمثل الرصيد الدائن ( في حسابات الربح والخسارة للجهة المصدرة ) ، فإذا لم يكف هذا لتغطية الخسارة ، فإن ما يبقى منها يقسم بين شهادات المشاركة لأجل وغيرهم من ممولي المشروع ،على أن تتناسب مقاسمة الخسارة مع مساهماتهم في التمويل [10] .
ويمكن الاعتراض على هذه الشهادة بأنه إذا كان إصدارها كبديل شرعي ليحل محل السندات لحاملها التي تدر فوائد ثابتة مضمونة ، إضافة إلى حصول حامليها على عائد قبل أصحاب الأسهم في الأرباح ، فإن هناك تشابهاً كبيراً بين السندات التي يجري التعامل بها في سوق الأوراق المالية ، وهذا البديل الإسلامي ، والذي يثير شبهات عديدة ، خاصةً مسألة ” الضمان ” للقيمة الاسمية للشهادة ، حيث إنها تتمثل في حقوق رهن قانونية على الأصول الثابتة .
ووفقاً لقواعد المضاربة الإسلامية فإنه لا يوجد سبيل الجواز لمثل هذا الضمان ؛ لأنه يتضمن معاملة أصحاب الشهادات كدائنين للمشروع ، وليس كمشاركين ومن ثم يتحملون مخاطرة نشاطه .
كما أن تفضيل أصحاب الشهادات في حقهم على حصول الربح قبل المشاركين الآخرين من حملة الأسهم وغيرها ، لا يستند إلى أساس شرعي ، ولا يمكن جوازه في حالة تطبيق قواعد المضاربة الإسلامية على تلك الشهادات .
ولذا لابد من تبديل وتغيير بعض جوانبها حتى تتوافق مع الضوابط الشرعية .
(4) صكوك المشاركة المنتهية بالتمليك :
وهي تخصص لتمويل مشروع يشترك فيه المصرف مع حاملي هذه الصكوك ، وذلك لأجل متوسط ( 5 إلى 7 سنوات ) ، على أن يكون ذلك بأسلوب المشاركة المتناقصة ، أي : التي تنتهي بتملك أحد الطرفين للمشروع تدريجياً ، إما المصرف ، وبالتالي خروج حاملي الصكوك ، وإما العكس ، وبالتالي يبقى المشروع لحاملي الصكوك التي تتحول في هذه الحالة إلى أسهم في شركة مساهمة [11] .
(5) صكوك الإيجـار :
يتم إصدارها من المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية لشراء معدات أو عقارات ، ثم تأجيرها لمن يرغب في ذلك ، فيكون ثمن الإيجار هو العائد الذي يتحصل عليه أصحاب هذه الصكوك ، ويمكن إصدارها على نوعين :
(أ) صكوك الإيجار الثابتة : وهي تمثل الإيجار المستمر ، حيث يقوم المصرف الإسلامي بإصدار هذه الصكوك ثم يشتري بأموال الاكتتاب فيها عمارة مثلاً ، ويقوم بتأجيرها لمن يرغب في ذلك ، فيكون ثمن الإيجار هو العائد الذي يوزع في نهاية كل فترة على حاملي هذه الصكوك بصفتهم مالكي هذا العقار .
(ب) صكوك الإيجار المتناقصة : ويتم إصدارها بالشكل السابق ، ولكن يتم تخصيص الأموال لشراء معدات قابلة للإيجار بطريقة التأجير التمويلي .
وقد اهتدى بيت التمويل التونسي السعودي إلى إصدار صكوك من هذا النوع بفضل استشارات وتوصيات رقابته الشرعية ، وكان قد اشتراها من الشركة التونسية للتأجير ، وتتم العملية كما يأتي :
تقتني الشركة التونسية للتأجير معدات وتؤجرها إلى المتعاملين معها بسعر كراء معين وتنقل ملكية المعدات إلى المتعامل عند انتهاء العقد ودفع كل أقساط الكراء ، وطوال مدة الإيجار تصدر الشركة التونسية للتأجير صكوكاً لصالح المشترين بقيمة معينة ، تمثل قسطاً من ثمن شراء المعدات ، ويتقاضى المشترون للصكوك نصيباً من دخل الكراء [12] .
وتمثل هذه الصكوك نوعاً من المساهمة المتناقصة ، حيث تشمل أقساط الإيجار أرباح المؤجر ، إضافةً إلى استهلاك رأس المال ، وعلى هذا فإن صكوك الإيجار هذه سوق تُصفَّى تدريجياً حتى تنتهي تماماً مع آخر الأقساط .
(6) صكوك الخزينة المخصصة للاستثمار الإسلامي :
قدم الدكتور سامي حمود هذه الفكرة ضمن صيغ الأدوات المالية الإسلامية ، وأسس فكرة إصدارها على القواعد الآتية :
(أ) إصدار صكوك الخزينة للمشاركة في المشاريع المنتجة للدخل ، وذلك على أساس بيع المشروع المعين ، أو جملة من المشروعات مقابل إعطاء صكوك تمثل حصص امتلاك وانتفاع بريع المشروع أو المشروعات المعينة .
(ب) إصدار صكوك الخزينة الإيجارية لمشاريع مملوكة لمؤسسات وشركات مساهمة ذات نفع عام ، وذلك باعتبار أن هذه الصكوك تمثل حصص امتلاك قابلة للتأجير .
(ج) إصدار صكوك الخزينة البترولية بطريق السلم ، وذلك على أساس بيع الإنتاج المستقبل مع تنظيم بيوع السلم الأول والبيوع الموازية من أجل الموازنة بين الكميات المسلم فيها بالبيع والمطلوب بالشراء [13] .
ثم يقول : ” وتعتبر هذه الأداة واحدةً من أنجح الوسائل الملائمة للدول البترولية ، حيث يساعد الإنتاج البترولي الضخم على اجتذاب آلاف الملايين من الدراهم والدنانير والريالات التي لا تجد طريقها للمشاركة في التنمية الوطنية ” [14] .
( يتبع )
[1] صيغ التمويل الإسلامي ، سامي حمود ، ص 50 ، مجلة البنوك الإسلامية .
[2] المرجع السابق نفسه ، والشركات التي استجابت لهذا الاقتراح وقامت بإصدار النوعين المشار إليهما من الأسهم هي : شركات التوفيق للصناديق الاستثمارية وشركة الأمين للأوراق المالية في البحرين ، كما قام بنك التقوى الذي تأسس في كومنولث الباهاما سنة 1988 بتطبيق هذه الفكرة وإصدار النوعين من الأسهم . انظر : البدائل الشرعية لسندات الخزانة العامة والخاصة ، علي القرة داغي بحث مقدم إلى الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي بالكويت عام 1413هـ 1993م .
[3] انظر : تطبيقات بيوع المرابحة للآمر بالشراء من الاستثمار البسيط ، سامي حمود ، ص 436 ، بحث مقدم إلى ( ندوة خطة استراتيجية الاستثمار في البنوك الإسلامية ، الجوانب التطبيقية والقضايا والمشكلات ) المنعقدة في عمان سنة 1407هـ 1987م .
[4] بحوث في الاقتصاد الإسلامي ، القرة داغي ، ص 344 بتصرف .
[5] انظر : آفاق العمل المصرفي الإسلامي ودورة في التنمية الاقتصادية ، أسامة جعفر فقيه ، ص 289 . بحث مقدم إلى مؤتمر أسواق رأس المال العربية (1) منشورات الاقتصاد والأعمال 1995م .
[6] بحوث في الاقتصاد الإسلامي ، القرة ، ص 344 بتصرف .
[7] انظر : البدايل الشرعية لسندات الخزانة العامة والخاصة ، علي القرة داغي ، ص 230 – 231 ، بحث مقدم إلى الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي بالكويت عام 1413هـ 1993م .
[8] انظر : Islamic Banking, Zubair Iqbal & Abbas Mirakhor (International Monetary Fund, Washington, DC, 1987, P, 16.
[9] انظر : The Role of Sharia-Based Financial Instruments in Muslim Countries, D. M. Quereshi, P, 8, A research paper presented in the seminar in Kualam Pur 1407H-1986 on developing a system of financial instruments.
[10] المرجع السابق نفسه .
[11] انظر : المصارف الإسلامية ، نصر الدين محمد ، ص 35 ، دار القلم بجدة ، المعاملات المالية المعاصرة ، علي السالوس ، ص 148 ، تقويم أداء النشاط المصرفي الإسلامي ، غسان قلعاوي ، ص 175 ، دار صحف الوحدة ، سنة 1411هـ 1991م .
[12] انظر : الأسواق المالية في ميزان الفقه الإسلامي ، علي القرة داغي ، ص 22 ، مجلة الاقتصاد الإسلامي ، العدد 135 ، سنة 1413هـ 1992م ، أحكام الأسواق المالية ، هارون ، ص 306 – 307 .
[13] الأدوات المالية الإسلامية 2/1404 ، العدد السادس من مجلة مجمع الفقه الإسلامي .
[14] المرجع السابق نفسه .