محمد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الرسول الأعظم وصاحب المنة الكبرى
مارس 31, 2021مراتب التدرج في التشريع
مارس 31, 2021التوجيه الإسلامي :
البلاغة والإعراب والبيان في القرآن الكريم
( أول سور الجاثية والأحقاف ومحمد )
بقلم : معالي الشيخ الدكتور راشد عبد الله الفرحان *
سميت لأن الله ذكر فيها أحوال الناس يوم القيامة ولورود كلمة ” جاثية ” ، وتسمى الشريعة ، وكما ختم الدخان بالقرآن استهل هذه بالتأكيد على أن القرآن منزل من عنده لا من البشر .
3 ( إِنَّ فِى ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ َلآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) .
4 ( وَفِى خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) .
5 ( وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) .
ختام الآيات :
لِّلْمُؤْمِنِينَ – لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ – لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ :
الإنسان إذا تأمل في السماوات والأرض ، وإذا نظر في خلق نفسه وأنه لا بد من خالق مبدع ، آمن به ، وإذا نظر في خلق نفسه وفي خلق الحيوانات والدواب على سطح المعمورة ازداد إيماناً ويقيناً ، وإذا نظر في سائر العالم من اختلاف الليل والنهار ، ازداد علمه وكمل عقله فاهتدى وعقل .
25 ( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) .
26 ( قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ – قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ :
مطابقة الجواب للسؤال أنهم ألزموا بما هم مقرون به ، من أن الله تعالى هو الذي أحياهم أولاً ثم يميتهم ، ومن قدر على الإحياء قدر على جمعهم بوم القيامة ، فيكون قادراً على إحياء آبائهم .
28 ( وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
29 ( هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّ كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
كِتَابِهَا – كِتَابُنَا :
أضافه إلى الأمة لكون أعمالها مثبتة فيه ، وأضافه تعالى لكونه آمراً ملائكته بكتابته .
البلاغة :
الاستعارة المكنية : في ( كِتَابُنَا يَنطِقُ ) شبه الكتاب بشاهد يدلي بشهادته ، وقد حذف المشبه به واستعار شيئاً من لوازمه ، وهو النطق بالشهادة .
32 ( وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱلسَّاعَةُ لاَ رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِى مَا ٱلسَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) .
أدخل حرف النفي والاستثناء ليفاد إثبات النفي مع نفي غيره ، وتأكد ذلك بقوله ( وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ) .
أول سورة الأحقاف
سميت بذلك لورود كلمة الأحقاف فيها ، وابتدأ هذه السورة ما ختم به الجاثية العزيز الحكيم .
5 ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ ) .
الواو استئنافية ، ( مَنْ ) اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ، خبره ( أَضَلُّ ) .
إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ :
جعل إلى يوم القيامة غاية واحدة للاستجابة ، لكن آلهتهم لا تستجيب أبداً لو طلب منها شيئ .
15 ( وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَىٰ وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ ) .
الإعراب :
( إِحْسَاناً ) مفعول مطلق لفعل محذوف ، ( كُرْهاً ) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته أي حملا كرهاً .
البلاغة – المجاز المرسل :
في ( حَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً ) الفصال هو الفطام ، وأريد به هنا مدته التي يعقبها الفطام .
17 ( وَٱلَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِى وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ) .
وَيْلَكَ :
الأصل : ويل لك ، أي الهلاك لك ، نصب على المصدر ، وهذه المصادر لا أفعال لها من لفظها ، فإذا أضيفت حقها النصب ، مثل قوله تعالى في سورة طه ( وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً ) .
19 ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) .
دَرَجَاتٌ – دَرَكَاتٌ :
الجنة درجات والنار دركات ، وإيرادها هنا بطريق التغليب ، فمن أهل النار من يستوفي عقابه يدخل الجنة .
31 ( يا قَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِىَ ٱللَّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) .
مِّن ذُنُوبِكُمْ :
هذا كلام الجن لبعضهم ، ( مِّن ذُنُوبِكُمْ ) بعضها التي هي حقوق الله ، أما حقوق العباد فلا تسقط إلا برضاهم .
أول سورة محمد
سميت لورود ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في أول السورة .
4 ( فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذٰلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) .
5 ( سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ) .
6 ( وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ) .
البلاغة :
( فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ ) مجاز مرسل عن القتل ، والعلاقة ذكر الجزء وإرادة الكل ، فالمراد القتل .
الاستعارة التصريحية :
( حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) حيث استعار الأوزار لآلات الحرب وأثقالها التي لا تقوم إلا بها .
سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ :
هذه هداية بعد قتلهم ، ولا تكون إلا بالمعاد ، والمؤمن يدعو دائماً في صلاته وفي سورة الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم ، ومن الهداية إلى المعاد ، وقال تعالى في الكفار ( فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ ) [1] الصافات .
29 ( أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ) .
البلاغة الاستعارة التصريحية :
شبه المرض النفسي بالمرض الجسدي إذ أن كلاً منهما يتلف المرء ، وصرح هنا بالمشبه به ، دون المشبه .
38 ( هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِىُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم ) .
تَتَوَلَّوْاْ :
بتائين لأن المقصود بالتولي هنا هو التولي عن الإيمان والتقوى ، فجاء بالتولي تاماً .
* وزير الأوقاف والشئون الإسلامية في دولة الكويت سابقاً .
[1] تفسير مشكل القرآن ، الجزء الخاص بآيات العقيدة ، ص 147 .