(10) الأستاذ الدكتور محمد ياسين مظهر الندوي إلى رحمة الله تعالى
أكتوبر 20, 2020(1) الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت إلى رحمة الله تعالى
نوفمبر 10, 2020رجل فقدناه :
الأستاذ الدكتور العلامة المحقق د . نور الدين عتر
بقلم تلميذ له
هو الإمام العلامة المفسر ، المحدث الحافظ الفقيه ، الأستاذ الدكتور نور الدين عتر الحسني نسباً ، الحنفي مذهباً ، الحلبي مولداً ، نزيل دمشق ، ذو السبق في علوم الحديث النبوي الشريف روايةً ودرايةً في مجالات التدريس والتحقيق والتأليف . سليل أسرة علمية عريقة في التقى والصلاح ، راسخة في علوم الشريعة والحقيقة .
ولد الأستاذ الدكتور نور الدين عتر في حلب الشهباء عام 1356هـ ، الموافق 1937م ، وكان والده ( الحاج محمد عتر ) من خواص تلاميذ العلامة الجليل الإمام الشيخ العارف بالله : محمد نجيب سراج الدين رحمه الله ورضي عنه ، وكان الحاج محمد رحمه الله عالماً عاملاً مربياً مرشداً ، وقد نذر مولوده لخدمة دين الله تعالى ، وهيّأ له الأسباب ، فأتم الله تعالى ذلك بلطفه وجوده . درس في الثانوية الشرعية ( الخسروية ) وتميز بالتفوق والسبق في العلم والعمل من وقتها ، حصل على شهادة الثَّانوية الشَّرعية عام 1954م حائزاً الرتبة الأولى ، ثم التحق مباشرة بجامعة الأزهر في مصر وحاز شهادة الليسانس عام 1958م ، وكان الخريج الأوَّل على دفعته . وكان موضع نظر أساتذته الأجلاء من شيوخ الأزهر وعلمائه لما رأوه فيه من مخايل النجابة والجد والتقى ، وقد قسم له المولى الإفادة من علماء عاملين ربانيين منهم : الشيخ مصطفى مجاهد ، والشيخ محمد محمد السماحي ، والشيخ عبد الوهاب البحيري ، والشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد رحمهم الله تعالى وأعلى مقامهم . إلا أن صاحب الأثر الأكبر في تكوينه العلمي والروحاني هو سراج الأمة في عقودها الأخيرة شيخ الإسلام العلامة الشيخ عبد الله سراج الدين الحسيني ، الحافظ المفسر ، والعارف المحقق . . . والدكتور نور الدين رحمه الله تعالى ابن أخته وصهره زوج ابنته .
في عام 1964م حاز على شهادة ” العالِمية ” من درجة أستاذ ( الدُّكتوراه ) ، من شعبة التَّفسير والحديث بتقدير ممتاز مع الشرف ، حيث قدَّم أطروحته : ” طريقة الترمذي في جامعه ، والموازنة بينه وبين الصَّحيحين ” ، والتي تعدُّ نموذجاً فريداً من حيث المضمون والمنهج ؛ وغدت طريقته في تبويبها نمطاً فريداً اعتمده كثير من الباحثين في مناهج المحدثين .
وبعد تحصيل الدكتوراه عاد لسوريا مباشرة ، درّس في المرحلة الثانوية لفترة يسيرة ، ثم عُيِّن مدرِّساً لمادة الحديث النَّبويِّ في الجامعة الإسلامية منذ عام 1965م ، إلى عام 1967م ، في المدينة المنوَّرة ، على ساكنها أفضل الصَّلاة وأتمُّ السَّلام .
وفي عام 1967م عاد إلى دمشق ليعُيِّن مدرِّساً ثم أستاذاً في كلية الشَّريعة بجامعة دمشق فيها ، ودرَّس مادتي الحديث والتفسير في كليات الآداب في جامعتي دمشق وحلب ، كما درّس في العديد من الجامعات العربية والإسلامية لفترات وجيزة ، إضافة إلى العديد من المساجد . ولا زال – بفضل الله عز وجل – يباشر عمله في التدريس الجامعي حتى قبل وفاته بفترة وجيزة . . وقد تخرج على يده آلاف المدرّسين ، منهم نخبة متميزة من العلماء والأساتذة .
كما عمل خبيراً مختصاً لتقويم مناهج الدراسات الجامعية الأولى ومناهج مرحلة الدراسات العليا في جامعات متعدِّدة في العالم الإسلامي .
أشرف على عشرات الأطروحات الجامعية من دكتوراه وماجستير ، وهو محكَّم لبحوث الترقية لمدرّسي الجامعات ، وعرف بدقته الشديدة في تحكيمه .
تجاوزت مؤلفاته الخمسين ما بين تحقيق وتأليف ، أبرزها كتاب : ” منهج النقد في علوم الحديث ” الذي اعتبر مرحلة تاريخية جديدة في علم المصطلح بعد مرحلة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني .
وكتابه ” إعلام الأنام ” الذي يعد تحفة فريدة في الحديث التحليلي ، أبدع في بيان كيفية استنباط فقهاء الأمة الأحكام المختلفة من النص الواحد . وكتبه عموماً تتسم بالابتكار في التبويب ، وتكثيف المعلومات مع وضوحها للمتخصص في آن ، وهذا قلَّ ما يجتمع ، وأكثر مؤلفاته معتمدة كمقررات جامعية في العديد من الجامعات ، كجامعة دمشق والأزهر وغيرها .
هو لطلابه أب شفوق ومعلم صارم ومربٍ مصلح ، أثر في حياتهم العلمية والدعوية ، وكانت له الأيادي البيضاء في افتتاح الكثير من المعاهد والمدارس الشرعية ، ومساعدة عدد من طلاب العلم مادياً في الخفاء .
إن الشيخ العلامة مع كونه من أكبر علماء الحديث الشريف في وقتنا هذا ، إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق ، يتميز بالناحية الروحية الواضحة ، فتزكية النفس غايته ، وإدراك رضا الله ورسوله هدفه ، زاهدٌ في المناصب والدنيا ، متواضعٌ ، سمحٌ ، رحيمٌ ، نقي الصدر نقاء الثلج ، خاشعٌ ، رقيق القلب بكاءٌ ، وإن من يحضر مجالسه من ذوي الألباب يجزم أن الشيخ يحيا في عالم من أحبهم قلبه وتعلق بهم من السيد الأكرم صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه ، ولذلك فإنه رغم ضخامة إنجازاته يختار الخفاء دائماً ، والبعد عن الأضواء ما أمكنه ، بل لا نبالغ إن قلنا : إن منهجه هضم النفس والتواضع ، مع عطية ربانية من الوقار والهيبة ، يؤتيها الله تعالى أهل الصدق والاستقامة .
الدكتور نور الدين عطية من المولى سبحانه وتعالى لبلاد الشام ، إنه بحق محدث الشام وبركة الزمان .
فنسأل الله عز وجل أن يرحمه وأن ينفعنا به .