مشكلات اللاجئين ( عبر العالم ) في ضوء الكتاب والسنة
نوفمبر 10, 2020إرثنا المفقود في فتح الأندلس !
ديسمبر 15, 2020دراسات وأبحاث :
إسهام الصحابة في إنماء الأدب العربي
يم . ياسر عرفات علي *
د . يم . عبد القادر §
ملخص البحث :
اللغة العربية هي لغة سامية وعتيقة ، من بين اللغات العالمية . وهي إحدى لغات الجمعية العامة للأمم المتحدة . ومن أجل ذلك قررت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة احتفال اليوم العالمي للغة العربية في تاريخ 18 ديسَمْبر في كل سنة منذ 2012م . وهي إحدى لغات العالم في اليونسكو ، التي ينطق بها أكثر من 422 مليون إنسان في العالم العربي ، والتي يستخدمها أكثر من مليار والنصف من المسلمين في العالم [1] . ورغم أن اللغة العربية كانت تدور في الدائرة المحدودة في البقاع العربية فقط قبل ظهور الإسلام . ولكن بعد طلوع الإسلام انتشرت اللغة العربية وشاعت في مختلف البلدان العالمية فضلاً عن الجزيرة العربية . وقد تحقق ذلك بمساهمة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
ولكل لغة مرجع بغض النظر عن قدمها وحداثتها ، فمن أهم مراجع اللغة وأرجحها الأدب . وهو مرجع من مراجع اللغة ومنبع من المنابع لفنون شتى ، الأدب هو التعبير عن العواطف الإنسانية وخواطرها وهواجسها بأنواع الأساليب الراقية مثلاً في صورة الشعر والخطبة والكتابة والرسالة والحِكم والأمثال والقصص . فقسم المؤرخون الأدب بحسب عصره وزمنه إلى خمسة أقسام : العصر الجاهلي ، والعصر الإسلامي ، والعصر العباسي ، وعصر استيلاء التتار ، والعصر الحديث . رغم أن العصر الجاهلي مطلع من المطالع الهامة للأدب العربي والعصر الإسلامي أيضاً تفوق أهميته بذروته العليا في تطوير الأدب العربي وعدة نواحيه ، وطلع فيه نور رب العالمين في جزيرة العرب فتغيرت بيئة المجتمع الإنساني . فظهرت عدة من التغيرات في النظام الإنساني في شكل عام وفي الشعر والخطبة وما إليهما في الأدب العربي في شكل خاص .
وقد قمت بتقسيم بحثي هذا إلى خمسة مباحث . المبحث الأول تدور حول معالجته عن تعريف الأدب والصحابة ، والمبحث الثاني يخاطب عن أقسام الأدب وأنواعه ، المبحث الثالث يتكلم عن تعريف الشعر وطبقاته المتنوعة ، المبحث الرابع يتحدث عن موقف الصحابة وإلمامهم باللغة والشعر ومساهمتهم في ضوء الإسلام ، والمبحث الخامس يسلط الضوء على الأشعار المتنوعة في عهد الصحابة رضي الله عنهم .
المبحث الأول : تعريف الأدب :
الأدب لغةً : ذكر ابن منظور ” أن الأدب مأخوذ من الجذر الثلاثي ( أَ دَ بَ ) ، والأدب هو الذي يتأدب به الأديب من الناس . سمي أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح وأدب فتأدب علمه ” [2] .
الأدب اصطلاحاً : عرف الجرجاني الأدب في كتابه ” التعريفات ” هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ ” [3] .
تعريف الصحابي :
” منسوب إلى الصحابة وهي مصدر صحبَ يَصحبُ صُحَبَة بمعنى لازم ملازمة ورافق مرافقة وعاشر معاشرة [4] .
الصحابي : هو في العرف من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وطالت صحبته معه وإن لم يرو عنه صلى الله عليه وسلم ، وقيل : إن لم تطل [5] .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : ” من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام ، فيدخل فيمن لقيه ، من طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لم يرو ، ومن غزا معه أو لم يغز ومن رآه رؤيةً ولم يجالسه ، ومن لم يره لعارض كالعمى [6] .
أقسام الأدب :
إن المؤرخين قاموا بتقسيم الأدب إلى عدة أقسام حسب زمنه وعصره كما أشرنا من قبل .
العصور الخمسة الأساسية الآتية :
( الأول ) العصر الجاهلي
( الثاني ) العصر الإسلامي : من ظهور الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سقوط الدولة الأموية
ومن المؤرخين من يقسم هذا العصر قسمين ، فهو إلى نهاية عصر الخلفاء الراشدين يسمى عصر صدر الإسلام ، وما يليه إلى آخر الدولة الأموية يسمى العصر الأموي .
( الثالث ) هو عصر العباسيين أو العصر العباسي ويستمر إلى سقوط بغداد في يد التتار
( الرابع ) من استيلاء التتار على بغداد ويستمر إلى نزول الحملة الفرنسية
( الخامس ) العصر الحديث الذي يمتد إلى أيامنا الحاضرة [7]
الشعر والنثر أمران أساسيان في الأدب ، كلاهما يشملان أعضاء متنوعةً كما مر في المدخل ، أما النثر فيشتمل على الخطبة والكتابة والرسالة والحِكم والأمثال والقصص . وأما الشعر فيتنوع أنواعاً شتى حسب أفكار الشعراء وأحوالهم .
قد نقل فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي أغراض الشعر العربي في كتابه ” الأدب العربي بين عرض ونقد ” على سبيل المثال فرتبها كالغزل والتشبيب والحماسة والفخر والوصف والمديح والرثاء .
الشعر في اللغة : العلم ، وفي الاصطلاح : الكلام ، مقفى موزون على سبيل القصد ، والقيد الأخير وفي اصطلاح المنطقيين : قياس مؤلف من المخيلات ، والغرض منه انفعال النفس بالترغيب والتنفير ، كقولهم : الخمر ياقوتة سيالة ، والعسل مرة مهوعة [8] .
تتقسم طبقات الشعراء حسب أزمنة الشعراء :
الشعراء الجاهليون : مثل طرفة وزهير .
الشعراء المخضرمون : وهو من قال الشّعر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام مثل لبيد وحسّان .
( وقد يقال لكلّ من أدرك دولتين ، وأطلقه المحدثون على كلّ من أدرك الجاهلية وأدرك حياة النبي صلّى الله عليه وسلم وليست له صحبة ، ولم يشترط بعض أهل اللغة نفي الصحبة ) .
الشعراء المتقدمون : ويقال الإسلاميون ، وهم الذين كانوا في صدر الإسلام كجرير والفرزدق .
الشعراء المولّدون : وهم الذين أتوا بعد جرير والفرزدق كبشار .
الشعراء المحدثون : وهم من بعدهم كأبي تمام والبحتري .
والشعراء المتأخرون : كمن حدث بعدهم من شعراء اليمن والحجاز والعراق .
أغراض الشعر العربي :
من أهم أغراض الشعر الجاهلي الوصف والمدح والرثاء والهجاء والفخر والغزل والزهد والحكمة ، وكانت هذه الأغراض وليدة حياة الشاعر والأحوال الاجتماعية التي كانت تحيط به [9] .
الوصف : هو استخدامُ الشّاعر للكلمات الشعريّة من أجل التّعبير عن موقفٍ ، أو مشهدٍ مُعيّن ، وقد يكونُ هذا الوصف لشيئ طبيعيّ ، أو جامد . ومن الأمثلة على الوصف أن يصفَ الشّاعرُ جمال محبوبته ، أو يصف جمال بلدته أو مكانٍ ما مثل قريته أو منزله ، من أشهر الوصافين في الجاهلية امرؤ القيس ، وزهير بن أبي سلمى ، والنابغة الذبياني ، وعنترة العبسي .
المدح : هو من الأبواب المستقلة ، وموضوعه فضائل الجاهلية ومفاخرها ، وكان في قسم كبير منه بعيداً عن التكسب يرمي إلى إظهار الحب والشكر والإعجاب . من أشهر المادحين في الجاهلية زهير بن أبي سلمى ، والنابغة الذبياني ، والأعشى .
الهجاء : هو من أغراض الشّعر القديمة والذي كان يُستخدَمُ في الشّعر الجاهليّ ، وتحتوي قصيدةُ الهجاء على مجموعةٍ من الصّفات ، والألفاظ التي تَذكرُ مساوئ الشّخص ، وتصفه بأقبح الأوصاف . ومن أشهر الهجائيين : الحطيئة .
الرّثاء : المدح للميت يسمى رثاء ، فقد رثى الشاعر أبطال قبيلته المقتولين وندبهم ، ودعا إلى الأخذ بثأرهم . ومن أشهر أصحاب الرثاء المهلهل ، والخنساء .
موقف الصحابة ومساهمتهم في الشعر العربي :
قد وردت النصوص في الحث على الشعر وإباحته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن من الشعر لحكمة ” [10] ، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شعر لبيد ” أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل شيئ ما خلا الله باطل ، وكاد أمية بن أبي الصلت يسلم ” [11] .
إن الصحابة أخذوا يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم في كل خطوة من خطواته صلى الله عليه وسلم كما أرشد الله تعالى في كتابه ( وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ ) [12] لذلك قد شارك الصحابة رضي الله عنهم وساهموا في الشعر العربي في أساليب شتى في عدة مجالس . على سبيل المثال ، فقد روي عن جابر بن سمرة رضي الله عنه ، قال : جالست رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مأة مرة ، فكان أصحابه يتناشدون الشعر ، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية ، وهو ساكت وربما تبسم معهم . ويقول الشريد : استنشدني نبي الله شعر أمية بن أبي الصلت فأنشدته [13] .
حث الصحابة الكرام رضي الله عنهم استنشاد شعر مثل سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ، ” روي عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه اجتمع ببعض أولاد هرم بن سنان ممدوح الشاعر الفحول في الجاهلية زهير بن أبي سلمى ، فاستنشد سيدنا عمر بن الخطاب بعض مدائح زهير في مدح أبيهم ، فأنشده ، فعلق عليه سيدنا عمر بقوله : إن كان ليحسن فيكم القول قال : ونحن والله إن كنا لنحسن له العطاء ، قد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم ” [14] .
إن حفظ الشعر وتعليمه قد كان شائعاً ومشتهراً في عهد الصحابة ليحسنوا معرفة مختلف التفنن في كتاب الله تعالى الذي كان في ذروته العليا في الأدب العربي ، فلذا نحن نرى في التاريخ أن الصحابة كانوا يتعمقون في الأشعار العربية ، قال ابن عباس : ” إذا قرأتم شيئاً في كتاب الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب ” [15] ، مثل ذلك حرض عمر رضي الله عنه المسلمين على حفظ الشعر فقال : ( رووا أولادكم ما سار من المثل وحسن من الشعر ) . وقد أراد أحسنه ” [16] .
إن الصحابة كانوا في حزن شديد عند نزول الآية ( وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ ) ، جاء حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون ، قالوا : ” قد علم الله حين أنزل هذه الآية إنا شعراء ” ، فتلا النبي صلى الله عليه وسلم ( إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ) ، قال ” أنتم ” ( ذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً ) ، قال : ” أنتم ” ( وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ ) ، قال : ” أنتم ” ( وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ ) يردون على الكفار الذين كانوا يهجون المؤمنين [17] .
الشعراء من الصحابة :
أن هناك شعراء كثيرون في الصحابة . بعضهم كانوا مشهورين وبعضهم ما اشتهر صيتهم في هذا الفن . أود أن أذكر أسماءهم على ترتيب حروف الهجاء لتيسير الضبط للقراء والباحثين :
الأول : أبو أحمد جحش ( عبد الله بن جحش ) رضي الله عنه
الثاني : أبو بكر الصديق رضي الله عنه
الثالث : أبو الدرداء رضي الله عنه
الرابع : الأصيد بن سلمة رضي الله عنه
الخامس : حسان بن ثابت رضي الله عنه
السادس : خفاف بن ندبة رضي الله عنه
السابع : خفاف بن نضلة رضي الله عنه
الثامن : راشد بن عبد ربه رضي الله عنه
التاسع : سواد بن قارب رضي الله عنه
العاشر : ضرار بن الخطاب رضي الله عنه
الحادي عشر : العباس بن مرداس رضي الله عنه
الثاني عشر : عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
الثالث عشر : عدي بن حاتم رضي الله عنه
الرابع عشر : علي بن أبي طالب رضي الله عنه
الخامس عشر : فاطمة رضي الله عنها بنت الرسول صلى الله عليه وسلم
السادس عشر : قطن بن حارثة رضي الله عنه
السابع عشر : كعب بن مالك رضي الله عنه
الثامن عشر : كعب بن زهير رضي الله عنه [18]
قد أصدر الباحث والكاتب أسامة حمزة عجلان في بحثه عن الصحابة الذين قاموا بمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وعددهم أكثر من مأة وستين [19] .
دواوين الصحابة :
قد أورد عبد القادر عمر البغدادي في كتابه ” خزانة الأدب ولب ولباب لسان العرب ” دواوين الصحابة :
- ديوان حسان بن ثابت رضي الله عنه
- ديوان لبيد بن ربيع رضي الله عنه
- ديوان كعب بن زهير رضي الله عنه
- ديوان حميد بن ثور رضي الله عنه
- ديوان أبي محجب الثقفي رضي الله عنه
- ديوان النصر بن تولب رضي الله عنه
- ديوان عمر بن معديكرب رضي الله عنه
- ديوان حفاف بن ندبة رضي الله عنه
- ديوان الخنساء رضي الله عنها
- ديوان أخت صخر [20] رضي الله عنها
نرى دواوين أخرى من ديوان كعب بن مالك وديوان علي رضي الله عنهما وما إليهما من الدواوين . ” لم يكن الخلفاء الراشدون يرون بأساً من أن يقولوا الشعر هم أنفسهم فقد رويت الأشعار منسوبة لأبي بكر صديق رضي الله عنه وهي قصيدة حماسية قالها في بعض الغزوات ، وكذلك قد رويت الأبيات في الحكم منسوبة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ونحوها ، وكذلك رويت الأبيات لعثمان رضي الله عنه ، أما سيدنا علي رضي الله عنه فالمروى من أشعاره كثيرة بعضها قالها في معركة الصفين [21] .
الأغراض المهدوفة في أشعارالصحابةالكرام رضوان الله عليهم :
قد انبثقت الأشعار من الصحابة حسب الأحوال والبيئات لأغراض شتى نحو المدح والشكوى والاستعطاف والهجاء والأعذار وحب الموت في سبيل اللهو والرثاء وغيرها من الأغراض .
وإليكم بعض أبيات الصحابة التي صدرت من مختلف والأحوال والأوضاع .
مدح حسان بن ثابت رضى الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم :
يقول حسان بن ثابت مادح النبي صلى الله عليه وسلم واصفاً جماله صلى الله عليه وسلم :
وأحسن منك لم تر قط عيني وأجمل منك لم تلد النساء
خــــلـــقــت مـبرأ من كل عيب كأنك خلقت كما تشـاء [22]
مدح كعب بن زهير رضى الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم :
حينما أتى كعب إلى رسول الله خائفاً وتائباً ومستتراً أسلم على يديه وأنشد قصيدته المشهورة : ” قصيدة بانت سعاد ” وأنشدها أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمام صحابته الكرام . وهو يقول :
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يستضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
وفرح به النبي صلى الله عليه وسلم فكساه النبي صلى الله عليه وسلم ببردته التي كانت على جسمه المبارك ، فاشتراها معاوية من ولده ، فهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد [23] .
نحن نرى في قصة الهجرة أن الأنصار أبدوا الفرح والسرور بإنشاد الأبيات والأغاني وضرب الدف حينما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ، كما أخرج الحاكم من طريق إسحاق بن أبي طلحة عن أنس يقول : فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدف وهن يقلن :
نحن جوار من النجار يا حبذا محمد من جار [24]
أخرج أبو سعيد في كتابه شرف المصطفى لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بدأت الجواري يقلن :
طلع البدر علينا من ثنية الوداع وجب الشكر علينا ما دعا الله داع [25]
شعر الصحابة ( رضي الله عنهم ) في حب الموت في سبيل الله :
قد أنشد عبد الله بن رواحة أبياتاً في غزوة مؤتة يُبدي فيها حبه للموت في سبيل الله :
أقـــســـمــت يا نـــفــس لـتنـزلنه لــــتــــنـــزلن أو لـــــتـــكرهنه
إن أجلب الناس وشـــدوا الرنة ما لي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة هـــل أنــــت إلا نـطفة في شنة [26]
قد قامت الخنساء بمدح أولادها حينما استشهدوا في سبيل الله :
الحمد الله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته [27]
الهجاء :
إن الكافرين قد قاموا بإيذاء رسول الله صلى الله عليه سلم بأقوالهم وأفعالهم فأمرالله تعالى أن يقاتلهم . فلما هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة قد كثر هجاء الكافرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فأمر الصحابة أن يهجوا قريشاً بأشعارهم .
عن البراء بن عازب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت : ” اهجهم أو هاجهم وجبريل معك ” [28] .
هـجــوت محمداً فــأجبت عنه وعـــنـــد الله في ذاك الـجزاء
أتــــهجـــوه ولــسـت له بكفء فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركـاً ، براً حنيفاً أمــــيــــن الله شــيــمته الوفاء
فمن يهجو رسول الله منكم ويــمدحـــه ويـــنصــره سواء ؟
فـــإن أبــــي ووالـــده وعــرضي لـــعـرض محمد منكم وقاء
لسانـــــي صـــارم لا عـيـب فيه وبـــحـــري لا تـكدره الدلاء [29]
الاعتذار :
جاء كعب بن زهير إلى النبي صلى الله عليه وسلم تائباً ومعتذراً فأظهر عذره أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أُنْـــبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُول
وقَـــدْ أَتَـيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ [30]
الرثاء :
قد لعب الصحابة دوراً بارزاً في إنشاد الأبيات في الرثاء تحت قوانين الشرع وحدود الإسلام . على سبيل المثال :
رثاء فاطمة الزهراء رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم ، أخذت فاطمة الزهراء رضي الله عنها قبضةً من تراب قبر النبي صلى الله عليه سلم فقالت :
ماذا على من شم تربة أحمد ألا يــشم مد ى الزمان غواليا
صــــبــت عـلى مصائب لوأنها صبت على الأيام صرن لياليا [31]
الخاتمة :
قد لاحظنا في هذه القطعة من البحث أن الأدب العربي قد تطور في أوائل الأيام للإسلام بأبرز مساهمة الصحابة الكرام في نواحي فنونه ، خاصةً في الشعر العربي . والجدير بالذكر أن الصحابة الكرام قد لعبوا دوراً بارزاً في إنماء الأدب العربي خاصةً في الأشعار العربية التي صدرت من سليقتهم العربية الأصلية وفق الأحوال والأغراض . قد قاموا بإنشاد الأبيات المختلفة في الهجاء والمدح وحب الشهادة في سبيل الله والرثاء والاعتذار وهلم جراً . إنما أوردنا في هذه المقالة نموذجاً من نماذج سليقتهم الشعرية فحسب ، وكذلك هذا البحث يتحدث عما كان من تشجيع الصحابة رضي الله عنهم في الشعر العربي وتعليمه وتحفظيه في ضوء القرآن والحديث وتاريخ الأدب العربي . ومساهمة الصحابة رضوان الله عليهم العظمى في إنماء الأدب العربي ما زالت ولا تزال ملحوظةً في تاريخ الأدب العربي . والأمر الملحوظ فيه أن الصحابة قد غيروا وجه الأشعار والأبيات من مساويها إلى محاسنها حتى اعتز بها الإنسان والإسلام الذي يحذر عن غباوة الشعراء الجاهليين الذين كانوا في فرط بلاهة بوصف النساء والخمور ومن أجل ذلك قد نهض الأدب العربي بديباجتها المستجدة المستحسنة فزالت الخرافات والجهالة التي كانت في الأدب العصر الجاهلي .
والله ولي التوفيق .
* باحث الدكتوراه ، قسم الماجستير والبحوث في اللغة العربية كلية جمال محمد ، جامعة بهاراتيداسان ، تيروشيرابالي ، تامل نادو ، الهند .
- مشرف البحث والأستاذ المساعد والرئيس ، قسم الماجستير والبحوث في اللغة العربية كلية جمال محمد ، جامعة بهاراتيداسان ، تيروشيرابالي ، تامل نادو ، الهند .
[1] http://www.unesco.org/new/ar/unesco/events/prizes-and-celebrations/celebrations/international-days/world-arabic-language-day-2012
[2] لسان العرب ، 1/203 .
[3] التعريفات للجرجاني ، ص 29 .
[4] لسان العرب ، 1/519 .
[5] التعريفات للجرجاني ، 173 .
[6] الإصابة في تميز الصحابة ، لحافظ ابن حجر العسقلاني ، 1/159 .
[7] تاريخ الأدب العربي ، لشوقي ضيف ، ج 1 ، ص 14 .
[8] التعريفات ، للجرجاني 167 .
[9] تاريخ الأدب العربي ، لحنان الفاخور 63 .
[10] صحيح البخاري ، 6145 .
[11] صحيح البخاري ، 3841 .
[12] سورة الحشر ، الآية 7 .
[13] أدب المفرد للإمام البخاري 127 ، نقلاً عن الأدب الإسلامي وصلته بالحياة ، للأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي ، ص 30 .
[14] مختار الأغاني لابن منظور ، ج 5 ، نقلاً عن الأدب الإسلامي وصلته بالحياة ، لمحمد الرابع الحسني الندوي ، ص 26 .
[15] العمدة :11 ، ج 1 ، نقلاً عن تاريخ آداب اللغة العربية ، لجرجي زيدان ، ص 233 .
[16] البيان التبيين 213 ، ج 1 ، نقلاً عن تاريخ آداب اللغة العربية ، لجرجي زيدان ، ص 233 .
[17] تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ج 6 ، ص 175 .
[18] الإنابة إلى شعر الصحابة للشيخ حسين الشاكر النائطي مقدمة المؤلف ، نقلاً عن رسالة الدكتوراة ليوسف الجمالي ، ص 242 .
[19] https://www.al-madina.com/article/604507
[20] خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب ، لعبد القادر بن عمر البغدادي ، 1/20 .
[21] العمدة : 12 ، ج 1 ، نقلاً عن تاريخ آداب اللغة العربية ، لجرجي زيدان ، ص 233 .
[22] ديوان حسان بن ثابت لحسان بن ثابت ، 21 .
[23] الإصابة في تمييز الصحابة ، لحافظ ابن حجر العسقلاني ، ج 5 ، ص 443 .
[24] فتح البارح ، لابن حجر العسقلاني ، ج 7 ، ص 261 .
[25] فتح البارح ، لابن حجر العسقلاني ، ج 7 ، ص 261 .
[26] الأدب الإسلامي وصلته بالحياة ، للأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي ، ص 70 .
[27] الإصابة في تميز الصحابة ، لحافظ ابن حجر العسقلاني ، ج 8 ، ص 112 .
[28] صحيح البخاري 3213 .
[29] ديوان حسان بن ثابت 20 .
[30] الإصابة في تميز الصحابة ، لحافظ ابن حجر العسقلاني ، ج 5 ، ص 443 .
[31] مرقاة المفاتيح شرح المشكاة المصابيح ، لملا على القاري ، ج 4 ، ص 191 .