إسهام الصحابة في إنماء الأدب العربي
ديسمبر 15, 2020دراسة فنية للشعر الجاهلي : امرؤ القيس نموذجاً
ديسمبر 15, 2020دراسات وأبحاث :
إرثنا المفقود في فتح الأندلس !
الأخ محمد عفان القاسمي *
إسبانيا هي دولة عُرفت في الماضي باسم ” الأندلس ” المفتوحة على أيادي البطل الجري والمجاهد الكبير طارق بن زياد وجيشه عام ٩٢ للهجرة النبوية الشريفة وطلع على وجهها بدر الإسلام زهاء ثمانية قرون ، قامت الأمة المسلمة فيها بأعمال خلابة تشم رائحتها حتى اليوم ، ولا تنسى على مرور الزمن في كل مجال من مجالات الحياة من العلوم والفنون والزراعة والثقافة والحضارة ، وقد ولد ثمة كثير من العلماء والصلحاء والدعاة الذين غيروا مسيرة الحياة . و إلى جانب هذا ، تدمع العيون عندما تلوح على مخايل ذكريات سقوط الأندلس وتحزن القلوب حينما يعن لها بأن مئذنة جامع قرطبة تستخدم الآن كمنارة يدق الجرس من أعلاها وتتألم النفوس متذكرةً بأن المساجد التي قبلت أراضيها جباه الساجدين في الأيام المنصرمة ، تدسها الآن أقدام من لا يعتنقون الإسلام من أجل تحويلها إلى كنائس أو متاحف أو أمكنة سياحية عديدة .
فاتح الأندلس :
ولد طارق بن زياد عام ٥٠/٥٧ للهجرة في الجزائر في خنشلة ، وتعلم القرآن الكريم إلى جانب حفظه سوراً منه وحصل على علم الأحاديث الشريفة . ومع هذا فإنه يعد من أشهر القادة العسكريين المسلمين في العالم ، ساهم في فتوحات إسلامية بصحبة والي شمال إفريقيا موسى بن نُصير ، وقاتل بكل حماسة وشجاعة مما تسبب في جذب انتباه موسى إليه وإلقاء مسؤولية قيادة الجيش على عواتقه وراح إلى الأندلس مستهدفاً الانتصار على الرغم من أنه كان مولى له – موسى – . وبالنسبة لوفاته ، أنه توجه إلى دمشق برفقة موسى ولقي حتفه هناك ، واختلف المؤرخون حول مصيره ، حيث ذهب بعض إلى أنه رجح الابتعاد عن الدنيا وما فيها لعبادة الله ، لكن بعضاً منهم قالوا : إن الخلاف حدث بينهما واطلع الخليفة الأموي على ما جرى واستدعاهما منها إلى دمشق لحل الخلاف ثم قام بالإقامة هناك إلى أن أتاه الأجل في عام ١٠١ للهجرة .
فتح الأندلس : محرك الهجوم على الأندلس :
والجدير بالذكر أن الأمراء والحكام والقواد وذوي الرتب العليا كانوا يرسلون ذكورهم إلى القصر لدى الملك ليخدموه ويزينوا نفوسهم بالآداب والأخلاق . ومن ناحية أخرى ، أن الملك لم يكن يقصر في حقوقهم ويكفلهم مثل أولاده ، وكان يرجع لهم الخيار حول العودة إلى والديهم إثر أن يبلغوا . والأمر كان على حال ما مضى بشأن إناث الأمراء اللائي كن يتقدمن بالخدمات إلى حرم الملك . ويتبعن التقليد المذكور ، أرسل يليان – عامل الروم السابق على منطقتي طنجة وسبتة – بنته إلى خدمة ملك القوط لذريق فقدمت الخدمات إليه حتى تجاوزت عن سن البلوغ ففتن الملك بشبابتها الساحرة وجمالها الرائع ، ومارس الاعتداء على شرفها ، ثم هي بلغت خبر ما تعرضت له إلى الأب مما أفعم قلبه بالغيظ والغضب تجاه الملك فاستعد للانتقام منه على ما حدث وجمع حوله من وافق على رأيه وأتى بهم إلى موسى بن نصير فقال من رافقوه له أن تشن الغارات على الأندلس وإنما الفتح لكم بالضبط ، لكنه فكر فيما اقترحوا عليه ولم يرد عليهم بكلمات موفرة لهم الطمأنينة والسكون بشأن اقتراحهم ، ثم أخبروه بأنهم حالياً تحت الملك الذي لا يرى فيه أي أثر رحم والآن لا مغيث لنا إلا أنت فافعل ما يناسب لك للوقاية عن قعر جهنم . وبعد استماع ما تفوهوا به طرح التساؤلات حول الأندلس إلى جانب إرسال رسالة إلى الخليفة وليد بن عبد الملك مستأذناً منه للمبادرة إليها ، وهذا إلى أنه ألحق به – يليان – للعثور على أوضاع الأندلس خمس مأة رجل عادوا غانمين بدون أي ضرر يلحق بهم [1] .
المبادرة إلى الأندلس :
ومن المذكور أن موسى بن نصير بعد الحصول على الإجازة ، أمر طارق بن زياد – وهو كان والياً على طنجة في تلك الأيام – بأن يأخذ الطريق إلى الأندلس للقيام بالمداهمة عليها بمرافقة سبعة آلاف مجاهد فعبروا البحر راكبين متن أربع سفن متوجهين إلى الأندلس ونزلوا بالمكان الذي يسمى الآن بـ ” جبل طارق ” وجعلوه قاعدةً لهم . وذلك إلى أنه يحكي بأنه – طارق – أقدم على إحراق السفن التي عبر عليها البحر كي لا يبقى لهم أمل للعودة إلى ما قدموا منه قبل تحقيق النجاح فيما حلموا به ، كما أن بعضاً من المؤرخين أنكروا هذا الحادث . ثم بدأوا بشن الغارات وفتحوا مدينة قرطاجنة والجزيرة الخضراء . فعندما وصل إلى مسامع الملك لذريق النبأ من حملة المسلمين على البلاد واتجاههم إلى قرطبة أرسل طائفة من مقاتليه إليهم وواجهوا المجاهدين قرب الجزيرة الخضرة ، لكن كثيراً منهم قتلوا وبعضهم نجحوا بالهرب وأنبأوا الخبر بمصيرهم مما هز الملك فجعل يهيئ نفسه للهجوم وبدأ يحشد الناس ويستمدهم حتى خرج مع جيش هائل يصل عدده إلى مأة ألف مقاتل . وعلى يد أخرى ، اطلع طارق على هذه التجهيزات الضخمة من قبل الأعداء ، وكتب رسالةً إلى موسى بن نصير طالباً إياه بالمساعدة من المقاتلين فحظيت بالقبول في صورة إرسال خمسة آلاف مقاتل نحوه . هكذا احتوى الجيش الإسلامي على ١٢٠٠٠ مقاتل واستعد للمقاومة وقبل أن تدور الحرب بينهما ألقى القائد الجريئ طارق بن زياد خطبةً حماسيةً حثت المجاهدين على الجهاد ورغبتهم قائلاً : أيها الناس ! أين المفر ؟ البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس لكم والله إلا الصدق والصبر . إلخ ” ، ثم قامت بالهجوم هذه الشرذمة القليلة المسلمة على الآخر بشدة لم يكادوا يستقروا أمامهم مما أسفر عن لقاء معظمهم مصرعهم وإصابة الآخرين بالجروح ، وبالنسبة للملك فإنه لاذ بالفرار من ميدان الحرب من حيث لم يتم العثور عليه بعد ، وأصبح الفتح الرائع للجيش الإسلامي الذي لم يتوقف هنا بل ظل يمضي قدماً إلى الأمام وينتصر على المدن واحدة تلو الأخرى من قرطبة وإشبيلية وطليطلة وما إلى ذلك من المدائن التي تحتضن ثقافة الإسلام والمسلمين حتى الآن مع أن أكثر من خمسة قرون قد مضت على حكومتهم هناك . ثم جاء يوم غادر فيه موسى وطارق الأندلس بعد أن طلب إياهما الخليفة وليد بن عبد الملك إلى الشام .
تعامل المسلمين مع الأغيار :
والأمر الذي يستحق الذكر هنا هو أن المسلمين لم يقوموا باغتيال الناس ونهب الأموال وسلب الأمتعة وتدمير البيوت وتخريب المعابد كما هو عادات من الأغيار ويشهد عليها التاريخ بعد أن أصبحوا من الفاتحين في دولة ومدينة ما ، ولم يسيؤوا إليهم بل أمهلهم أهل الإسلام وسمحوا لهم بممارسة تقاليد دينية ونشاطات حضارية بشكل كامل على شريطة أن لا تكون لهم – أهل الإسلام – عائقة . وإلى أن الأغيار تولوا مناصب عاليةً في عديد من الأقسام الحكومية ، ولم يكتف عباد الله بما ذكر فحسب بل اهتموا بعقد القران مع نساء وبنات من غير المسلمين لتنتهي الوحشة التي حدثت بينهم بشأن المسلمين جراء القهر عليهم وليستفيدوا من الحكومة الراشدة الإسلامية بدون خوف وذعر . هذه هي الخصائص التي أرغمت المؤرخين على حمد وثناء على الحكام المسلمين الذين رعوا رعيتهم سواء بسواء .
تطوير الزراعة والثقافة وتشييد المباني :
ومن المذكور ” أن العرب كان لديهم حنكة في مجال الزراعة فاستفادوا منها وقاموا بالزراعة بشكل هائل حتى انتشرت الخضراء ثم ربطوا مدائن بعضها ببعض من حيث عمت الرفاهية في أنحاء البلاد ” [2] . ومن جهة أخرى ، أن أهل الأندلس تناموا إلى اعتناق الإسلام مما أسفر عن تطوير الثقافة الإسلامية وترويج اللغة العربية هناك على الرغم من أن العلماء المسيحيين حاولوا حتى الوسع لمقاومة انتشارها لكن باؤوا بالفشل في الغرض . وهكذا فإن الأندلس هي صارت منبع العلوم والفنون واهتمت بها على نطاق واسع ، وبالتالي قد ولد وترعرع في جوها الصافي كثير من الأعلام النبلاء الذين توسعت دائرة سمعتهم الطيبة بحد أحاط بالعالم كله ، منهم المفسر الكبير الإمام شمس الدين القرطبي والزهراوي وابن الحزم وابن العربي وابن شهيد وابن القسيس وغيرهم – رحمهم الله – ويقال في آخر الذكر : إنه كان أول من قام بعملية جراحية على الظهر على وجه خاص ، وأول من أوجد الآلات الجراحية التي استفادت منها أوروبا إلى مدى خمسة قرون . ولدينا علم بأن الحكام كانوا مولعين بتعمير المباني من المساجد والمدارس والقصور كما يمكن لنا أن نكون من الشاهدين عليه بعد الزيارة لعديد من المناطق الهندية . فهم أيضاً بنوا هناك مساجد فذةً من جامع قرطبة ومسجد قصر الحمراء ومسجد المرابطين وقصوراً خلابةً من قصر الزهراء وقصر الحمراء على نمط إسلامي تدل على العصر الذهبي للمسلمين هناك حتى الآن وأن بعضاً منها تعد من المعالم الأثرية الإنسانية ومن أكبر مصادر سياحية إسبانية تجذب أنظار العالم إليها ، ولكن من الأمور المقلقة للغاية هي أن بعضاً منها قد تم هدمها وتحويلها إلى كنائس وقسماً آخر منها جعلت تستخدم لأغراض أخرى لا علاقة لها بالإسلام . وأرى هنا من المناسب أن أعرض عليكم قائمة بعض من المساجد التي تستعمل لأهداف غير مبنية عليها أصدرته ” مجلة المجتمع ” الصادرة عن الكويت ١٨ يوليو ٢٠٢٠م .
- حالياً ، ينظر إلى جامع قرطبة الكبير من جانب كل من الحكومة الإسبانية والفاتيكان على أنه كنيسة كاثوليكية مسجلة تابعة للفاتيكان .
- مسجد داخل قصر الأحمر قد تحول إلى كنيسة بدخول المنطقة تحت سيطرة المسيحيين .
- مسجد المرابطين هو أحد أقدم مساجد غرناطة وعند انهيار قسم كبير منه في القرن السادس عشر أنشئت مكانه كنيسة سان خوسيه .
- تم تحويل مئذنة المسجد إلى برج جرس الكنيسة .
- في مدينة طليطلة بني مسجد باب المردوم عام 999م ثم تحول إلى كنيسة في عام 1085م .
- مسجد ترنرياس . يستخدم الآن كمركز لترويج الفنون اليدوية . وغير ما سبق ذكره توجد هناك عدة مساجد غير متحلية بالمصلين .
والأسف الشديد على من يثيرون التساؤلات والجدل بشكل متواصل حول إعادة آيا صوفيا من جديد كمسجد لأنهم لم يتفوهوا لفظاً ولم يطالبوا طول الحياة بتحويل المساجد المذكورة إلى حالتها الأصلية بل أصبحوا صماً وبكماً وعمياً وما زالوا محبوسين في الأفكار المطروحة من قبل الدول الغربية والآن خرجوا من الجحر مثل الضفادع التي تخرج في الموسم الخاص .
على الرغم من أن تركيا تضع لديها شواهد تثبت بأن الملك على ” آيا صوفيا ” هو للسلطان محمد الفاتح فيحق لذويه أن يتصرفوا في ممتلكاته كيف يشاؤون . وهذا إلى أنه لا شيئ للعجب في بيع المعابد لدى المسيحيين كما يمكن أن نشاهد في زمننا هذا فلا سبيل لأي نوع من التردد في بيع آيا صوفيا للسلطان محمد الفاتح .
ملوك الطوائف :
ومما ذهب بقوة الأمة المسلمة ويضعفها يومياً هو الشجار فيما بينهم . وهذا هو المرض الذي التصق بالحكومة الأندلسية ولم يبتعد عنها حتى ابتلعها كلها وانطفأ نورها للأبد . والجدير بالذكر أن عبد الرحمن الناصر هو حاكم تولى زمام الحكومة من ٣٠٠ حتى ٣٥٠ للهجرة ووسط هذه الحقبة الزمنية هو عزز أركان الحكومة ونظمها بأسلوب ساعد على إقلاع جذور الشرور والفتن من داخل البلاد وخارجها ولم يكد يموت حتى انتشر الفساد وتشتت شمل الحكومة ثم جعل الناس يقيمون الحكومة على المناطق المنتمية إليهم ولم تنسد هذه السلسلة المشؤومة حتى سقوط غرناطة . هكذا بدأت فترة ملوك الطوائف التي أفعمت قلوب الناس بالحقد والحسد ضد أقاربهم مما دفعهم إلى تحريض الولد على الوالد والأخ على الأخ وابن الأخ على العم ، وبالنسبة مما سبق اندلعت نار الحرب بينهم التي جاءت بخسران عظيم على الأمة .
الوحدة مفتاح النجاح :
ومن العناصر ذات الأهمية التي يهدي إليها الدين الحنيف وتضمن المستقبل الزاهر للأمة ، الوحدة في صفوفنا كما قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم ” وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ” ، لكننا صرفنا النظر عن هذا الأمر مثل الأمور الأخرى الدينية . نتيجة ذلك أحاط بنا العار على مستوى العالم ووقعنا في مستنقع الذل والذلالة والحال أن المساجد تهدم ويوضع حجر أساس المعابد غير الإسلامية مكاناً منها والأمهات يصرخن والأخوات يصحن من النكبات التي تحل بهن ويتم الطعن على شرفهن والأطفال يستغيثون لكن لا يرى لهم في الأرض من ولي ولا نصير على الرغم من أن الدول الإسلامية يزيد عددها من ٥٠ دولة وتتمتع بوسائل طبيعية من النفط والغاز اللذين يقف عليهما مجرى الحياة العالمية ولا مبرر لإحدى دول العالم غيرهما وإلى أنهما يمكنانها من أن تأخذ موقفاً صارماً ضد كل من يحارب الإسلام والمسلمين . وأظن مناسباً هنا أن أذكر قصةً رائعةً ترشدنا إلى أهمية الاتحاد ، هي أن عجوزاً كان له أولاد فطلب مرةً إياهم ووضع الحبل على أياديهم قائلاً لهم أن يكسروه فجاهدوا حسب مستطاعهم لكن لم ينجحوا في هدفهم ثم فك العجوز أجزاء الحبل وأعاد طلبه السابق من جديد موجهاً الكلام إلى أصغر أولاده فكسره بسهولة بعد الأخذ ، ثم نصح الشيخ لأولاده بأن يكونوا كجسد واحد للأبد لئلا يغلب عليكم أحد وتعيشون حياةً مرضيةً وإلا تكونون ضعفاء كأجزاء الحبل .
سقوط غرناطة :
ومن المؤسف للغاية أن هذا الداء الذي جرى الكلام فيه بيننا آنفاً لم يبتعد عن مسلمي الأندلس مما أسفر عن تقلص الحكومة الأندلسية في غرناطة ، ومن ناحية أخرى أن الأعداء لم يكونوا غافلين عن كل ما يحدث بينهم – المسلمين – فانتهزوا فرصةً ثم أتى يوم قام فيه الملك فرديناند بمحاصرة غرناطة إلى مدة تمتد إلى نحو ثمانية أشهر قاوموها لكن نفد كل ما يمتلكونه مع مرور الأيام مما صعب عليهم العيش فطالب بعض من الناس بأن يسمح لهم بالقتال مع الأعداء لكن لم تتحقق أمنيتهم لأن الملك أبو عبدالله كان يخاف من قلة عدد المحاربين البالغ عشرين ألف مقابل مأة ألف عدو ، ثم أحضر المجلس الاستشاري الذي وافق على الاتفاق مع الخصم بصرف النظر عن الأصوات التي رفعت فيه للقتال إلى الأجل والاتفاق كان منطوياً على عهود تالية :
– أن كلاً من أهل الإسلام يستحقون بالأمن والأمان
– وتكون أموالهم وممتلكاتهم محفوظة
– ويتصفون بصفة الحر في قضايا دينية ولا تغلق المساجد
– ويكون لهم قضاة يحلون مسائل ترجع إليهم
– ومن اعتنق الإسلام لا يجبرون على تركه وهكذا الأمر مع المسلمين
– ولا تضرب لهم ضريبة سوى الضرائب المحددة
وغير ما ذكر أخذ المسيحيون عدة وعود تصل إلى خمسة وخمسين وعداً حسب ما أفاده شكيب أرسلان في رواية باسم ” آخر بني سراج ” . هكذا سقطت حكومة غرناطة وغربت شمسها للأبد بعد أن تزين الاتفاق بتوقيعات الكبار والمسؤولين من كلا الطرفين في غرة شهر ربيع الأول عام ٨٩٧ للهجرة ما يوافق ٣٠ من ديسمبر عام ١٤٩١م .
نقض العهد :
ومن المذكور ، أن الملك فرديناند نقض العهد إثر فور الاستيلاء على الحكومة وقام بتحويل أكبر مساجد غرناطة إلى الكنيسة ثم بدأت الحرب ضد المسلمين وتقاليدهم الإسلامية من حيث إنهم أجبروا على خلع الحجاب والبراقيع والمساهمة في المراقص وتغيير أسمائهم وترك اللغة العربية في كل الوجوه من الكتابة والقراءة والتكلم ولم يتوقف الأمر هنا بل واجهوا الجبر على التنصير مهما هم ينتمون إلى الإسلام بشكل أساسي أو غير أساسي ومن لم يلبوا دعوة عديمي الأصل ، إلى الباطل ، هم عانوا من عدة أنواع العقوبة حتى تم إعدامهم وإشعال نار في أجسادهم أمام أعين الناس . وهكذا عامل عديمو الشرف مع معالم إسلامية من مساجد ومدارس وقصور عبر الهدم والتخريب وتغيير أغراضها الأصلية . ومن الممكن لنا أن نتعرف على مدى حقدهم على الإسلام والمسلمين بحيث إنهم استجمعوا كتباً مكتوبةً في اللغة العربية من القرآن وعلوم القرآن وعلم الحديث والطب والهندسة وما إلى ذلك من الكتب القيمة التي بذل المسلمون قصارى جهودهم تجاه الحصول عليها وربما تكون أداةً تضمن المستقل الزاهر لمن يستفيد منها لكن الغيظ والحسد غطيا أعينهم وأحرقوا عشرات آلاف من هذه الكتب على مفرق الطرق لباب الرهلة ، وأصبح هذا التراث الغالي كرماد للأبد .
جملة الكلام ، أننا لم ننس ولن ننسى ماضينا ونستمر التذكير لمن يجيئ خلفنا ولمن يطرح الأسئلة عن تحويل آيا صوفيا وعلينا أن نكون كالبنيان يشد بعضها بعضاً كي لا ننتثر مثل أوراق الأشجار .
أخيراً ، ندعو الله جل وعلا أن يقوم بإيجاد الوحدة داخل صفوف المسلمين ويعيد مجدهم ويحميهم من مؤامرات داخلية وخارجية . آمين .
* طالب السنة النهائية للماجستير بجامعة دلهي ( الهند ) .
[1] تاريخ الإسلام لمولانا أكبر شاه ، ص ٢٣ – ٢٤ ، ج ٣ .
[2] انحطاط المسلمين وارتقاؤهم ، باللغة الأردية لمولانا سعيد أحمد ، ص ١٦٩ – ١٧٠ .