أتبين دينيه ( قبل الإسلام ) ناصر الدين دينيه ( بعد الإسلام ) ( الحلقة الثالثة )

دور مجموعة ” حكايات الكورونا ” القصصية في تعزيز القيم الإيمانية
يوليو 13, 2021
شمولية اللغة العربية ومعنويتها ومدى إفادتها من النواحي المتنوعة ( الحلقة الأولى )
يوليو 31, 2021
دور مجموعة ” حكايات الكورونا ” القصصية في تعزيز القيم الإيمانية
يوليو 13, 2021
شمولية اللغة العربية ومعنويتها ومدى إفادتها من النواحي المتنوعة ( الحلقة الأولى )
يوليو 31, 2021

من وحي التنوير :

أتبين دينيه ( قبل الإسلام )

ناصر الدين دينيه ( بعد الإسلام )

( الحلقة الثالثة )

بقلم : الدكتور غريب جمعة ( جمهورية مصر العربية )

كان أتبين دينيه متديناً بطبعه وقد جذبته أخلاق وسلوكيات أهل بوسعادة إلى دراسة الإسلام ، ولكن كان عليه قبل هذا كله أن يسلك منجهاً لتحقيق هدفه المتمثل في الاطمئنان إلى عقيدة ” دينيه ” وقد تمثل ذلك بإلزام نفسه بالبحث العلمي الصارم الذي ابتدأه بدراسة المسيحية من حيث صحة مصدرها وعقيدتها ، وقد انتهى به البحث إلى أن الإنجيل الذي أوحى به الله تعالى إلى عبده عيسى عليه السلام قد ضاع أو باد أو أبيد أما العقيدة الكاثوليكية المنبثقة عن المجامع الكنسية والأناجيل المحرفة فإنها لا تتحمل المناقشة العلمية حيث أظهرت الأدلة العديدة التي توصل بها في دراسته أنها مليئة ” بأغلاط واضحة ” ونمضي مع الرجل في رحلته الشاقة للبحث عن ضالته ، فقد اتجه إلى العقل لعله يهديه إلى الحق فلم يسلمه إلى شيئ يقارب نفس المتدين ، وتلفت حوله ونظر : ماذا فعل أمثاله ممن شكوا في المسيحية وشكوا في العقل ؟ فرأى نفراً من النصارى قد دانوا بالإسلام ويكثر عددهم على مر الأيام ، ورأى هؤلاء المسلمين الجدد من خاصة الناس ومثقفيهم وعلمائهم ، كما أن إخلاصهم في ذلك لا شك فيه لأنهم أبعد ما يكونون من الأغراض المادية . وكان انتقال دينيه إلى الجزائر سبباً لاقترابه أكثر وأكثر من الإسلام بشكل ملحوظ حيث عاش في مدينة بوسعادة التي استقر بها ورأى في أهلها ما يراه كل عاقل من بساطة وهدوء ، وسألهم عن دينهم ثم فكر وتأمل في الإسلام فشدته مبادئه إليه ، وكان أولها : أن عقيدته لا تقف في سبيل التفكير فقد يكون الإنسان صحيح الإسلام وفي نفس الوقت حر التفكير ، وكما أن الإسلام صالح منذ نشأته لجميع الشعوب والأجناس فهو صالح كذلك لجميع العقليات ، وكانت المرحلة التالية في رحلة الرجل وهي عقد مقارنات ( الصواب موازنات ) بين الإسلام والمسيحية في موضوعات تتعلق بالألوهية والصلاة والتسامح والعلم ، وقد انتهى من المقارنة بأن أعلن إسلامه في عام 1913م واختار اسم ” ناصر الدين دينيه ” حيث أوقف حياته للدفاع عن الإسلام ونصرته وقال قولته المشهورة : ” لقد اخترت الإسلام بعد أربعين سنة من الدراسة والملاحظة والتأمل في هذا الدين العظيم ” .

ويعلق الدكتور ، لخضر شايب على ذلك بقوله :

” وجدير بالتنبيه أن أسباب إسلام دينيه كانت كثيرةً ولكن أهمها على الإطلاق . فيما نرى . كانت موافقة أصول الدين الخاتم لمبادئ العقل أو عدم مجافاتها له على الأقل . وحالة اتبين هنا تصلح مثالاً على أن الطابع العقلاني للقرآن الكريم كان من أشد العوامل الفاعلة في إسلام الأوربيين ، وذلك بعد انتفاء العناصر التي كانت تمنعهم في السابق من التوقف عند حد الإعجاب به فقط كما في حالة التأليهين الإنجليز ، وقد كان ناصر الدين من هؤلاء الأوربيين الجدد الذين دخلوا الإسلام من باب عقلانيته قبل أن يتعمقوا في دراسته فيعلموا أن أثر مبادئه يصل إلى كل بعد في الإنسان وقد قرر دينيه ذلك فقال : ” إن تأثير الإسلام على النفس يسمها بطابع لا يمحي ” .

ويزيد هذا الأمر وضوحاً فيقول :

” لا أستطيع اليوم أن أقول أن النواحي التي استهوتني أكثر من غيرها فإن الإسلام على ما يبدو لي بناء تام الصنعة وكل أجزائه قد صيغت ليتمم بعضها بعضاً ويشد بعضها بعضاً ، فليس هناك شيئ لا حاجة إليه ، وليس هناك نقص في كل شيئ ، فنتج عن ذلك كله ائتلاف متزن مرصوص ، ولعل هذا الشعور من أن جميع ما في الإسلام من تعاليم وفرائض قد وضعت موضعها هو الذي كان له أقوى الأثر في نفسي ، ومنذ تلك اللحظة نهض دينيه يدافع عن الإسلام ويصحح الأخطاء ويفضح أكاذيب كتاب الغرب وساسته الحاقدين على الإسلام وعدم اعترافهم بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتشكيك في رسالته متأثرين بميراث القرون الوسطى من أفكار سطحية خاطئة وغير دقيقة عن الإسلام .

ويظهر دينيه عظمة الإسلام فيقول مؤكداً ما اهتدى إليه :

” لقد أكد الإسلام من الساعة الأولى لظهوره أنه دين صالح لكل زمان ومكان إذ هو دين الفطرة والفطرة لا تختلف في إنسان عن آخر وهو لهذا صالح لكل درجة من درجات الحضارة ” .

دفاع عن تعدد الزوجات في الإسلام :

واستمع إلى الرجل وهو يدافع عن تعدد الزوجات في الإسلام  فيقول :

” إن تعدد الزوجات عند المسلمين أقل منه انتشاراً عند الغربيين الذين يجدون لذة الثمرة المحرمة عند خروجهم على مبدأ الزوجة    الواحدة ” .

ثم يقول :

” إن تعدد الزوجات قانون طبيعي ، وسيبقى ما بقي العالم ، إن نظرية الزوجة الواحدة أظهرت ثلاث نتائج خطيرة :

  1. العوانس .
  2. البغايا .
  3. الأبناء غير الشرعيين .

وإلى اللقاء في حلقة قادمة مع هذا الفنان العلامة الكبير .