أفضل الخلق في قاعة الامتحان
يوليو 3, 2020الواقع الحاضر ” الفيروسات ” والإغلاق الكامل
أغسطس 11, 2020الافتتاحية : بسم الله الرحمن الرحيم
ينتظرون الفشل الكامل في إذابة الإسلام
كما قد أرادوا في إذابة المسلمين
إذا تعمقنا في النظام الطبيعي لهذه الكائنات الهائلة المتسعة التي خلقها الله سبحانه وتعالى في لمحة من بصر ، أدركنا أن كل شيئ من هذا الخلق السماوي الرباني إنما يعيش تحت إشراف إلهي دقيق ، فقد وضع الله سبحانه نظاماً متقناً دقيقاً ، وخلق كل شيئ بقدر ، سواء كان من أصحاب العقول الواعية المميزة بين النفع والضرر ،كالجنس البشري وحتى الخلق الذي ليس من هذا الجنس ، ولكنه يتمتع بالعقل الموهوب من الله تعالى في قضاء حياته ، وإن كان أصغر من حجم النمل أو أعظم مثل الفيل ، أو ما فوقه أشد منه كالأسود والعفاريت وما أشبه ذلك ، وحتى الجمادات التي تتجرد عن ميزة العقل المحسوس ، ولكنها ذات شعور بالقوة العظيمة التي خلقتها ، وأكرمها بالحساسية المجهولة بالظاهر ، ولعل ذلك الواقع هو الذي يشير إليه سبحانه وتعالى بقوله : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ . وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ ) .
ومن ثم نالت الطبايع البشرية أهميةً قصوى بين جميع الأجزاء والأنواع المخلوقة في هذا الكون الذي يشمل أكبر مخلوق بإزاء الإنسان وهو السماوات والأرض كما قد بينه الله سبحانه في كتابه العظيم قائلاً : ( لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) ، وقال : ( إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لَـاۤيَاتٍ لِّـأُوْلِى ٱلأَلْبَابِ . ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هٰذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ، وقد جاء في تفسير ابن كثير ضمن معنى مبدء هذه الآية في قول الله تعالى : ( إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ ) ” أي السماوات في ارتفاعها واتساعها ، والأرض في انخفاضها وكثافتها واتضاعها ، وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة من كواكب سيارات وثوابت ، وبحار وجبال وقفار وأشجار ونبات ، وزروع وثمار وحيوان ومعادن ، ومنافع مختلفة الألوان والروائح والطعوم والخواص ” ، وفي قوله تعالى ” وَٱخْتِلاَفِ ٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ ” أي تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر ، فتارةً يطول هذا ويقصر هذا ، ثم يعتدلان ، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيراً ويقصر الذي كان طويلاً ، وكل ذلك تقدير العزيز العليم ” ، أما الجزء الأخير من الآية فعلاقته بأصحاب العقول الذكية التي تدرك الأشياء بحقائقها وتفاصيلها المعلومة ، فهم الذين يتفكرون في كل شيئ صغير أو كبير ، جليل أو قصير ، ويكونون دائماً ذاكرين آثار القدرة الإلهية بغاية من الدقة ، والبراعة التي لا تفارقهم في أي حال ، فلا تخفى عليهم الظروف التي يعيشون فيها ، فتكون قلوبهم معمورةً بذكر الله وعقولهم مشغولةً بتذكر نعم الله تعالى في جميع الأحوال والأوقات ، فقد جاء في صحيح البخاري عن عمران بن حصين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنبك ) ، فأولو الألباب لا ينقطعون في حال ما عن ذكر الله والتفكير في عظم قدرة الله تعالى في الخلق والأمر .
لم تكن هذه التوجيهات السماوية لأي خلق آخر ، إلا للإنسان الذي ألبسه الله تعالى لباس العقل الإنساني الذي لا يتوافر مثله في خلق من هذه الكائنات الواسعة التي عمّرها الله سبحانه لكي يعيش فيها الناس بين نعم الله التي أكرم بها الإنسان في هذه الدنيا من صورة جميلة متميزة معتدلة وقوة التمييز بين الخير والشر والنفع والضرر ، الواقع الذي كان يتطلب أن يعلمه دروس الإنسانية ويتبين له الطريق الواضح للحياة التي يرضاها ، خالقه العظيم مما لا يرضاه ، فبعث الرسل من أول يومه لتحقيق هذا الغرض الأصيل ، حتى تعلم الناس منهم أساليب العيش في هذه الدنيا والتزود منها بما يقدمه أمام ربه ، يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وإن كانت هناك طائفة تعلن بكل جراءة أنها تموت وتفنى من غير رجعة إلى حياة جديدة ، وأن الدنيا هي مقرها الأول والأخير ، دون أن يكون هناك بعث أو آخرة تُحاسب فيها الأعمال أو يجازى فيها المرء بما أنجز من أعمال سيئة أو حسنة ، ومن ثم يتوزع الناس بين هاتين الطائفتين وتجري بينهما مناداة ( وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ . ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ كَافِرُونَ ) .
فكانت الدنيا مقر امتحان لأفضل الخلق ، وقد وجه إليه الخالق سبحانه جميع التعاليم الإنسانية لإسعاد الحياة عن طريق الأنبياء والكتب السماوية وبواسطة عباده المصلحين ، إلى المجتمعات البشرية كلها التي خضعت لتعاليمهم وجمعت بين نعيم الدنيا والآخرة ، ومنها من لم يكتب له من هذه السعادة حظ فضلت به الطرق المتباينة المتشاكسة ولم يكتب له الجمع بين خيري الدنيا والآخرة رغم الدعوة السماوية التي أنزلها الله تعالى عن طريق الأنبياء والرسل ، وأعلن مدوياً مجلجلاً : ( إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ) ، ومنذ ذلك الإعلان الصريح خضع هذا النوع البشري أمام الباطل لإشفاء غليل العبودية أمام الأصنام والأوثان ، ولم يبال بما إذا تم هذا الإشفاء باتخاذ الأحجار والأشجار معبوداً له .
وقد توسعت عبادة الباطل من الآلهة الكاذبة المتخيلة في العهد الجاهلي الذي نالت الجاهلية فيه رواجاً واسعاً وأصبحت لكل شعب وقبيلة ولكل أسرة آلهةً باطلةً من تراب الأرض وامتلأت أرض الله تعالى بالجاهلية التي لا مثيل لها في القرن السادس الميلادي ، حتى قضى الله سبحانه بمبعث خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم في بداية القرن السابع ، ومنَّ على الناس بهذه البعثة الخاتمة في المجتمع الجاهلي الذي كان يسود القبائل وجميع المجتمعات الموجودة آنذاك ، فبعث فيها رسولاً منها يتلو على أهلها آيات الله تعالى ويزكيهم من أوضار الجاهلية ويعلمهم الكتاب والحكمة بعد ما عاشوا في ضلال مبين ( لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلالٍ مُّبِينٍ ) ( آل عمران : 164 ) .
مع هذه البعثة العظيمة الأخيرة طلعت شمس الإسلام ونورت ظلام الجهل والوثنيات بجميع ألوانه فانقشعت الظلمات وظهرت صورة الإنسان المؤمن بالله ورسوله مشرقة ومبددةً للظلام الذي غشي العالم البشري من مدة غير قصيرة ، وإن كانت ظلمات الجهالات والوثنيات قد تراكمت وصعب على الناس أن يخرجوا منها بسهولة وكاد يبدو أن الخروج منها صعب ، وكان الدين الجديد الدائم القائم الذي بُعث به رسولنا العظيم في محنة في خضم الجاهلية التي عاشها إنسان ذلك العصر ، ولكن الله تعالى كشف عنه هذه الغمة التي أقلقت بال المسلمين يوم ذاك ، وقرر أن هناك نوعين من الناس ، فالطاعيين لهم جزاء حسن في الدنيا والآخرة ، أما العصاة المتمردون فهم في شقاء في الدنيا والآخرة ، ولو كان قد أراد أن يعيش الإنسان في حالة واحدة لما كان هناك إلا طريق واحد وأسلوب للعيش واحد ، ولما كانت طاعة ولا معصية في حياة الجنس البشري ، ولكان الناس جميعاً في كل حال سواء ، ولكن الله سبحانه أبى أن يكون الجميع في حالة واحدة ، وأعلن بذلك في كتابه العظيم : ( وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلـٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( النحل : 93 ) .
إنما هو الإسلام الذي ميّز بين المؤمن والكافر وجعل على نوعين وقرر لكل نوع جزاءً وعقاباً ، وأنزل الله كتابه العظيم على رسوله خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، دستوراً دائماً للحياة والكون والإنسان ، وأودع في كل حرف من آياته معاني عميقةً ومفاهيم جليلةً تبين الغاية بكل وضوح ، وتنور الهدف الأسمى للخلق والأمر الذي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرحه بأعماله وأقواله وبكل لمحة من حياته ، وأعد جيلاً من أتباعه المؤمنين ، وهي أمة الإسلام التي أثبتت صدق هذا الدين وطبيعته وأصالته وخلوده مع طبيعة الإنسان وظروفه وأحواله ، فمن طبق متطلبات الحياة الطبيعية على طبيعة الدين فهو الإنسان المطلوب عند الله تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً . إِنَّا هَدَيْنَاهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) .
وأدام الله سبحانه طبيعة الإنسان السميع البصير على هذه الصفة الخالدة إلى يوم القيامة ، فالشاكرون لهم من نعم الحياة ما يشاؤن ، أما الكافرون فهم عائشون في حرمان منها ، وإن كان الله تعالى قد قضى لهم نعمة الرزق والعيش في الحياة الدنيا ، ولكن أنى لهم الطمأنينة الإيمانية في الدنيا والجزاء الأوفى في الآخرة ، قد تغيب هذا السر أو أغفلته العقول الإنسانية القاصرة ، وظلت قائلة : ( إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ) .
لقد كشف علينا الإسلام بشموله العام جميع أستار الحياة والكائنات وأصبح المسلم بعيشه الكامل في هذا الدين الجديد القائم الدائم نموذجاً مثالياً لكل كائن في العالم ، وزالت الأوهام الجاهلية والوثنيات الرائجة بين الناس من أساسها ، ذاك أن هذا الدين الجديد الكامل الذي أكمله الله سبحانه كان إعلاناً صارخاً ضد الضلالات والأفكار الزائفة ، فتبين الطريق الواضح المشرق لكل ما خلقه الله سبحانه وتعالى في الدنيا ولا يستغني عنه الإنسان للحظة واحدة ، فسماه الله تعالى نعمةً كاملةً وخاطب بها الإنسان فقال : ( ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأِسْلاَمَ دِيناً ) .
إلا أن كثيراً من الناس لم يستسيغوا هذه النعمة وظلوا يتيهون في الظلام الدامس ، ولم تر عيونهم العمياء نور هذه الشمس الدائمة ولا أدركوا عكساً من تلك الإشراقات الإيمانية التي طلعت على العالم البشري بواسطة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله تعالى بأوصاف لم تتوافر لأي نبي قبله فقال : ( يا أَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً . وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ) ، وقد نور هذا السراج المنير كل ركن مما كان يعيش في ظلام مطبق ، وإذا بالعالم كله أصبح منوراً بنور الإسلام بالحكمة التي أُوحي بها رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم ، يقول المفكر الإسلامي الكبير العلامة السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي :
” أتى النبي صلى الله عليه وسلم بدعوة الإصلاح من بابه ووضع على قفل الطبيعة البشرية مفتاحه ، ذلك القفل المعقد الذي أعيا فتحه جميع المصلحين في عهد الفترة ، وكل من حاول فتحه من بعده بغير مفتاحه ، ودعا الناس إلى الإيمان بالله وحده ، وقام في القوم ينادي : يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ، ودعاهم إلى الإيمان برسالته والإيمان بالآخرة ” . ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) .
إن الفترة التاريخية الواسعة التي حدثت قبل ظهور هذا الدين الجديد الإسلام عن طريق رسولنا العظيم أتاحت فرصاً لاختراع مذاهب وأيدلوجيات جديدة تولاها الاستعمار الغربي ، كما نالت الوثنيات المنوعة في الجزيرة العربية انتشاراً بين القبائل والشعوب العربية ، وذلك بطول الفترة التي امتدت ستة قرون متتالية ، وكانت جذور اليهودية والنصرانية وما أشبهها من المذاهب المرتجلة قد تعمقت في الأذهان حتى صعب الإعراض عنها وأصبح الإيمان الراسخ بالدين الجديد أمراً غريباً ، ومبعث التساؤلات والمنتج إلى الرفض الباتّ بإزاء الجاهلية ذات الجذور العميقة في كل قلب ، ولذلك لما جاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالدين القيم اتهموه بكل الأوصاف الذميمة ، واستخدموا كل الأساليب الهزلية والسخرية ، ورفضوه رفضاً باتاً .
ولكن الدين الكامل الدائم كيف يندحر بهذه الأساليب والمكايد الرخيصة ، وقدر الله له الانتشار ببطء في أول الأمر ثم نال الانتشار والقبول حتى وسع الجزيرة العربية بكاملها وتجاوز منها إلى أنحاء العالم شرقاً وغرباً ونال من القبول من جراء التضحيات والأوضاع الخطيرة التي تحملها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه العديدون المتفانون في حبه ، وبرقابة الرب الكريم الذي حكم بنزول هذا الدين وكونه منبع كل خير وعز وكرامة للجنس البشري ، ونزلت سورة تؤكد دخول الناس في هذا الدين أفواجاً ( إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا ) ، وأصبح الإسلام حقيقةً عمليةً من غير نقص أو زيادة فيه إلى يوم الدين ، وسادت شريعة الإسلام جميع أنحاء العالم ، وإن كانت طائفة من أتباع إبليس يحاربونها ، كما قد عهد بذلك يوم سجود الملائكة لآدم عليه السلام ، وقد تحدث بذلك كتاب الله تعالى : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لِآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ ) ، وعاش دين الله تعالى بين المؤمن والكافر بقضاء من الله سبحانه ويظل كذلك إلى يوم القيامة ، ويعيش الإسلام بعزة الدوام والخلود بمشيئة من الله تعالى .
وقد شهد التاريخ الإنساني منذ ذلك الوقت أن أتباع إبليس يذمون المسلمين ويقيمون العوائق دون إسلامهم بكل الأساليب واختراع فلسفات ونظريات كاذبة باسم العلم والصناعة والاختراعات – وإن كانت كل ذلك نتيجةً للفكر الإسلامي والمفكرين الإسلاميين – وحاولوا صدهم عن دينهم ، واستمرت أساليب منوعة لتحقيق هذا الغرض من غير تراخ أو تأخير ، ولكنهم باؤا بالفشل ونالت دعوة الفكر الإسلامي يتسع مجالها ونشاط الدعاة إلى الإسلام يزداد قوةً ومكنةً ، والمهتدون إليه يتكاثرون على مرّ الأيام والليالي ، أقلق هذا الوضع أعداء الإسلام المتربصين فاتفقوا على استخدام سلاح يقضي على الإسلام ويمحو تأثيره في الحياة والمجتمع ، وذلك بافتراءات كاذبة من وجود أمراض وفيروسات مدمرة للعالم البشري من خلال الاجتماعية الدينية التي يمارسها المسلمون لأداء واجبات الدين في المساجد والبيوت والمجالس الدينية ، وبكل شيئ من الصلوات والاجتماعات الدينية والاحتفالات العقدية والاجتماعات المكثفة في الحج والأعياد ، وحلقات الإفطار في شهر رمضان ، وأمور دينية كثيرة أخرى ، أجمعوا على صد هذه النشاطات كلها عن طريق العوائق المزعومة ( Lockdown ) والفيروسات الخطيرة الموهومة على المستوى العالمي بمصداق : كرّر الكذب حتى يعود صدقاً .
ونحن المسلمين نواجه اليوم هذه الحيل والمكايد كلها نفسياً واجتماعياً ونخشى أن لا نصاب بمصايب اصطناعية تضيق علينا الخناق وتهدد بقاء أركان الإسلام .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
سعيد الأعظمي الندوي