حب النبي صلى اللّه عليه وسلم
ديسمبر 23, 2024النظافة في الحياة البشرية من خلال المصادر الإسلامية والدراسات الحديثية ( الحلقة الأولى )
ديسمبر 23, 2024الدعوة الإسلامية :
رعاية الله للمرأة على تداول الأزمان
حول الطلاق في الإسلام
( الحلقة الثالثة )
بقلم : الدكتور غريب جمعة *
الطلاق في الإسلام هو حل عقد الزواج ، وحل عقد الزواج خطير جداً وأمره عظيم ، ذلك لأن الأسرة إنما تقوم على هذا العقد ، والأسرة هي الأمة في مجموعها ، فالتساهل في حلها حل لأوثق رباط مقدس عند الله وفي المجتمع ، ومن أجل ذلك كان الطلاق مذموماً حتى في الشريعة الإسلامية التي أباحته للضرورة الملحة ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق ” [ رواه أبو داود والحاكم وصححه ] .
وما كان الطلاق بغيضاً إلى المولى عز وجل إلا لأنه انهدام لصرح الأسرة وفكاك لوحدتها وتمزق لقوامها ، والأسرة كما قلنا هي قوام المجتمع وتمكينه بها .
ومن الجهل الفاضح من بعض الكاتبين هو حملتهم على الطلاق ، وأنه لا ينبغي أن يكون في أمة من الأمم .
أجل هذا جهل فاضح لأن الحياة إنما هي أخذ ورد وأعمال مختلفة فيها الصالح والطالح ، وفيها الحسن والقبيح ، وفيها الخير والشر فماذا يكون حال المرأة إذا كان زوجها سكيراً شريراً عربيداً لا يبالي بشرف أو عرض فمثل هذا يستحيل بقاء الزوجية معه . والذين كانوا يذمون الطلاق بالأمس القريب عادوا فأقروه في شرائعهم وأخذوا بالواقع الماثل بين أيديهم . ذلك لأن الطلاق حل عقدة مستعصية أحياناً تؤدي إلى مفاسد وشرور كثيرة .
ألا ترى أن الذين كانوا يعتقدون أن عقد الزواج إنما هو عقد سماوي مقدس لا يحل في الأرض عادوا فحلوه ولماذا حلوه ؟
لأنهم رأوا فساده وبغيه وظلمه قاصماً للظهور ، ومشتتاً للأفكار . نعم أحل الإسلام الطلاق كما قلنا ، ولكن للضرورة الملحة القائمة والمستحكمة . وهذه الضرورة قدرها الإسلام بقدرها فجعلها كالدواء للداء لا يزيد عن ذلك ولا ينقص شيئاً فجعل الطلاق مراحل . وإذا قال قائل هذا الطلاق بيد الرجل وبعض الرجال لا خلاق لهم ولا ارعواء ولا خوف من الله فيقسون كل القسوة على المرأة فماذا تصنع المسكينة إذا أصيبت بمثل ذلك ؟
الأمر هين … فالله عز وجل جعل لها الخلع ، والخلع فكاك من الزوجية ، والخلع إنما يكون عن رضا ورد المرأة لما أنفق الرجل وتعويض عن ذلك وهو كاف كل الكفاية . والأصل فيه ما رواه الإمام البخاري والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة ” .
على أن الطلاق والخلع مقدم عليهما التحكيم والصلح بين الزوجين ، وهذا معروف للمحاكم والقضاة ، والتحكيم حينما يكون من أهل الزوج ومن أهل الزوجة كما أمر الله سبحانه وتعالى فإن فيه كل الإنصاف وكل الحق .
والكراهية التي تخالط أحد الزوجين لا تدوم ، وكذلك أسبابها وبواعثها فمتى فاء الرجل وفاءت المرأة إلى أمر الله وفكر كل منهما في ذلك حصلت الراحة والخير والبركة . وانظر إلى هدى القرآن في الصلح بين الزوجين ترى عجباً ، يقول الله تبارك وتعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً . وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ) [ النساء : 34 – 35 ] .
ويقول عز من قائل : ( فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) . وقد تقدم الكلام عنها .
ومن البهيمية المزرية أن يظن بعض الناس أن المرأة إنما خلقت للذة فقط ، وينسى ما وراء ذلك من الحمل والولادة والسهر ، وهذه كلها مسائل هامة عظيمة ليست باليسيرة أبداً ، وإنما جعل الله هذه اللذة أشبه بالطعم في المصيدة . وخسر وخاب من ظن أن المرأة مخلوقة للذة فقط ، فمثل هذا الصنف من الرجال لا إنسانية لهم ولا قلوب ولا عقول ، لأن هذه اللذة تعرفها حتى البهائم بل تتناطح التيوس من أجلها .
ثم إن نظام الطلاق في وحي الله جاء ، وفيه الحكمة كل الحكمة والخير كل الخير والهدى كل الهدى .
والحق أن الذي يقصر الزواج على اللذة فقط إنما هو بغيض مهين لا يدري معنى الحياة ولا يفهم أقدارها ومنافعها ، ولماذا كانت ، سواءً كان الزوج أو الزوجة . ألم يعلم أن الزواج إنما هو لبناء الأسرة وبناء الأسرة بناء للأمة ؟ يجهل ذلك فيهدم أو فتهدم البيت الذي هو عماد الأسرة وعماد الأمة ، وهذا كثير جداً لا ينبغي أن يصدر من عاقل .
ألم يرد في حق المرأة التي تطلب لطلاق من زوجها دون مبرر شرعي قول رسول الله صلى الله علي وسلم : ” أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ” [ رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي ] .
وكذلك ألم يرد في حق الرجل العابث بقدسية ميثاق الزواج قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لعن الله كل ذواق مطلاق ” [ انظر فقه السنة للشيخ سيد سابق الجزء الثامن صفحة 8 ، طبعة مكتبة الآداب ومطبعتها القاهرة 1963م ] .
وإذا سألت عن حكم الطلاق في التشريع الإسلامي فقد فصله الإمام أحمد بن حنبل تفصيلاً حسناً ، ونحن نورده هنا : فعنده قد يكون الطلاق (1) واجباً وقد يكون (2) محرماً ، وقد يكون (3) مباحاً ، وقد يكون (4) مندوباً إليه .
فأما الطلاق الواجب : فهو طلاق الحكمين في الشقاق بين الزوجين إذ رأيا أن الطلاق هو الوسيلة لقطع الشقاق .
وكذلك طلاق المُولى بعد التربص مدة أربعة أشهر لقوله تعالى : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [ البقرة : 226 – 227 ] .
والإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يقرب زوجته ولكن لا ينبغي أن يتمادى في غيه وجهل حقوق المرأة الواجبة عليه . فإن تمادى فبلغ أربعة أشهر يصبح الطلاق هو الحل الوحيد . وإن ثاب إلى رشده وأتى زوجه قبل ذلك يغفر له إساءته وعليه كفارة اليمين .
وأما الطلاق المحرم : فهو الطلاق من غير حاجة إليه ، وإنما كان حراماً لأنه ضرر بنفس الزوج وضرر بزوجته وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراماً مثل إتلاف المال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لا ضرر ولا ضرار ” . وفي رواية أخرى أن هذا النوع من الطلاق مكروه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” أبغض الحلال إلى الله الطلاق ” . وفي لفظ : ” ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق ” . [ رواه أبو داود ] .
وإنما يكون مبغوضاً من غير حاجة إليه – وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالاً – ولأنه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها مكروهاً .
وأما الطلاق المباح : فإنما يكون عند الحاجة إليه لسوء خلق المرأة . وسوء عشرتها والتضرر بها من غير حصول الغرض منها .
وأما المندوب إليه : فهو الطلاق الذي يكون عند تفريط المرأة في حقوق الله تعالى الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها ، ولا يمكنه إجبارها عليها – أو تكون غير عفيفة .
قال الإمام أحمد – رحمه الله – لا ينبغي إمساكها ، وذلك لأن فيه نقصاً لدينه ، ولا يأمن إفسادها لفراشه ، وإلحاقها به ولداً ليس هو منه ولا بأس بالتضييق عليهن في هذه الحال لتفتدى منه قال تعالى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) أي : لا تمسكوهن لتضيقوا عليه . [ النساء : 19 ] .
قال ابن قدامة : ” ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب . قال : ومن المندوب إليه الطلاق في حال الشقاق وفي الحال التي تخرج المرأة إلى المخالفة لتزيل عنها الضرر ” .أهـ
ولقد سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقة الطلاق الشرعي المسنون فلا ينبغي للمسلم أن يتجاوزها فإن مجاوزتها غير مرضية ، والطلاق بها مختلف فيه . والطريقة هي : أن يطلق الرجل زوجته المدخول بها طلقةً واحدةً في طهر لم يمسسها فيه .
قال تعالى : ( ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ . فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 229 – 232 ] .
أسباب النزول :
– أسباب نزول الآية : 229 قوله تعالى : ( ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) :
أخرج الترمذي والحاكم وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها في العدة وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل لامرأته : والله لا أطلقك فتبيني مني ولا آويك أبداً قالت : وكيف ذلك ؟ قال : أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك . فذهبت المرأة وأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فسكت حتى نزل القرآن : ( ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) الآية .
– أسباب نزول الآية : 230 قوله تعالى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) :
أخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حبان قال : نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك ، كانت عند رفاعة بن وهب بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقاً بائناً ، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها . فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إنه طلقني قبل أن يمسني أفأرجع إلى الأول قال : لا حتى يمس ونزل فيها ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) .
– أسباب نزول الآية : 231 قوله تعالى : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ ) :
أخرج ابن جرير عن طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ، ثم يطلقها يفعل ذلك يضارها ويعضلها فأنزل الله هذه الآية .
وروى البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم عن معقل بن يسار أنه زوَّج أخته رجلاً من المسلمين فكانت عنده ثم طلقها تطليقةً ولم يراجعها حتى انقضت عدتها ، فهويها وهويته فخطبها مع الخطاب فقال له : يالكع . أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها ، والله لا ترجع إليك أبداً ، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه فأنزل : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ آيَاتِ ٱللَّهِ هُزُواً وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ ٱلْكِتَابِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) .
فلما سمعها معقل قال : سمعاً لربي وطاعةً . ثم دعاه وقال : أزوجك وأكرمك . وأخرجه ابن مردويه من طرق كثيرة .
هذا وموضوع الطلاق موضوع خطير ، وحسبنا ما ذكرنا في هذه العجالة ، ومن أراد التوسع فليرجع إلى الموسوعات الفقهية ففيها طلبته إن شاء الله .
وبعد ، فما قول الذين يعادون الإسلام ويتهمونه بأنه ظلم المرأة ولم ينصفها ؟ فليقدموا ما عندهم إن كانوا صادقين .
ولكنهم عزفوا على وتر حساس تحبه المرأة وهو ” حقوق المرأة ” وهو قول ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ، واللعب بعواطف المرأة واستدراجها إلى أماكن اللهو والعبث والبعد عن الطهر والعفاف .
وقد سار في فلكهم الجهلة من المسلمين الذين لا يقرون معروفاً ولا ينكرون منكراً – حتى أصبحت نسبة الطلاق في المجتمعات الإسلامية نسباً مرعبةً تهدد بشر مستطير وإفساد عريض بسبب الخروج على شرع الله وعدم الالتزام بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولن يصلح آخر هذا الزمان إلا بما صلح به أوله .
قال تعالى : ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) . [ طه : 123 – 124 ] .
والله الهادي إلى سواء السبيل .
* جمهورية مصر العربية .