ينتظرون الفشل الكامل في إذابة الإسلام
يوليو 21, 2020الافتتاحية : بسم الله الرحمن الرحيم مؤامرة عالمية ضد الإسلام والمسلمين !
سبتمبر 14, 2020الافتتاحية : بسم الله الرحمن الرحيم
الواقع الحاضر ” الفيروسات ” والإغلاق الكامل
لم تكن قصة فرعون في القرآن الكريم مذكورةً بأساليب قرآنية عديدة إلا للتأمل في الواقع الذي استحوذ على فئة الطاغية العالمية ، وليس تعدد ذكرها في كتاب الله إلا ليبين الله تعالى ذلك التمرد الذي بلغ به إلى أعلى قمة من دعوى الألوهية حتى اجترأ على أن يقول لبني إسرائيل ولمن تبعهم ( أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ ) ، اقرأوا ما جاء على سبيل المثال فقط في سورة النازعات : ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ . إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِى ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى . ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ . فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ . وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ . فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ . فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ . ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ . فَحَشَرَ فَنَادَىٰ . فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ . فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ . إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ ) .
وقد وفّر الله سبحانه وتعالى هذه العبرة بمشيئته تعالى التي سيتراءى لها مثال في يوم من الأيام لأعضاء الأمة الإسلامية ، فقد بدت آثار ذلك في العصر المتأخر ، يوم اجتمع بعض المردة من اليائسين عن الحياة واستقر اجتماعهم لاسترداد الأمل في الحكم الجائر ، ورجاء العودة إلى السيادة العالمية التي ودعتهم من سالف الزمان ، وقد أوحى إليهم الشيطان قائلاً : لا مجال لليأس أبداً ، وأسرّ إليهم أن يعلنوا بأن هناك فيروسات خطيرة جداً تشتت العالم بكامله ، وتستهدف العالم البشري قبل كل شيئ ، قامت جميع الوسائل المأجورة بنشر هذا الإعلان بأسلوب موسع ، وأكدت أنها استهدفت كل شيئ ولا سيما الإنسان من جميع النواحي ، فلا مناص من الالتجاء إلى الدول الكبرى العالمية والالتماس منها البحث العاجل عن العلاج لصد هذه الموجة الوبائية واتخاذ تدابير ناجعة لوقاية الأجيال البشرية على المستوى العالمي من غير تأخير أو تأجيل .
فكانت أول علاج ناجع سريع أن يتحدد النشاط الاجتماعي بل يُمنع كل فرد عن الاتصال بآخر ، ويُعلن كل بلد وكل حكومة عن الامتناع الكامل عن ذلك ولو بأصغر حجم ، حتى يوضع الحد على العبادات الاجتماعية وعلى الأذان والجماعات في المساجد والمعابد ، ويُحرم الخروج عن البيوت بقانون ( الإغلاق الكامل ) ، ذلك لكي لا تتجاوز الفيروسات من البيوت إلى الشوارع فيتعدى الناس جميعاً ، فأُغلقت البيوت على أهلها ، والمساجد على المصلين المجتمعين ، والاجتماع على المناسبات ، وهكذا توقفت الحياة وتجمدت القرائح عن التفكير ، وتعطلت الحياة ، وسكتت جميع أصوات العمل والنشاط .
فإذا تم ذلك تحقق الحد على جميع أبواب الخير الذي يميز الإنسان عن غيره وينقله من عالم الحياة الحافلة إلى ركن ضيق من اليأس والخمول ، ويكون منعزلاً عن أداء الواجبات الحيوية والاتصالات القوية بين الجسم والروح وحتى بين الخلق والخالق ، وذلك أسلوب سهل وطريقة ميسورة لقطع العلائق الإنسانية أو تحديد الروابط من كل نوع بين المجتمعات البشرية ، وذلك تخلصاً من الأوبئة والفيروسات التي تنشا بكثرة الاختلاط واللقاءات .
ولم يكن كل ذلك إلا لإخفاء ما صدر ويصدر منهم من إخفاقات كثيرة في مجال النشاط العالمي عما له علاقة بالسياسات الرخيصة التي اخترعوها والتي يصبح فيها المرء مقبولاً في لحظة ومرفوضاً في اللحظات القادمة ، ولعل هذا هو الحافز الكبير على إسدال الستار على الجنايات الخطيرة التي صدرت عن حاكم أو قاض أو من يُشبه ذلك النوع من الناس ، ولكن هذا الإنسان العاجز لما اخترع أسلوباً لاستعباد الناس وفرض عليهم الشقاء باسم فيروسات خطيرة للأمراض العالمية وأصرّ عليها سلط الله سبحانه عليه ما لم يكن في الحسبان من أخطار وأمراض صعب عليه العلاج ، بل وكلما قام بتدبيرات لعلاج الأمراض المزعومة أولاً ثم المفروضة عليه من خالق الكون والإنسان جاء الفشل وزاد العجز ، ذاك أن من قضاء الله تعالى للإنسان في كل مناسبة أو مصيبة بوجه خاص أن يعود إليه بالدعاء ويطلب منه الشفاء بغاية من العجز والإنابة والتوبة إليه من أعماق القلب ، وبذلك يستجيب الرب تبارك وتعالى دعاء القلب الخاشع الخاشي ، وقد وعد بذلك فقال : ( وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) .
وهناك ناحية أخرى مهمة جداً ، وهي أن الحياة التي نعيشها نحن المسلمين بوجه عام ، سواء في العبادات والمعاملات أو في الشئون الاجتماعية الأخرى ليست على ما يرام ، بل الواقع أنها تعارض تعاليم الإسلام الحكيمة في معظم الأحوال والظروف ، ونبرر الرخص والرعايات من خلال رغباتنا ، هذا من الطبقات المطلعة على القضايا الدينية والمسائل الاجتماعية والفردية ، أما العامة فإنهم يتبعون أهل العلم والدين في كل مكان ، فإذا تأملنا في ذلك تحقق لنا أن هناك بعض المعاصي والمنكرات تُمارس في المجتمعات المسلمة ، سواء من قصد أو بغير إرادة ، مما يشوه صورة المجتمع الإسلامي النموذجي ويمهد الطريق نحو المغالطات والمخالفات ، ويصعب علينا أن نقدم صورةً حقيقيةً واضحةً للحياة الإسلامية التي مثلها السلف الصالح من هذه الأمة ، منذ العصر الأول إلى هذا الزمن المعاصر .
وكان المناوؤن للإسلام الكائدون ضده منذ التاريخ الاستعماري استهدفوا الإسلام ، ولكنهم باؤا بالفشل من خلال علماء الإسلام ودعاته وقادته المخلصين الذين ضحوا بكل رخيص وغال في تمثيل الإسلام عملياً وتنفيذ تعاليمه في جميع الأحوال والظروف مهما كانت قاسيةً ، وكان ذلك توفيقاً من الله تعالى مقبولاً لديه ، فلما رأى أعداء الإسلام هذه الاستمرارية في تمثيل تعاليم الإسلام وتطبيق شريعة الله تعالى رغم كل عائق ومانع ، ولم تغن هؤلاء حيلةً أو مواصفات فاشلة في الحد عليها أو صدهم عن العمل بتميزاتهم الدينية ، توصلوا في الأخير إلى عمل نهائي يقضي على كل أساس من الأسس والأركان لهذا الدين الأخير الخالد الدائم إلى يوم الدين ، واتفقوا على أن وجود كائن خطير وإن كان مزعوماً يُغشي العالم البشري فجاءةً ، نتيجة ازدحام العمران وتوافر أعمالٍ تسبب نهاية الحضارة الإنسانية بجميع علومها وصناعتها واتساعها في المجالات الحيوية بأسرها ، كما أن علماء الطبيعة وكبار المطلعين على الحضارات والمدنيات المتوافرة اليوم على المستوى العالمي أعلنوا أن التزاحم العمراني اليوم أصبح ذا خطر كبير يهدد نهاية العالم بجميع ما فيه من تقدمات هائلة في المجتمع الحضاري ، وذلك ما يفرض الحد على الاجتماعات المكثفة والعيش بحرية تامة في المجالس والمناسبات الدينية والاجتماعية إلى أن يزول وجود ” الفيروسات ” من جميع أركان العالم التي تنتشر فيها بغاية من السرعة من خلال المعاكسات الصحية ، واجتماع الناس ( المسلمين ) في المساجد والمدارس الدينية وفي موسم العبادات من الحج والأعياد والزواج وفي الحفلات العامة ، فلا بد من وضع الحد اللازم على الاجتماعات كلها ولو كانت دينيةً أو سياسيةً أو اجتماعيةً واقتصاديةً ، ومن هناك جاء الإعلان العالمي الصريح من شرقي العالم وغربيه أن تُغلق المساجد ، ويُعلن عن الامتناع عن جميع الاجتماعات مهما كانت ، فأُغلقت المساجد إلا على المؤذن والخادم والفراش ، ومُنع احتفال الناس في الإفطار والتراويح وفي الأسفار الدينية وإن كانت مقدسةً مثل الحج والأضاحي ، ويُوقف جميع النشاطات الدينية إلا بالانفراد والفصل بين الجالسين والمقيمين في داخل البيوت والالتزام بعدم الاختلاط .
فلما شدد هؤلاء المناوؤن ضد التجمعات الدينية والاجتماعات الشرعية والتعليمات الإسلامية للحياة والمجتمع ، مع وجود المخالفات الخلقية والسكوت على المعاصي والمنكرات ، وغمض العين عن كثير من المنكرات الظاهرة والباطنة ، لما فعلوا ذلك ، شدد الله تعالى عليهم وحوّل مزعوماتهم التي كانت لمحاربة تعاليم الإسلام والتي كانت بمثابة إعلان صارخ ضد الدين الأخير وعدم غنائه في العصر الحديث ، فأطال عليهم ضغط الأمراض وسلط عليهم فيروسات واقعية تقضي على النشاط العالمي ، وتوقف تحركاتهم التي كانت تدفع الحياة بقدر معلوم من خالق الكون والحياة .
وقد وجدت هناك طائفة من المسلمين تؤكد وجود ” فيروسات كورونا ” في ضوء الكتاب والسنة من أول يومها ، فلعل ذلك كان تفكيراً مستعجلاً منها ، ولم تتأن في دراسة الموضوع ، ولا تعمق نظرها في الواقع الذي كان عقاباً من الله إزاء نوايا أعداء الإسلام ضد تعاليمه وما أرادوه من نهاية الحاجة إلى هذا الدين اليوم ، وإنكار الحقائق الربانية التي تحدث عنها في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما كانوا قد أرادوا محو وجود المسلمين في الماضي ولكنهم فشلوا في ذلك .
كذلك أرادوا أن يعلنوا بأن الإسلام قد انتهى دوره ، وكانوا يظنون أنهم سينجحون في هذا الغرض الوضيع بمجرد دعايات رخيصة وفي أقل مدة ، ولكن الله تعالى أخذهم بعقاب طويل من الفيروسات ، وجعلهم يعودون مرةً بعد أخرى إلى إعلان ( إغلاق كامل Lockdown ) ، ومن يدري إلى متى يستمر هذا العقاب ، جزاء ما حاولوه من إغلاق الدين الإسلامي نهائياً ، يقول الله تعالى : ( لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى ٱلْبِلاَدِ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ ) .
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
سعيد الأعظمي الندوي