المنهج التربوي الإسلامي للأسرة
مايو 4, 2024من آداب طلب العلم وشروطه
يونيو 4, 2024بأقلام الشباب :
المقرئ أحمد الله القاسمي الباغلفوري إلى رحمة الله
الأخ محمد بن جاويد كرياسني ( الفالنفوري )
فقدت الأمة الإسلامية يوم السبت ٢٩ رجب ١٤٤٥هـ ، المصادف ١٠ فبراير ٢٠٢٤م أحد رجالها الكبار الذين عاشوا حياتهم ، ونذروا أنفسهم ومواهبهم وملكاتهم لله تعالى ، ولنصرة دينه ، والنهوض بأمته ، وآثروا أن يعملوا في صمت ، يبنون في هدوء ، ويشاركون في صنع التاريخ ، بعيدين عن الأضواء ، والصخب الذي يصك الأسماع ، والبريق الذي يخطف الأبصار ، وجعلوا نصب أعينهم قول الله تعالى : ( قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ ) [ الأنعام : ١٦٢ – ١٦٣ ] .
إنه أستاذنا الجليل فضيلة الشيخ أحمد الله القاسمي الباغلفوري رئيس القراء للجامعة الإسلامية تعليم الدين دابيل بولاية غجرات ، الهند ، وهو اللبنة الأولى لفن القراءات في منطقة غجرات كلها ، إنه رجل عُرف بفكره المستنير ، وعلمه الغزير ، وأسلوبه الحكيم ، وحلمه وأناته وسلوكه وخلقه الحسن ونصحه للجميع ، وإرشاده وتوجيهه لكل من يحتاج إلى الإرشاد والتوجيه ، ومعالجته للقضايا والمشاكل والأوضاع بحكمة بالغة وموعظة حسنة .
ولادته ودراسته :
وُلد الشيخ أحمد الله القاسمي ١٢ ربيع الآخر ١٣٦٣هـ ، المصادف ٥ أبريل ١٩٤٤م يوم الأربعاء في قرية كرنفور بمديرية باغلفور . اسم والده الشيخ منت الله الرحماني .
لم يكن والده عالماً لكن كانت مطالعته واسعةً ، وكان عارفاً باللغة الفارسية ، وكان ينشد الأناشيد الفارسية في مدح النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً جداً ، وكان صالحاً زاهداً عابداً شديد المحاسبة لنفسه ، طويل الوقوف بين يدي مولاه ، وانتقلت هذه الأوصاف الحميدة إلى نجله الشيخ أحمد الله القاسمي .
نشأ فضيلة الشيخ أحمد الله القاسمي في بيت الصلاح والزهد والورع والكفاح والجهاد والتزكية والإحسان ، وتعلم الحروف الهجائية من الشيخ أختر المونغيري ، وقراءة القرآن من الحافظ أبي الحسن الباغلفوري في مدرسة كرنفور ، وبعد ذلك توجه لحفظ القرآن الكريم إلى مدرسة إصلاح المسلمين في باغلفور بولاية بهار ، وتلمذ على الشيخ عبد الرشيد ( تلميذ المقرئ محب الدين أحمد الإله آبادي ) بعد الدراسة عند عدد من الأساتذة تم حفظ القران الكريم عند الشيخ إبراهيم الرامفوري في مدرسه شاهي مراد آباد ، وقرأ على الشيخ مستحسن الدين بعض الكتب الفارسية في مدرسة شاهي مراد آباد ، ولبقية الكتب الفارسية ذهب إلى الجامعة الرحمانية بمونغير بهار ، ثم التحق بدار العلوم ديوبند ، وتخرج في عام ١٩٧٣م .
سافر إلى مدرسة شاهي مراد آباد ، ولازم الشيخ محمد كامل والشيخ أمير علي وقرأ على الشيخ محمد كامل أكثر كتب فن القراءة ، وتحمل الصعوبات لحصول فن التجويد ، وكان يمارس الترتيل في محراب المسجد بعد الساعة الثانية ليلاً ، واستمع جميع القرآن برواية حفص من الأستاذ محمد كامل ، وأكمل القراءات السبع والعشر عنده .
مآثره وإنجازاته :
تشرف الشيخ على دعوة صادقة من الأستاذ سعيد أحمد بزرك وبأمر فضيلة الشيخ محمد أرشد المدني والشيخ محمد كامل بتاريخ ١١ شوال المكرم ١٣٩٤هـ بالتدريس في الجامعة الإسلامية تعليم الدين بدابيل ، وعُين في الجامعة كمدرس مادة التجويد والقراءة .
وقعت هذه الجامعة في جنوب ولاية غجرات على بعد ٢٥ كلومتر من مدينة سورت ، وهذه الولاية في شمال غرب الهند ، وقد قضى في هذه القرية معظم حياته المبارك أي ما يقرب من خمسين عاماً كمعلم كامل وواعظ ، واستفاد عدد لا بأس به من الناس في مجال القراءة والتجويد في الهند ، وفي شتى بقاع العالم ، عن طريق التدريس والتعليم ، وعن طريق الكتابة والصحافة ، وعن طريق اللقاء والمشافهة ، وعن طريق الرسائل والمكاتبات ، وعن طريق الخطب والمحاضرات .
وقد أنشأ الشيخ مدرستين ، وهما :
(1) الجامعة الفرقانية سبيل السلام كرنبور بهار .
(2) جامعة القراءات كفليته سورت غجرات ، وقعت هذه الجامعة في جنوب ولاية غجرات على بعد ٢٠ كلومترا من المدينة الشهيرة على جانب شارع كبير ، وأسست بتوجيه من فضيلة الشيخ أحمد الله القاسمي الباغلفوري بتاريخ ١٧ رجب عام ١٤١٧هـ ١٩٩٦م ، وازدهرت هذه الجامعة في مدة عقدين من سنين ازدهاراً عظيماً .
وكان إنساناً هيناً ليناً بسيطاً متواضعاً رقيق القلب ، قريب الدمعة ، حلو المعشر ، كريم الخلق ، بعيداً عن التكلف والتعقيد والتظاهر والادعاء ، ويهتز خشوعاً إذا ذكر الله والدار الآخرة ، لا يحسد ولا يحقد ، فتواضع لله تعالى ، فرفع له ذكره ، ووضع له محبوبيةً نادرةً في الأرض ، كما يدل على ذلك حضور عدد كبير من العلماء والطلاب في صلاة جنازته ، وانهيال رسائل التعازي ، ووفود التعزية التي تتوافد إلى قرية دابيل منذ وفاة الشيخ من مختلف أنحاء البلاد .
وفاة الشيخ :
مرض الشيخ قبل أيام ، وتحول لون إصبع القدم ، وأُدخل إلى مستشفى سورت – لهذا السبب استلزم الأمر إجراء عملية جراحية له ، وبعد ذلك اشتد المرض ، وجاء الوقت الموعود ولقي ربه في الساعة الثامنة والنصف يوم السبت ١٠ فبراير ٢٠٢٤م بعد ما أكمل ٨٠ سنةً من عمره ….. إنا لله وإنا إليه راجعون .
ندعو الله تعالى له بالأجر والمثوبة في الآخرة ، وأن يدخله الفردوس الأعلى من الجنة وأن يحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .