عبده زايد . . الصعيدي الأصيل ! شغله الإعجاز القرآني ونظرية النظم
مايو 4, 2024الشيخ عبد الرشيد إبراهيم ( آية من آيات الله وحجة الله على الدعاة ) ( الحلقة الأولى )
يونيو 4, 2024رجال من التاريخ :
الشيخ المحدث محمد نعيم عطا السلوني
( ١٢٩٨هـ – ١٣٨٥هـ / ١٨٨١م – 1965م )
بقلم : الأستاذ فيصل أحمد الندوي
اسمه ونسبه :
هو الشيخ العلامة المحدث الفقيه محمد نعيم عطا بن الشيخ مهدي عطا بن حسين عطا بن محمد بناه عطا بن كريم عطا بن محمد بناه بن محمد أشرف بن بير محمد بن عبد النبي بن أبي الفتح بن إله داد بن من الله المعروف بالشاه أدهن بن بهاء الدين بن خلق الله بن مبارك بن أحمد بن أبي الخير بن نصر الله بن محمد بن محمود بن محمد بن أحمد بن محمد المعروف بالقاضي حميد الدين بن عطا المعروف بناصر الدين بن معين الدين بن محمد عاشق بن نظام الدين بن نور الدين الواعظ بن حبيب الله بن شهاب الدين بن كبير بن عبد الله بن عبد العزيز بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمري الفاروقي السلوني .
أسرته :
انتقلت أسرته من المدينة المنورة إلى اليمن الميمون ، ومنه هاجرت إلى الهند ، واستوطن أحد أجداده مدينة ناكور ( الواقعة حالياً في ولاية راجستان ) ، وأول من تنبل من ذريته واشتهر هو الشيخ العالم الكبير الزاهد القاضي حميد الدين الناغوري بن الشيخ ناصر الدين الناغوري ، وقد توفي في سنة ٦٢٥هـ كما في أخبار الأخيار للشيخ المحدث عبد الحق الدهلوي ، أو في سنة ٦٤٣هـ كما في نزهة الخواطر للحسني ( وفي وفاته أقوال أخر ) . وقد ذكر بعض أهل العلم بالتاريخ أن والده هو أول من قدم الهند ، وذلك في عهد السلطان شهاب الدين الغوري ( ٥٥٨ – ٦٠٢هـ ) وانتقل أحد أعقابه إلى مدينة جونفور ( عاصمة السلطنة الشرقية في الهند الواقعة حالياً بولاية أترا براديش ) ، واشتهر منهم هناك الشيخ بهاء الدين بن خلق الله الجونفوري المتوفى سنة 911هـ ، الذي حلاه الشيخ عبد الحي الحسني بالشيخ العالم المحدث الفقيه ، ثم انتقل حفيد حفيده الشيخ عبد النبي إلى بلدة سلون ( بفتح السين ) من أعمال راي بريلي ، فأنجب هناك ولداً سماه بير محمد ، فكان يعد من المشائخ المشهورين ، قصد إليه القاصدون وتاب على يديه المذنبون واهتدى به خلق ، وتوفي سنة تسع وتسعين وألف ، وخلفه ابنه الشيخ محمد أشرف ( ت : 1167هـ ) في الإرشاد والتلقين ، وهكذا إلى أن آل الأمر إلى الشيخ محمد نعيم عطا .
ولادته وتحصيله :
وُلد لست بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين ومأتين وألف ببلدة سلون – بفتح السين من أعمال راي بريلي . فأرخ بعض العلماء لولادته من قوله تعالى : ( نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ) .
وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، واحتفل بختمه سنة 1308هـ ، فأرخ بعضهم له من قوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً ) ، وتعلم الفارسية والعربية من الشيخ نور أحمد السيالكوتي ( ت : 1348هـ ) ، وقرأ عليه كتباً كثيرةً من النحو والصرف والأدب والبلاغة والعقائد والمناظرة والعلوم العقلية ، وقرأ مشكاة المصابيح وبعض الكتب على والده ، وقرأ نور الأنوار وجامع الترمذي وتفسير الجلالين إلى سورة الأنعام على الشيخ محمد داود خان الكتهوري ( ت : 1327هـ ) ، وقرأ ما بقي من الكتب الدرسية من المعقول والمنقول على الشيخ محمد حسن الكوتي ، وتبحر في سائر العلوم العقلية والنقلية .
روايته للحديث وشيوخه فيه :
كان الشيخ العلامة المحدث حسين بن محسن الأنصاري اليماني ( ت : 1327هـ ) من أشهر المحدثين إذ ذاك في الهند ، فاستدعاه إلى بلدته سلون سنة 1324هـ ، فأقام بزاويته مدة أسبوع فأكثر ، وقرأ عليه الشيخ محمد نعيم عطا مسند الدارمي من أوله إلى آخره قراءة بحث وتحقيق ، ثم قرأ عليه أطراف الصحاح الستة وموطأ الإمام مالك ومسند الإمام أحمد وغير ذلك مما سيأتي ذكره في الإجازة ، وكذلك قرأ عليه أوائل الشيخ محمد سعيد سنبل المكي من أولها إلى آخرها .
وكتب له الإجازة مرتين ، مرةً بالاختصار ومرةً بالتفصيل ، وهذا نص الإجازة المختصرة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله وأصحابه أجمعين وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد !
فقد أجزت الولد العلامة الفهامة محمد نعيم عطا السلوني بجميع ما حوته هذه الكراسة من أسماء الكتب والتفاسير إجازةً شاملةً عامةً ، نفعنا وإياه بذلك ، وجعلنا وإياه من أهل طاعته ورضاه ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
حرره بخطه وعمقه بقلمه المجيز الحقير الفقير إلى رحمة ربه الكريم الباري حسين بن محسن بن محمد الأنصاري الخزرجي السعدي اليماني بتاريخ يوم الخميس لثمان بقين من شهر شعبان سنة ألف وثلاث مأة وأربع وعشرين من الهجرة النبوية على مشرفها أفضل الصلاة وأزكى التسليم والتحية .
ختم :
حسين بن محسن الأنصاري اليماني
سنة 1315هـ
وذكر في الإجازة المطولة التي كتبها لثمان بقين من رجب سنة أربع وعشرين وثلاث مأة وألف تفصيل ما قرأه عليه كما ذكرنا ، ثم قال وغير ذلك مما يذكر في هذه الكراسة ، أي إجازته التي كتبها له ، فذكر فيها أسانيده للكتب المذكورة ، والأدب المفرد للبخاري ، وبلوغ المرام لابن حجر ، ومنتقى الأخبار للمجد ابن تيمية والشفا للقاضي عياض ، ومشكاة المصابيح للتبريزي ، وتيسير الأصول لابن الديبع ، وإحياء علوم الدين للغزالي ، وسلاح المؤمن لمحمد بن همام المصري والحصن الحصين لابن الجزري ، وتفسير الجلالين ، وتفسير البغوي وتفسير البيضاوي والموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني ، والشمائل للترمذي وتفسير المدارك للنسفي وقال بعد أن ذكر ما قرأه عليه : وبعد الفراغ من ذلك طلب مني الإجازة بعد القراءة والسماع واتصال سنده بسند أهل المجد والاتباع ، فوجدته عالماً ألمعياً ، وألفيته فهيماً ذكياً ، فأسعفته بمطلوبه ، تحقيقاً لظنه ومرغوبه ، فإنه أهل لذلك وفوق ما هنالك .
وقرأ كذلك أطراف الكتب الستة والدارقطني على الشيخ الفقيه المحدث محمد أيوب بن محمد يعقوب الشهير محمد لطيف الله البشاوري الهروي الحنفي القادري ( ت : 1335هـ ) ، وكتب له الإجازة ، قال فيها : وبعد أن رأيته أهلاً لذلك أجزته إجازةً تامةً بتمام ما أروي عن شيوخي ، منهم الشيخ عباس بن جعفر بن صديق المكي الحنفي والشيخ محمد علي بن محمد ظاهر الوتري الحسيني الحنفي وغيرهما .
ويروي الحديث أيضاً عن أبيه الشيخ محمد مهدي عطا ( المتوفى 1318هـ ) وعمه الشيخ حسام عطا (م : 1328هـ ) كلاهما عن الشيخ عبد الباسط الجالسي عن الشيخ عبد العزيز الدهلوي عن أبيه الشيخ ولي الله الدهلوي .
وله إجازة عن السيد أبي الحسن الدهلوي عن السيد نذير حسين الدهلوي .
حاله في التزكية والإحسان :
بايع أباه ، وأخذ عنه الإجازة في السلاسل الجشتية والقادرية والنقشبندية والسهروردية وغيرها ، ولبس الخرقة عنه ، وجلس على سجادته بعد وفاته وهو إذ ذلك ابن عشرين سنة ، وغلب عليه الجذب مدةً من الدهر ، فكان منه ما لا يناسب ، ثم تاب ورجع إلى التأله والعبادة وعادات زاويته المعهودة حتى أتاه اليقين .
مكانته في العلم وثناء العلماء عليه :
كان له قدم راسخة في العلوم العربية والعلوم العقلية وعلم الكلام ، ويد طولى في الفقه والتفسير والحديث ، وكان شاعراً مجيداً بالأردية والعربية ، واشتغاله بالفقه والحديث أكثر وأشد ، يغلب عليه العمل بالحديث ، كان حنفياً ، ولكنه يتبع الدليل ، وإذا وجد حديثاً صحيحاً خلاف مذهبه ترك مذهبه ، كان قوي الحافظة ، سريع الملاحظة حاد الذهن ، غاية في الفطنة والذكاء ، وكان ذا صلاح وتقوى وعبادة .
كان شيخه الشيخ حسين بن محسن الأنصاري اليماني ( ت : 1327هـ ) إذا كتب إليه خاطبه بالمحدث السلوني وحلاه في إجازته له بالعلامة والأمجد الفهامة ، وقال : ” وجدته عالماً ألمعياً ، وألفيته فهيماً ذكياً ” . وكان إذ ذاك ابن ست وعشرين سنة .
ووصفه شيخه محمد أيوب البشاوري ( ت : 1335هـ ) بالشاب السعيد ، العالم العامل ، الصالح الفالح . وكان وقتند ابن أربع وعشرين سنة .
وقال عنه العلامة الفاضل الكبير المشهور محمد فاروق الجرياكوتي ( ت : 1327هـ ) : رجل عالم ألمعي على حداثة سنه .
وقال ابنه الفاضل محمد أمين الجرياكوتي ( ت : 1390هـ ) : إني أعرف الفاضل الممدوح قد فاق الأقران ، وساد في الجو العلمي والفضل في هذا الأوان .
ووصفه الشيخ فتح محمد اللكهنوي ( ت : 1327هـ ) أحد كبار علماء عصره بالعلامة الجليل ، عديم المثيل ، شيخ الطريقة ، عارف الحقيقة ، الذي أحيا السنة بعمله ، ومحا البدعة بعلمه .
مؤلفاته :
بدأ التأليف منذ الصغر ، يبدو أنه حينما كان يقرأ على أساتذته كتب القواعد العربية والعلوم العقلية ، كان يعلق على ما يقرأ من الكتاب ، أو يشرح الكتاب الذي يدرسه . فأول كتاب ظهر له هو :
1. تسهيل التركيب ، وهو تعليقه على كتاب شرح مأة عامل بالأردية ، وكان ابن ثلاث عشرة سنة .
2. الخصاصة شرح الخلاصة ، أي شرح ألفية ابن مالك ، ألفه سنة 1312هـ .
3. خير المسهل تكملة شرح الشرح لمأة عامل ، قال في آخره : شرعت في تأليف هذا الكتاب يوم الاثنين الثامن شهر صفر سنة ألف وثلاث مأة وأربعة عشر من الهجرة ، وفرغت عنه نهار يوم السبت ثلاثة عشر من صفر من تلك السنة ، حين كان عمري نحواً من ست عشرة سنة ، وطبع سنة 1317هـ .
4. والكافي شرح الوافي في النحو ، ( وصاحب الوافي هو محمد بن عثمان بن عمر البلخي ثم الهندي الحنفي ، المتوفى سنة 830هـ ألفه سنة 1312هـ .
5. ورسالة في المنطق ، أو المنطق في المنطق ، ألفها سنة 1312هـ .
كلها بالعربية .
6. التلميح إلى ما في التلويح ، ولم يتم ( والتلويح كتاب مشهور في أصول الفقه لسعد الدين التفتازاني المتوفى 793هـ ) .
7. حواش على سنن الدارمي ، المسمى ” الحل المدلل على سنن الدارمي من النصف الأول ” قال في آخره : ” علقت هذه الهوامش على مسند الدارمي قريباً من ثلاثة أشهر ، فابتدأت في نهار يوم الجمعة عشرين من شوال سنة 1316هـ ، وفرغت عن حل المجلد الأول حين انقضاء المحرم 1317هـ ، قبل شروع صفر مع فترة وقعت بينها بالحمد لله ، ونرجو منه أن يوفقني لإتمام النصف الآخر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وأنا العبد الظلوم الجهول المنزوي بزاوية الخمول محمد المدعو بنعيم عطا خادم العتبة الكريمية والسجادة الأشرفية ، عامله الله بألطافه الجلية والخفية ” . وهو تعليق مفيد جامع على سنن الدارمي . وقد طبع هذا الكتاب في مطبع أنوار محمدي بلكناؤ في رجب 1322هـ .
8. التعليق المحمود على المنتقى لابن الجارود ، وهو شرح لخمس الكتاب ألفه سنة 1316هـ ، وهو إذ ذاك ابن ثمان عشرة سنة . وقد طبع بعض ما كتب من هذا الشرح كما ذكر الشيخ فتح محمد . ولكنه لم يعثر على نسخة منه حتى الآن .
9. زجر العنيد في القول بجواز اللعن على يزيد ، ذهب فيه إلى عدم جواز اللعن عليه مع ذكر ما اقترفه من الكبائر ، فذكر ما اختلف العلماء فيه . ثم قال في الأخير : وارتكب من الكبائر ما لا تعد ولا تحصى [ كذا ] فلا ينبغي لأحد أن يلعنه بسبب تلك الدلائل التي مرت بنا ولا يسبه ، لحديث النبي عليه السلام : ” لا تسبوا موتاكم ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ” . ولكن لا يذكره بالترحم عليه ، كما فعله بعض الوهابية . وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اذكروا موتاكم بالخير ، وكفوا عن مساويهم ” ، فمخصوص بالصالحين كما اتفق عليه شراح الحديث ، ولا يحبه ، بل يبغضه ، ولا يعده من الأبرار ، ويظنه من أجلة الفجار . اللهم تبرأني عنه وعمن نصره ، واحشرني في زمرة الذين يحبون نبيك وأهل بيت نبيك ومن صحب نبيك على الإيمان ، واعصمنا عن طريق الإفراط والتفريط ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، إنك أنت الوهاب المنان . اللهم صل وسلم على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه أجمعين ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
وقال في خاتمته : شرعت في تسويد هذه الأوراق نهار يوم الثلاثاء الرابع من شهر المحرم الحرام ، وفرغت عنه صباح يوم الجمعة السابع من الشهر المذكور يوم هجرة النبي عليه الصلاة والسلام ( سنة ) اثنتين وعشرين بعد الألف وثلاث مأة من سني الهجرة النبوية على صاحبها ألف ألف صلاة وتحية من الله الواحد الملك المنعام ، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين . ( وطبع هذا الكتاب في المطبع المجتبائي بدهلي في ربيع الثاني 1322هـ – 1904م ) .
10. الفضل العظيم في النظر إلى وجه الله الكريم . ألفه سنة 1322هـ .
11. شرح الصدر في إحياء ليلة القدر . ألفه سنة 1327هـ .
12. التبشير بدلائل امتناع النظير ، قال في أوله : هذه موجزة لطيفة ومختصرة شريفة في مسألة امتناع النظير لسيد البشر محمد البشير النذير .
13. كشف القناع عن وجه السماع ، ذكر فيه أحكام الغناء ، وفرق بين غناء وغناء .
فقال في الأخير : ولنا ( أي : للمحرمين ) ما روى البخاري من حديث الأشعري ، والترمذي عن أبي أمامة الباهلي ، والبيهقي عن عمرو بن العاص ونحو ذلك . وللمجوزين دلائل لا نوردها خوفاً من الإطناب ، وهم يضعفون حديث الحرمة ، ونحن نقويها ، ” ولكل وجهة هو موليها ” . وأنا في هذا المقام لا نعدل عما أفتى به الإمام وهو الأحوط الأصح والأشهر الأرجح . وتفصيل هذه المسألة في كتب الفقه ، وإنما نقلنا الاختلاف لخرق دعوى الإجماع . وأما نفس الغناء فلكونه أقوى من حيث الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يوجد التصريح من الإمام أبي حنيفة ، حملنا قول الحرمة على الاحتياط ، وعليه جمهور العلماء ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اتبعوا السواد الأعظم فإنه من شذّ شذّ في النار ” ، حتى نقل الغزالي رحمه الله تعالى الإجماع على حله ، وقد نقل فيه إجماع أهل الحرمين ، فثبت أن الغناء ليس كما يدعيه أهل الجهل والطغيان الطائل ألسنتهم على أرباب القلوب وأصحاب الإيقان ، وبطل ما يزعمون أن لا أصل له في الأحاديث المروية عن رسول الله صلى عليه وسلم ولا في الآثار المنقولة عن الصحابة والتابعين الأخيار ، وأن الإمام أبا حنيفة نص على تحريمه ، وبه يقول أصحاب المذاهب الأربعة المتبعة . والعجب منهم كيف لا يعلمون أن الغناء ليس جميع أفراده بحرام ، ويحملون ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من استماع السماع على الترخص في بعض المقام . وهذا آخر ما أردنا في هذا الباب والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
ثم قال : يقول العبد المفتقر إلى الله الغني محمد نعيم عطا الكريمي الأشرفي الأدهني ، غفر الله ذنوبه وستر عيوبه :
فرغت [ من ] تسويد هذه الوريقات في أسبوع من شهر ربيع الأول سنة [ اثنتين ] وعشرين بعد الألف وثلاث مأة من هجرة النبي المختار صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما تداولت الليالي والأنهار .
ولئن وسع الله في عمري لأذكر هذه المسألة في رسالة تنيف على عشرين جزءاً إن شاء الله تعالى ، وهو الموفق والمعين ، وبه أستعين في كل آن وحين . وقد طبع هذا الكتاب في نفس السنة .
14. الرسالة الخضرية . قال في أولها : فهذه عجالة سميتها بالرسالة الخضرية ، مشتملة على نبذ من أحوال سيدنا الخضر عليه السلام ، كتبتها في جلسة واحدة . وهي في 16 صفحة . ألفها في التاسع عشر من ذي الحجة سنة 1327هـ .
15. الحجج الناجدة على أن الطلقات الثلاث واحدة . خالف فيه رأي الجمهور وأيد من قال بذلك ، وأتى بالحجج من الأحاديث والآثار . قال في آخره : لقد استراح القلم من تحرير هذه العجالة نهاية يوم الاثنين أول جمادى الأولى سنة تسع وعشرين بعد الألف وثلاث مأة من الهجرة في الجلسة الواحدة .
16. زاد السبيل لمن تزوج وطلق في العهد القليل .
وهذه الرسائل ( 10 – 16 ) مطبوعة في مجموع رسائله المسمى ” الغرس الوهدي في رسائل الشيخ نعيم بن المهدي ” 1437هـ – 2016م .
وله غير ذلك من المصنفات بالعربية والأردية منها ديوانان في الشعر الأردي : نظم رنكين ومثنوي مرآت الحقيقت ، وهما مطبوعان ، وله غير ذلك من الدواوين . ومن شعره بالعربية قصيدته في مدح النبي صلى الله عليه وسلم :
يا ملجأ الفقراء يا كــهـــــــف الــــــورى أرجو نــداك وأحــــتــــمـــي بحماكا
فانـــظـــر إلي بــعــيـن لــــــطــــفـك رحمة أنت الــــكـــريـم فمن أروم سواكا
وارحم على العبد الــكثير خـــــطـــاؤه مـــن جـــــاء بـــابـــك مادحــاً لعلاكا
فابن الزهير جنى ، وجاءك تــائـــــبـــــاً فــــمـــحـوت عنه الذنب حين أتاكا
إني لأرجــــو أن أمـــــوت بــــطـــيــــــــبـــــة وأكون يوم الـــــحـشر تحت لواكا
لـما رأى الأملاك سيرك في الــــعــــلــى قالوا : فـــــســــبحان الذي أسراكا
نادى الـــكلــــيـم بـــــطــــور ســيناء ربه ولأنت ، رب العالــــــمــــيـــن دعاكا
يــــــــسر لــــي اللهــم سكنى طـــــيــــبـة لأعيش في العيش الـــهــــني هـناكا
أنت الـــــذي بــــهــــر الأنــام جــــــمـــالــه والخلق تاهـــــوا في ســـــنا مــعـناكا
جـــــبـــــريــل نـادى عــند بــــابــــك قائلاً في ليلة الـــــمـــعــراج : طاب سُراكا
عــــمــــت لك الــنــعماء كــــل خــــلـيقة بــــفــــضـــائل جلت ، فليس تحاكا
قلبي الكئيب بــكم يــزيد غــرامــــةً هـــــل مــــــن مـــــريـــــب أنــه يـهواكا
لولاك مـــا خــــلــــق السمــــاء رفــــيـــعةً والأرض فرشاً لـــــم تــكـن لولاكا
أنــــــت الذي حــــلــــف الإله بـــعـــمـــره ما نــــال هـــذا الـــشـأن منه سواكا
البدر من أنوار وجهك مــكـــتـــســــن وكذا اصفرار الشمس نور بهاكا
واشتاق رب العالــــمـــيـــن لـــرؤيــــــتـــه حـــتـــى عــلــى العرش العلي دعاكا
فـــــحــــبــــاك ما نلــت المنى بــــعـــطائه وكثيراً مــــمــــا لــم تـــسل أعطاكا
شــــــتـــــــان مــــــا بــــيـــــن الــنبي وغيره كالبدر فوق الــــــنـــجــم في مرآكا
أديـــــت حـــــقـــــا حــــق طاعـــة ربـــــنـــا وتــــــورمــــــت مــــتـــهـــجـداً قدماكا
كــــم مــــشرف للــــمـــوت قد أحييته لـــــــمـــــــا أتاك شـــفـــيـــتـه بشفاكا
ولـــــئــــن دعـــوت الخلق جاء جميعهم طـــــوعــــاً وكـرهاً سامعين نداكا
وأحـــــب خــــــلـــــق الله من والــــيــــتـــه أعـــــدى عــــــبـــــاد الله من عاداكا
قد كـــــان ما وعـــد الإلـــــه بــنـصره في فــــــتــــــح مــــكــة كله أوفاكا
صلى عــــلـــيــــك الله خـــيـــر صــلاتـه ما دام أقصى غـــــايـــــتــــي لــقــاكا
والآل والصحب الكرام أولي النهى والــــتــــــابــعين ومن مشى ممشاكا
ما ســـــحّ مـــــزنٌ أو تـــــرنـــم صــــــادحٌ أو حـــــنّ مـــــشـــــتــــاق إلى رؤيــاكا
يا سيدي هذا الـــنـــعـــيم تــــشـــوشت أحـــــــوالــــه ولــــذا الــــــمـرام أتاكا
تلاميذه :
وممن أخذ عنه : شقيقاه : الشيخ عليم عطا ( ت : 1351هـ ) والشيخ المحدث حليم عطا ( ت : 1375هـ ) وابن أخته الشيخ محمد حسين الجعفري ( ت : 1399هـ ) والشيخ محمد عمر السلوني ( ت : 1400هـ ) والشيخ محمد حامد خان السلوني ثم الحيدرآبادي والشيخ محمد عارف الزيدبوري والشيخ عبد السلام الفردوسي البهاري وآخرون .
ومما يستغرب له أن آخر كتاب ألفه هو الحجج الناجدة ، وذلك في سنة 1329هـ ، حين كان ابن إحدى وثلاثين . وعاش بعد ذلك أكثر من خمس وخمسين سنة ، رغم أنه كان مثالاً في سرعة التأليف مع الجودة والإتقان . فلو تفرغ لذلك لكان سيوطي عصره . ويعلل ذلك سبطه الأستاذ البروفيسور ظهير حسين الجعفري بأن الخصومات التي ابتلي بها في أمر عقاراته وممتلكاته لم تمهله أن يشتغل بالتصنيف . قلت : من كان شغوفاً بالتأليف منذ صغره ، وحصل له إنجاز عظيم في ذلك مع حداثة سنه ، فكيف يمنعه مثل هذه الأمور أن يمضي في سبيله المألوف . بينما يرى بعضهم أنه كان يعتريه الجذب حيناً بعد حين ، وقد يذهل عن نفسه ، فلم يعد إلى ما كان عليه في شبابه من الدرس والتصنيف .
وفاته :
توفي لثمان بقين من رمضان سنة خمس وثمانين وثلاث مأة وألف ببلدته سلون ودُفن بها .