في باريس امرأة عظيمة اسمها السابق : المسْرَحيّة فالَنْتين Valentine de st.Point أما اسمها الثاني فهو : ( روحية نورِ الدين )

الدعوة الإسلامية : الأدب النبوي : دراسة انتقائية
أغسطس 11, 2020
الدعوة الإسلامية : القرآن الكريم : تعريفه ، أوصافه ، ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرآن بقلم الدكتور/ غريب جمعة
سبتمبر 14, 2020
الدعوة الإسلامية : الأدب النبوي : دراسة انتقائية
أغسطس 11, 2020
الدعوة الإسلامية : القرآن الكريم : تعريفه ، أوصافه ، ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرآن بقلم الدكتور/ غريب جمعة
سبتمبر 14, 2020

الدعوة الإسلامية :

في باريس امرأة عظيمة

اسمها السابق : المسْرَحيّة فالَنْتين Valentine de st.Point

أما اسمها الثاني فهو : ( روحية نورِ الدين )

بقلم : الأستاذ صالح العود * / فرنسا

  • قصّتها ( الأولى ) تتمثل في شهرتها ( الباريسية ) ، وِفاقًا لأعمالها الفنّيّة ، بما فيها المسرحية ، والتي قامت بها رَدْحًا من الزمن .

أمّا شهرتها ( الثانية ) ، فكانت من خلال إسلامها ، وهي في نظري علامة فارقة بين حياتَيْن : حياة الجاهلية ، ثم انتقالها إلى حياة    روحيّة ،  لذلك  اتخذت  بعد  هذا  التحوٌل  الجديد ، اسْماً ثنائيّاً ، عُرِفَتْ به إلى أن رحلت إلى الدار الباقية ، ألا وهو : ” روحيّة نور   الدّين ” .

  • أمّا عن قصّة إسْلامِها ، فهي ذات عجَب ، يُحْكى عنها : أنّها كانت تتردّد من حين لآخر على بلاد المغرب الأقصى ، من أجل السياحة والاستجمام والاستراحة ؛ وبالتالي فقد مَلَكَتْ عليها تلك ( الرحلات ) المتعدّدة بِشَغافِ قلبها ، وأَسَرَتْ فِكْرَها ، وشدّتْ نظَرَها مناظِرُها الخلّابة ، وحُسْن معاملة أهل البلاد من سائر العباد ، ومُكَوِّنات المجتمع المدني .

حتى ساقها القَدَر الأعلى إلى رحاب الإسلام ، فأسْلَمتْ حينَئِذ بحرارة روحها الفِطْرِيَّة ، ونطقتْ بالشهادتَيْن ، في عام ( 1918م ) .

  • وهنا ، فكّرتْ مَلِيّاً ، في ترك أعمالٍها التي جادَتْ بها قريحتُها ، وأبدعَتْ في مجال تخصّصها الفَنِّي .

على أن التَّخَلٍّيَ نِهائِيّاً عن ذلك ، أو التنازل عمّا أقدمتْ عليه من أعمال وأدْوار ، ليس بالأمْر الهيِّن ، وكذلك كان لها ” صالونها ” الأدبي – فهي تنحدر من عائلة راقية ، وأشهر من فيها : شاعر فرنسا الكبير الفُنْس لامارْتين – Lamartine – وهو يقع في قلب العاصمة باريس بالحي الرّاقي والوجيه ( لانفليد Les Invalides ) ، وفيه يجتمع بها عِلْيّة القوم من  النبلاء ، وكذلك وجوه المسرحيّين اللامِعة ، وكبار النجوم في عصرها المتألّق ، في الفترة ما بين ( 1905 – 1913م ) .

  • وفي النّهاية قرّرتْ وصمّمَتْ ، فتركَتْ باريس ( عاصمة النور ) إلى غَيْرِ رجْعَة واتّجَهَتْ نحو بلاد مِصْر ، لِتُقيمَ فيها إلى نهاية حياتِها ، في أجْواءِ الشرق الدافِئَة ، وبُحبوحَة ظلال الإسلام .

ولمّا وصلتْ إليْها في عام ( 1920م ) ، اختارت الإقامة في الرّيف المصْري تحديداً دون غيره من الأقاليم .

وبعد أن اطمأنٌ بها المُقام ، أخذت تنشط في مُحيط أُسَر الفلّاحين السُّذَّج ، بمَوْهِبَتِها كـ ” مُرْشِدة ” اجتماعيّة متواضعة ، و ” معلمة ” لأبنائِهم وبناتهم ، والرّفْع من مستواهم المُتدَنِّي .

وكانت إلى ذلك ، تقوم بتحرير ” مقالاتٍ ” من حين لآخر ، وتبعث بها إلى مجلة ( الحريّة La Liberté ) بالفرنسيّة .

ثم تولّتْ إنْشاء ( مجلة ) لها أطْلَقَتْ عليها اِسْم : ( فينيكس La Phénix ) ، وجعلتْ منها لسان الدّفاع عن الشرق ، وبيان حضارة الإسلام ، والدعوة إلى محاسنِه وتعاليمِه ؛ وهو الدين الذي طالما فُتِنَتْ به ، وتعرَّفَتْ عليه ، فَأَحبَّتْه ، ثم اعتنقته عن طواعيَة ، وفي صِدْق ، وبإخْلاص .

  • وفي آخِر حياتِها ، تعرّفَتْ فالَنْتين Valentine de St Point روحية نور الدين على الفيلسوف العظيم والشهير : رينيه جينو René Guiéno والذي كان أصيل مدينة ( باريس ) ؛ وقد أسْلَم هو أيْضاً ، وتسَمّى باسْم عبد الواحد يَحْيَى ؛ ثم سبقها إلى الهجرة الدائمة ، وأقام بمدينة القاهرة ، وعاش فيها ، وتزوّج من بعض أهلها ، إلى أن توفيّ راضياً مرضياً عام ( 1371هـ – 1951م ) ودُفِن في إحدى مقابرها رحمه الله .
  • فانتقلت على إثْر ذلك إلى مدينة ( القاهرة ) ، لتُكْمِل بقية حياتها ، متفرّغة للخلْوَة ، والعبادة ، وانقطاعٍ دائم ودائب إلى الله عز وجل ، وفي أجواء رحاب الأزهر الشٌريف ؛ إلى أن جاء أجلُها المحتوم في ( 14/ مارس ، سنة 1953م ) ، عن ( 78 ) عاماً ، ودُفِنَتْ في مقابر المسلمين . رحمها الله .

* باحث وكاتب .. يقيم في بلاد الغرب منذ عام 1976م .