الفقه الحنفي ومنهجه في الاستنباط

استثمار أموال الزكاة : دراسة تحليلية
يوليو 25, 2020
الفقه الحنفي ومنهجه في الاستنباط ( الحلقة الثالثة الأخيرة )
سبتمبر 15, 2020
استثمار أموال الزكاة : دراسة تحليلية
يوليو 25, 2020
الفقه الحنفي ومنهجه في الاستنباط ( الحلقة الثالثة الأخيرة )
سبتمبر 15, 2020

الفقه الإسلامي :

الفقه الحنفي ومنهجه في الاستنباط

( الحلقة الثانية )

الشيخ خالد سيف الله الرحماني *

تعريب : د . محمد شاهجهان الندوي

(3) أثر التلقي بالقبول في صحة الحديث :

إن هناك مَبدأً هاماً لدى الحنفية بشأن قبول الحديث وهو : أن الحديث الذي تُلُقِّيَ بالقبول العام بين الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين لهو دليلٌ على صحته وقبوله واعتباره ، وقد عبَّرَ عنه أهل العلم بـ ” التلقي بالقبول ” ، فَتَنَالُ بعضُ الرواياتِ قبولاً لدى أهل العلم بسبب التلقي بالقبول وإن كانت ضعيفة من ناحية السند ، وإن كانت صحيحةً أو حسنةً فتزداد استناداً واعتباراً ، بل تَدخل في درجة التواتر عند بعض المحققين ، فقد رُوِيَ عن السيدة عائشة – رضي الله تعالى عنها – وعبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :     ” طلاقُ الأمة تطليقتان ، وقرْؤُها حيضتان ” [1] ، وقد كتب الإمام أبوبكر الجصاص الرازي  أحمد بن على ( ت : 370هـ/981م ) متحدثاً عن هذا الحديث : ” وإن كان ورودُه من طريق الآحاد فصار في حيز التواتر ؛ لأن ما تلقَّاه الناسُ بالقبول من أخبار الآحاد فهو عندنا في معنى المتواتر لما بيناه في مواضع ” [2] .

وتُدَبِّجُ يراعةُ الشيخ ظفر أحمد العثماني ( 1394هـ/1974م ) : ” بل الحديثُ إذا تلقته الأمةُ بالقبول فهو عندنا في معنى التواتر ” [3] .

وهكذا عُلِمَ أن الرواياتِ تَحتلُّ مكانةَ الصحة بسببِ التلقي بالقبول ، وإن كانت ضعيفةً من ناحية السند . ويكتب العلامة ابن الهمام محمد بن عبد الواحد ( ت : 861هـ/1457م ) عن رواية السيدة عائشة وعبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنهما – التي تقدم ذكرها : ” ومما يُصحِّح الحديثَ أيضاً عملُ العلماء على وفقه ” [4] .

ويكتب الشيخ عبد الحي الفرنجي محلي اللكنوي ( ت : 1304هـ/1886م ) : ” وكذا إذا تلقت الأمةُ الضعيفَ بالقبول يعمل به على الصحيح ” [5] .

ويُرَدُّ خبرُ الواحد في مقابلة القياس عند بعض العلماء في صور مخصوصة ، ولكن إن حَصَلَ لخبر الواحد التلقي بالقبول فيُعمَلُ عندهم أيضاً ، يكتب العلامة السرخسي ، شمس الدين أبو بكر محمد بن أبي سهل الخزرجي الأنصاري ( ت : 490هـ ) – رحمه الله تعالى – : ” وما خالف القياسَ ، فإن تلقته الأمةُ بالقبول فهو معمول به ” [6] .

لقد تَمَّت مراعاةُ هذا المبدأ بكثرة عند الحنفية ، ولو فكرنا في قسم ثالث للحديث بين الحديث المتواتر وخبر الواحد ، ألا وهو : ” الخبر المشهور ” لوجدنا أنه يَعتمِدُ على هذا المبدأ فيما يَغلِبُ على الظن ، فقد قام فخرُ الإسلام البزدوي أبو الحسن علي بن محمد ( ت : 482هـ/1089م ) بتعريف الخبر المشهور بما يلي :

” المشهور ما كان من الآحاد في الأصل ، ثم انتشر فصار يَنقله قوم لا يُتَوَهَّمُ تواطُؤُهم على الكذب ، وهم القرن الثاني بعد الصحابة – رضي الله عنهم – ومَن بعدهم ” [7] .

فكأنَّ الخبر المشهور هو الذي تُلُقِّيَ بالقبول العام في عهد التابعين وأتباع التابعين ، وإن كان مِن قبيل الآحاد في عهد الصحابة . وقد أشار العلامة النسفي أبو البركات عبدالله بن أحمد بن محمود النسفي ( ت : 710هـ/1310م ) إليه ، حيث يكتب متحدثاً عن وجوه صحةِ الزيادة على كتاب الله عن طريق الخبر المشهور : ” لأن الأمة تلقته بالقبول ، واتفاقهم على القبول لا يكون إلا بِجَامِعٍ جَمَعَهم على ذلك ” [8] .

مع أنه لا يَجوز تخصيصُ العام وتقييد المطلق من كتاب الله تعالى بخبر الواحد عند الحنفية ، ولكنَّ هناك رواياتٍ عدةً قام الحنفية بالتخصيص والتقييد عن طريقها ، مثلاً :

  1. قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” القاتل لا يرث ” [9] .
  2. كان رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يُقِيدُ الأبَ من ابنه ، ولا يُقِيدُ الابنَ من أبيه ” [10] .
  3. قوله – صلى الله عليه وسلم – : ” لَيْسَ فِي مَالٍ زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ ” [11] ؛ لأن هذه الروايات ومثلَها من أخبار الآحاد حَصَّلت درجةً خاصةً من الاستناد والاعتبار لأجل التلقي بالقبول .

وبما أن استعمال الدراية أكثر عند الحنفية بشأن التحقيق والتنقيح في الحديث ، ولذا كان استمدادهم من هذه القاعدة كثيراً ، ولكن لا يَنبغي أن يُفهَمَ منه أنه لا عِبرةَ بها لدى الفقهاء والمحدثين  الآخَرينَ ، فقد كتب العلامة ابنُ عبد البر أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي ( المتوفى : 463هـ ) من بين الفقهاء المالكية متحدثاً عن  الحديث : ” هو الطهور ماءه ” [12] : ” هو – أي الحديث – عندي صحيح ؛ لأن العلماء تَلَقَّوهُ بالقبول له والعمل به ” [13] . وقال في ” الاستذكار ” : ” وهذا يَدُلُّكَ على أنه حديث صحيح المعنى يُتَلَقَّى بالقبول والعمل الذي هو أقوى من الإسناد المنفرد ” [14] .

وقال ابن عبد البر في ” التمهيد ” وهو يَبحث عن قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” الدينار أربعة وعشرون قيراطاً ” [15] . : ” وإجماعُ الناس على معناه ما يُغنِي عن الإسناد فيه ” [16] .

وقال الإمام العلامة الأوحد ، الأستاذ ، أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمد الإسفراييني الأصولي الشافعي ( ت : 418هـ/1027م ) : ” تُعرَفُ صحةُ الحديثِ إذا اشتَهَرَ عند أئمة الحديث بغير نَكيرٍ منهم ” [17] .

وقال الإمام العلامة الفقيه المتفنن برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن مرعي بن عطيّة الشبرخيتي المالكي ( ت : 1106هـ ) في شرح الأربعين النووية : ” ومحلُ كونِه لا يُعمَلُ بالضعيف في الأحكام مالم يكن تلقَّاهُ الناسُ بالقبول ، فإن كان ذلك تعين وصار حجةً يعمل به في الأحكام وغيرها ، كما قال الشافعي ” [18] .

وقد كتب بإيضاح تام العلامةُ السخاوي شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن ( ت : 902هـ/1497م ) مِن بين الفقهاء الشوافع ، حيث يقول : ” وكذا إذا تلقت الأمة الضعيفَ بالقبول يُعمَلُ به على الصحيح حتى إنه يَنزِلُ منزلةَ المتواتر في أنه يُنسَخُ المَقطوعُ به . ولهذا قال الشافعي – رحمه الله – في حديث : ” لا وصية لوارثٍ ” إنه لا يُثبِتُه أهلُ الحديث ، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخاً لآية الوصية له ” [19] .

وتُدبِّجُ يراعةُ العلامة السيوطي ، عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد سابق الدين خضر الخضيري ( 849هـ/1445م – 911هـ/1505م ) في ” شرح نظم الدرر المسمى بالبحر الذي زَخَرَ ” :          ” المقبولُ : ما تلقَّاه العلماءُ بالقبول وإن لم يكن له إسنادٌ صحيح ، . . . . أو اشتهر عند الأئمة من غير نكير ” [20] .

وقال العلامة السيوطي – رحمه الله تعالى – في كتابه : ” التعقبات على الموضوعات ” : ” وقد صرَّحَ غيرُ واحدٍ بأن مِن دليلِ صحة الحديث قولَ أهلِ العلم به ، وإن لم يكن له إسناد يعتمد على مثله ” [21] .

ويكتب الحافظ ابن حجر في ” الإفصاح على نكت ابن     الصلاح ” : ” ومن جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا – يعني الحافظ زين الدين العراقي – أن يتفق العلماءُ على العمل بمدلولِ حديثٍ ، فإنه يقبل حتى يجب العمل به ، وقد صرَّح بذلك جماعة من أئمة    الأصول ” [22] .

وقال العلامة عبد العزيز بن أحمد بن محمد ، علاء الدين البخاري ( المتوفى : 730هـ ) : ” وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي فقد ذكر في القواطع : خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول يُقطَعُ بِصدقِه ” [23] .

ويقول تَرجمانٌ شهيرٌ للفقه الحنبلي الإمام الحافظ ابن القيم أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر ( ت : 751هـ/1350م ) متحدثاً عن رواية ضعيفة في كتابه ” الروح ” : ” فهذا الحديث وإن لم يَثبت فاتصالُ العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غيرِ إنكارٍ كافٍ في العمل به ” [24] .

ويقول عالم بصيرٌ مِن مدرسة فكرية سلفيةٍ العلامةُ الشوكاني محمد بن علي ( المتوفى : 1250هـ ) : ” وهكذا خبرُ الواحد إذا تلقته الأمةُ بالقبول فكانوا بين عامل به ومتأول له ” [25] .

ويتَّضِحُ من كلام الشوكاني – رحمه الله تعالى – أن ” التلقي بالقبول ” لا يَعني أن يَعمَلَ بذلك الحديثِ جميعُ الناسِ ، بل الذين يتأوَّلون ذلك الحديثَ ، هم في الحقيقة داخلون في الذين يَقبلون ذلك الحديث ، كما يَبدو من عبارة الشوكاني – رحمه الله تعالى – : ” بين عامل به ومتأول له ” .

فالتلقي بالقبول من الأسباب التي تَمنح الحديثَ الضعيف درجةَ الاعتبار ، ويكون موجباً للزيادة في صحة الأحاديث الصحيحة وقوتها ، وهذا أصل متفق عليه ، ولكن استعمله الحنفية والمالكيةُ استعمالاً كثيراً . والمالكية يُعيرونَ ” تعامل أهل المدينة ” أهميةً ، ويُقدِّمونه ، وما ذاك إلا عبارةً عن استعمال هذا الأصل . بل لو فكَّرنا لوجدنا أن التلقي بالقبول مِن قِبلِ الأمة هو الذي جعل أحاديث البخاري ومسلم مقبولةً ، والمكانةَ التي يحتلها  البخاري ومسلم في دنيا الحديث من حيث الاعتبار والاستناد ، ليست لأجل أن جميع أسانيدهما متساوية ، ولا يمكن الانتقادُ عليهما ، فإنه لا يَخفَى على أهل العلم أن أكثر من مأة راو من البخاري اُتُّهِمُوا بالتشيع ، والرواةُ الذين نسبوا إلى النصب والفرق الباطلة عَدَدُهم لا بأس به ، حيث كتب العلامة ابن الصلاح أبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ ابْنُ المُفْتِي صَلاَحِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ( ت : 643هـ/1245م ) : ” الْعِلْمُ الْيَقِينِيُّ النَّظَرِيُّ وَاقِعٌ بِرواية الشيخين ” ، وعلله بـ ” وَإِنَّمَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ ” [26] .

والجدير بالذكر هنا أنَّ الإشاراتِ المتفرقةَ وإن وقعت حول هذا الموضوع في كتبِ أصولِ الحديثِ والفقه ، ولكن كتابَ المحدث  اليماني ، حسين بن محسن بن محمد الأنصاري ( 1245 – 1327هـ ) ،    ” التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية ” لا يوجد له نظير بشأن هذه المسألة . وقد طُبِعَ مع المعجم الصغير للطبراني ، وطبع في رسالة مستقلة من دار الصُّمَيعِي بالرياض . وقد تمَّت في هذه الرسالة في الحقيقة الإجابةُ عن قول الإمام الترمذي محمد بن عيسى بن سَوْرة ( 279هـ/   892م ) : ” العملُ على هذا الحديث عند أهل العلم ” ، مع أنه يُضعِّفُ تلك الروايةَ ، فكيف يُعمَلُ بها مع ضعفها ؟ وقد سجَّلَ كذلك المحدث الشهير والمحقق الشيخ عبد الفتاح أبوغدة ( ت : 1417هـ/1997م ) في آخر ” الأجوبة الفاضلة ” تحقيقاتِه التي تُزيل الأوهامَ ، وتَفتح الأعينَ ، وتَستحِقُّ أن تُطَالَعَ .

فهذه هي بعضُ جوانبَ هامةٍ تَمَّت مراعاتُها بصفة خاصة بشأن قبول الأحاديث وردها عند الحنفية . ولكن يَجدُرُ بي هنا أن أشيرَ إلى بعض القرائن والشواهد وأصول الدراية الأخرى التي استفاد منها الحنفيةُ بشأن الحكم بالضعفِ والصحةِ على متن الحديث ، أو ترجيحِ الروايات المتعارضة بعضِها على بعض .

(1) أهمية وجهة نظر الصحابة بشأن الصحابة :

بما أن الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين – من رواة الحديث الأولين ، وكلهم عدول ثقات ، والأحاديث النبويةُ نفسُها شاهدة عدل على عدالتهم وثقتهم ، ولذا يحتلُّ الموقفُ الذي اختاره الصحابةُ بشأن حديثٍ أهميةً خاصةً ، فلذلك :

  1. إن حديثاً ما إذا كان يَتعلَّقُ بقضيةٍ اختلفت الآراءُ بخصوصها في عهد الصحابة ، ولم يحتجَّ بذلك الحديث أحد ، فذاك – بلغةِ العلامة السرخسي – دليل على أن في ذلك الحديث خللاً وزيغاً ، أو سهواً ممن رواه بعدهم ، أو هو منسوخ [27] . فمثلاً : وقع الاختلاف في عهد الصحابة بشأن أنَّ الأَمَةَ التي تكون تحت عصمة الحر ، فطلاقها ثلاث أو اثنان ؟ ولكن لم يحتجَّ أحد منهم بالحديث : ” الطلاق بالرجال والعدة بالنساء ” [28] .

وكذا اختلفت الآراءُ بين الصحابة بخصوص قضيةِ وجوبِ الزكاة في مال الصبيان ، ولكن لم يُنقَل عن أحدٍ من الصحابة الاحتجاجُ بالحديث : ” ابتغوا في أموال اليتامى خيراً كيلا تأكلَها الصدقةُ ” [29] ، ولذا تُعتَبَرُ هذه الأحاديثُ مؤولةً عند الحنفية .

  1. إذا لم يُعمَل بروايةٍ في عهد الصحابة ، أو تُرِكَت عَلَناً وجهراً ، فهذا أيضاً دليل على أن المفهوم الظاهر لهذا الحديث غير مطلوب ، فقد رُوِيَ مع الجلدِ التغريبُ في عقوبة الزنى في الأحاديث الصحيحة [30] ، ولكن قال عمر – رضي الله تعالى عنه – في خلفية حادثة مخصوصة : لا أغرِّبُ أحدا في المستقبل ، ولا أنفي بعدها أبدًا [31] ، ولذا اختار الحنفية وجهة النظر التاليةَ بدلاً من العمل بظاهر هذا الحديث :

إن التغريب ليس جزءاً من حد الزنى ، بل هو من بابِ السياسة الشرعية والتعزير ، وذلك مفوَّضٌ إلى الحاكم والقاضي .

وكذلك كان عند الصحابة مثالُ فتحِ خيبر ، ومع ذلك لم يُقَسِّم عمر – رضي الله تعالى – أراضيَ العراقِ بمناسبةِ فتحِ العراق ، ولذا يَرَى الحنفيةُ أن الحكومة يحِقُّ لها أن تحكُمَ في الأراضي المفتوحة حسبَ المصالح .

  1. كذلك إذا رَوَى الصحابيُ روايةً تكون واضحةً من حيث معناها ومحملها ومصداقها ، ومع ذلك يكون عملُ ذلك الصحابي أو فتواه خلافَ تلك الرواية ، فَتُعتَبَرُ مثلُ هذه الرواية غير مقبولة لدى الحنفية ، فمثلاً روى أبوهريرة – رضي الله تعالى عنه – بشأن ” سؤرالكلب ” حديثاً جاء فيه : ” إذا وَلَغَ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات ، وعفروه الثامنة في التراب ” [32] . ولكن فتواه تأمر بالغسل ثلاث مرات [33] . فجعل الحنفية هذا الحديث أصلاً ، وحملوا رواية التسبيع على الاستحباب .

وروى الترمذي كذلك عن عبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنهما – أن النبي –صلى الله عليه وسلم – كان يُوتِرُ على راحلته [34] . ولكن رُوِيَ من عادته أنه كان إذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض [35] . فَعَمِلَ الحنفيةُ بهذا ، وحملوا الوتر على الراحلة على صلاة التهجد ؛ لأن لفظ الوتر استُعمِلَ في الأحاديث بمعنى التهجد كذلك .

وكذا روي عن السيدة عائشة – رضي الله تعالى عنها – أن الولي لازم لإنكاح المرأة ، حيث قالت : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ” لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ” [36] . ولكن عائشة – رضي الله تعالى عنها – زوجت ابنةَ أخيها حفصةَ بنتَ عبدِ الرحمن مِن المنذر بن الزبير وهو غائب ، ولذا يرى الحنفيةُ أن ولايةَ الأولياء على البنات البالغات ولايةُ استحبابٍ وندبٍ ، وليست ولايةَ الإجبار .

غير أنه يَسترعِي النظرَ والانتباهَ بهذا الخصوص أمران :

الأولُ : أن فتوى الصحابي أو عمله يكون خلافَ حديثٍ ، ولكنَّ ذلك الحديثَ يتعلق بقضية لا يكون خَفاءُهُ على بعض الناس خلافَ القياس ، فهذا لا يَمنع قَبُولَ ذلك الحديث ، كما أن عبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنهما – لم يكن يرى أن الحائض يمكن لها أن تَدَعَ طوافَ الوداع ، أو رُوِيَ أن أبا موسى الأشعري – رضي الله تعالى عنه – كان يَرَى أن القهقهةَ في الصلاة لا تنقض الوضوءَ .

فهذه هي المسائل التي لا يترك فيها العمل بالحديث بسبب عمل الصحابي ؛ لجواز أن يكون ذلك خفي عليه [37] .

والثاني : أن الحديث إذا احتملَ أكثرَ من معنى ، وعَيَّنَ صحابيٌ معنىً باجتهادهِ ، فلا يكون ذلك حجةً ؛ لأن أساسه اجتهاد ، لا النصُ ، فالعبرةُ بما روى لا بما رأى ، فقد رُوِيَ بخصوصِ البيع والشراء :              ” المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا ” [38] . فالتفرق هنا : التفرق بالأبدان عند الجمهور ، و ” خيار المجلس ” حاصلٌ للعاقدين بعد تمام الإيجاب والقبول كذلك . بينما المراد من هذا الحديث التفرق بالأقوال عند الحنفية ، أي ما لم يَتِمَّ إظهارُ القبول بعد الإيجاب ، للموجِبِ حقُ ردِّ البيع ، مع أن عبد الله بن عمر – رضي الله تعالى عنه – حمله على التفرق بالأبدان الذي حمله عليه الجمهور ، وبما أن ألفاظ الحديث تحتمل كل واحد من هذينِ المعنيين ، ولذا تُرَاعى عند الحنفية ألفاظُ الحديث دون اجتهاد الراوي .

(2) تأثير فقه الراوي في ترجيح الحديث :

يشترط لدى الحنفية لقبول خبر الآحاد حسبَ تصريحاتِ بعضِ كتبِ الأصول أن يكون رواتُه معروفين بالفقه مع كونهم ثقاتٍ ، ولكن يَصعُبُ تصديقُه بعد التفكير في مجتهدات الإمام ، فَكَم مِن مسألةٍ أَخَذَ فيها الحنفيةُ روايةَ الرواة الذين لم يكونوا معروفين بالفقه ، غير أنه إذا كان هناك حديثان متعارضان ، وكلاهما صحيحان من ناحية السند ، فالإمام أبوحنيفة يُرجِّحُ بلا شك الروايةَ التي رواها ” أصحابُ الفقه ” . وأفضلُ مثالٍ له : النقاشُ الذي جَرَى بين الإمام أبي حنيفة والإمام الأوزاعي – رحمهما الله تعالى – بمكة في دار الحناطين حول مسألة رفع اليدين ، فقد راعى الإمام أبوحنيفة – رحمه الله تعالى – فقهَ الرواة ، ورجح سند : حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبدالله بن مسعود على سند : الزهري عن سالم عن أبيه : عبد  الله بن عمر ، واعتبر فقهَ الرواة أهمَّ مِن قلةِ الوسائط ، وقد كتب العلامة ابن الهمام محمد بن عبد الواحد السيواسي ثم الإسكندري – رحمه الله تعالى – ( ت : 861هـ/1457م ) بعد ذكر هذه المناقشة : ” فرجح بفقه الرواة كما رجح الأوزاعي بعلو الإسناد ، وهو المذهب المنصور عندنا ” [39] .

وقد عدَّ العلامة ابن الهمام الترجيح بفقه الرواة من أسباب الترجيح في ” تحرير الأصول ” كذلك ، وقال احتجاجاً به : وترجح روايةُ عبد الله بن عباس على رواية أبي رافع في مسألة نكاح المُحرِم [40] .

وقد انتقد بعض الناس على ذلك ، وقالوا : إنَّ روايةَ الحديث تتعلق بالحفظ بصفةٍ رئيسيةٍ ، فلا يصح ترجيحُ الفقه على الحفظ في رواية الحديث ، ولكن مِن الحقائق التي لا تُجحَدُ أن معظمَ الروايات رُوِيَت بالمعنى دون اللفظ ، ولا شكَّ أنه لا يَقدِرُ على حفظُ معاني الحديث إلا مَن يَحمِلُ فهماً ثاقباً ، وعقلاً ناضجاً ، ومن هنا يجعل الإمام الرازي فخر الدين محمد بن عمر ( ت 606هـ/1209م ) من أسباب الترجيح في الجملة فقه الراوي ، حيث يكتب : ” إن تفقه الراوي مرجح بحال . . . . أحدها أن رواية الفقيه راجحة على رواية غير الفقيه .

وقال قوم : هذا الترجيح إنما يعتبر في خبرين مرويين بالمعنى ، أما المروى باللفظ فلا ، والحق أنه يقع به الترجيح مطلقاً ؛ لأن الفقيه يميز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز ، فإن حضر المجلسَ وسمع كلاماً لا يجوز إجراؤُه على ظاهره بَحَثَ عنه وسأل عن مقدمته وسببِ وروده فحينئذ يَطَّلِعُ على الأمر الذي يزول به الإشكال .  أما من لم يكن عالماً فإنه لا يُمَيِّزُ بين ما يَجوز وبين ما لا يجوز فيَنقُلُ القدرَ الذي سمعه وربما يكون ذلك القدرُ وحده سبباً للضلال .

وثانيها إذا كان أحدُهما أفقهَ من الآخر كانت رواية الأفقه راجحةً ؛ لأن الوثوق باحتراز الأفقه عن ذلك الاحتمال المذكور أتمَّ من الوثوق باحتراز الأضعف منه ” [41] .

وقد شعر كذلك العلامة الشوكاني ( المتوفى : 1250هـ ) بسَدادِ وجهةِ النظر هذه ، فقال : ” النوع الرابع ” : أنها ترجَّح روايةُ من كان فقيهاً على من لم يكن كذلك ؛ لأنه أعرف بمدلولات الألفاظ ” [42] .

وقد اعترف كذلك بهذا المبدأ بعضُ أئمة الفقه والحديث الآخرين بالإضافة إلى الحنفية ، فعن عَلِيٍّ بْنِ خَشْرَمٍ قَالَ : قَالَ لَنَا وَكِيعٌ : أَيُّ الإِسْنَادَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ ؛ الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود ، أَوْ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود ؟ فَقُلْنَا : الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ، الأَعْمَشُ شَيْخٌ وَأَبُو وَائِلٍ شَيْخٌ ، وَسُفْيَانُ فَقِيهٌ ، وَمَنْصُورٌ فَقِيهٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ فَقِيهٌ ، وَعَلْقَمَةُ فَقِيهٌ ، وَحَدِيثٌ يَتَدَاوَلُهُ الْفُقَهَاءُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَدَاوَلَهُ الشُّيُوخُ ” [43] .

(3) الأحاديث المرسلة والضعيفة :

لا نغالي إذا قلنا : إن المحدثين كما اختبروا التُّراثَ الحديثي من ناحية أصول الرواية ، وقاموا لأجل ذلك بعمليةٍ فخمةٍ بخصوصِ تحقيق الرجال ، لا يوجد لها نظير في تاريخ الأديان ، حتى اعترفَ بها  المستشرقون ، فكذلك يُعتَبَرُ من الجور أن لا يُشَادَ بِمُحَاوَلاتِ الاختبار لمتنِ الحديث التي قام بها الفقهاء وبالخصوصِ الفقهاءُ الأحنافُ في ضوء كتابِ الله ، وأهدافِ الشريعة ومقاصدها العامة ، وطبيعتِها ومذاقِها ، والخلفيةِ التاريخيةِ للواقعات والحوادث المروية ، وأن لا تُستَحسَنَ الأصول والقواعد المتعلقة بدراية الحديث التي أسَّسُوها . ولكن مِن المُؤسِفِ أنه لم يَتِمَّ العدلُ مع هذا الجانب من التحقيق بخصوصِ الحديث ، بل جَعَلَ بعضُ قِصَارِ النظر وقليلِيِ الفهم الفقهاءَ الحنفية بالنظر إلى سَعيِهِم المَيمونِ هذا تاركين للحديث ، ومتبعين للرأي ، مع أنه ظلم ليسَ فوقَهُ ظلم تَمَّ تَبريرُهُ في دنيا العلم .

وإن تمَّ النظرُ بِعينِ العدل فيبدو أن اعتناءَ الحنفيةِ بالأحاديث أشد بالنسبة إلى المدارس الفقهية الأخرى . ويجدُرُ بي أن أشير إلى اختلافين مَبدئِيَّينِ بين الفقهاء بهذا الشأن ، أحدهما أن رواياتِ التابعينَ المرسَلَةَ التي حُذِفَ فيها الواسطة ونُقِلَت مباشرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم – ، هي حجةٌ عند الحنفية والمالكية ، إذا عُرِفَ عن الراوي أنه يأخذ الرواية بصفةٍ عامَّةٍ عن الثقات [44] . بينَما لم يَقبل العلماءُ الذينَ جاءوا بعد الإمام الشافعي المراسيل بصفة عامةٍ لأجل الانقطاع في السند . ولكن الحنفية أكثروا من الاحتجاج بالروايات المرسلة وخاصةً بمراسيل الإمام إبراهيم النخعي ، ويُمكِنُ تقديرُ ذلك من ” كتاب الآثار ” للإمام أبي يوسف ، والإمام أحمد .

فقبول الحنفية للمرسل إذ يكشِفُ عن فكرتهم : ” أن العمل بالمنقول في الدين أفضلُ من اللجوء إلى العقل على كل حال ” ، فكذلك يَدُلُّ على مراعاتهم للحقيقة أن كثيراً من المحدثين لا يَروون الحديث مرسلاً إلا  إذا وصل إليهم بطريقة موثوقٍ بها عن عدَّةٍ من الشيوخ ، فالحسن البصري كان يقول : ” كنتُ إذا اجتمع لي أربعةٌ من الصحابة على حديث أرسلته إرسالاً ” [45] . وكان إبراهيم النخعي يقول : ” إذا قلت : قال عبد الله : فهو عن غير واحد عن عبد الله ” [46] . ومِن هُنَا جَعَلَ الحنفيةُ بخصوص مسألة كون القهقهةِ في الصلاة ناقضةً للوضوء روايةَ إبراهيم النخعي المرسَلةَ أصلاً [47] .

( للبحث صلة )

* الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي ، بالهند ، رئيس المعهد العالي الإسلامي ، حيدرآباد ، بالهند ، عضو مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ، بمكة المكرمة .

[1] أخرجه أبو داود ، رقم 2189 ، والترمذي ، رقم 1182 ،  بلفظ : ” طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان ” ، وابن ماجة ، رقم 2079 – 2080 ، والدارمي ، رقم 2294 ، والبيهقي ، معرفة السنن والآثار ، رقم 4736 ، بلفظ : ” طلاق الأمة ثنتان ، وعدتها حيضتان ” ، بإسناد فيه مقال .

[2] الجصاص ، أحكام القرآن 2/83 ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1405هـ ،   تحقيق : محمد الصادق قمحاوي ، عدد الأجزاء : 5 .

[3] التهانوي ، ظفر أحمد العثماني ، قواعد في علوم الحديث ، ص 62 ، كراتشي ، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية ، تحقيق : عبد الفتاح أبوغدة .

[4] ابن الهمام ، فتح القدير 3/493 ، بيروت ، دار الفكر .

[5] الفرنجي محلي اللكنوي ، الأجوبة الفاضلة ، ص 51 ، بيروت ، دار البشائر ، 1994م .

[6] السرخسي ، أصول السرخسي 1/341 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1414هـ – 1993م .

[7] البزدوي ، أصول البزدوي ( كنز الوصول إلى معرفة الأصول ) ، ص 152 ، كراتشي ، مطبعة جاويد بريس .

[8] النسفي ، المنار مع كشف الأسرار 2/13 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، عدد    المجلدات : 2 .

[9] أخرجه الترمذي ، رقم 2109 ، وابن ماجة ، رقم 2735 ، والطبراني في الأوسط ، رقم 8690 ، ومالك في الموطأ بشرح الزرقاني ( 3/156 ) ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – ، وإسناده صحيح .

[10] أخرجه الترمذي ، رقم 1399 ، سراقة بن مالك – رضي الله عنه – ، بإسناد فيه مقال .

[11] أخرجه أبو داود ، رقم 1573 ، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ، رقم 1265 ، وهو حديث صحيح .

[12] أخرجه النسائي ، رقم 59 ، وفي الكبرى ، رقم 58 ، والترمذي ، رقم 69 ، وأحمد ، –  – رقم 7233 ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – ، وهو حديث صحيح .

[13] ابن عبد البر ، القرطبي ، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 16/218 – 219 ، مؤسسة القرطبة ، تحقيق : مصطفى بن أحمد العلوى ومحمد عبد الكبير البكرى .  وراجع : السيوطي ، تدريب الراوي 1/67 ، الرياض ، مكتبة الرياض الحديثة ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف ، عدد الأجزاء : 2 .

[14] القرطبي ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار 1/159 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 2000م ، تحقيق : سالم محمد عطا – محمد علي معوض ، عدد الأجزاء : 9 .

[15] ذكره ابن عبد البر عن جابر بن عبد الله – رضي الله تعالى عنهما – ، راجع : القرطبي ، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 20/145 ، مؤسسة القرطبه ، تحقيق : مصطفى بن أحمد العلوى ومحمد عبد الكبير البكرى .

[16] المصدر السابق ، 20/145 .

[17] السيوطي ، تدريب الراوي 1/67 ، الرياض ، مكتبة الرياض الحديثة ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف ، عدد الأجزاء : 2 .

[18] الشبرخيتي المالكي ، الفتوحات الوهبية في شرح الاربعين النووية ، ص 246 ، ط : 1 ، 1429هـ ، وراجع كذلك : اليماني ، حسين بن محسن بن محمد الأنصاري ( 1245 – 1327هـ ) ، التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية ، ص 264 ، الرياض ، دار الصميعي ، تحقيق : راشد الغفيلي .

[19] السخاوي ، فتح المغيث شرح ألفية الحديث 1/288 – 289 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1403هـ ، عدد الأجزاء : 3 .

[20] راجع : الفرنجي محلي اللكنوي ، الأجوبة الفاضلة ، ص 229 ، بيروت ، دار البشائر ، 1994م . وأيضاً : اليماني ، حسين بن محسن بن محمد الأنصاري ( 1245 – 1327هـ ) ، التحفة المرضية في حل بعض المشكلات الحديثية ، ص 264 ، الرياض ، دار الصميعي ، تحقيق : راشد الغفيلي .

[21] السيوطي ، تعقبات السيوطي على موضوعات ابن الجوزي أو النكت البديعات على الموضوعات ، ص 12 ، ط : 1 ، المنصورة /مصر ، دار مكة المكرمة ،  1425هـ/2004م ، ت : أ . د . عبد الله شعبان . وراجع : الفرنجي محلي اللكنوي ، الأجوبة الفاضلة ، ص   229 ، بيروت ، دار البشائر ، 1994م ، تحقيق وتعليق : الشيخ عبد الفتاح أبوغدة .

[22] ا بن حجر العسقلاني ( المتوفى : 852هـ ) ، النكت على كتاب ابن الصلاح 1/494 ، ط : 1 ، المدينة المنورة ، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية ، 1404هـ/1984م ، تحقيق : ربيع بن هادي عمير المدخلي ، عدد المجلدات : 2 .

[23] البخاري ، كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ، 2/534 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1418هـ/1997م ، تحقيق : عبد الله محمود محمد عمر .

[24] ابن قيم الجوزية ، الروح ، ص 13 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1395 – 1975م ، عدد الأجزاء : 1 .

[25] الشوكاني ، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول 1/138 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، 1419هـ – 1999م ، تحقيق : الشيخ أحمد عزو عناية ، عدد    الأجزاء : 2 .

[26] ابن الصلاح ، معرفة أنواع علوم الحديث ، ويُعرف بمقدمة ابن الصلاح ، ص 28 ،    بيروت ، دار الفكر ، 1406هـ – 1986م ، تحقيق : نور الدين عتر ، عدد الأجزاء : 1 .

[27] السرخسي ، أصول السرخسي 1/369 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1414هـ – 1993م .

[28] أخرجه البيهقي في الكبرى ، رقم 14940 ، وسعيد بن منصور في سننه ، رقم 1329 ، عن زيد بن ثابت – رضي الله عنه – كقوله ، والطبراني في المعجم الكبير ، ج 9 ، ص 337 ، ح 9679 ، عن عبد الله – رضي الله تعالى عنه – .

[29] أخرجه مالك في ” الموطأ ” ، رقم 589 ، فذكره ، بلاغاً ، بلفظ : ” اتَّجِروا في أموال اليتامى ، لا تأكلها الصدقة ” ، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ، والدارقطني في سننه ، رقم 1996 ، بلفظ : ” ابْتَغُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لاَ تَأْكُلُهَا الصَّدَقَةُ ” ، والبيهقي في الكبرى ، رقم 7132 ، وقال : هذا إسناد صحيح وله شواهد عن عمر – رضي الله عنه – ، ورقم 10764 ، وقال : وقد رويناه من أوجه عن عمر وروي من وجه آخر مرسلاً عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ، والديلمي في مسند الفردوس ، رقم 263 ، عن عبد الله بن عمرو ، بلفظ : احفظوا اليتامى في أموالهم لا تأكلها الصدقة والزكاة .

[30] أخرج هذه الروايات مسلم ، رقم 1690 ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، وأبو داود ، رقم 4415 ، بيروت ، دار الفكر ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد .

[31] أخرجه النسائي من طريقه عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : غرب عمر – رضي الله عنه – ربيعة بن أمية في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر فقال عمر – رضي الله عنه – :  ” لا أغرب بعده مسلماً ” ، رقم 5676 ، تحقيق : عبدالفتاح أبو غدة ، هذا الأثر رجاله    ثقات ، إلا أن فيه انقطاعاً ؛ لأن الجمهور على أن ابن المسيب لم يسمع من عمر – رضي الله عنه – ، ويقوي جماعة من أهل العلم رواية سعيد بن المسيب عن عمر ، وقد ولد في آخر خلافته ولما كبر اهتم بأقضيته فكان له اختصاص بقضاء عمر – رضي الله عنه – . ورواه عبد الرزاق الصعناني في ” المصنف ” (7/314 ) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : ” أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ غُرِّبَ فِي الْخَمْرِ إِلَى خَيْبَرَ ، فَلَحِقَ بِهِرَقْلَ قَالَ : فَتَنَصَّرَ . فَقَالَ  عُمَرُ : لا أُغَرِّبُ مُسْلِمًا بَعْدَهُ أَبَدًا ” ، رقم 13320 ، ط : 2 ، بيروت ، المكتب الإسلامي ، 1403هـ ، تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي ، عدد الأجزاء : 11 ، وهذا إسناد ضعيف ، لوجود انقطاع فيه ، فابن جريج لم يدرك زمن عبد الله بن عمر .

[32] أخرجه مسلم ، رقم 280 ، باب حكم ولوغ الكلب ، ترقيم وتحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي .

[33] أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ، رقم 74 ، بَابُ سُؤْرِ الْكَلْبِ ، ط : 1 ، بيروت ، عالم الكتب ، 1414هـ – 1994م ، تحقيق : محمد زهري النجار – محمد سيد جاد الحق ، عدد الأجزاء : 5 ( 4 وجزء للفهارس ) .

[34] أخرجه الترمذي ، رقم 472 ، وهو حديث حسن صحيح .

[35] راجع : المقريزي ، أحمد بن علي ( ت : 845هـ/1442م ) ، مختصر كتاب الوتر ، ص :  91 ، ط : 1 ، الأردن ، مكتبة المنار ، 1413هـ ، تحقيق : إبراهيم محمد العلي ، محمد عبد الله أبو صعليك ، عدد الأجزاء : 1 .

[36] أخرجه ابن حبان في صحيحه ، رقم 4075 ، وإسناده حسن .

[37] السرخسي ، أصول السرخسي 2/8 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1414هـ – 1993م .

[38] أخرجه البخاري ، رقم 2111 ، ومسلم ، رقم 1531 ،  وأبو داود ، رقم 3454 .

[39] ابن الهمام ، فتح القدير 1/311 ، بيروت ،  دار الفكر .

[40] أمير بادشاه ، محمد أمين ( ت : 972هـ ) ، تيسير التحرير ، ج : 3 ، ص 167 ، بيروت ، دار الفكر ، عدد الأجزاء : 4 .

[41] الرازي ، المحصول في علم الأصول 2/454 ، 5/554 – 555 ، ط : 1 ، الرياض ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، 1400هـ ، تحقيق : طه جابر فياض العلواني ، عدد –     – الأجزاء : 6 .

[42] الشوكاني ، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول 2/265 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، 1419هـ – 1999م ، تحقيق : الشيخ أحمد عزو عناية ، عدد    الأجزاء : 2 .

[43] الحازمي ، أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان الهمداني ، زين الدين ( المتوفى :       584هـ ) ، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ، ص 15 ، الدكن ، حيدر آباد ، دائرة المعارف العثمانية ، ط : 2 ، 1359هـ .

[44] ابن الحنبلي ، رضي الدين محمد بن إبراهيم الحلبي الحنفي ( المتوفى : 971هـ ) ، قفو الأثر في صفوة علوم الأثر 1/66 ، ط : 2 ، حلب ، مكتبة المطبوعات الإسلامية ،    1408هـ ، تحقيق : عبد الفتاح أبو غدة ، عدد الأجزاء : 2 .

[45] السرخسي ، أصول السرخسي 1/361 ، ط : 1 ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1414هـ – 1993م .

[46] السيوطي ، تدريب الراوي 1/205 ، الرياض ، مكتبة الرياض الحديثة ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف ، عدد الأجزاء : 2 .

[47] الدارقطني ، أبو الحسن ، علي بن عمر ( ت: 385هـ/995م ) سنن الدارقطني 1/314 ، رقم 643 ، بيروت ، مؤسسة الرسالة .