العلامة الشريف  محمد واضح رشيد الحسني الندوي حياته وفكره وأعماله

قراءة في ” رجال الفكر والدعوة في الإسلام ” ( الجزء الأول )
مارس 1, 2020
” ندوة العلماء : حركتها . دعوتها . أبعادها ” لسعادة الدكتور سعيد الأعظمي الندوي حفظه الله تعالى ورعاه
مارس 31, 2021
قراءة في ” رجال الفكر والدعوة في الإسلام ” ( الجزء الأول )
مارس 1, 2020
” ندوة العلماء : حركتها . دعوتها . أبعادها ” لسعادة الدكتور سعيد الأعظمي الندوي حفظه الله تعالى ورعاه
مارس 31, 2021

قراءة في كتاب :

العلامة الشريف  محمد واضح رشيد الحسني الندوي

حياته وفكره وأعماله

للأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي

عرض : مدير التحرير

وصل إلى مكتب مجلة البعث الإسلامي كهدية طيبة ، كتاب قيم باسم : العلامة الشريف محمد واضح رشيد الحسني الندوي : حياته وفكره وأعماله ، وذلك بقلم الدكتور محمد أكرم الندوي ( نزيل آكسفورد، بريطانيا ) ، وصدر الكتاب من مكتبة سلمى الثقافية ، بتطوان ، المغرب الأقصى ، كتب تقريظه فضيلة الأستاذ الدكتور حسن الأمراني رئيس رابطه الأدب الاسلامي  بالمغرب الأقصى ، وهو كاتب إسلامي ، وباحث أكاديمي ، وأحد رواد الأدب الإسلامي ، بارك الله في حياته . ( وهو الذي تكرم بإرساله إلى سعادة أستاذنا الدكتور سعيد الأعظمي الندوي رئيس تحرير مجلة البعث الإسلامي ) .

أما الكتاب فهو يشتمل على عشرة أبواب ، ويغطي 432/ صفحة من القطع المتوسط ، ازدانت فاتحة الكتاب بكلمات نوابغ الزمان أمثال العلامة الشريف محمد الرابع الحسني الندوي والشيخ الدكتور سعيد الأعظمي الندوي والأستاذ عبد الباسط بدر ، والدكتور عبد القدوس أبي صالح  والأستاذ الدكتور حسن الأمراني الحسني عن الفقيد الراحل رحمه الله ، كلهم شهدوا بأن الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي كان عالماً ، مفكراً ، مربياً وأديباً وموجهاً ومحللاً صحفياً ، بل كان عبقرياً في كل ما يقوم به من نشاط علمي وفكري ، أدبي أو دعوي ، وكان من الذين فتح الله عليهم أبواباً في فهم الواقع السياسي والثقافي والدعوي والحضاري ، رافق مسيرة رابطة الأدب الإسلامي ، وهو كما قال الدكتور حسن الأمراني : ” كان رحمه الله كما عرفته فارس الكلمة وصاحب القلم الفذ ، كما كان نعم المجسد للأخلاق الفاضلة والشيم الرفيعة ” . ( الكتاب نفسه ، ص : 3 – 4 ) .

يشرح الكتاب هذه الجوانب البارزة لحياة الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي ، شرحاً وافياً ، مدعماً بعشرات من الشهادات والخبرات المباشرة للذين زاروه وتلمذوا عليه ، واستفادوا منه ، وجلسوا عنده ، فأبدوا انطباعاتهم في صورة مقالات وكتابات في الصحف والجرائد العربية ، فانتقى المؤلف الكريم هذه الآراء ، ورتبها ترتيباً إبداعياً ، وهو من أحب التلامذة لديه ، وكان الشيخ يذكره أحياناً في بعض مجالسه ، فكان واجباً عليه أن يسطر كتاباً مسهباً عنه ، فكتب بعض المقالات في حياته ، ثم استأنف تأليف سيرته ومآثر حياته بعد   وفاته ، ولم يمض على وفاته مدة ، إلا صدر هذا الكتاب القيم ، فجزاه الله تعالى عنا خير الجزاء .

والأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي من مواليد 1964م ، ينتمي إلى مدينة جونفور ، بولاية أترابراديش ( الهند ) ، درس في جامعة ندوة العلماء ، وتخرج منها عام 1980م من الليسانس ، وتخصص في الحديث النبوي الشريف عام 1982م ، ونال شهادة الدكتوراة من جامعة لكناؤ ، وقام بتأليف وتعريب عشرات من الكتب ، منها الموسوعة العلمية حول المحدثات المسلمات عبر التاريخ في أربعين مجلداً ، ذكر فيها أكثر من 8000/ ترجمة للمحدثات . يسر الله تعالى طباعتها في أقرب وقت ممكن .

افتتح الكتاب بعنوان الترجمة ، وهو الباب الأول ، يحتوي هذا الباب على نسب الشيخ محمد واضح وأسرته ونشأته وتكوينه العلمي وثقافته العامة ، وأخذه للطريقة وحياته العائلية وحياته العملية من التأليف والكتابة والرحلات العلمية والتدريس ، سلك المؤلف في ترتيب المواد وجمع الوثائق مسلك المؤرخ الأمين ، لم يضف إليه كلمةً غير معلومة ، ولم يعدل فيه عن الجادة المستقيمة ، فكان المعول في هذا الباب على مصادر أسرة الفقيد الراحل رحمه الله ، أمثال نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر للعلامة الشريف عبد الحي الحسني ، وحياة عبد الحي للعلامة الندوي ومؤلفات الفقيد رحمه الله ، يتحدث المؤلف الكريم عن إتقان الشيخ محمد واضح للغة العربية ، فلم يبد فيه رأيه وإن كان أحق بأن يبدي رأيه السديد ، لكنه ينقل رأي الدكتور بسام ساعي أديب العربية الشهير المقيم في أكسفورد في تقديمه لكتاب : أدب الصحوة الإسلامية : ربما لا يعلم الكثيرون أن ندوة العلماء هذه خرَّجت لنا أول جيل من غير العرب في العصر الحديث ، يكتب ويؤلف وينشر كتباً بالعربية ، ليكون لهذه الكتب ذيوعها وتأثرها الفكري والحضاري في العرب والمسلمين ، وواضح رشيد الندوي مؤلف كتاب : أدب الصحوة الإسلامية ، هو واحد من هؤلاء الكتاب الهنود الذين كتبوا بالعربية ،   ( ص : 65 ) ، ويشهد بطول باعه في العربية سعادة أستاذنا              سعيد الأعظمي الندوي : هو يعد من أفذاذ الأدباء ويحل مكانةً أدبيةً وعلميةً ممتازةً ( أعلام الأدب العربي في العصر الحديث : 4 ) ويقول مؤلف الكتاب : يرجع إحكامه للعربية ورسوخه فيها إلى البيئة اللغوية والأدبية التي أنشأها العلامة محمد تقي الدين الهلالي المراكشي ، والشيخ الأديب خليل عرب في لكناؤ ، وفي دار العلوم لندوة العلماء ، وقد التقى بهما واستفاد منهما ( ص : 66 ) ، ويقول أحد تلامذته : فقد كنا نلتذ إلى عربيته في الفصل وننتظر حصته بفارغ الصبر ، ونتمنى حصته بلهجته العربية الخالصة الجميلة الحلوة الآسرة ، ونطقه بالحروف العربية من مخارجها الأصيلة نطقاً رصيناً متيناً عجيباً ، يأسر قلوبنا ويسحر عقولنا وأذهاننا ، ويحبب إلينا العربية ويرغبنا في تعلمها وإتقانها ( ص : 66 ) .

وعنوَنَ المؤلف الباب الثاني : دوره في الإعلام والصحافة ، كان أستاذنا الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندووي إعلامياً بارزاً وصحفياً محنكاً ، قضى في هذا المجال حياته كلها ، فإنه بعد تخرجه من جامعة ندوة العلماء قضى عشرين سنةً في إذاعة عموم الهند كمترجم ومذيع في برنامجها العربي ، ثم قدم استقالته وعاد إلى ندوة العلماء ، وكان رئيس تحرير صحيفة الرائد حوالي خمس وأربعين سنةً ، ومشاركاً في رئاسة تحرير مجلة البعث الإسلامي حوالي أربعين سنةً ، فكان شيخ الصحافة العربية حسب تعبير أحد الأدباء . بالمعنى الدقيق بلا منازع ، حيث توافرت له تلك الآلية التي تؤهله للاشتغال بها والخوض في مجالاتها ( ص : 111 ) ، تتميز كتاباته الصحفية بالخصايص التالية :

  1. توسعه المعرفي ، فكان كثير المطالعة وواسع المعرفة وملماً بعامة العلوم السياسة والاجتماعية .
  2. استقلاله الفكري ، لم يمسه شيئ من الداء الذي ابتُلي به الصحفيون في الشرق والغرب من التبعية والسياسة والحزبية والأيدلوجية ، بل كان كاتباً أصيلاً في مواقفه ، واثقاً بعلمه وفكره ، ومستقلاً عن الخنوع لغيره .
  3. تحليله الدقيق ، تتسم كتاباته بالصدق وأمانة السرد ودقة التحليل ، وقوة النقد مصطبغة بالموضوعية والهدوء والاتزان ، صادرة من الدراسة العميقة لتاريخ الحضارة الغربية وثقافتها .
  4. الغيرة الدينية والحمية الإسلامية .
  5. أسلوبه الكتابي الواضح ، يقول الأستاذ شفيق أحمد خان الندوي : أسلوبه أسلوب ساذج بسيط وجميل يسر القراء والسامعين بوفرة جدة الفكر وجودة المضمون ، وقوة العاطفة والاتزان بين اللفظ والمعنى ، والامتزاج من الكلاسيكية والحداثة في التعابير العربية والأصلية      ( 110 ) ، وقد  عرض المؤلف نماذج من مقالاته كدلائل على   مدلولاته ، فلم يكتف بنموذج أو نموذجين ، بل ذكر لاستيعاب موضوعاته في 22/ صفحة .

كان الشيخ محمد واضح رشيد الحسني الندوي مفكراً    إسلامياً ، استقى هذا الفكر من المصدرين الأساسيين ( القرآن الكريم والحديث النبوي ) ، ولا يزال يفكر في الإسلام ونشر مبادئه وقيمه على أرجاء المعمورة ، ويدحض كل ما يضاد منهجه وفكره من النظريات والآراء والأيدلوجيات ، وقد امتاز فكره حسب تفسير مؤلف الكتاب : بالعرض العلمي الأمين لتاريخ  الصراع بين الفكر الإسلامي الأصيل والفكر الغربي المتمثل في وجهاته ونظرياته ، وبالدراسة الصادقة الواقعية للغزو الثقافي الغربي المستهدف لمقومات الثقافة الإسلامية وأركانها وأصولها وفروعها . وبالتحليل الأكاديمي المعتدل لحقيقة الحلول المستوردة وآثارها على العالم الإسلامي فكرياً وثقافياً وحضارياً ، وبالإنصاف والاعتدال في الموازنة بين آراء المكفرين المسلمين من دون عصبية أو إجحاف أو إفراط وتفريط . ( ص : 283 – 291 ) ويدل على هذه النقاط الأربع ما كتبه الشيخ محمد واضح رشيد الحسني من مؤلفات ومقالات حول الغزو الفكري : أمثال من قضايا الفكر الإسلامي : الغزو  الفكري ، وتاريخ الثقافة الإسلامية ، أبو الحسن علي الحسني الندوي منابع فكره ومنهجه .

لا يمكنني في هذه العجالة أن أتناول جميع الأبواب العشرة بالشرح والبيان ، وفيما ذُكر هنا من الآراء غناء وكفاية لطالب العلم الذي يريد أن يحبَّب إليه هذا الكتاب العلمي ، وقد ذكر المؤلف في بداية كل باب قطعةً أدبيةً من كتابات الفقيد الراحل ، وهو خير دليل إلى موضوع الباب ومغزاه ، كما ذيل الأعلام الأحياء منهم والأموات بتعليقات مفيدة نافعة ، ويتمتع الدارس لهذا الكتاب خلال دراسته بالأبيات الشعرية حسب الموضوعات ، كأنه كان على ميعاد ، فالكتاب ليس مجرد سيرة شخصية ، أو سرد ترجمة ذاتية ، بل هو فكر وفن ، وشعور ووجدان، وأدب وبلاغة ، وفكر ومنهاج ، وسيؤدي بإذن الله دوراً ريادياً في صياغة الفكر الإسلامي الصحيح ، ويبذر في ذهن القراء بذور الدفاع عن الإسلام ، كما أنه يملؤهم حماسةً وغيرةً على الإسلام والمسلمين . فللمؤلف شكر جزيل من القراء الكرام ، ندعو الله تعالى أن يكرمه بالصحة والعافية لنستفيد من إنتاجاته العلمية والتربوية . تقبل الله جهوده وبارك فيها .