إنها مؤامرة ضد أمة الإسلام !

فمن يهجو رسول الله منكم ويـــمـــدحه ويــنـصره سواء !
ديسمبر 15, 2020
أخي القارئ الكريم !
يناير 6, 2021
فمن يهجو رسول الله منكم ويـــمـــدحه ويــنـصره سواء !
ديسمبر 15, 2020
أخي القارئ الكريم !
يناير 6, 2021

الافتتاحية :                 بسم الله الرحمن الرحيم

إنها مؤامرة ضد أمة الإسلام !

لم يكن التاريخ البشري قد عاش مثل هذه الفترة الطويلة التي تواجهها أمة الإسلام اليوم بوجه خاص ، فترة التعطل عن أداء أهم المسئوليات والخشية من وقوع حادث لا يمكن تدارك ما فات في أيامه من فرص سانحة عديدة للبناء وتجديد الوسائل للتقدم في مجالات النشاط الإيجابي وتنمية طاقات الاتصال بقوة السماء الخلاقة في ضوء التعاليم التي بُعث بها رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم للحياة الإنسانية وتركيز القوى في إنجاز الأعمال التي يطالبها الله سبحانه من عباده ، ويفتح لهم الطريق ويمهده للأداء بإخلاص كامل وإيمان صادق بالتوجيهات التي بعثها عن طريق خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم للكائن البشري بكامله ، ذلك لكي تكون أمة الإسلام ذات وسطية ومتمثلة بتلك الشهادة التي تنبع من الإيمان الخالص ، وتبين الطريق الواضح  السليم ، طريق الإيمان والعمل الصالح للناس جميعاً ، وذلك في ضوء تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) .

هناك محاولات جدية ، بل مجهودات عملية مستمرة على مستوى عالمي لحرمان هذه الأمة من تميزاتها التي أُكرمت بها من أول يوم وجودها كأمة وسط ، وهي محاولات وضع الحد عليها من أداء دور الوسطية بين الخلق والخالق ، وبين الأرض والسماء ، ومن ثم كانت أمة الإسلام نموذجاً مثالياً لحياة الإنسان وعلاقته بالأرض والسماء في وقت واحد من غير أي فصل بينهما ، فكانت الأخوة الخالصة قائمةً مستمرةً بين الإنسان والإنسان ، وكانت العبودية دائمةً باقيةً بين الإنسان وخالقه العظيم ربه تبارك وتعالى : ( يا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) .

هناك مؤامرة خبيثة ضد هذه الأمة التي بُعثت للقيادة العالمية على جميع المستويات إلى آخر يوم البقاء العالمي ، وهي تُحاك اليوم بغاية من الدقة والذكاء الثعلبي ، الواقع الذي قد لا يدرك قعره كثير من الأذكياء المثقفين ، فماذا بهؤلاء الانتهازيين الذين يضيقون الأرض على المسلمين ودعاة الإسلام المخلصين ، ممن يعيشون في غفلة أو حسن ظن بمن ليسوا من الإخلاص والحب الطبيعي في شيئ ، بل إنهم يعزمون على تصفية الساحة الإنسانية من كل شخص له انتماء إلى دين الإسلام وشريعة الله الخالدة لتربية الناس على أخلاق سامية وحب وإخاء ، ونوايا صالحة لنصر دين الله تعالى وتطهير أرضه والمجتمع البشري من كل نوع من المعاصي والطغيان ، ومن الأثرة الفاشية بين الطغاة ضد طوائف الناس الضعفاء .

ولكن الكارثة التي نرضاها نحن المسلمين هي الغفلة التي تحيط بنا من كل جانب ، وتسلب منا تلك الحمية العقدية التي تميزت بها أمة الإسلام من أول يومها ، وأصبحت بذلك صالحةً للقيادة العالمية في كل النواحي الإنسانية والخلقية وجميع جوانب الميزة الأممية التي وُصفت بها بين جميع الأمم والشعوب التي عاشت قبل الإسلام وفازت بقيادة العالم إلى السعادة والعز والجمال ، ولكنها لم تكن تتميز بدوام هذه القيادة وكمالها ، إنما أكملها الله تعالى بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، وبهذا الدين الخالد الكامل الذي أنزله الله سبحانه للحياة والإنسان والمجتمع ، وللكائنات بكاملها إلى آخر وقت وجودها بأمره ، وقد أكد الله سبحانه بقاء هذه النعمة بأوصاف الكمال والجمال وإتمام هذه النعمة بجميع ألوانها وأشكالها ، وبشر بها أمة الإسلام في كتابه العظيم فقال : ( ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأِسْلاَمَ دِيناً ) .

بهذه الشهادة العظيمة عاش المسلمون منذ أن بعث رسوله خاتم النبيين بالكتاب الذي سماه القرآن وقال : ( إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً . وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) .

ولنقرأ الآن ما جاء في الحديث النبوي الشريف : ” العلماء ورثة الأنبياء ، والأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم ” ، أمامنا الآن كمثال : أبو حامد الإمام الغزالي الذي كان عالماً لا يدانيه في العلم أحد في زمنه ، ولكنه انتبه فجاءةً على حقيقة أزعجته وأقضت مضجعه ، وهي أنه لا يعمل بالعلم الذي علم ، فكانت النتيجة أن هجر الدنيا والتدريس والأهل والأولاد ، وخرج من بغداد سائحاً على طريقة التصوف المزكية لمدة عشر سنوات ، ففتح الله عليه خلال ذلك فتحاً عظيماً لما أخلص في الطلب ، وبذل في سبيله الغالي والنفيس ، وعاد الإمام الغزالي من رحلته هذه رجلاً  آخر ، عاد واحداً من رباني هذه الأمة وهُداتها ومربيها ، فكان كتابه ” إحياء علوم الدين ” حقاً إحياء للدين في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كادت تندرس معالمه .

فما أحوجنا إلى التفكير في هذه الحقيقة والنزول إلى أعماق هذا الدين الذي هو الأساس الواحد العميق لبناء الحياة السعيدة والمجتمع الصالح ، وقد فسّر ذلك ربنا العظيم في كتابه الخالد الجليل ، فقال :

إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً . وأَنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً .

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

سعيد الأعظمي الندوي

12/ربيع الثاني/1442هـ

أول/ديسمبر/2020م